الأصل التاسع عشر : اجن العسل ولا تكسر الخلية
الأصل التاسع عشر: اجن العسل ولا تكسر الخلية
لكل باب مفتاح فاجن العسل ولا تكسر الخلية.
بعض الناس إذا أراد أن يحصل على عسل من خلية النحل يدب برجله فيها فيدغدغها.. مهلا مهلا فلها مفتاح.. إذا كنت لا تعرف فأت بمن يعرف حتى تأكل عسلا.. وتترك الخلية تخرج العسل مرة ثانية.. لا تكسر الخلية.
أيها الإخوة، إن بعضنا حينما يسير فى الطريق إلى الله ويريد أن يجنى شيئا من الخير، تراه يهجم عليه بدون وعى ولا امتلاك مفاتيح.. مفاتيح الوصول.. سيكسب عسلا ولكن لآخر مرة.. فافهم ولا تهجم.. وادع الله أن يرزقك الفهم فى دينك.. اللهم فهمنا ما تحبه وترضاه لنفعله، اللهم بلغنا رضاك يا رب.
وقد ذكر ابن القيم فى كتابه القيم " حادى الارواح الى بلاد الافراح " – اللهم بلغنا بلاد الافراح يا رب – ذكر مجموعة مفاتيح، فقال - رحمه الله تعالى -:
" وقد جعل الله – سبحانه – لكل مطلوب مفتاحا يفتح به، فجعل مفتاح الصلاة الطهور.. كما قال: مفتاح الصلاة الطهارة.. ومفتاح الحج الاحرام.. ومفتاح البر الصدق.. ومفتاح الجنة التوحيد.. ومفتاح العلم حسن السؤال وحسن الاصغاء.. ومفتاح النصر والظفر الصبر.. ومفتاح المزيد الشكر.. ومفتاح الولاية المحبة والذكر.. ومفتاح الفلاح التقوى.. ومفتاح التوفيق الرغبة والرهبة.. ومفتاح الإجابة الدعاء.. ومفتاح الرغبة فى الاخرة الزهد فى الدنيا.. ومفتاح الإيمان التفكر فيما دعا الله عباده إلى التفكر فيه.. ومفتاح الدخول على الله إسلام القلب وسلامته له.. والإخلاص له فى الحب والبغض والفعل والترك.. ومفتاح حياة القلب تدبر القرآن والتضرع بالاسحار وترك الذوب.. ومفتاح حصول الرحمة الاحسان فى عبادة الخالق والسعى فى نفع عبيده.. ومفتاح الرزق والسعى مع الاستغفار والتقوى.. ومفتاح العز طاعة الله ورسوله. ومفتاح الاستعداد للآخرة قصر الامل.. ومفتاح كل خير الرغبة فى الله والدار الآخرة.. ومفتاح كل شر حب الدنيا وطول الامل ".
قال ابن القيم: " مفتاح الصلاة الطهور ".. فلكى تصلى كما ينبغى توضأ كما ينبغى.. يقول العلماء: وإذا أخطأ الإمام ولبس عليه فى الصلاة، فإن هذا دليل على أن من خلفه لم يحسن الوضوء.
فانظر كيف تؤثر طاعة أو معصية المأموم على الإمام.. وإذا كان تأثيره يصل الى الامام فما بالك على صلاته هو.. إذا حينما تقول لى: أنا أشرد بذهنى فى الصلاة، أقول لك توضأ وضوءا بحق.. نريد ونحن نتوضأ أن نحس بمعنى كل حركة.. فإذا غسلت يديك فانظر للمياه واستشعر نزول الذنوب معها التى جنتها يداك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فإذا غسل العبد يديه خرجت كل خطيئة بطشتها يداه حتى تخرج من تحت أظفاره، فإذا تمضمض خرجت كل خطيئة بطشها لسانه حتى تخرج الخطايا من بين أسنانه " [أخرجه مسلم].
تخيل وأنت تغسل وجهك.. تخيل الخطايا وهى تخرج من تحت أشفار عينك.. عينك هذه التى كم جنت.. فتوضأ بحق، فالوضوء مفتاح الصلاة.. " ومفتاح الحج الاحرام "، فإذا أحرمت كما ينبغى، استمتعت بالحج، فحججت بحق.. المفاتيح كثيرة..
فأمسك المفاتيح يفتح لك الباب، أما إذا تركت المفاتيح وكسرت الباب.. فستدخل، ولكن ستفقد العسل باقى عمرك.
وللشر مفاتيح:
فمفتاح الزنا النظر، ومفتاح النار الاعراض عن الله. ومفتاح النفاق الكذب. ومفتاح الرياء الجدل. ومفتاح كل إثم الخمر. ومفتاح العشق الاختلاط.. هذه مفاتيح الشر فاعرفها جيدا.
قال ابن القيم: " كما جعل – سبحانه – الشرك والكبر والاعراض عما بعث الله به رسوله والغفلة عن ذكره والقيام بحقه مفتاحا للنار، وكما جعل الخمر مفتاح كل إثم.. وجعل الغنى مفتاح الزنا.. وجعل إطلاق النظر فى الصور مفتاح الطلب والعشق.. وجعل الكسل والراحة مفتاح الخيبة والحرمان.. وجعل المعاصى مفتاح الكفر.. وجعل الكذب مفتاح النفاق.. وجعل الشح والحرص مفتاح البخل وقطيعة الرحم وأخذ المال من غير حله.. وجعل الاعراض عما جاء به الرسول مفتاح كل بدعة وضلالة ".
فلذلك – أيها الاخوة – ايتو البيوت من أبوابها.. فإذا أتيت الباب فاملك المفتاح تدخل وتصل.
أيها لاخوة، إننا بحاجة إلى أن نملك المفاتيح التى نفتح بها أبواب الخير ألى الله..
قال ابن القيم:وهذا باب عظيم من أنفع أبواب العلم، وهو معرفة مفاتيح الخير والشر، لا يوفق لمعرفته ومراعاته الا من عظم حقه وتوفيقه، فإن الله – سبحانه وتعالى – جعل لكل خير وشر مفتاحا وبابا يدخل منه إليه ".
ثم يعقب – رحمه الله – فى نهاية كلامه عن المفاتيح قائلا:
" وهذه الامور لا يصدق بها الا كل من له بصيرة صحيحة وعقل يعرف به ما فى نفسه وما فى الوجود من الخير والشر، فينبغى للعبد أن يعتنى كل الاعتناء بمعرفة المفاتيح وما جعلت المفاتيح له، والله من وراء توفيقه وعدله له الملك وله الحمد وله النعمة والفضل لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون ".
أخى فى الله، هذا أصل إياك أن تنساه.. لكل خير باب، ولكل باب مفتاح.. فإن أتيت الباب فقد أهلت للخير فاستعد.. وكما يقول أهل الامثال: " إنما يسقط التفاح لمن يبحث عنه تحت الشجرة ".. فهل الذى يبحث عن التفاح تحت عمود الكهرباء سينزل عليه تفاح؟!.. لا يمكن.. وإنما ينزل التفاح للذى يبحث عنه فى مكانه المناسب، فلذلك لكل خير باب إذا أتيته فقد أهلت للخير، ولم يبق لك الا أن تفتح الباب، وإذا كان فتح الباب بالمفتاح، فالمفتاح لابد أن يكون له أسنان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مفتاح الجنة لا إله الا الله " [أخرجه أحمد والبزار].. فكل مفتاح له أسنان، وأسنان لا إله إلا الله شرائع الاسلام وسنن المصطفى صلى الله عليه وسلم.. إذا فلا تقل: ربنا غفور رحيم، وتترك العمل، لأنك بذلك تكسر الخلية.. فأين مفاتيحك وأين أسنانها؟!!
قال وهب بن منبه حين قيل له: أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مفتاح الجنة لا إله إلا الله؟ "، قال: " بلى، ولكن ليس مفتاح إلا له أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان، فتح لك، وإلا لم يفتح لك " [أخرجه البخارى].
فلذلك فإن " لا إله إلا الله " لها " أسنان ".. شروط.. حققها ليفتح لك باب الجنة.. فللجنة باب، وللباب مفتاح، وللمفتاح أسنان، وكذلك كل أنواع الخير لها أبواب.
والقضية الخطيرة أن بعضنا يأتى باب الخير ثم يرجع.. اللهم ثبتنا على الايمان يا رب.. كثير من الناس أكرمه الله وتاب عليه بعد أن كان يعمل فى الذنوب والمعاصى، ثم عاد وآثر المعصية وترك الطاعة وابتعد عن طريق الله – اللهم تب علينا توبة ترضيك، اللهم إنا نسألك توبة من عندك تصلح بها قلوبنا، وتهدى بها أفئدتنا، وتنور بها بصائرنا.
أحبتى فى الله، تجد بعض الشباب الذين عرفوا طريق الخير قد وصل إلى الباب فدخل المسجد وحضر الدروس وسمع الشرائط، فوقف بهذا على الباب، وفجأة تجده قد أعطى الباب ظهره !.. قال الملك: " ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين " (آل عمران: 144). وسبب هذا الرجوع – إخوتاه – أننا فى زمان التزيين.. فتنة التزيين.. نعم: التزيين فتنة خطيرة جدا فى هذه الايام.. إننا فى زمان يزين فيه الباطل، ويجمل، ويظهر فى صورة الحق فتقبله النفوس فتفتن.
ومن أخطر أسباب التزيين: الهوى – اللهم إنا نعوذ بك من الهوى -، وأخطر ما فى الهوى أن سلطانه قوى، ومكره خفى.. الهوى هو المزاج.. مزاجك الشخصى.. كم من أناس من حولنا تابوا – يا رب ثبتنا على التوبة يا رب -، فبدأ الواحد منهم يصلى وانتهى عن المشى مع البنات، وألغى أسطوانات " المزيكا والديسكو ".. لكن فى داخله هوى.. فى نفسه هوى: أنه لا يزال يود أن يعصى ليستمتع بالمعصية، فإذا قرأ فى الجرائد فوجد الشيخ الفلانى يسأل عن الاغانى فيقول: " الأغانى كالشعر حسنه حسن وقبيحه قبيح "، فماذا نتوقع منه؟!.. لا شك أنه سيفتن بفتوى مضلة ملبسة، وليس قول هذا الشيخ: " أنا أسمع الغناء " بحجة لنفسه أو لغيره.
الشاهد: أن الشباب حينما يقرأ هذه الفتاوى والبلاوى، يقول: إذا فهى حلال، ويبدأ فى تشغيلها لغلبة الهوى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والله – يا إخوة – إن أحد إخوانكم كان معى فى المسجد وفى الدرس، بل وكان يحضر معى فى السيارة.. فتن – اللهم رده إلينا ردا جميلا – قال لى: سمعت قليلا من " الغناء " وبعدها غرقت فى بحر الشهوات.. تاه.. ضل، لأن المنزلق خطر.. سلطان الهوى قوى.. وتياره جارف.. وأمواجه ترمى بعيدا عن الشاطىء فى داخل البحر.
نعم: سلطان الهوى على القلب والعقل قوى وخفى، تجد صاحب الهوى يقول: سأمتع نفسى بعض الشىء وبعض الوقت – يقصد – بالمعصية !- ثم إننى أعود إلى الله، إذا فلن أتضرر كثيرا.. أقول لك: أنت لا تضمن، فقد يسخط الله عليك وقت معصيتك – هذه التى تستصغرها – فتنحرف وتنجرف لتعيش فى الطين.
اللهم ثبتنا على الايمان يا رب.. اللهم إنا نسألك الثبات على الحق، والعزيمة على الرشد، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم.. اللهم اصرف عنا مكر الهوى والنفس والشيطان.
والشاهد: أن بعض الناس بل الكثير يأتون الباب – وهذا فضل الله عليهم -، ولكنهم لا يريدون ولوجه.. لا يريدون أن يدخلوا فى الطاعة، ويستمروا فيها ويثبتوا عليها.. لا يريدون ذلك، لأن قلوبهم قد أشربت الهوى.. فتراهم يرجعون فيولون الخير ظهورهم.. لأنهم لم يمتلكوا من البداية مفاتيح الخير، بل حرصوا على مفاتيح الشر كالهوى الذى هو مفتاح كل مصيبة.. فتجده قد أتى الباب، وها هو الباب سيفتح، فإذ به – فجأة – قد ولى وترك الباب !!، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فيا من تأتون الابواب وليس معكم مفاتيحها.. يا من لم تعرفوا مفاتيحها فلم تستطيعوا أن تصنعوا شيئا، دعونى أعطكم مجموعة مفاتيح اجعلوها معكم واحتفظوا بها.. وإياكم أن تستعملوا هذه المفاتيح فى باب أحد غير الله.
هل لديك استعداد الآن لتأخذ هذه المفاتيح؟.. وفيم ستأخذها؟.. خذها فى قلبك.. أريدك أن تعلق هذه المفاتيح فى قلبك وتربطها به – اللهم افتح قلوبنا يا رب -. لأن هذه المفاتيح إذا دخلت على قلبك بالحق، سيفتح، ويفتح بها أيضا قلوبا أخرى مغلقة.
المفاتيح:
أولا: مفتاح الإجابة الدعاء:
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: " أنا لا أحمل هم الاجابة، وإنما أحمل هم الدعاء، فإنى إذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه ".
إخوتى الشباب، وأنت ساجد فى الصلاة ماذا طلبت من الله؟، وأى الدعاء حضر فى قلبك؟ - اللهم ارزقنا حضور القلب يا رب.. هل طلبت من ربك الفردوس الاعلى من الجنة؟ هل طلبت منه أن يرزقك قيام الليل؟ والخشوع فى الصلاة؟ هل طلبت منه أن يرزقك الحلم؟.. طلبت منه التوبة؟ طلبت منه الإنابة؟ طلبت منه النجاة من الفتن؟ وأن يصرف عنك الأذى؟.. ماذا سألته؟ !!
للأسف الشديد، إن أكثرنا يدعو الله وهو فى غفلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا يقبل الدعاء من قلب غافل لاه " [حسنه الألبانى].. فلذلك إذا أردت شيئا أو حزبك أمر فالدعاء مفتاحك، فادع ليفتح لك.. إذا فالإجابة باب، ومفتاحها الدعاء، والدعاء باب ومفتاحه حضور القلب، وأسنان المفتاح الإخلاص، وإذا لم يفتح الباب فلا تنصرف ولكن ظل واقفا وحاول الفتح.. حرك المفتاح.. حرك قلبك بالإخلاص.. لا تعجل ولا تيأس فبسنة واحدة للمفتاح يمكن الفتح، ولكن المهم أن تديم الإخلاص فلا تتعجل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم أر يستجاب لى " [متفق عليه].
ثانيا: مفتاح الرغبة فى الآخرة الزهد فى الدنيا:
اللهم إنا نعوذ بك من الدنيا وما فيها.. الدنيا فتنة.. وفتنة الدنيا مصيبة.. وإن الخطر الأكبر فى الدنيا تزيينها.. تزيين الدنيا، قال الملك – جل جلاله – " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب " (آل عمران: 14)..
" وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا " (الزخرف: 35).
" دنيا ".. ماذا تعنى هذه الكلمة؟.. تعنى: سيارة أغلى وأفضل، وأحسن، وشقة فارهة وملايين ونساء.. ثم ماذا بعد؟!.. دخول جهنم.. هذه هى الحقيقة.
فيا من لا تركب إلا سيارة جديدة لتلفت نظر البنات، فتنتك الدنيا وتريد أن تفتن الآخرين؟!.. هذه فتنة على فتنة، ومصيبة على مصيبة، أن نفتن فنفتن الآخرين.. فتذكر آخرتك، تذكر يوم الحساب يوم الوقوف والعرض على الله يوم يجاء بجهنم " يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى " (الفجر: 23).. تذكر يوم تقول: " يا ليتنى قدمت لحياتى * فيومئذ لا يعذب عذابه أحد * ولا يوثق وثاقه أحد " (الفجر: 24 _ 26).
ولكى يكون لديك رغبة فى الآخرة، ازهد فى حطام الدنيا الزائل.. الدنيا زائلة فألقها وراء ظهرك، بل ضعها تحت قدميك.. ونظرة واحدة إلى مآلك تهونها عليك، فتأمل حالك يوم وضعك فى التراب، يوم أن تترك الأهل والأحباب، يوم أن تخلع أحسن الثياب، وترتدى ثياب الموتى.. وتذكر فقط القبور، فأهوالها كافية لجعلك تقبل على الآخرة، فتزهد فى الدنيا.
ان الميت اذا وضع فى قبره كلمه القبر.. وهذا هو اول هول " تكليم القبر ".. تكلمه جدران القبر فتقول له – اى المؤمن -: اما انك كنت افضل من يمشى على ظهرى، اما اذ بليتك اليوم وصرت الى فى بطنى فسترى صنيعى بك.. ثم يضمه القبر ضمة الام الحنون لولدها الغائب – اللهم اجعلنا منهم يا رب – مثلما تكون راجعا من سفر فتضمك امك الى حضنها.. اخذتك بشدة وضمتك بقوة لكنها ضمة جميلة.. ضمة مريحة.. انها امك الارض.. انها امك وابوك.. اصلك وفصلك..
اما الاخر – يارب استرنا يا رب، اللهم ارزقنا حسن الخاتمة، اللهم لا تتوفنا الا وانت راض عنا – فيكلمه القبر فيقول له: اما انك كنت ابغض من يمشى على ظهرى.. فتدبر – اخى – حالى هذين الرجلين.. فكر فى اليوم الذى يضعونك فيه فى القبر ويقفلون عليك.
كنت حاضرا دفن احد الاخوة – اللهم ارحمه وارحم موتى المسلمين يارب، اللهم ارحم كل ميت مسلم يا حى يا قيوم – ونحن نرى الرجل الذى دفنه وهو يضع ترابا وطوبا وطينا وجبسا !!!..
ويؤكد القفل عليه !!.. سبحان الله هل سيجرى ويترك القبر؟ !.. اتركه يا اخى لقد اوجعت قلبى.. سيفعلون بك مثل هذا فى يوم من الايام.
الكل سيتركك.. لن تنفعك زوجتك ولا حبيبتك وروح قلبك، " حياتك " التى ضيعت عمرك من اجلها وعصيت ربك لترضيها لن تسأل عنك.. هم يغلقون عليك القبر لن تجد احدا يجلس معك ولا احدا يمسك بك. امك، ابوك، اخوانك، اصدقاؤك، احبابك، اموالك.. كلهم سيسلمونك ثم يذهبون للراحة.. سيسدون عليك ويحكمون الغلق ويتركونك لتظل وحدك؟، فتوهم نفسك، وتخيل حالك.
ظلمة.. وحشة.. خوف.. رعب.. عريان.. وتفاجا بان احدا يقول لك: اما انك كنت ابغض من يمشى على ظهرى.. من انت؟.. ماذا جرى؟ !!.. تجد جدران القبر تكلمك !!، ثم بعد ذلك تاتيك الملائكة لتسألك: من ربك وما دينك ومن نبيك؟، وبعد انصرافهم تفاجا برجل اسود الوجه اسود الثوب، منتن الريح، فتقول له: من انت؟ !، فوجهك الوجه الذى لا يجىء بالخير، يقول لك: الا تعرفنى، انا حبيبك، عملك..
آه.. آه.. آه.. والله ياكاد القلب يقف نبضه حينما اتخيل هذا الموقف، والعجب – اخوتاه – اننا نسمع بهذا الكلام ونقراه ونستوعبه ونفهمه ونعجب به، ثم نعمل اعمالا ستدخل علينا سوداء: تزنى.. تكذب.. تنام عن الصلاة.. تغتاب.. تنم.. تؤذى.. تعمل اعمالا سيئه.. ستدخل عليك وانت فى قبرك وحدك..
ففى اهوال القبر وظلمته تنظر وتسأل: من انت؟، يقول لك: انا عملك الاسود.. انا معاصيك، الا تعرفنى؟!!، انا حبيبك الذى عشت معك طول عمرك.. انا عملك السيىء.
لكن المصيبة الكبرى انه سيظل معك الى يوم القيامة !، فلو كان معك وقتا محدودا لهان الامر شيئا..لكن لا.. ليس غيره معك الى يوم القيامة، لذلك فان مفتاح الرغبة فى الاخرة الزهد فى الدنيا، فالذى تحب ان يكون معك فى قبرك من هذه الدنيا فاعمله.
اقول لكم شيئا جميلا: الذى يريد ان يكون قبره " مكيفا "، " يكيف " لنا هذا المسجد.. الذى يريد لمبة نور فى قبره يتصدق على الفقراء بلمبة كهرباء.. الذى يريد ان ياكل ويشرب فى قبره يطعم اليوم خمسين مسكينا.. شغل جوارحك فى طاعة الله.. المصنع الذى وهبه الله لك، شغله فى انتاج الحسنات، ولا تشغل نفسك بجمع الدنيا.. فالدنيا لن تنفعك، ولن ينفعك ما فيها الا العمل الصالح، فازهدها ترغب فى الاخرة.
اخى فى الله، والله الذى لا اله غيره ولا رب سواه، لن تستقيم لك رغبة فى الاخرة الا بالزهد فى الدنيا.. اللهم انا نعوذ بك من الدنيا.
ابو طلحة الانصارى رضى الله عنه كان له بستان من نخيل واعناب، لم تعرف المدينة بستانا اعظم منه شجرا، ولا اطيب ثمرا، ولا اعزب ماء.. وفى ما كان ابوطلحة يصلى تحت افيائه الظليلة، اثار انتباهه طائر غرد اخضر اللون احمر المنقار مخضب الرجلين.. وقد جعل يتواثب على اسنان الاشجار ظربا مغردا متراقصا.. فاعجبه منظره، وسبح بفكره معه.. ثم ما لبث ان رجع الى نفسه، فاذ هو لا يذكر كم صلى؟: ركعتين؟ ثلاثا؟.. لا يدرى.. فما ان فرغ من صلاته، حتى غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكا له نفسه التى صرفها البستان وشجره الوارف، وطيره الغرد عن الصلاة.. ثم قال له: اشهد يا رسول الله: انى جعلت هذا البستان صدقة لله – تعالى.. فضعه حيث يحب الله ورسوله [متفق عليه].
يذكرك ابوطلحة فى تصرفه هذا بالنبى سليمان عليه السلام، الذى راح يعقر خيله بسيفه فى سوقها واعناقها، لما شغله تفقدها عن صلاته وتسابيحه، قال – تعالى -: " ووهبنا لداود سليمان نعم العبد انه اواب * اذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد * فقال انى احببت حب الخير عن ذكر ربى حتى توارات بالحجاب * ردوها على فطفق مسحا بالسوق والاعناق " (ص: 30-33). وهكذا تأمل – اخى فى الله – ابا طلحة وكيف انه رضى الله عنه لما وجد الحديقة وطيورها " الدنيا " قد شغلته وألهته عن الله، سارع بتركها والزهد فيها.. نعم: فمفتاح الرغبة فى الاخرة الزهد فى الدنيا.. فاللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا.. اللهم واجعل الاخرة هى دارنا وهمنا، واجعل منانا رضالك عنا.. اللهم ولا تحرمنا لذة النظر الى وجهك الكريم.. آمين.
ثالثا: مفتاح الايمان التفكر فى الاء الله ومخلوقاته:
التفكير فى النعم هو مفتاح الايمان، قال الله – تعالى -: " فاذكروا الاء الله لعلكم تفلحون " (الاعراف:69)، قلت لاخ بكلية الهندسة: اعطاك الله عقلا.. هذا العقل نعمة ام لا؟.. نجحت فى الثانوية العامة بمجموع 98% ودخلت كلية الهندسة بحبك لها، واجتهدت فتفوقت وعينت معيدا، ثم حصلت على الماجستير والدكتوراه.. كل هذا بهذه الدماغ التى وهبها الله لك.
أعطاك نعمة العقلية المتفكرة هذه.. فهل استعملتها فى الوصول اليه سبحانه؟!.. استعملتها فى الدنيا كثيرا، ولكن نراك لا تشغلها مطلقا مع الله !!.. لماذا عطلتها فى التجارة مع الله؟!.. يا بنى، إن سكة الله تحتاج الى هندسة.. تحتاج الى عقل.. فشغل عقلك فى التفكير فى النعم والتأمل فى المخلوقات لتزداد عظمة الله فى قلبك.
تعلمون – إخوتى فى الله – أن أنواع التوحيد ثلاثة:
توحيد الربوبية. توحيد الالوهية، توحيد الاسماء والصفات.
أما توحيد الربوبية: فهو توحيد الله بأفعال الله، فالله هو الذى ينزل المطر، ويحيى ويميت، يعطى ويمنع، يضر وينفع، يعز ويذل.. لم يعارض فيه أحد من الخلق، فلم يقل أحد: إنه هو الذى خلق السماوات والارض، والمشركون كانوا يقرون بذلك.. ولم ينكره الا الملاحدة والشيوعيون فى زماننا، الذين انتكست فطرتهم فلم يعملوا عقولهم.
ودائما أقول جملة: " إن عين أصغر نملة تفقأ عين أكبر ملحد ".
نقول له: خذ النملة وسل نفسك: من الذى وضع عينها هنا وجعلها ترى؟!.. تفكر فى خلقها حتى لا تقول: خلقت صدفة.
أما توحيد الالوهية: فهو توحيد الله بأفعال العباد، يعنى ألا نسجد إلا لله، ولا ندعو الا الله، ولا ننذر إلا لله، ولا نخاف الا من الله.. صرف جميع أنواع العبادة لله.
وأما النوع الثالث فهو توحيد الاسماء والصفات: وهو ان نثبت لله ما أثبته لنفسه، وما أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالربوبية – كما قلت – لم يخالف فيها أحد، ولذلك تجد كثيرا من الإخوة لا يهتم ولا يعبأ بتوحيد الربوبية.. يقول: ليس هناك مشكلة، أهم شىء توحيد الألوهية، نعم: هذا صحيح، ولك الربوبية هى المدخل وهى الموقد للالوهية، فكلما ازداد القلب تأملا وتفكرا فى نعم الله، فى النفس والكون، ازداد شكرا وعبادة لله.
ولذا أسأل:متى كانت آخر مرة نظرت فيها الى السماء؟!.. أقول – وللاسف الشديد -: لقد أصبحنا فى زمان يحول أهله الطاعات الى معاص.. فأصبح لا ينظر الى السماء الا " الحبيبة "، فيقولون: " أنا بت أعد النجوم ".. ويظلون ينظرون الى القمر.. معاص.. فأين المتأملون المتدبرون بحق، أين أصحاب العقول اللبيبة المتفكرة؟!!
إخوتاه، البحر من آيات الله، فهل تأملتموه؟!!.. إن ولدا على البحر ذاق المياه فوجدها مالحة جدا، فسأل أمه: من الذى وضع ملحا فى البحر؟!.. فجلست أفكر: من الذى وضع ملحا فى البحر؟!..
" هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج " (الفرقان: 53).. أجاج: ملح.. من الذى فعل هذا؟.. سبحانه هو الملك.. انظر الى نهر النيل وذق ماءه، سبحان الله.. الفرق شاسع.. ماء وماء لكن الطبيعة مختلفة !! من اليوم ينظر الى البحر؟!.. لا أحد.. سوى أصحاب مصائف السوء.. ينظرون نظر عصيان وخيانة.. حولوا الطاعات الى معاص.. لا يقف على النيل اليوم أحد يسبح الله.. الكل يعصى أمام نعمة تبهر العقول وترقق القلوب.. ولا يعنى هذا أن نقف معهم، بل ينبغى أن نبحث عن أماكن أخرى خالية من المعاصى نتأمل فيها نعم الله.
اخرج الى حديقة أو الى الغيطان الواسعة وتأمل أنواع الزهور والزروع، وسبح الله.. أمسك بزهرة وتأملها.. تأمل أنواع الطيور.. تأمل انواع الزروع واختلافها فى الاحجام والالوان والثمار، فهذا مر علقم بجوار آخر حلو لذيذ، وهذا اخضر بجوار آخر أحمر.. سبحان الله.. مع أن الكل يروى من ماء واحد وفى أرض واحدة، إنها يد الله التى تضبط وتسير وتقدر كل شىء بقدره.. فسبحانه سبحانه.. سبحانه من إله عظيم.. سبحانه من خالق جميل.
والله – يا شباب – لقد كنت فى سفر قطعت فيه أربعمئة وخمسين كيلو مترا لم يكف لسانى عن التسبيح، مما أرى من بديع خلق الله.. عظيم خلق الله.. جميل خلق الله.. جمال من جمال !! سبحان الله.. لذا أريدك أن تنظر وتتأمل.. فاصعد الى سطح منزلكم الليلة واستلق على ظهرك، ولا تنظر يمنة او يسرة.. انظر الى السماء فقط.. انظر الى النجوم والكواكب وأجزاء الكون.. يزيد هذا فى قلبك عظمة الله.. فتحس بأنوار عظيمة تملأ قلبك.. أريدك أن تذهب الى مكان فيه جبال وتنظر للجبال، انظر يمينها وشمالها وفوقها وتحتها..
جرب وقل: سبحان الله !.. جرب، ولا تعص الله بنعم الله.. فلا تذهب الى البحر فى الصيف، بل اذهب فى الشتاء حيث لا أحد.. اذهب لعمل عمرة، وهذه دعوة الى مصيف جديد فى مكة المكرمة – اللهم ارزقنا الحج والعمرة، وتابع لنا بين الحج والعمرة، اللهم لا تحرمنا من الحج والعمرة.
يذهب العصاة الى الشواطىء فى الصيف، فاذهب أنت لى الكعبة، اذهب الى المدينة.. اجلس أمام الكعبة وتأمل الجلال والبهاء.. تأمل وأنت مسافر بالطائرة أو الباخرة أو بالحافلة برا.. تأمل خلق الله، استمتع بالبحر وانت مسافر، استمتع ببلاد الله وبساتينها الجميلة.. تامل لتزداد عظمة الله فى قلبك، لتذوق حلاوة الايمان، ولذة الايمان وطعم الايمان.
رابعا: مفتاح الدخول على الله إسلام القلب:
نريد أن ندخل على الله.. فمن منكم يريد أن يدخل؟.. لازلنا واقفين منذ زمن نتفرج.. ودائما أقول: أنا دلال على بضاعة الله، ولكن الزبائن من نوعية أهل عصرنا يتفرجون ولا يشترون.. فمن يشترى الجنة؟.. من منكم – يا شباب – يريد أن يدخل على ربه.
قال – تعالى – حاكيا عن الخليل إبراهيم عليه السلام: " إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت " (البقرة: 131).. أسلم، أسلمت.. هذه هى القضية.. قال – تعالى -: " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن " (البقرة: 124).. هذه هى قضية الدخول على الله.. أنك تسمع للامر فتقول: أسلمت.. وتسمع للنهى فتقول: أسلمت.. تنفذ المطلوب.. أسلمت.. تمام الاستسلام.. أن تكون مع الله بادىء الرأى، قال الملك: " يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله " (الحجرات: 1).
أحد الناس كان مستجاب الدعوة، وكان عليه دين فقال له ابنه: هلا دعوت الله أن يقضى دينك، فرفع يديه الى السماء، وقال: اللهم اغفر لى وتب علىّ، فقال له ابنه: يا ابت، ادع الله بقضاء الدين، فقال: " يا بنى إذا غفر ذنبى قضى دينى "، اللهم اغفر ذنوبنا، واقض ديوننا.. هذه هى القضية: تعلق القلب بالله.. " إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت ".. فأسلموا – إخوتاه – فمفتاح الدخول على الله إسلام القلب لله.
كثير من الشباب الذين يرجعون عن كلامهم فيتركون طريق الوصول الى الله، إنما رجعوا وتركوا الطريق، لأن قلوبهم لم تسلم بعد.. قلبه لا يزال مشغولا بالبنات.. بالدنيا.. بالهموم.. المال.. بالزواج.. باللعب.. بالفسح.. بالتنزه.. باللبس.. لكن إذا أسلم القلب لله، أصبح أحب شىء إليه طاعة الله.
إن الشباب إذا التزم وكان لا يزال فى قلبه هوى – نعوذ بالله تعالى من الهوى – فلابد أن يقع فى المعاصى مرة أخرى.
قيل لابن الجوزى: ما بالنا إذا ملأنا الكذنب لا يبرد، وإذا أنقصناه يبرد، قال: " لتعلموا أن الهوى لا يدخل الا على ناقص ".. فلا تكن ناقصا، كن ممتلىء القلب بالايمان حتى لا يدخل عليك الهوى، زد فى إيمانك ليسلم قلبك لله.. فمفتاح الدخول على الله إسلام القلب لله وسلامته له.. اللهم ارزقنا قلوبا سليمة يا رب.
كثير منا قلبه مفتت.. مقطع.. مكسر.. فمع البنات والشقة والسيارة واللبس والمظاهر.. مع " تسريحته " والكلية والاصحاب والجيران.. دنيا.. بعضنا قلبه مشتت بين الشغل والشركة والديون والاموال والرصيد وتأمين المستقبل و.. و.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كانت الدنيا همه فرق الله عليه شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا الا ما كتب له " [صححه الألبانى].
نعم – إخوتاه – سلامة القلب لله.. وأنا لا أقول لك: لا تلبس حسنا.. لا.. بل البس وتعطر واركب سيارة واثنتين وثلاثة.. ليست هذه القضية.. القضية أن يكون قلبك مشغول بالله لا بالسيارات.. تزوج واحدة ومثنى وثلاث ورباع، لكن لا يكن قلبك مشغولا بالنساء.. احصل على شهادات وماجستير ودكتوراه، لكن لا يكن قلبك مشغولا بالمناصب.. اجعل قلبك مشغولا بالله.. اللهم لا تشغلنا الا بك.
انظر ماذا يقول ربك.. آية تشيب النواصى !!.. " إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون * أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون " (يونس: 7 – 8)
تدبر هذه الآية وأعد قراءتها مرات لتعرف حقيقة ما أنت فيه.. فإياك أن ترضى بالدنيا، وتركن إليها وتغفل عن الله.
كثير من الناس اليوم يقول: الحمد لله، ماذا ينقضى؟! أنا لا أريد من الله شيئا.. يا مسكين، أنت محتاج الى الله فى كل شىء، فما أنت فيه دنيا، فافهم، ولذلك لا يرى بها الا الادنى منها، أما الموحد فلا يرضيه الا رؤية وجه الله - تعالى – فى الجنة.. اللهم اجعلنا من الموحدين، اللهم متعنا بالنظر الى وجهك الكريم، اللهم لا تحرمنا من النظر الى وجهك الكريم.. آمين.
نعم – أيها الاخوة – مفتاح الدخول على الله إسلام القلب وسلامته لله، والاخلاص له فى الحب والبغض والفعل والترك – اللهم ارزقنا الاخلاص فى القول والعمل.. هذا مفتاح كبير جدا.. الاخلاص لله فى الحب والبغض.. فأنت تحب الاخ الفلانى.. لماذا تحبه؟.. هذه هى القضية.. فأحبب لله واكره لله، فبتحقيق هاتين الكلمتين يكون قلبك قد أسلم لله وسلم لله.
إذا فإسلام القلب لله وسلامته له من الغير يكون بالاخلاص له – سبحانه – فى الحب والكره.. فعندما أكره أكره لله وعندما أحب أحب لله، وكذلك الفعل والترك، فحينما أفعل أفعل لله، وحينما أترك أترك لله.. هذا هو مفتاح الدخول على الله، فاجن العسل ولا تكسرالخلية.
خامسا: مفتاح حياة القلوب ثلاثة:
أولها: ترك الذنوب، وثانيها: التدبرللقرآن، وثالثها: التضرع بالاسحار.
أولا - ترك الذنوب:
يقول ابن القيم فى " الفوائد " تحت عنوان " ترك الذنوب اولا ":
" العارف لا يأمر الناس بترك الدنيا، فإنهم لا يقدرون على تركها، ولكن يأمرهم بترك الذنوب مع إقامتهم على دنياهم، فترك الدنيا فضيلة، وترك الذنوب فريضة، فكيف يؤمر بالفضيلة من لم يقم الفريضة !، فإن صعب عليهم ترك الذنوب فاجتهد أن تحبب الله اليهم بذكر الائه وإنعامه وإحسانه وصفات كماله ونعوت جلاله، فإن القلوب مفطروة على محبيته، فإذا تعلقت بحبه هان عليها ترك الذنوب والاصرار عليها والاستقلال منها، وقد قال يحيى بن معاذ: طلب العاقل للدنيا خير من ترك الجاهل لها ".
إن الذنوب تخنق القلوب.. المعاصى تقتل القلوب.. الذنوب تميت القلوب.. قال ابن القيم عن نتائج المعصية: " قلة التوفيق، وفساد الرأى، وخفاء الحق، وفساد القلب، وخمول الذكر، وإضاعة الوقت، ونفرة الخلق، والوحشة بين العبد وبين ربه، ومنع اجابة الدعاء، وقسوة القلب، ومحق البركة فى الرزق والعمر، وحرمان العلم، ولباس الذل، واهانة العدو، وضيق الصدر، والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت، وطول الهم والغم، وضنك المعيشة، وكسف البال.. تتولد من المعصية والغفلة عن ذكر الله كما يتولد الزرع عن الماء والاحراق عن النار، وأضداد هذه تتولد عن الطاعة ".
إن الشاب الذى فتن – اللهم رده الى الالتزام ردا قريبا، اللهم ثبت قلوبنا على الايمان – قال: سأستمع الى بعض الاغانى ثم أدخل على " الانترنت "، ثم أستمع شريطا للشيخ فلان حبيبي.. وسأحضر للشيخ فلان الدرس القادم.. هو ذاهب للشيخ قابلته بنت فظل يتكلم معها حتى وصلت الحال الى حد الزنا على الهواء.. ففتن – اللهم نجنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.. فتن لذنبه الاول.. فبذنب لم يتركه قتل قلبه.. وضيع نفسه.
يقول ابن القيم رحمه الله: " ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله ".
ويوضح – رحمه الله – الطريق الى صفاء القلب فيقول:
" من أراد صفاء قلبه فليؤثر الله على شهواته، القلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عن الله بقدرتعلقها بها، القلوب آنية الله فى أرضه، فأحبها اليه أرقها وأصلبها وأصفاها، شغلوا قلوبهم بالدنيا، ولو شغلوها بالله والدار الآخرة لجالت فى معانى كلامه وآياته المشهودة، ورجعت الى أصحابها بغرائب الحكم وأطراف الفوائد، إذا غزى القلب بالتذكر وسقى بالتفكر ونقى من الدغل، رأى العجائب وأهلم الحكمة، ليس كل من تحلى بالمعرفة والحكمة وانتحلها كان من أهلها، بل أهل المعرفة والحكمة الذين أحيوا قلوبهم بقتل الهوى، وأما من قتل قلبه فأحيا الهوى فالمعرفة والحكمة عارية على لسانه "
نعم – إخوتاه -: ترك الذنوب حياة القلوب.. اترك الذنب فالذنب يقتل القلب.. يقتله.. أقول لأحدهم:
لماذا لا تقوم بالليل؟، يقول: أنام مقتولا لا أستطيع حراكا، قلت له: من الذنوب.
قيل لأحد السلف: كيف أستعين على قيام اليل؟، قال: " لا تعصه بالنهار يقمك بالليل ".. إذا رأيت قيام الليل ثقيلا عليك، فاعلم أنك محروم مكبل.. كبلتك خطاياك.. مكتف.. قيدتك ذنوبك، فاتركها وتب منها ليحيا قلبك.
ثانيا – التدبر للقرآن:
يا أخى فى الله يا طالب كلية الهندسة، ويا حبيبى فى الله يا طالب كلية الطب، ويا أخى فى الله يا طالب كلية التجارة.. يا من تحل أصعب المسائل، عقلك الجميل هذا ماذا فهمت به من القرآن؟!
أحد الاخوة قال لى: قرأت فى الجريدة لكاتب يقول: إن الله أمر الرجال بإدناء الثياب مثل النساء، فقال – تعالى –: " يدنين عليهن من جلابيبهن " (الاحزاب: 59) !!.. قلت: أعاقل هذا؟!!..
نون النسوة يا أخى !!.. أين العقل؟!.. ألا يوجد فهم؟!.. حتى عقولهم لا يعملونها !! ولذا، أريدك أن تفهم وتتدبر القرآن " كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته " (ص: 29).. تدبر.. تدبر القرآن لقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بآية يرددها: " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " (المائدة: 118).
وقام تميم الدارى ليلة بهذه الآية: " أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون " (الجاثية: 21).
وقام سعيد بن جبير ليلة يردد هذه الآية: " وامتازوا اليوم أيها المجرمون " (يس: 59). أى تميزوا وانفردوا عن المؤمنين.
ومحمد بن المنكدر يسأله أبو حازم عن البكاء طيلة ليله، فيقول: آية من كتاب الله أبكتنى، " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " (الزمر: 47).
وقال بعضهم: إنى لأفتتح السورة فيوقفنى بعض ما أشهد فيها عن الفراغ منها حتى يطلع الفجر. وكان بعضهم يقول: آية لا أتفهمها، ولا يكون قلبى فيها لا أعد لها ثوابا.
ويقول أبو سليمان الدارانى: إنى لأتلو الآية فأقيم فيها أربع ليال أو خمس ليال، ولولا أنى أقطع الفكر فيها ما جاوزتها الى غيرها. قال – تعالى -: " إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد " (ق: 37).
يقول ابن القيم – رحمه الله تعالى – فى " الفوائد " تحت عنوان " قاعدة جليلة: شروط الانتفاع بالقرآن ": " إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عن تلاوته وسماعه، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به – سبحانه – منه اليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله، قال – تعالى -: " إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد " (ق: 37)
وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفا على مؤثر مقتض، ومحل قابل، وشرط لحصول الاثر وانتفاء المانع الذى يمنع منه، تضمنت الآية ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد. فقوله: " إن فى ذلك لذكرى " إشارة إلى ما تقدم أول السورة من ها هنا. وهذا هو المؤثر، وقوله: " لمن كان له قلب " فهذا هو المحل القابل، والمراد به القلب الحى الذى يعقل عن الله، كما قال – تعالى -: " إن هو إلا ذكر وقرآن مبين * لينذر من كان حيا " (يس: 69 – 70)، أى: حى القلب. وقوله: " أو ألقى السمع وهو شهيد " (ق: 37) أى: وجه سمعه، وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له، وهذا شرط التأثر بالكلام.
وقوله: " وهو شهيد "، أى شاهد القلب حاضر غير غائب.
قال ابن قتيبة: " استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساه. وهو إشارة الى المانع من حصول التأثير، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له والنظر فيه وتأمله. فإذا حصل المؤثر وهو القرآن، والمحل القابل وهو القلب الحى ووجد الشرط وهو الاصغاء، وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه الى شىء آخر، حصل الاثر وهو الانتفاع والتذكر ".
ويواص ابن القيم حديثه الممتع فيقول: " فصاحب القلب يجمع بين قلبه وبين معانى القرآن، فيجدها كأنها قد كتبت فيه، فهو يقرؤها عن ظهر قلب. ومن الناس من لا يكون تام الاستعداد، واعى القلب، كامل الحياة، فيحتاج الى شاهد يميز له بين الحق والباطل، ولم تبلغ حياة قلبه ونوره وذكاء فطرته مبلغ صاحب القلب الحى الواعى، فطريق حصول هدايته أن يفرغ سمعه للكلام، وقلبه لتأمله والتفكر فيه، وتعقل معانيه، فيعلم حينئذ انه الحق ".
إخوتاه، افهموا القرآن وتدبروه.. افتحوا قلوبكم وأسماعكم وأبصاركم له لقد كان المدرس يقول لنا:
إذا ذاكرت الموضوع من الكتاب فأغلقه ثم اكتب فى ورقة خارجية ما فهمته.. فهل سألت نفسك مرة بعد أن فرغت من التلاوة: ماذا فهمت؟، ما الذى انغرس فى قلبى من معانى القرآن؟، بماذا خرجت اليوم من القرآن؟
إن أكثرنا اليوم – أيها الإخوة – يأتى إلى القرآن وهو مغلق القلب تماما.. لا يريد أن يفتح قلبه، فلا ينتفع بالقرآن، لأنه لا يريد أن يتعب نفسه فى التدبر، ومن كانت حاله هكذا فإنه يأتى القرآن فلا يخرج منه بشىء، بل وربما خرج من جلسته وقد أصابه الملل من القرآن، لأنه يأتيه فى أوقات لا يكون قلبه فيها متهيئا، وفى ظروف لا تكون نفسه فيها هادئة.
إخوتاه، إن أردتم الحياة لقلوبكم، فلابد أن تفهموا مجمل القرآن وموضوع القرآن، ومراد القرآن.. لابد أن تتأملوا كلام الله وما يحويه، لتخرجوا منه بمعرفة الله وحب الله، وتقوى قلوبكم فى السير إلى الله.
يقول ابن القيم تحت عنوان " فائدة: محتوى خطاب القرآن ":
" تأمل خطاب القرآن تجد ملكا له الملك كله، وله الحمد كله، أزمّة الامور كلها بيده ومصدرها منه ومردها إليه، مستويا على سرير ملكه، لا تخفى عليه خافية فى أقطار مملكته، عالما بما فى نفوس عبيده، مطلعا على أسرارهم وعلانيتهم، منفردا بتدبير المملكة، يسمع ويرى، ويعطى ويمنع ويثيب ويعاقب. ويكرم ويهين، ويخلق ويرزق ويميت، ويقدر ويقضى ويدبر. الامور نازلة من عنده، دقيقها وجليلها، وصاعدة إليه لا تتحرك فى الكون ذرة الا بإذنه، ولا تسقط ورقة الا بعلمه.
فتأمل كيف تجده يثنى على نفسه ويمجد نفسه، ويحمد نفسه، وينصح عباده، ويدلهم على ما فيه سعادتهم وفلاحهم ويرغبهم فيه، ويحذرهم مما فيه هلاكهم، ويتعرف إليهم بأسمائه وصفاته، ويتحبب إليهم بنعمه والآئه. فيذكرهم بنعمه عليهم ويأمرهم بما يستوجبون به تمامها، ويحذرهم من نقمه ويذكرهم بما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه، وما أعد لهم من العقوبة إن عصوه.. ويخبرهم بصنعه فى أوليائه وأعدائه وكيف كان عاقبة هؤلاء وهؤلاء.
ويثنى على أوليائه بصالح أعمالهم وأحسن أوصافهم، ويذم أعداءه بسيىء أعمالهم وقبيح صفاتهم، ويضرب الامثال وينوع الادلة والبراهين، ويجيب عن شبه أعدائه أحسن الاجوبة، ويصدق الصادق ويكذب الكاذب، ويقول الحق ويهدى السبيل.
ويدعو إلى دار السلام، ويذكر أوصافها وحسنها ونعيمها، ويحذر من دار البوار ويذكر عذابها وقبحها وآلامها، ويذكر عباده فقرهم إليه وشدة حاجتهم إليه من كل وجه، وأنهم لا غنى لهم عنه طرفة عين، ويذكر غناه عنهم وعن جميع الموجودات، وأنه الغنى بنفسه عن كل ما سواه، وكل ما سواه فقير إليه بنفسه، وأنه لا ينال أحد ذرة من الخير فما فوقها الا بفضله ورحمته، ولا ذرة من الشر فما فوقها الا بعدله وحكمته.
ويشهد من خطابه عتابه لأحبابه ألطف عتاب، وأنه مع ذلك مقيل عثراتهم، وغافر زلاتهم، ومقيم أعذارهم، ومصلح فسادهم، والدافع عنهم، والمحامى عنهم، والناصر لهم، والكفيل بمصالحهم، والمنجى لهم من كل كرب، والموفى لهم بوعده، وأنه وليهم الذى لا ولى لهم سواه، فهو مولاهم الحق ونصيرهم على عدوهم، فنعم المولى ونعم النصير.
فإذا شهدت القلوب من القرآن ملكا عظيما رحيما جوادا جميلا هذا شأنه، فكيف لا تحبه وتنافس فى القرب منه، وتنفق أنفاسها فى التودد إليه، ويكون أحب إليها من كل ما سواه، ورضاه آثر عندها من رضا كل ما سواه؟!، وكيف لا تلهج بذكره ويصير حبه والشوق إليه والانس به هو غذاؤها وقوتها ودواؤها بحيث إن فقد ذلك فسدت وهلكت ولم تنتفع بحياتها؟! ".
ثالثا- التضرع بالأسحار:
أريدك أن تقوم سحرا، وتتوضأ والدنيا سكون والكل نائم. سبحان الله !، كم منكم من يود أن يقابل الشيخ فلانا ويجلس معه ويكلمه ويملأ عينيه منه.. ألا تود أن تقابل ربك، وتجلس معه وحدك قبل الفجر؟!، لتقول له: اللهم باعد بينى وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب.. بعد أن تملأ قلبك بـ " الله أكبر ".
والله – يا إخوتاه – إن للمناجاة فى جوف الليل لذة لا تضاهيها لذات الدنيا بأسرها.. أن تنادى ربك – سبحانه وتعالى – حينما تقف بين يديه فى ذل وخشوع وانكسار وهيبة لتقول دعاء الاستفتاح:
" وجهت وجهى للذى فطر السماوات والارض حنيفا مسلما وما انا من المشركين.. " قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " (الأنعام: 162 – 163).
صل وأسمع نفسك التلاوة.. فى غرفتك.. فى الشرفة.. فوق السطوح.. أو فى المسجد تحت البيت عندكم.. ستحس أنك تكلم الله.. تناديه.. تناجيه.. تشعر بأن هناك سرا بينك وبينه.. ستحس بوجود علاقة.. علاقة ود وحب وقرب.. ما أجمله من لقاء.. ما أعظمه من وقوف.. وأبهاه من حديث.. إنه لقاء مع الملك.. الرحمن.. حين تستشعر ذلك الموقف وأنك مع الله.. سيفيض عليك ساعتها بالرحمات.. فتضرع بالأسحار، فهذا الوقت غال لا تعوضه أموال الدنيا.. تضرع لتحمى قلبك، عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمئة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين " [صححه الألبانى].. والمقنطرون: هم من كتب لهم قنطار من الاجر، والقنطار – كما جاء فى حديث فضالة بن عبيد وتميم الدارى عند الطبرانى -: " خير من الدنيا وما فيها ".
عبدالعزيز بن سلمان، كانت رابعة – رحمها الله – تسميه: " سيد العابدين ".. كان رحمه الله يقول: ما للعابدين والنوم !!، لا نوم والله فى دار الدنيا إلا نوم غالب.. ويقول عنه ابنه محمد: كان أبى إذا قام من الليل ليتهجد، سمعت فى الدار جلبة شديدة، واستقاء للماء الكثير، قال: فنرى أن الجن كانوا يستيقظون للتهجد فيصلون معه.
وهذه عجردة العمية – رحمها الله.. قال عنها رجاء بن مسلم العبدى: كنا نكون عند عجردة العمية فى الدار، فكانت تحيى الليل صلاة، وربما قال: تقوم من أول الليل إلى السحر، فإذا كان السحر نادت بصوت لها محزون: إليك قطع العابدون دجى الليالى، بتكبير الدلج إلى ظلم الاسحار، يستبقون إلى رحمتك وفضل مغفرتك، فبك إلهى لا بغيرك أسألك أن تجعلنى فى أول زمرة السابقين إليك، وأن ترفعنى إليك فى درجة المقربين، وأن تلحقنى بعبادك الصالحين، فأنت أكرم الكرماء، وأرحم الرحماء، وأعظم العظماء. ثم تخر ساجدة، فلا تزال تبكى وتدعو فى سجودها، حتى يطلع الفجر، فكان ذلك دأبها ثلاثين سنة.
وقيل لعفيرة العابدة: إنك لا تنامين الليل، فبكت وقالت: ربما اشتهيت أن أنام فلا أقدر عليه، وكيف ينام أو يقدر على النوم من لاينام عنه حافظاه ليلا ولا نهارا؟!
هؤلاء نساء !!، فأين أنتم يا رجال؟!!.. يا حسرة على الرجال !!.
وخلاصة ما سبق: اترك ذنوبك أولا، ثم أقبل على كتاب الله تلاوة وفهما وتدبرا.. فاتله بخشوع وتحزن لتصهر قلبك فينفى خبثه، ثم تضرع إلى ربك بالأسحار لتعيش النعيم وتذوق لذة المناجاة.. يحيا بذلك قلبك، فيصمد فى السير إلى الله.. فاملك هذا المفتاح ولا تفرط فيه، حتى لا تكسر الخلية فيضيع منك العسل.
وهكذا.. أخى السائر على طريق الوصول إلى الله.. ينبغى عليك أن تعتنى كل الاعتناء بمعرفة
" علم المفاتيح "، لتجنى العسل فلا تكسر الخلية.
* * *
مختارات