شمع الفرح يوقد في شمعدان الإنكسار!
هذا هو الباب الذي قل طارقه، لكثرة الصخب والتكاثر بالكلام !
ما انكسر عبد، وجلس حافي القلب ذليلا، إلا أقبلت عليه هدايا الفرح والفرج!
ولقد أحس الفاروق من النبي صلى الله عليه وسلم غضبا وقد أكثر من قول: "سلوني"، فجثا على ركبتيه وقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا.
وورد في مرسل السدي أنه قبَّلَ رجل النبي صلى الله عليه وسلم، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكن.
وقد فقه الصالحون ذلك، وإليك طرفا من هذا:
ففي سير أعلام النبلاء في ترجمة شيخ الإسلام مطرف بن عبد الله: حبس السلطان ابن أخي مطرف، فلبس مطرف خَلَقَان ثيابِه، وأخذ عكازا، وقال: أستكين لربي، لعله أن يشفعني في ابن أخي!
وقال التاج السبكي في ترجمة والده تقي الدين السبكي رحمهما الله:
وأما الذي اتفق من الشيخ الإمام فإنا صلينا المغرب واجتمعنا على العشاء، ثم صلى الشيخ الإمام عشاء الآخرة وأوتر، وصعد السطح فحكى أهل البيت أنه استمر واقفا في السطح مكشوف الرأس مطرقا ساكتا لا يتكلم قائمًا على رجليه إلى أن طلع الفجر، ثم نزل فصلى الصبح بوضوء العشاء، وأنه قال للنساء وهو نازل: انقضى شغل أرغون شاه-(كان واليًا غشومًا)- لا يتكلم أحد!
فحسبنا، ففي يوم الثلاثاء خرج الجيبغا من طرابلس ووصل إلى دمشق ليلة الخميس وأمسكه تلك الليلة ثم ذبحه ثاني ليلة!
وهذه كانت حالة الشيخ في توجهه: يكشف رأسه، ويجعل المنديل في رقبته، ويقوم على رجله مطرقا ساكتا، ويصير عليه من المهابة ما يعجز الواصف عن وصفه، ويكاد من يراه في تلك الحالة يوقن أنه لو لسعه زنبور في تلك الحالة لما أحس به اهـ
والأمثلة كثيرة كثرة هائلة!
تحسس مواطن الذلة فيك لربك، لعلها تفتح كثيرا من الأبواب المغلقة وتضيء وحشة العتمة الباردة" ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون"!
مختارات