108. يوم الرجيع واستشهاد الستة الأبرار
يوم الرجيع واستشهاد الستة الأبرار
"صلى الإله على الذين تتابعوا … يوم الرجيع فأكرموا، وأثيبوا" [حسان بن ثابت]
في أواخر السنة الثالثة للهجرة؛ قدم على يثرب وفد من بني خزيمة يظهرون الإسلام، ويعلنون الإيمان …
فأحسن النبي استقبالهم، وأكرم وفادتهم.
وفرح بهم الصحابة أجزل (١) الفرح؛ فأحلوهم أهلا، وأنزلوهم سهلا.
وقبل أن يهم رجال الوفد بالانصراف إلى أهليهم؛ قالوا:
يا رسول الله؛ إن في قومنا كثيرا ممن يؤمنون بالله ورسوله، لكنهم لم يحظوا بمعرفة الإسلام، ولم يستنيروا بنور الإيمان …
فليتك تبعث معنا نفرا من أصحابك يقرئوننا القرآن، ويعلموننا شرائع الإسلام، ويفقهوننا في دين الله.
فاستجاب الرسول صلوات الله وسلامه عليه إلى طلبهم، واختار لهم ستة من الأنصار هم: مرثد الغنوي، وخالد الليثي، وعبد الله بن طارق، وزيد بن الدثنة، وخبيب بن عدي، وعاصم بن ثابت (٢).
وأمرهم بأن يتجهزوا للرحيل معهم، والإقامة بينهم حتى? يأتيهم أمره.
* * *
فرح الستة الأخيار الأبرار من صحابة الرسول ﷺ بما أنيط (٣) بهم من أمر، وغبطهم (٤) إخوانهم على ما كتب لهم من أجر.
وكيف لا يفرحون ولا يغبطون؟!.
فقد كانوا قبل هذا اليوم يتمتعون بفضل نصرة رسول الله ﷺ …
فأضافوا إلى ذلك ثواب الهجرة لنشر دين الله.
* * *
ودع الرسول الكريم ﷺ النفر الستة من أصحابه، وأوصاهم بتقوى الله في السر والعلن، وأمر عليهم مرثدا الغنوي (٥).
ثم ودعوهم أهليهم وذويهم، وأوصوهم بأنفسهم وبمن معهم خيرا.
* * *
انطلق الهداة الدعاة إلى الله مع وفد بني خزيمة، وخلفوا وراءهم الأهل والسكن …
وفارقوا العشير والوطن.
لكن ذلك كله لم يشق عليهم …
وإنما شق عليهم مفارقة الرسول ﷺ، والنأي (٦) عنه.
فما كانوا يحسبون أنهم يطيقون صبرا على البعد عنه …
وما كانوا يتوقعون أن يفارقوه ما امتدت بهم الحياة …
* * *
مضى الركب يحث الخطى نحو منازل بني خزيمة الواقعة بالقرب من عسفان.
وطفق الهداة الدعاة يقطعون الفلوات (٧)؛ للقاء الرغاب في دين الله.
فلما بلغوا منطقة الرجيع …
فوجئوا بأبشع غدرة تتفطر لفظاعتها القلوب، وتتشقق من هولها الأكباد.
* * *
كانت جماعة بني خزيمة التي وفدت على الرسول صلوات الله وسلامه عليه قد ائتمرت (٨) من جماعة من بني هذيل على أن تستدرج لهم نفرا من صحابة النبي، وأن تمكنهم منهم؛ لقاء مبلغ جزل (٩) اتفقوا عليه.
فقد كان للهذليين أسيران عند قريش …
فعزموا على أن يفادوا ببعض هؤلاء الصحابة؛ أسيريهم المحتجزين في مكة.
ثم يبيعوا ما يزيد منهم لمن يرغب من قريش؛ ليقتلوهم انتقاما لمن قتل من آبائهم أو أبنائهم، أو ذوي المكانة فيهم في بدر.
ولما حاذى الركب منطقة الرجيع فوجئ الصحابة الستة رضوان الله
عليهم بمرافقيهم من بني خزيمة يتخلون عنهم …
وبرهط (١٠) من الهذليين يطبقون عليهم وبأيديهم السيوف والرماح، ويحيطون بهم إحاطة القيد بالمعصم.
فما كان من الصحابة الستة إلا أن نزلوا عن ظهور رواحلهم، وامتشقوا سيوفهم من أغمادها، وهموا بمقارعة الذين تصدوا لهم.
فقال لهم الهذليون:
إننا أصحاب هذه الديار، وجمعنا كثير غفير، وجمعكم قليل ضئيل …
ثم إننا ورب الكعبة لا نريد بكم شرا، ولا ننوي أن نعرضكم للقتل … ولكننا نريد أن نكسب بكم شيئا من أهل مكة …
ولكم على هذا عهد الله وميثاقه.
* * *
أسقط (١١) في أيدي الرجال الستة من صحابة الرسول صلوات الله وسلامه عليه؛ فما عادوا يدرون ماذا يفعلون.
ثم شاء الله أن يسلكوا في هذه المحنة طريقين مختلفين …
فقد آثر عاصم بن ثابت الأنصاري، ومرثد الغنوي، وخالد الليثي الموت المحقق على الاستسلام لأعداء الله وأعدائهم، وقال بعضهم لبعض:
والله لا نقبل من مشرك عهدا، ولا نرضى منه موثقا.
ثم هبوا يقاتلون الهذليين قتالا مستميتا؛ حتى خروا صرعى واحدا بعد آخر، وقضوا شهداء في دقائق معدودات.
وأما النفر الثلاثة الآخرون من صحابة الرسول وهم: عبد الله بن طارق، وزيد بن الدثنة، وخبيب بن عدي … فقد وثقوا بعهد العصبة الغادرة من هذيل، واستسلموا لها.
* * *
ولما علمت هذيل أن أحد القتلى الثلاثة هو عاصم بن ثابت الأنصاري؛ فرحت بمقتله أشد الفرح …
ذلك لأن عاصما رضوان الله عليه كان قد قتل يوم أحد فارسين أخوين من فرسان قريش (١٢) …
فنذرت أمهما سلافة بنت سعد إن هي ظفرت بعاصم؛ أن تشرب في قحف رأسه الخمر، وجعلت لمن يأتيها به حيا أو ميتا ما يشاء من منفس المال.
فقام الهذليون إلى عاصم بن ثابت؛ ليحزوا (١٣) رأسه، وهم يمنون أنفسهم بجزيل العطاء …
لكنهم وجدوا أن أسراب النحل وجماعات الزنابير (١٤) قد أحاطت بجسده من كل جانب …
فكانوا كلما راموا (١٥) الاقتراب منه؛ تصدت لهم.
فقال بعضهم لبعض:
دعوه حتى يقبل الليل حيث تذهب عنه النحل والزنابير، وعند ذلك نحز
رأسه، ونمضي به إلى مكة.
* * *
ما كاد يقبل الظلام على منطقة الرجيع وما حولها … حتى أرعدت السماء وأزبدت (١٦)، وقذفت بالمطر كأفواه القرب، وعم الأباطح (١٧) سيل لم ير مثله …
فحمل السيل عاصما ومضى به إلى أماكن بعيدة لم تطأها أقدامهم من قبل … فبحثوا عنه في كل مكان؛ فلم يعثروا عليه …
ونقبوا عنه في كل جهة؛ فلم يهتدوا إليه.
فعادوا وهم يتلظون (١٨) حسرة على ضياعه منهم.
وكان عاصم رضوان الله عليه قد عاهد الله ﷿ على ألا يمس مشركا ما امتدت به الحياة …
وسأله سبحانه ألا يتيح لمشرك سبيلا لأن يمسه …
فحقق الله لعاصم ما عاهده عليه، واستجاب لما دعاه له.
فكان عمر بن الخطاب ﵁ يقول:
يحفظ الله العبد المؤمن؛ كان عاصم نذر ألا يمسه مشرك وألا يمس مشركا في حياته؛ فمنعه الله بعد وفاته؛ كما امتنع منه في حياته.
* * *
انطلق الهذليون بأسراهم الثلاثة نحو مكة؛ وذلك بعد أن انتزعوا سيوفهم
التي كانوا يتقلدونها، واستولوا على رماحهم التي كانت في أيديهم.
ثم حلوا أوتار قسيهم، وقيدوهم بها.
فنظر عبد الله بن طارق إلى القيود التي قيدتهم بها هذيل، وقال:
هذا أول الغدر.
وجعل يتربص (١٩) فرصة يستطيع استنقاذ نفسه فيها؛ فلما رآهم غافلين عنه …
انتزع يديه من قيده، وهم بتخليص صاحبيه: زيد بن الدثنة، وخبيب بن عدي من قيديهما.
لكن الهذليين نذروا (٢٠) به؛ فلم يقتربوا منه خوفا من بطشه وبأسه، ولم يتركوه ينجو بنفسه …
وإنما أخذوا يرمونه بالحجارة حتى أردوه قتيلا، وخلفوه في مكانه.
ثم مضوا بزيد بن الدثنة، وخبيب بن عدي حتى بلغوا بهما مكة.
وعرضوهما على الناس.
* * *
هب الموتورون (٢١) الحاقدون من كفار قريش يريد كل منهم أن يظفر بالأسيرين مهما غلا ثمنهما؛ ليقهروا بهما محمدا صلوات الله وسلامه عليه، ويثأروا منهما لقتلى بدر.
ثم تباروا في دفع غالي الأثمان بهما؛ فقام إليهم أحد سادة قريش وقال:
يا معشر قريش؛ لا تتنافسوا على هذين الأسيرين وتغالوا في ثمنيهما؛ وإنما اتركوهما لمن كان له ثأر عندهما؛ فهو أولى بهما من سواه، وأجدر بأخذهما من غيره.
* * *
اشترى صفوان بن أمية زيد بن الدثنة رضوان الله عليه بثمن غال؛ ليقتله بأبيه أمية بن خلف (٢٢).
واشترى أولاد الحارث بن عامر خبيبا رضوان الله عليه؛ ليقتلوه بأبيهم الذي أرداه قتيلا في بدر، ودفعوا به للهذليين ثمنا فاحشا.
* * *
لم يصبر صفوان بن أمية طويلا على أسيره؛ لما كان يتقد بين جوانحه من كره لمحمد صلوات الله وسلامه عليه؛ فعجل به ليروي ظمأ قريش إلى الثأر من الرسول الكريم ﷺ في شخصه، وليقر عيون قومه بمشهد قتله.
وقد عزم على أن يقتله في منطقة التنعيم (٢٣)، ويرمي بجثته هناك لتعبث بها الكلاب السارحة، وتشبع منها الطيور الجارحة.
وحدد لذلك موعدا، وأذاعه في مكة.
* * *
لم يكد صباح ذلك اليوم الموعود يتنفس في بطحاء مكة؛ حتى كان الموتورون من كفار قريش، والحاقدون على محمد ﷺ ودعوته، والغوغاء من الرجال والنساء والولدان يزحفون جماعات جماعات نحو منطقة التنعيم؛
خارج حدود الحرم … وهم يسوقون أمامهم أسيرهم المكبل (٢٤) بالقيود ليقتلوه هناك على ملإ من الناس … وكان على رأس هؤلاء القوم جميعا أبو سفيان بن حرب.
* * *
أعد زيد بن الدثنة رضوان الله عليه للقتل، ورفع على نشز (٢٥) من الأرض ليشهد مصرعه الكبار والصغار.
فاستقبل الموت بجنان ثبت، ووجه طلق، وهنا تقدم منه أبو سفيان بن حرب وقال:
أنشدك الله يا زيد؛ أتحب أن يكون محمد في مكانك هذا، وأن تضرب عنقه بدلا منك، وأن نخلي سبيلك فتمضي آمنا مطمئنا إلى أهلك؟.
فابتسم زيد وقال:
والله! ما أحب أن تصيب محمدا شوكة فتؤذيه وهو في مكانه الذي هو فيه، وأن تخلوا سبيلي لقاء ذلك وأجدني آمنا مطمئنا بين أهلي …
فاشتد غضب الناس لقوله، وعلا صياحهم:
أن اقتلوه … اقتلوه …
أما أبو سفيان فقال:
والله! ما رأيت أحدا من الناس يحب أحدا؛ كما يحب أصحاب محمد محمدا.
ثم أقبلوا عليه فدقوا عنقه، وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن نبيه وصفيه
محمدا رسول الله.
ذلك ما كان من شأن زيد بن الدثنة ﵁ وأرضاه، أما صاحبه خبيب بن عدي فإليك خبره …
* * *
ألقى بنو الحارث خبيب بن عدي في غيابة (٢٦) السجن في بيتهم، وأطالوا سجنه … فقضى أيامه عندهم بين صيام، وقيام، وتلاوة.
فما نظرت إليه بنات الحارث وإماؤهن (٢٧) في ليل أو نهار؛ إلا وجدنه إما راكعا، أو ساجدا …
وإما قارئا لكتاب الله، وعيناه تفيضان من الدمع.
فرقت له قلوبهن، وكدن ينسين أنه قتل أباهن في بدر.
* * *
حدثت عنه إحداهن بعد إسلامها؛ قالت:
حبس خبيب بن عدي في بيتنا؛ فلما عزم القوم على قتله؛ سألني أن أعطيه سكينا يحلق بها ما ينبغي أن يحلقه المسلم من شعره، ويتنظف للقتل؛ فأجبته إلى طلبه.
ثم إني غفلت عن صبي صغير لي؛ فدرج نحوه، وجلس في حجره.
فما راعني (٢٨) إلا أن رأيت السكين في يده، والغلام جالسا على فخذه … وقلت:
ماذا صنعت؟! …
لقد أصاب خبيب بن عدي ثأره بقتل غلامي قبل أن يقتل …
وفزعت فزعا رآه على وجهي.
فالتفت إلي في حنو ورفق، وقال:
أتخشين أن أفجعك بغلامك هذا؟! …
والله! ما كنت لأفعل ذلك.
ثم أردف قائلا:
إننا معشر المسلمين لا نلحق الأذى بغلام صغير، أو شيخ معمر كبير، أو راهب نذر نفسه للعبادة.
وإنما نقاتل من عدا علينا، وعمل على إخراجنا عن ديننا.
ثم قالت:
والله! ما أحسب أن أسيرا على وجه الأرض خير من خبيب …
لقد رأيته - والله - يأكل من عنقود عنب كبير ما وقعت عيناي على مثله قط، وما في أرض الله يومئذ عنب يؤكل …
وكان خبيب آنذاك مقيدا بالحديد …
وما كان هذا العنب إلا رزقا آتاه الله إياه.
* * *
ولما عزم بنو الحارث على قتل خبيب بن عدي وأذاعوا ذلك بين الناس؛ خرجت مكة بقضها وقضيضها (٢٩) إلى منطقة التنعيم لتشهد مصرع أسيرها الثاني.
فلما قربته قريش للقتل … قال لكبرائها:
إن رأيتم أن تدعوني أصلي ركعتين؛ فافعلوا.
فرق له واحد منهم وقال:
دونك فصل ركعتيك …
فركع خبيب أتم ركعتين وأحسنهما.
ثم أقبل على القوم، وقال:
والله! لولا أن تظنوا أني إنما أطلت صلاتي جزعا (٣٠) من القتل لاستكثرت من الصلاة.
* * *
رفع القوم خبيب بن عدي إلى خشبة الصلب، وأحكموا شده عليها …
ولما هموا بقتله؛ قال:
اللهم! إنا قد بلغنا رسالة نبيك؛ فبلغه الغداة (٣١) ما يصنع بنا …
ثم دعا على مشركي قريش؛ فقال:
اللهم! أحص (٣٢) كفار قريش عددا، واقتلهم بددا (٣٣)، ولا تغادر منهم أحدا.
فلما سمع أبو سفيان دعاءه؛ ألقى ابنه معاوية على الأرض فرقا (٣٤) من دعوته؛ كما كانت تفعل العرب في الجاهلية.
ثم قتلوه …
فلحق خبيب بإخوته الخمسة الذين سبقوه …
ومضى إلى ربه راضيا مرضيا (*) …
舄كتب للمؤلف
تنشر للمرة الأولى
• شعر الدعوة في العصر النبوي.
حظيت أغراض الشعر العربي واتجاهاته بدراسات كثيرة وافرة؛ فتناول الدارسون فيما تناولوه: المديح، والهجاء، والغزل، والخمر، والمجون، والنقائض، والطرد، وغير ذلك من الموضوعات.
لكن «شعر الدعوة الإسلامية» الذي اتقدت شعلته منذ بزوغ فجر الإسلام إلى يومنا الحاضر، وأدى رسالته خلال أربعة عشر قرنا؛ لم يلق شيئا من العناية التي لقيتها أغراض الشعر الأخرى … وقد أرجع المؤلف ﵀ ذلك؛ لأسباب منها: ما أشاعه أوائل المؤرخين لأدبنا - وجلهم من المستشرقين وأتباعهم - من أن أثر الإسلام في الشعر كان ضعيفا باهتا.
وأن مصادر الأدب العربي وموسوعاته الكبرى قد انصرفت إلى أغراض الشعر التقليدية؛ التي وضع أسسها الجاهليون.
ومن هذا المنطلق … حدد المؤلف ﵀ المراد بشعر الدعوة بشكل عام، واعتنى به في العصر النبوي بشكل خاص … حيث بين مصادره، وتكلم عن ما أثير من شكوك في صحته … إن هذا الكتاب بمثابة النواة الحقيقية لموسوعة أدب الدعوة الإسلامية؛ التي تبنتها كلية اللغة العربية بالرياض، والتي تمت تحت إشرافه وتوجيهه ﵀.
هذه الموسوعة؛ التي لم يكن لها الأثر الملموس في تغيير بعض المسلمات الأدبية الخاطئة فحسب، بل إنها قلبت تلك المسلمات الأدبية قلبا.
***
• لغة المستقبل.
للغة أهمية كبرى في تكوين الأمم وحفظ كيانها من الضياع؛ فهي الأساس الذي ترسى عليه دعائم وحدتها، والمعلم الذي يحدد شخصيتها … واللغة العربية بخاصة ليست قومية فحسب؛ وإنما هي لغة دينية أيضا … فهي لغة قرآننا العظيم، ووعاء ديننا القويم، وخزانة تراثنا الروحي والعقلي … ذلك ما قد نبه إليه الدكتور الباشا ﵀ في كتابه هذا؛ مستنهضا الهمم لإتقانها وسبر أغوارها.
حيث وازن بين اللغة العربية وغيرها من اللغات؛ مبرزا ما امتازت به العربية على سائر لغات الأرض من خصائص عبقرية تجعلها لغة المستقبل.
وقد أشار المؤلف ﵀ إلى ما يقارب من المائتي لفظ يكثر فيها اللحن وبين صوابها … كما أورد طائفة من الألفاظ التي تشهد لهذه اللغة بغنى مفرداتها ودقة أدائها؛ مما يجعل منها ثروة من المصطلحات للعلماء، وذخيرة للكاتبين والشعراء.
لقد ساق الدكتور الباشا ﵀ ذلك كله؛ في أسلوب حواري فريد؛ جمع العمق والدقة، إلى الوضوح والبساطة، مع الطرفة والملحة … فالكتاب في مجمله؛ بعث للتراث، وتقويم للسان، وتعزيز للغة المستقبل.
***
• الدين القيم.
أثار قضية من أهم القضايا المؤثرة في حياة البشرية ألا وهي المنهاج الذي يرسم الطريق لجوانب حياتها، ويوائم متطلبات جسدها ونوازع روحها … وأن الإنسان بأهوائه وعلمه وعقله عاجز كل العجز على أن يضع هذا
舄المنهاج الشامل الذي يصلح للبشرية كلها في سائر أجيالها … وقد حسم المؤلف ﵀ هذه القضية بأن هذا المنهاج هو الدين بمنطق لا يحتمل الجدل.
وقد تطرق هذا الكتاب إلى أهم العلاقات الإنسانية المؤثرة في أي مجتمع كان، والتي نظمها الإسلام منذ أربعة عشر قرنا … وبين الفارق العظيم بين مدنية الإسلام التي فاضت بالخير والبر حتى بلغت ترفا وبين مبادئ الحضارة الغربية التي لا ينعم بها الملونون الغربيون أنفسهم …
* * *
• البطولة
إن للبطولة مقومات قد لا توجد عند كل شجاع … وللشجاعة سمات قد يتحلى بها قطاع الطرق … فهل البطولة هي الشجاعة؟!! وهل كل شجاع بطل؟!! إن هذا الكتاب محاولة واعية جادة لإبراز جلال معنى البطولة وسمو قيمتها، تبدأ بالنظرة اللغوية لتنتقل إلى النظرة الموسوعية.
لقد حدد المؤلف ﵀ للبطولة إطارا أبرز من خلاله أهم معالمها، والبواعث التي تبعث عليها، وضرب لكل باعث منها قصة حقيقية واقعية من تاريخنا الثري الغني.
إن هذا الكتاب قدوة في سلامة الفكر، واستقامة القصد، ونبل الغاية، وصفاء اللغة، وإيجاز العبارة، ووضوح التعبير.
* * *
• صور من حياة الصحابيات
هذا الكتاب يجوب بنا في رحاب حياة المرأة المسلمة التي عاشت في كنف الرسول الكريم ﷺ من خلال صور متعددة تعبر عن المنهج الإسلامي القويم الذي وضع الأسس لحقوق المرأة وواجباتها … فتحت ظله بايعت على ما بايع عليه الرجال، ورسمت أسمى معاني البذل والعطاء في سبيل ذلك.
ولم تقتصر خصائص المرأة المسلمة على أنها مؤمنة راسخة الإيمان، وزوجا وأما من الطراز الأول، ربت فأحكمت وأصيبت فاحتسبت … بل كانت فوق ذلك كله مجاهدة في سبيل الله فخاضت المعارك وضمدت الجراح، وحملت الزاد وأصلحت السهام، وسكبت الماء في حلوق العطاش وهم يجودون بنفوسهم في سبيل الله … إنها حياة المرأة المسلمة بكل ما فيها من سمو وفخار.
* * *
• حدث في رمضان
وقفات تاريخية بأسلوب قصصي ممتع، رصدت بعض الأحداث التي وقعت في شهر رمضان المبارك … ذلك الشهر الكريم الذي سعد فيه هذا الكوكب الأرضي بأعظم حادث وقع على ظهره؛ فكان هذا الحادث فرقانا في تاريخ البشرية كلها، وإيذانا بمولد عالم جديد … وشهد فيه العالم الإسلامي أياما متنوعة … منها الحزينة التي لا تذهب الأيام بمرارتها … وأياما أعز الله فيها المسلمين من هوان، وقواهم من ضعف، وأعلى في هذا الشهر الكريم رايات الإسلام، ورفع في أيامه أعلام القرآن … فحبذا رمضان، وحبذا أيامه الغر الميامين.
* * *
• فن الامتحانات بين الطالب والمعلم
للامتحانات أهمية كبرى في مختلف المراحل التعليمية، فما من أسرة إلا وفيها فرد أو أكثر يواجهون
舄مشكلة الامتحانات كل عام … وهذا الكتاب يضع يدنا على المشكلة وحلولها، فقد أوضح المؤلف ﵀ للمعلم مهمة الامتحانات وأنواعها، ومكامن ضعفها، ومواضع صلاحها … كما وجه الطالب إلى الطريقة المثلى التي يعد بها العدة للامتحانات، بمختلف مراحله الدراسية … بدءا بالاستعداد للامتحانات، والذي يعتمد على كيفية جني ثمار ما قد بذله الطالب من جهد خلال عامه الدراسي، ومراجعته لما دونه من ملاحظات في قاعة الدرس، وما كتبه من ملخصات خلال العام … ومن ثم الاستعداد النفسي والترتيبات اللازم اتخاذها داخل قاعة الامتحان، مرورا بأهمية استيعاب وفهم مصطلحات الأسئلة التي يستعملها المدرسون في وضع أسئلتهم … وانتهاء بورقة الإجابة والعوامل المؤثرة في تقدير الدرجة، مما يمهد الطريق للنجاح.
* * *
• العدوان على العربية عدوان على الإسلام.
نبه إلى أن لغتنا العربية ليست ملكا لشعب بعينه … وإنما هي تراث العرب والمسلمين جميعا على اختلاف ديارهم وأقطارهم … وبين تفرد هذه اللغة وتميزها عن غيرها من لغات الأرض، وقدرتها على الوفاء بمطالب الحياة، والنهوض بأعباء الحضارة … كما ألقى الأضواء على الحرب التي شنها الأعداء على لغة القرآن؛ تارة في السر وأخرى في العلن ….
وناقش الحجج التي أطلقها الخصوم تحت ستار التجديد والإصلاح … وكشف المقاصد التي تكمن وراء هذه الحرب … كما وضح المؤلف ﵀ حق أبنائنا علينا في توضيح السبل إلى حماية لغتهم، وصيانة فصحاها من أن تمتد إليها يد بالتحريف والتبديل … وأن نجاهد من أجلهم كما جاهد آباؤنا من أجلنا … لأن العدوان على هذه اللغة إنما هو عدوان على الإسلام.
* * *
• الطريق إلى الأندلس «لمحات وقطوف».
لم يكتمل قرن واحد من الزمان بعد هجرة النبي حتى أظلت رايات الإسلام أصقاعا شاسعة من هذه الدنيا، وكان منها الأندلس.
ولم يكن الطريق إلى الأندلس ممهدا ولا سهلا … فقد سلكه المسلمون بتخطيط واع، وإعداد جاد، وعمل دءوب … وبذلوا في سبيله النفس والنفيس.
لقد عرض المؤلف ﵀ بأسلوبه القصصي الشيق أهم معالم هذا الطريق بداية من حصار حصن بابليون في مصر، إلى أن عبروا مضيق جبل طارق، وما بين هذين المكانين من أحداث.
لقد كان الطريق إلى الأندلس طريقا إلى الله، ولله … وفاه السابقون الأولون حقه، وتركوا للأجيال من بعدهم الأسوة والقدوة لعلهم يقتدون.
* * *
كتب للمؤلف
سبق نشرها
• نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد
هذا الكتاب سلاح المقاومة ما نتعرض له من غزو فكري ووجداني وحضاري … ودرع واق يقف في وجه التيار الجارف للمذاهب الأدبية المنبثقة عن نظرة أصحابها إلى الإنسان وما حوله … لقد عرض المؤلف
舄﵀ أهم المذاهب الأدبية وموقف الإسلام منها، وموقف الإسلام من الأدب بعامة ومن الشعر بخاصة، والخصائص العامة لهذا المذهب الأدبي الذي نسعى له.
بتحليله العلمي الدقيق، ومعلوماته الموسوعية الشاملة النابعة من الكتاب والسنة، وبأسلوبه الأدبي المميز.
وقد خلص المؤلف ﵀ إلى رسم منهج المذهب إسلامي في الأدب والنقد ييسر لنا وضع المعايير والمقاييس؛ لمعرفة الغث من الطيب.
• صور من حياة التابعين.
يعرض صورا واقعية مشرقة من حياة مجموعة من أعلام التابعين الذين عاشوا قريبا من عصر النبوة، وتتلمذوا على أيدي رجال المدرسة المحمدية الأولى … فإذا هم صورة لصحابة رسول الله ﷺ في رسوخ الإيمان، والتعالي عن عرض الدنيا، والتفاني في مرضاة الله … وكانوا حلقة محكمة مؤثرة بين جيل الصحابة رضوان الله عليهم وجيل أئمة المذاهب ومن جاء بعدهم.
وقد قسمهم علماء الحديث إلى طبقات، أولهم من لحق العشرة المبشرين بالجنة، وآخرهم من لقي صغار الصحابة أو من تأخرت وفاتهم.
• أرض البطولات.
رواية تاريخية تعرض قصة من قصص كفاح أمتنا كتبها شعبنا المؤمن بشفرات السيوف، وحبرها بزكي الدماء ضد المستعمر الفرنسي … ليس فيها من خيال القاص إلا ما يربط بين الوقائع، ولا من خلق الكاتب إلا ما تستدعيه طبيعة العمل القصصي لتصوير الأحداث … فزمنها هو ربع القرن الذي أعقب الحرب العالمية الأولى، ومكانها هو تلك الربوع الشامية، وأشخاصها مواطنون معروفون.
وقد كتبت هذه القصة بلغة فصحى ليكون في ذلك بلاغ لأولئك الذين يشيعون بين الناس أن هذا الفن من القول لا يسلس إلا للعامية، ولا يؤدى إلا بها.
• علي بن الجهم.
(حياته وشعره).
• شعر الطرد.
(إلى نهاية القرن الثالث الهجري).
• الصيد عند العرب.
(أدواته وطرقه - حيوانه الصائد والمصيد).
舄هذا الكتاب
يعرض صورا من حياة مجموعة من نجوم الهداية التي نشأت في أحضان المدرسة المحمدية، بأسلوب جمع بين البلاغة الأدبية، والحقيقة التاريخية … فيجد طالب الأسلوب الإنشائي في هذا الكتاب بغيته، وناشد الفن القصصي طلبته، والساعي إلى التأسي بالكرام ما يرضيه ويغنيه، والباحث عن الحقيقة التاريخية ما يفي بغرضه.
الناشر
(داخل الكتاب بطاقة دعوة إلى فتح حوار مباشر بين القارئ والناشر)
_________
(١) أجزل الفرح: أحسن الفرح وأكثره.
(٢) عاصم بن ثابت: انظره في الكتاب السادس من "صور من حياة الصحابة" للمؤلف.
(٣) ناط الشيء بالشيء: علقه عليه، والمراد أسند إليهم.
(٤) الغبطة: أن تتمنى مثل حال المغبوط من غير أن تريد زوالها.
(٥) ويقال أيضا أن الرسول ﷺ قد أمر عاصم بن ثابت عليهم.
(٦) النأي: البعد.
(٧) الفلوات: جمع فلاة؛ الصحراء.
(٨) ائتمرت: أي أخذت أمرا.
(٩) مبلغ جزل: مبلغ كبير.
(١٠) الرهط: الجماعة من ثلاثة إلى عشرة.
(١١) أسقط في يديه: ندم وتحير.
(١٢) هم الجلاس ومسافع.
(١٣) ليحزوا رأسه: ليفصلوا عنه رأسه.
(١٤) الزنابير: حشرة كالنحل غير أنها لا تنتج العسل.
(١٥) راموا: أرادوا
(١٦) أزبدت: أي أمطرت.
(١٧) الأباطح: جمع أبطح وهو المكان المتسع يمر به السيل فيترك الرمل والحصى الصغار.
(١٨) يتلظون حسرة: اللظى هو لهب النار الخالص والمراد شدة الحسرة.
(١٩) يتربص فرصة: ينتظر فرصة.
(٢٠) نذروا به: علموا به.
(٢١) الموتور: من قتل له قتيل ولم يأخذ بثأره.
(٢٢) أمية بن خلف: أحد جبابرة قريش؛ كان يعذب بلالا ﵁؛ قتل في بدر وهو على الشرك.
(٢٣) التنعيم: مكان كان في أطراف مكة وقتها، وهو مكان إحرام أهل مكة للحج والعمرة؛ يسمى الآن مسجد عائشة.
(٢٤) المكبل: المقيد.
(٢٥) نشز من الأرض: مرتفع من الأرض.
(٢٦) في غيابة السجن: غيابة كل شيء قعره والمراد أسوأ سجن.
(٢٧) الأمة: المرأة عموما والعبدة خصوصا.
(٢٨) راعني: هالني وخوفني.
(٢٩) قضها وقضيضها: جميعها.
(٣٠) جزعا من القتل: خوفا وهلعا منه.
(٣١) الغداة: غدا.
(٣٢) أحصهم عددا: انتقم منهم واحدا بعد واحد ولا تترك منهم أحدا.
(٣٣) اقتلهم بددا: اقتلهم قتل إبادة.
(٣٤) فرقا من دعوته: خوفا وخشية من أن تصيبه.
مختارات