اسم الله الحق 1
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : (الحق) :
أيها الأخوة الأكارم ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم " الحق " .
ورود اسم الحق في القرآن الكريم والسنة الشريفة :
تداول كلمة حق تداولاً كثيراً :
قال علماء التفسير : أي أن خلق السماوات والأرض ، أي أن " الحق " لابس خلق السماوات والأرض ، خلقتا بالحق ، وسوف يتضح المعنى بدقة من آيات أخرى لأن الله عز وجل حينما وصف كتابه الكريم بأنه : " مَثَانِيَ " [الزمر:23] من معاني هذه الكلمة أن كل آية تنثني على أختها ، فتفصلها ، الآية الأولى : " وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ " [الحجر:85] ." الحق " نقيض الباطل :
لو فرضنا إنساناً بنى بناء على الشاقول ، هذا البناء على الشاقول يعني أنه سوف يبقى ، يعني بناء ثابتاً ، بناء لا ينهار .هذا هو " الحق " الشيء الثابت ، الشيء الموجود ، والثابت .
ولو أشاد إنسان بناء بلا شاقول ، الجدار مائل ، هذا البناء باطل لأنه سينهار . " الحق " هو الشيء الموجود والثابت ، أما الباطل قد يكون موجوداً إلى حين ، الشرق الذي رفع شعار لا إله ، بقي سبعين عاماً ثم انهار ، لأن الله سبحانه وتعالى كان يقول : " إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً " زهوق صيغة مبالغة ، يعني أكبر باطل ، معه قنابل نووية بعدد مخيف ، انهار ، ومليون باطل ينهار ، مليون فكر منحرف ، مليون عقيدة منحرفة ، ومليون فرقة ضالة تنهار " إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً " فإذا بني البناء على الشاقول فهو بناء حق ، لأنه موجود وسيستمر ، أما إذا بني من دون شاقول هذا البناء باطل ، لأنه الآن موجود ولكن سوف ينهار .
" الحق " نقيض الباطل .
" الحق " الشيء الموجود والثابت :
شيء آخر : معك جهاز كهربائي ( مروحة ) توجهت بهذه المروحة من أجل أن تعمل إلى مأخذ كهربائي ، وضعت فيها القابس فما دارت ، هذا المأخذ باطل ، هو مأخذ على الشبكية لكن ما فيه كهرباء ، توجهت إلى مأخذ آخر وضعت المقبس فدارت المروحة ، نقول هذا المأخذ حق ، واضح تمام ؟ .
" الحق " الشيء الموجود والثابت ، والباطل قد يكون موجوداً إلى حين لكن لابدّ من أن ينتهي ، لابدّ من أن يعدم .
" الحق " الشيء الهادف المرتبط بأهداف نبيلة :
أنتم تعلمون حينما يقام معرض لأسبوعين ، معظم الأجنحة إن كان الوقت صيفاً من القماش ، أو من ورق مقوى ، من مواد رخيصة جداً ، قضية أسبوعين ، لكن حينما نبني جامعة ، قد يستغرق بناءها عشر سنوات ، هذا البناء وجد ليبقى ، وله هدف كبير ، هدفه الكبير إنشاء قادة للأمة ، نشر العلم ، تخريج علماء ، أطباء ، علماء نفس ، علماء اجتماع ، علماء تربية ، علماء فلك ، علماء رياضيات ، علماء فيزياء ، علماء كيمياء ، تخريج مدرسين ، موجهين ، اختصاصين ، خبراء في المعامل ، هذا البناء له هدف كبير ، له هدف عظيم ، له هدف نبيل ، أما السيرك ما أهدافه البعيدة ؟ يعمل قوة يمتع الإنسان ، هذا البناء أسبوعين .فصار " الحق " الشيء الهادف ، مرتبط بأهداف نبيلة ، والعابث شيء ليس له هدف .
أحياناً إنسان ( يوجد تحريم بالموضوع ) يلعب النرد للساعة الثالثة بالليل ، يا ترى تَعَلّم ؟ ازداد علماً ؟ ازداد قرباً ؟ ارتقى مستواه ؟ ارتقى دخله ؟ ارتقى علمه ؟ ارتقت وظيفته ؟ مضيعة للوقت ، نقول لعب النرد شيء عابث .
أما أن تعكف على كتاب فتقرأه ، كتاب أساسي في الدين ، نقول شيء هادف ، حينما تأتي إلى مسجد لتحضر درس علم نقول شيء هادف ، مقدس، أما حينما ينطلق الإنسان إلى ملهى ، شيء عابث ، يستمع إلى مغنية ، ويرى راقصة ، هناك فرق كبير .
فصار " الحق " الشيء الثابت ، نقيضه الباطل ، و " الحق " الشيء الهادف نقيضه العابث ، " الحق " ليس عابثاً ، وليس باطلاً ، ثلاث آيات أعيدها على مسامعكم ، الآية الأولى : "وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ " يعني الحق لابس خلق السماوات والأرض .
الآية الثانية التي تفسر " الحق "
" وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً " الباطل الشيء الزائل " ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ " .
الآية الثالثة : " وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ " .معاني الحق في اللغة :
1 ـ الشيء المستقر والموجود والثابت : أيها الأخوة " الحق " في اللغة اسم فاعل ، فعله حق يحق حقاً ، يقال : حققت الشيء ، أحقه حقاً ، إذا تيقنت أنه موجود " الحق " الشيء المستقر ، والموجود ، والثابت .
2 ـ المطابقة : " الحق " بمعنى المطابقة ، كلامه حق يعني طابق الواقع ، إنسان ارتكب عملاً جئنا بشاهد شهد ، نقول شهادته حق ، لأنها مطابقة للواقع .
3 ـ الشيء الذي لا يزول وهو خلاف الظلم : " الحق " الشيء الثابت ، و " الحق " الذي لا يزول ، و " الحق " هو العدل ، و "الحق" خلاف الظلم، والاعتقاد بالحق الشيء المطابق للواقع ، مثلاً : شخص قال : أعتقد أن البعث ، والثواب ، والعقاب ، والجنة ، والنار حق لأن البعث سيكون ، والثواب سيكون ، والعقاب سيكون ، والجنة ستكون ، والنار ستكون .
4 ـ الإسلام : " الحق " في القرآن الكريم له استعمالات كثيرة " الحق " هو الإسلام لأنه دين الواحد الديان .
5 ـ العدل : و " الحق " هو العدل .
7 ـ الله سبحانه وتعالى متصف بالوجود الدائم لا شيء قبله ولا شيء بعده :
الآن الله عز وجل هو " الحق " ، " الحق " هو الله سبحانه وتعالى ، لأنه متصف بالوجود الدائم ، لا شيء قبله ، ولا شيء بعده .
8 ـ المتصف بالوجود الدائم وبالحياة والقيومية : " الحق " هو المتصف بالوجود الدائم ، وبالحياة والقيومية .
9 ـ " الحق " هو الذي يحق الحق بكلماته :
من كان مع الحق كان في قمة النجاح والتألق والفلاح :
أيها الأخوة ، الملخص أن الله سبحانه وتعالى هو " الحق " وكلامه هو " الحق " ووعده هو " الحق " ووعيده هو " الحق " وأفعاله هو " الحق " .
الإنسان حينما يكون مع " الحق " في قمة النجاح ، في قمة التألق ، في قمة الفلاح ، في قمة الفوز ، في قمة العقل ، في قمة الذكاء ، صار " الحق " الشيء الموجود ، والباطل الشيء المفقود ، " الحق " الشيء الموجود ، والباطل الشيء المعدوم .
في هذا المأخذ ليس هناك كهرباء ، وضعنا قابس المروحة لم تدر ، معناها باطل ، في مأخذ آخر هذا حق .
أيها الأخوة ، كتوضيح " الحق " الشيء الموجود ، واعتقاد وجود ، واعتراف بوجوده ، هو ما يعنيه " الحق " والشيء المعدوم حينما يتوهم الإنسان شيئاً غير موجود ولا يطابق الواقع ، يعني للتوضيح : ما هو العلم ؟ بتعريف مختصر الوصف المطابق للواقع ، كل شيء خلاف الواقع جهل .
أنا راكب مركبتي ، تألق ضوء أحمر في لوحة البيانات ، إذا فهمت هذا التألق فهماً تزيينياً هذا فهم باطل ، هو الحقيقة تألق تحذيري ، أن الزيت نقص في المحرك ، إن فهمت هذا التألق فهماً تزيينياً هذا فهم باطل ، أما إذا فهمت هذا التألق فهماً تحذيرياً هذا فهم حق أوقفت المركبة فوراً ، أضفت الزيت ، تابعت الرحلة ، حققت الهدف ، فإذا فهمته فهماً تزيينياً احترق المحرك ، وتعطلت المركبة ، وألغي الهدف ، ودفعت مبلغاً كبيراً جداً لإصلاح المحرك .
العاقل من كان فهمه للأحداث فهماً حقيقياً لا فهماً موهوماً :
البطولة أن يكون فهمك للأحداث فهماً حقيقياً لا أن يكون فهماً موهوماً ، وأنا في بداية كل درس أقول : اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، أنتم لا تتصوروا الجاهل لا يملك أية معلومات، معه معلومات كثيرة جداً لكن كلها غلط ، تصوراته عن الكون ، والحياة وما بعد الموت ، كلها أشياء غير صحيحة ، تصوره عن المرأة غير صحيح ، عن الزواج يقول الزواج قيد ، خليك حر ، الإنسان أحياناً يكون معه مئات بل ملايين التصورات الخاطئة وهذا الخطأ في تصوراته سوف يهلكه .
مثلاً : لو شخص توهم أن هذا الأستاذ ، قبل الامتحان بيومين تقدم له هدية ثمينة يعطيك الأسئلة ، أمضى العام الدراسي كله مرتاحاً ، هذا التوهم باطل ، فلما طرق بابه قبل الامتحان بيومين ، ومعه هدية ثمينة ، وطلب منه الأسئلة ، صفعه صفعتين ، وركله بقدمه ، ورسب طبعاً ، لأنه توهمَ توهماً باطلاً ، أما لو علم أن الأستاذ نزيه ، ولم يحابِ أحداً ، هذا العلم هو الحق .
توهم أن القاضي ينحاز بهدية أخرى ، هذا وهم باطل ، أخطر شيء بالحياة أن تعيش الباطل .
الجاهل من توهم أن الشيطان أجبره على عمل ما و هو لا علاقة له :
وكل إنسان يظن أن الشيطان أجبره على عمل يكون واهماً ، وجاهلاً .إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ :
الأحمق من اتجه إلى إنسان ضعيف لا يملك شيئاً و لم يتجه إلى الخالق سبحانه : ما هو الشرك ؟ أن تتجه إلى معدوم ، إلى ضعيف ، إلى محكوم من قبل الله عزّ وجل ، حينما تتجه إلى الله ، الله عنده كل الخير ، عنده التوفيق ، عنده السعادة ، عنده الأمن ، عنده التيسير لأمورك ، عنده الحفظ، عنده التأييد ، عنده النصر ، عنده كل شيء وإذا اتجهت إلى غيره لا يوجد عنده شيء .
العاقل من يفهم الأحداث فهماًً توحيدياً لا فهماً أرضياً :
بطولتك أن تفهم الحدث فهماً توحيدياً ، الزلزال حتماً اضطراب القشرة الأرضية لكن الزلزال فضلاً عن هذا التفسير القريب العلمي هو علاج إلهي ، وعقاب إلهي .