دموع وفرح
دموع وفرح اما انا الان انتظر بفارغ الصبر في هذه الغرفة المخيفة… غرفة الانتظار… احس بالدقائق تمر وكانها ساعات وساعات…استعدت في هذه الدقائق شريط ايامي المؤلمة… حبيبي يجب ان يكون لديك اولاد كي يكونوا لك سنداً في شيخوختك… وكي يحملوا اسمك على مر السنين: لكن يا زوجتي الغالية هذا كله بيد الخالق وهو على كل شي قدير، وحبي لك يكفيني لكي اكون سعيدة حتى اخر العمر.
لكن يا حبيبي نايف امك دائما تسمعني كلاماً لاذعاً ودائما تذكر لي رغبتك في الزواج من اخرى تنجب لك البنين والبنات ودائما تذكر لي رغبتها في رؤية احفادها قبل ان تموت… وكان الامر بيدي.. نظرت للمره الخامسة الى ساعتي ولم يكن قد مر سوى عشرة دقائق.. ورجعت مرة اخرى الى ذكرياتي المؤلمة وا ستعدت منها المشاجرة الحادة التي جرت بيني وبين حماتي وزوجي وهي تعلن امام الملأ انني غير قادرة على الانجاب.. وانه يجب ان يتزوج ابنها نايف قبل ان يفوته قطار العمر حيث انه بلغ الثامنة والثلاثون.. فانفجرت في وجهها معلنة عن ظلمها وقسوتها واعلنت ايضاً بانه لا احد منا يعلم من هو الذي ليس قادراً على الانجاب.. انا ام ابنها نايف؟ فصرخت في وجهي: وهل تعنين ان ابني الحبيب هو الذي به عيب؟ فنظرت الى زوجي الحبيب وهو يائس من مشاجراتنا الدائمة.. فاعلن امام امه عن رغبته في زيارة الطبيب انا وهو حتى نضع النقاط على الحروف… اعلن ايضا انه اذا كانت النتائج سلبية او ايجابية فانه لن يتخلى عن زوجته الغالية ابدا.. استيقظت من ذكرياتي على صوت الممرضة تناديني للدخول على دكتوري… والرعب والخوف من النتائج كادت الى تؤدي بي الى الجلطة القلبية. لم استطيع تفسير تعابير وجه الدكتور ورجوته ان يقول لي الحقيقة دون ان يخشى شيئاً… وبدا الدكتور بالحديث وفهمت من خلاصة حديثه انني قادرة على الانجاب وان العيب من زوجي المسكين… ارجوك يا دكتور لم يستطيع زوجي الحضور لمعرفة النتائج لكن ان اتى لا تقول له انه هو الذي غير قادر بل انا التي ليست قادرة على الانجاب.. ارجوك لا اريد ان اجرح رجولته.. وخرجت من العيادة وانا مصدومة ومتالمه… لا لم اكن سعيدة.. وقررت التضحية… نعم.. يقولون ان الحب تضحية… وانا احبه… وساضحي بحياتي لاجله وساضع العيب فيني … وعلم زوجي وحزن حزناً شديدا وبدا بمواساتي وقال لي لا اهمية للنتائج انني احبك ولن اتخلى عنك ابداً …وتكلمت معه بضرورة زواجه من اخرى.. فقال لي لا تفكري بسخافات كهذه … ورجوته ان فكر في الزواج من اخرى ان يقول لي ولا يخفى علي… وعلمت حماتي بالموضوع وبدات بالثرثرة.. حتى لم يبقى احد من معارفنا لم يعلم بموضوعي.. ولم تكل حماتي عن الضغط على زوجي بضرورة الزواج من اخرى … خصوصا انه على ابواب الاربعين.. حتى غدا الهم باديا على وجه زوجي… وهو لا يعلم كيف يبلغني ان امه قد خطبت له بنت الخال التي لا تتعدى العشرون من عمرها… لكنه اعلمني … واعلمته انا بدوري بضرورة الانفصال.. اي الطلاق.. ووافق.. نعم وافق بكل سهولة… وقلت له هذا هو ما اخترته … وهذا هو النصيب … وتم الطلاق.. وخلال ثلاثة اشهر تمت خطبتي الى شب طيب… فهمني.. وقدر ظروفي السيئة… وعرف كيف يعيد اليّ السعادة … وتم زواجي من هذا الرجل… وعلمت بعدها ان زوجي السابق نايف لم يتزوج لسوء علاقته بخطيبته السيئة الطباع… ومرت سبعة اشهر اخرى اصبحت فيه حاملاً في الشهر السادس وانا ما ازال احتفظ بالسر وعلمت اخيراً انه قد تم زواجه… وبتفهم من زوجي وبحبه لي تابطت ذراعه وانا احمل التقارير الطبيبة التي تثبت برائتي… فتح لنا نايف الباب وكان الجميع ومن بينهم حماتي السابقة موجودين يهنئون نايف على زواجه ويتمنون له الانجاب السريع… فدهشوا لرؤيتي حاملاً.. وانا اتابط ذراع زوجي.. فباركت زواجه بكل بساطه وطلب من جميع الحضور السكوت لسماع كلماتي.. فشرحت معاناتي التي عشتها مع حماتي وعن تضحيتي بسمعتي ورغم ولعي الشديد للانجاب والتضحية لزوجي بحياتي الغالية… وقذفت بوجه نايف التقارير الطبية.. وصرخت باعلى صوتي انك انت التي لا تستطيع الانجاب… نعم انت وليس انا… فضلت ان احفظ كرامتك ورجولتك مصانه… لكنك طلقتني بسهولة… ولم تعطى اعتباراً لكرامتي… ولم تحس بي وبشعوري.. ولم تفهم ان هذا الشئ نصيب من عند الله يهبه لمن يشاء … نعم يا حماتي السابقة العزيزة… انه ابنك الذي لا يستطيع الانجاب.. وهذه التقارير وبطني المنتفخ اكبر دليل على صدق كلامي… وبراءتي … وقلت بكل هدوء لنايف: لم تستطيع الاحتفاظ باغلى جوهرة عثرت عليها وملكتها في حياتك فخسرتها… وتابطت ذراع زوجي وانا استعد للخروج … متالمة لحزنه ولايامي السعيدة معه… وسعيدة لانني انتهيت من كابوس حماتي… وعرفت نايف على حقيقته… وتركته وانا استمع لولولات زوجته وحماة زوجي السابق… انجبت بعدها بثلاثة اشهر ابنتين توامتين سعدنا جداً بولادتهما انا وزوجي.. وسميت الكبرى دموع.. والاخرى فرح… وحمدت الله وقلت: عسى ان تكرهوا شيئا وهو خيراً لكم.
فرح
مختارات