شرح دعاء الاستغفار والتوبة
الاسْتِغْفَارُ والتَّوْبَةُ
قَالَ رَسُولُ اللـهِ صلى الله عليه وسلم: (واللـهِ إنِّي لأسْتَغْفِرُ اللهَ وأتُوبُ إلَيْهِ فِي اليَوْمِ أكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةٍ)
- صحابي الحديث هو أبو هريرة رضى الله عنه.
قال أبو هريرة رضى الله عنه (ما رأيت أكثر استغفاراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
قال العلماء: (الاستغفار المطلوب، هو الذي يحل عَقْدَ الإصرار، ويثبت معناه في الـجَنان، لا التلفظ باللسان).
قد تقدم سابقاً الكلام على الاستغفار؛ انظر شرح حديث رقم
وَقالَ رَسُولُ اللـهِ صلى الله عليه وسلم: (يَا أيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إلَى اللـهِ، فَإنِّي أتُوبُ إلَيْهِ مِئَةَ مَرَّةٍ)
وَقَالَ رَسُولُ اللـهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَالَ أسْتَغْفِرُ اللهَ العَظيمَ الَّذِي لا إلَهَ إلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ وأتُوبُ إلَيْهِ، غَفَرَ اللهُ لَهُ، وَإنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ)
- صحابي الحديث هو زيد بن بَوْلا (والد يسار، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رضى الله عنه.
قوله:(فر من الزحف) قال الطيبي رحمه الله (الزحف الجيش الكثير الذي يُرى لكثرته كأنه يزحف)
وقال المظفر رحمه الله: (هو اجتماع الجيش في وجه العدو؛ أي: من حرب الكفار حيث لا يجوز الفرار).
(وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (أقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ العَبْدِ، فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ؛ فَإنِ اسْتَطَعْتَ أنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ؛ فَكُنْ).
-صحابي الحديث هو عمرو بن عبسة رضى الله عنه.
قوله: (أقرب ما يكون الرب من العبد) والحكمة في قرب الرب من العبد في هذا الوقت؛ أن هذا الوقت وقت نداء الرب، ألا ترى إلى حديث: (ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر)، فيكون الرب في هذا الوقت قريباً من عبده، ولا ينال هذا الحظ الوافر إلا من له استعداد، وترقب لتحصيل هذه الفائدة العظيمة، التي تنبني عليها المنافع الدينية والدنيوية.
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (أقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ فأكْثِرُوا الدُّعَاءَ)
صحابي الحديث هو أبو هريرة رضى الله عنه.
قوله: (أقرب) استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن السجود أفضل من القيام، وقال الإمام أحمد ‘: (إن كثرتهما، أفضل من طول القيام على الصحيح)، ومذهب أبي حنيفة رحمه الله أن طول القيام أفضل من كثرة الركوع والسجود، وبه قال الشافعي رحمه الله لقوله صلى الله عليه وسلم (أفضل الصلاة طول القنوت) ومعناه: القيام؛ ولأن ذِكْرَ القيام هو القرآن، وذكر الركوع والسجود هو التسبيح، والقرآن أفضل؛ لأن ما طول به أفضل، وقال إسحاق رحمه الله (أما بالنهار فكثرة الركوع والسجود، وأما بالليل فطول القيام، إلا أن يكون رجل له حزب بالليل يأتي عليه، فكثرة الركوع، والسجود في هذا أحب إلي؛ لأنه يأتي على حزبه)، قال الترمذي رحمه الله: (وإنما قال إسحاق هذا؛ لأنه وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، ووصف طول القيام، وأما بالنهار فلم يوصف من صلاته من طول القيام ما وُصِفَ بالليل.
ومعنى كون العبد أقرب إلى الله تعالى حالة السجود من بين سائر أحواله؛ لأن حاله يدل على غاية تذلل واعتراف بعبودية نفسه، وربوبية ربه، فكانت مظنة للإجابة، فلذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإكثار الدعاء، والله أعلم.
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (إنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلبِي، وَإنِّي لأسْتَغْفِرُ اللهَ فِي اليَوْمِ مِئَةَ مَرَّةٍ)
صحابي الحديث هو الأغر المزني رضى الله عنه.
قوله: (لَيُغان) قال ابن الأثير:(ليُغان على قلبي؛ أي: ليُغطى ويُغشى؛ والمراد به: السهو؛ لأنه كان صلى الله عليه وسلم لا يزال في مزيد من الذكر والقربة ودوام المراقبة؛ فإذا سها عن شيء منها في بعض الأوقات، أو نسي، عَدَّهُ ذنباً على نفسه، ففزع إلى الاستغفار)
مختارات