فقه أوامر الله الكونية والشرعية _ الجزء الثانى
والله تبارك وتعالى له الخلق والأمر في جميع مخلوقاته:
خلق الشمس وأمدها بالحركة والإنارة والحرارة.. وخلق البحر وأمده بالسيولة والملوحة.. وخلق النبات وأمده بالنمو والتكاثر والثمرات... وخلق الحيوان وأمده بالنمو والتكاثر والحركة.. وخلق الإنسان وأمده بالنمو والتكاثر، والعقل والحركة.. وخلق الدماغ وأمده بالعقل.. وخلق العين وأمدها بالبصر.. وخلق اللسان وأمده بالكلام.. وخلق الأذن وأمدها بالسمع.. وخلق الأنف وأمده بالشم.
وخلق الليل والنهار وجعل لهما أوامر.. وخلق الشمس والقمر وجعل لهما أوامر.. وخلق الحرارة والبرودة وجعل لهما أوامر.. وخلق الصحة والمرض وجعل لهما أوامر.. وهكذا.
فالله خالق كل شيء، وبيده أمر كل شيء: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)} [هود: 123].
والله تبارك وتعالى خلق المخلوقات، وكلماته التامات هي التي كون بها الأشياء كما قال سبحانه: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس:82].
فهذه الكلمات لا يجاوزها بر ولا فاجر.. ولا يخرج أحد عن القدر المقدور.. ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور.
فالكلمات نوعان:
إحداهما: كلمات يكون الله بها الكون، وهي المتضمنة لخلقه وتدبيره لهذا الكون، وما فيه من المخلوقات.
والأخرى: كلمات دينية، المتضمنة لأمره ونهيه كالكتب الإلهية التي أنزلها الله على رسله كالتوراة والإنجيل والزبور والقرآن.
فكلمات الله التامات التي لا يجاوزها بر ولا فاجر ليست هي أمره ونهيه الشرعيين، فإن الفجار عصوا أمره ونهيه.
بل هي التي كون بها الكائنات، ودبر بها المخلوقات، وقهر بها أهل العقوبات.
فسبحانه الواحد القهار: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117)} [البقرة: 117].
فأوامر الله نوعان:
الأول: أمر كوني لا بد من وقوعه ولا يمكن لأحد رده كما قال سبحانه: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس: 82].
والثاني: أمر ديني شرعي، يأمر الله به عباده عن طريق رسله، فمنهم من يؤمن به، ومنهم من يخالفه كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)}... [النحل: 90].
والأمر الكوني القدري، والأمر الديني الشرعي، كله لله، فلا خالق ولا مدبر لهذا الكون إلا الله وحده لا شريك له، ولا مشرع للعباد إلا ربهم وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: 154].
والله تبارك وتعالى عالم الغيب والشهادة، خلق المخلوقات كلها، وأحسن تصويرها، وأحاط بكل شيء علماً، وهو أحكم الحاكمين، وضع كل شيء في موضعه الذي لا يليق به سواه، وجعل له من الأوامر ما يناسبه، ويحقق الانتفاع به.
فوضع قوة النور في الشمس.. وقوة الإنبات في الأرض.. وقوة البصر في العين.. وقوة السمع في الأذن.. وقوة الشم في الأنف.. وقوة البطش في اليد.. وقوة النطق في اللسان.. وقوة المشي في الرجل.. وخص كل حيوان وغيره بما يليق به.. ويحسن أن يعطاه.. وشمل إتقانه وإحكامه لكل ما شمله خلقه كما قال سبحانه: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)} [النمل: 88].
ودين الأنبياء والرسل وأتباعهم دين الأمر، فهم يدينون بأمر الله الشرعي، ويؤمنون بقدره الكوني.
وأعداء الله واقفون مع القدر الكوني، فحيث ما مال القدر مالوا معه، فدينهم دين القدر، فهم يعصون أمره، ويحتجون بقدره، ويقولون نحن واقفون مع مراد الله وقدره.
فهل فوق هذا من جهل؟، وهل بعد هذا من ضلالة؟: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35)} [النحل: 35].
وإذا أمر الله عزَّ وجلَّ عبده بأمر وجب عليه فيه ثماني مراتب:
الأولى: العلم به.... الخامسة: أداؤه خالصاً صواباً.
الثانية: محبته.... السادسة: عدم فعل ما يحبطه.
الثالثة: العزم على فعله.... السابعة: الثبات عليه.
الرابعة: عدم العمل به.... الثامنة: نشره والدعوة إليه.
ولا بد في جميع أوامر الله من أصلين:
فعل ما أمر الله ورسوله به.. واجتناب ما نهى الله ورسوله عنه.
ثم على كل عبد أن يتوب ويستغفر من تفريطه في المأمور، واقترافه للمحظور، ويختم جميع أعماله بالاستغفار.
والله تبارك وتعالى خلقنا لأربعة أمور:
الأول: العبادة كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)}... [الذاريات: 56].
الثاني: الدعوة كما قال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف: 108].
الثالث: التعلم والتعليم كما قال سبحانه: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)} [آل عمران: 79].
الرابع: الخلافة كما قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)}... [النور: 55].
وإذا كان الله عزَّ وجلَّ قد أتقن خلقه غاية الإتقان.. وأحكمه غاية الإحكام.. وأحسن كل شيء خلقه.. فلأن يكون أمره في غاية الإتقان والإحكام أولى وأحرى.. فشريعة الله لعباده في غاية الإتقان والإحكام، لا تفرق بين متماثلين، ولا تسوي بين مختلفين.. ولا تحرم شيئاً إلا لما فيه من المفسدة.. ولا تبيح شيئاً إلا لما فيه من المصلحة: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)} [المائدة: 50].
وأوامر الله عزَّ وجلَّ تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون الفعل المأمور به مشتملاً على مصلحة أو مفسدة، كما يُعلم أن العدل مشتمل على مصلحة العالم، والظلم مشتمل على فساد العالم.
الثاني: أن الله إذا أمر بشيء صار حسناً، وإذا نهى عن شيء صار قبيحاً.
الثالث: أن يأمر الله العبد بشيء ليمتحن العبد هل يطيعه أم يعصيه؟.
ولا يكون المراد فعل المأمور به، كما أمر الله إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - بذبح ابنه إسماعيل، فلما أسلما وتله للجبين، حصل المقصود من قوة الامتثال والطاعة، فداه الله بذبح عظيم كما قال سبحانه: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)} [الصافات: 103 - 107].
والله تبارك وتعالى منَّ على عباده بهذا الدين العظيم، والقرآن المجيد، والرسول الكريم، والهدي المستقيم.
فإن قيل فأي حكمة في تكليف الثقلين، وتعريضهم بذلك للعقوبة، وأنواع المشاق والمكاره..؟.
قيل: إن الله خلق المخلوقات، وجعل لها سنناً تسير عليها، فالشمس لها سنة، والقمر له سنة، والليل له سنة، والنهار له سنة، والنبات له سنة، والحيوان له سنة، والرياح لها سنة، والبحار لها سنة.
وكذلك الإنسان مخلوق من مخلوقات الله، محتاج إلى سنة يسير عليها في جميع أحواله، ليسعد في الدنيا والآخرة، وهذه السنة هي الدين الذي أكرمه الله به ورضيه له، وسعادته أو شقاوته مبنية على مدى تمسكه به، أو إعراضه عنه، وهو مختار في قبوله أو رده كما قال سبحانه: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29].
وكذلك لولا التكليف لكان خلق الإنسان عبثاً وسدى، والله يتعالى عن ذلك، وقد نزه نفسه عنه، كما نزه نفسه عن العيوب والنقائص كما قال سبحانه: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115)} [المؤمنون: 115].
ومعلوم أن ترك الإنسان كالبهائم مهملاً معطلاً لا يؤمر ولا ينهى مضاد للحكمة، فإنه خلق لغاية كماله، وكماله أن يكون عابداً لربه، محباً له، مطيعاً له كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)}... [الذاريات: 56].
وهذه المعرفة.. وهذه العبودية.. هما غاية الخلق والأمر.. وهما أعظم كمال الإنسان.
والله عزَّ وجلَّ من عنايته بالإنسان ورحمته له عرضه لهذا الكمال، وهيأ له أسبابه الظاهرة والباطنة، ومكنه منها.
ومدار التكليف على الإسلام والإيمان والإحسان، وما يتضمنه ذلك من اتصاف العبد بكل خلق جميل، وإتيانه بكل فعل جميل، وقول سديد، واجتنابه لكل خلق سيئ، وترك كل فعل قبيح.
وذلك كله متضمن لمكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال، والإحسان إلى الخلق مع تعريضه بذلك التكليف للثواب الجزيل الدائم، ومجاورة ربه في دار البقاء.
فأي الأمرين أليق بالحكمة..؟.
هذا التكليف والتشريف.. أو إرساله هملاً كالخيل والبغال والحمير.. يأكل ويشرب وينكح.. ويفعل ما شاء كالبهائم.
وكيف يليق بذلك الكمال طي بساط الأمر والنهي، والثواب والعقاب عنه؟.
وكيف تكون حاله لو لم يرسل الله الرسل إليه، وينزل الكتب عليه، ويشرع الشرائع له..؟.
وهل عرف الله حقاً من جوز عليه خلاف ذلك..؟.
بل ذلك من سوء الظن بالله، نعوذ بالله من ذلك: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91)} [الأنعام: 91].
آهٍ لمشتت القلب والعقل.. أيليق بالعزيز الكريم أن يترك الإنسان سدى يتردى في أودية الهلاك تائهاً سكراناً من بين الخلائق..؟ ويموت لا ذاكراً ولا شاكراً..؟.
أيصح هذا..؟، أيعقل هذا..؟، أيليق به هذا..؟.
إن الله أكرم الإنسان، وفضله على غيره، وزوده بالعقل، وأنعم عليه بالدين، حتى يعيش سعيداً، ويصل إلى ربه في أحسن الأحوال، وأجمل الصفات، ويستقبل هناك بالإكرام، حتى يستقر في جنة الخلد حيث النعيم المقيم: {يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)} [الزخرف: 68 - 72].
إن الله تبارك وتعالى بفضله ورحمته وكمال حكمته أجرى على العباد ثلاثة أوامر، وبها يتم كمالهم، وتتحقق سعادتهم:
الأول: الأمر الكوني القدري بإيجادهم.
الثاني: الأمر الديني الشرعي في دنياهم.
الثالث: الأمر الجزائي في أخراهم.
ونقلهم سبحانه من دار إلى دار.. ومن حال إلى حال.. حتى يرجعوا إلى ربهم فيحاسبهم بما عملوا.. ثم يستقروا في دار القرار.. في الجنة أو النار.
فيا له من دين ما أحسنه.. ويا لها من شريعة ما أكملها.. ويا لها من أحكام ما أعدلها.. وأين يذهب الناس عن هذا؟: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)} [آل عمران: 83].
إن حسن التكليف في العقول، كحسن الإنعام والإحسان إلى العباد، بل هو أبلغ أنواع الإحسان والإنعام، ولهذا سماه الله نعمة ومنّة، وفضلاً ورحمة، وأخبر أن الفرح به خير من الفرح بالنعم المشتركة بين الأبرار والفجار، وبين الناس والأنعام كما قال سبحانه: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)} [يونس: 58].
والله تبارك وتعالى هو الخلاق العليم، وهو الحكيم الخبير، له الخلق والأمر، والملك ملكه، والعباد عباده، وهو أعلم بما ينفعهم ويصلحهم.
يرسل الملائكة بأمره.. ويرسل الأنبياء والرسل بدينه وشرعه إلى خلقه.. ويرسل الرياح بأمره.. ويرسل السحاب فيسوقه حيث شاء.. ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء.. ويصرفها عمن يشاء.
وإرسال الله نوعان:
الأول: إرسال دين يحبه الله ويرضاه، كإرسال أنبيائه ورسله بدينه وأوامره إلى خلقه كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].
الثاني: إرسال كون وهو نوعان:
إرسال يحبه الله ويرضاه، كإرسال ملائكته في تدبير أمر خلقه.
وإرسال لا يحبه الله، بل يسخطه ويبغضه، كإرسال الشياطين على الكفار المعاندين كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)} [مريم: 83].
مختارات