اللسان!!
٠وهل يكبُّ الناس على وجوههم أو قال مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم"؟!
سيدنا رسول الله ﷺ
…
كأن السبب الأوحد لدخول النار هو اللسان لا غير!
مع أنه صار في أيامنا أيسر شيء وأخفه على النفس أن تتكلم، ولا يهمها أن ينقلب اللسان إلى سكين صدئة، أو معول هدم، ولسان الواحد منهم: لا تكبر الموضوع، أهو كله كلام!
أو هذا رأيي الذي قد يكون خطأ! عادي!
والخطورة ليست في هذا وحده، ولكنَّ النفس متى ركبت الكبيرة، ورأت الكثير من الناس يعملونها، خفَّ عليها الدخول في ذلك الزحام والاختباء فيه، تقول في نفسها: جت علي أنا؟!
ما أتعس الإنسانَ الذي كلما رأى جمرةً من نار اصطفاها إلى نفسه، كأنما يخشى أن يفوته حظه من النعيم!
فيُطلق لسانه في كل شيء، ويتكلم في كل أحد، ويخبط في النفوس والقلوب لا يطرف له جفن، كأن بينه وبين الله ميثاقًا وعهدا أن لا يعذبه!
وإنك لتعجب العجبَ كلَّه، وتخاف الخوف كلَّه من أناس يهدمون دينهم بألسنة السوء؛ ليدفعوا عن دينهم-زعموا- السوء!
ولكن هكذا صار الأمر في أزمنة السوء: ينقلب السبُّ دينًا والطعنُ قربةً، والغيبة والبهتانُ عملًا يرجو صاحبُه عليه الثواب!
"قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون"؟!
قال يحيى بن معين إمام الحديث والنقد رضي الله عنه: إنا لنطعن على أقوام، لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة، من أكثر من مئتي سنة.
قال ابن مهرويه: فدخلت على عبد الرحمن بن أبي حاتم، وهو يقرأ على الناس كتاب: " الجرح والتعديل "، فحدثته بهذا، فبكى، وارتعدت يداه، حتى سقط الكتاب، وجعل يبكي، ويستعيدني الحكاية !
بكى ورعًا وهو يذبُّ الكذب عن رسول الله ﷺ، ولم يجادل من كلمه، ولا ضربه بعصا الجهل، و"أنا أعلم وأنت لا تعلم"!!
كانوا يخافون من اللسان خوفًا عظيما!
ونعوذ بالله من سكنى ردغة الخبال وساكنيها؛ فقد قال ﷺ: "من قال في مؤمنٍ ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال، وليس بخارجٍ!
وردغة الخبال عصارة أهل النار.
اللهم عافيتك وهداك ونورك وحفظك ومغفرتك!
مختارات