وعاء الكرامة..
قرأت هذه الحدبث مرات، وفي كل مرة تغمرني مشاعر الحب والإكبار والإجلال لأهل القصة، وسمو أخلاقهم، وذوقهم الرفيع.
في صحيح البخاري:
قال صلى الله عليه وسلم:
(إنَّ الأشْعَرِيِّينَ إذا أرْمَلُوا في الغَزْوِ، أوْ قَلَّ طَعامُ عِيالِهِمْ بالمَدِينَةِ جَمَعُوا ما كانَ عِنْدَهُمْ في ثَوْبٍ واحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بيْنَهُمْ في إناءٍ واحِدٍ بالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وأنا منهمْ.)
لقد كان في وسعهم أن يجمعوا الطعام الفائض من أغنيائهم ويقولوا:
من منكم نقص طعامه حتى نعطيه؟.....
كانوا سيكونوا بذلك محسنين وكراما ومتكافلين....
لا....لم يفعلوا ذلك....
بل ارتقوا إلى أفق بعيد.
لقد كانوا مهمومين بكرامة بعضهم ومشاعرهم ونفوسهم.
لقد خافوا أن يأخذوا مقابل الطعام حصة من كرامتهم.
البديل:
وعاء واحد
تعالوا جميعا بطعامكم!
الغني بكل طعامه
والمتوسط
والمقل...
والأيدي الفارغة أيضا....
لا أحد يدري من جاء بكثير ولا قليل ومن لم يأت بشيء اصلا...
كرامة مصونة واقتسام عادل.
من الواضح أنها لم تكن نشوة كرم عابرة....ولا لحظة إحسان مؤقتة...
بل منهج حياتهم في السفر والحضر في السلم والحرب.....
والرسول صلى الله عليه وسلم يرحب بهذا الخلق السامي ويحتفي به وينوه بهم في ذاكرة الخلود....
(فهم مني وأنا منهم)...
مختارات