قضاء الذكر
وهذا أمرٌ مهم، الآن مثل فات وقتُ أذكار الصباح، قلت بعد الفجر ووجدت نفسك مثـلاً ضاق بك الوقت وتريد أن تذكر، وعلى مذاهب بعض أهل العلم أنَّ أذكار الصبـاح كما سيأتينا يبدأ من بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس، قد أشرقــت الشمس، هل لك أن تقضى هذا بعد الشروق؟ أنت فاتك وقت ما بين العصر والمغرب لكى تقول أذكار المساء على الصحيح من أقوال أهـل العلم كما سنبين وأردت أن تقول أذكار المساء فى الليل، هل يصح لك ذلك؟؟؟؟
عندنا أنَّ النبى صلى الله عليه وسلم قد أصل لنا أصلاً مهماً فى التعبد، فقال " من نام عن حزبه " أى ورده " أو عن شئٍ منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كُتِبَ له كأنما قرأه من الليل " [سنن أبى داوود]، فوجه الدلالة أنَّ هذا الحديث واردٌ فى الحزب من القرآن الكريم وهو الورد اليومى، وهذا يدخل فيه أيضاً بطريق القياس الصحيح يدخل فى ذلك سائر الأذكار.
لذلك قال بعض أهل العلم " يُستحب له قضاؤه ليعتاد الملازمة عليه، وعليه الرأى عندى " نعم... فهذا يتماشى مع المنهج التربوى الذى ينبغى أن يُوضع، لأنَّ هذا مسلك من مسالك إبليس، معلوم تقوم؛ فات وقت الأذكار فانتهى الأمر تغفــل عن هذا الذكر، فات وقت النافلة، أرى أنه إذا فاتته النافلة على كلام بعض أهل العلم أنَّ له أن يقضيها، أنَّ له أن يقضيها، يعنى فاته مثلاً نافلة ما قبل الظهر، دخل وجدهم يصلون الظهر، ففاتته الركعات الأربع التى قبل الظهر، له أن يصليها بعد الظهر، له أن يفعل ذلك، لأنَّ الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقضون ما فاتهم من ما كان لهم من أوراد وكانوا يقضون ما فاتهم من أذكارهم التى كانوا يفعلونها فى أوقاتٍ مخصوصة.
قال الإمام النووى رحمه الله فى فائدة قضاء الذكر، قال " ينبغى لمـن كان له وظيفة من الذكر فى وقتٍ من ليلٍ أو نهار أو عقب صلاة أو حالةً من الأحوال ففاتته، أن يتداركها ويأتى به إذا تمكن منها ولا يهملها فإنه إذا اعتاد الملازمة عليها لم يعرضها للتفـويت، وإذا تساهل فى قضائها سهل عليه تضييعها فى وقتها ".
هذا كلام نفيس، اسمعوه يا معاشر من تبغون التربية الإيمانية، هذا كلام نفيس، ينبغى أن يوضع نصب العين ويوضع كمسألةٍ هامةٍ كأصلٍ من أصول التعبد لله سبحانه وتعالى.
قال ابن علان الشافعى فى تعليقه على كلام الإمام النووى " المراد هنا بالأحوال؛ الأحوال المتعلقة بالأوقات لا النتعلقة بالأسباب، كالذكر عند رؤية الهلال، وسماع الرعد ونحو ذلك، فلا يُندب تداركه لأنَّه قد فات سببه. يعنى إذا كان هناك مثلاً ذكر وارد عند نزول المطر، أو عند رؤية الهلال، عند سماع الرعد، ثم هو بعد ذلك نسى هذا وانقضى الأمر، فيقول: ياااه لم أذكر هذا فيذكره ويتداركه، فات السبب الذى ينبغى أن يجعل هذا الذكر له ".
أمَّا أن يكون الأمر بخلاف ذلك من أن يقول الأذكار التى فاتته من الصباح أن يقولها فى وقت الضحى فلا بأس، أن يقول الذكر الذى فاته من وقت المساء فلا بأس حتى يعتـاد الأمر فى وقته ولا يكون ذلك ذريعة لكيد إبليس به ليضيع له أمره، وهنا ينبغى تأصيل أمر مهم، ألا وهو أنَّ النوافل قسمان:
غير مؤقت:
وإنما يُفعل لعارض، كما هو شأن صلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء وتحية المسجد، هذا إذا فات لا يُقضى كما قلنا.
مؤقت:
كالعيد والرواتب مع الفرائض والضحى، والصحيح أنها تُقضى، وهذه كالأذكار المقيدة بالأوقات كما قلنا الأذكار المؤقتة بوقتٍ معين تُقضى على هذا القول والله تعــالى أعلى وأعلم.
مختارات