شرط الطبيب الناجح
قال ابن القيم في كتابه الطب النبوي عندما تكلم عن الطبيب الحاذق وذكر أنه يجب أن يراعى في علاجه عشرين أمرًا كان منها:
" أن يكون له خبرة باعتلال القلوب والأرواح وأدويتها، وذلك أصل عظيم في علاج الأبدان، فإن انفعال البدن وطبيعته عن القلب والنفس أمر مشهود، والطبيب إذا كان عارفاً بأمراض القلب والروح وعلاجها كان هو الطبيب الكامل، والذي لا خبرة له بذلك وإن كان حاذقاً في علاج الطبيعة وأحوال البدن نصف طبيب، وكل طبيب لا يداوي العليل بتفقد قلبه وصلاحه، وتقوية أرواحه وقواه بالصدقة وفعل الخير والإحسان والإقبال على الله والدار الآخرة فليس بطبيب بل متطبب قاصر ".
إن غاية ما وصل إليه طب الدنيا أنه يصف الدواء، لكنه لا يضمن لك حتمية الشفاء، أما دواء الآخرة فالله هو الذي ضمن لمن تناوله تمام الشفاء، ولو علم الناس ما للطاقة الروحية من فوائد علاجية على الجسم والنفس لتخلوا عن استعمال كمية وافرة من الأدوية التي في معظمها لا تعالج إلا الأعراض، ولا تنفذ إلى الأسباب، وقد كان سلفنا الصالح أدرى ما يكونون بذلك، فأرشدوا أطباء الدنيا إلى ما غاب عنهم من طب الآخرة، وعلَّموهم أن راحة قلب للمريض وسعادته لها أعظم الأثر في محاصرة داء الجسد ودفع بلائه.
قال ابن القيِّم وهو يصف حال شيخه ابن تيمية:
" وحدَّثني شيخنا قال: ابتدأني مرض، فقال لي الطبيب: إن مطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض، فقلت له: لا أصبر على ذلك ؛ وأنا أحاكمك إلى علمك، أليست النفس إذا فرحت وسُرَّت قويت الطبيعة فدفعت المرض، فقال: بلى، فقلت له: فإن نفسي تُسَرُّ بالعلم، فتقوى به الطبيعة، فأجد راحة، فقال: هذا خارج عن علاجنا ".
مختارات