اسم الله الوارث 2
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( الوارث ) :
أيها الأخوة الأكارم ، لا زلنا في اسم " الوارث " .
أسعد الناس في الدنيا أرغبهم عنها وأشقاهم فيها أرغبهم فيها :
قال ابن عمـر : " أخَذَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمَنْكبي ، فقال : ' كُنْ في الدنيا كأنك غَريبٌ، أو عابِرُ سَبيلٍ ' وكان ابن عمر يقول : إذا أمسيتَ فلا تَنتَظِر الصَّباحَ ، وإذا أصبحتَ فلا تنتظر المساءَ ، وخُذْ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك " [البخاري] .
إن كنت صحيحاً فاستغل هذه النعمة ، وأطع ربك ، وبادر إلى الأعمال الصالحة ، واملأ وقتك وأنت صحيح بالأعمال التي تنفعك بعد مضي الوقت ، وخذ من حياتك لموتك ، عند الموت يقف العمل ، ويبدأ الجزاء ، ونحن في الدنيا عمل ولا جزاء ، وبعد الموت جزاء ولا عمل .
" وخُذْ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك " [البخاري] .
الحقيقة إن أسعد الناس في الدنيا أرغبهم عنها ، وأشقاهم فيها أرغبهم فيها ، أنت حينما تعرف حقيقة الدنيا إنها دار التواء لا دار استواء ، لا تستقيم لإنسان ، منزل ترح لا منزل فرح ، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ، لأنه مؤقت ، ولم يحزن لشقاء لأنه مؤقت ، قد جعلها الله دار بلوى ، وجعل الآخرة دار عقبى ، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا ، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا ، فيأخذ ليعطي ، ويبتلي ليجزي .
حينما تعرف حقيقتك في الدنيا تسعد بها ، وحينما تظنها حياة مستقرة هي محط الرحال ، ومنتهى الآمال ، تشقى بها .
كل شيء على سطح الأرض سيؤول إلى الله وهو خير الوارثين :
أيها الأخوة ، هذا من معاني اسم " الوارث " كل شيء بيدك سوف يزول ، سألوا أعرابياً معه قطيع إبل ، سألوه لمن هذه الإبل ؟ قال ( أجاب إجابة رائعة ) : لله في يدي ، هي لله لكنها الآن في يدي .
فبيتك لله في يدك ، ومركبتك لله بيدك ، ومكتبك التجاري لله في يدك ، وثروتك لله في يدك : " دخل عمر رضوان الله عليه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على سرير قد أثر في جنبه فقال : يا رسول الله ! لو اتخذت فراشا أوثر من هذا ، فقال يا عمر : ما لي وللدنيا وما للدنيا ولي ؟ والذي نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها " [الترمذي] .
للحديث روايات عديدة ، بعض هذه الروايات أن سيدنا عمر بكى قال : رسول الله ينام على الحصير ؟ وكسرى ملك الفرس ينام على الحرير ؟ وهناك إجابات متعددة قال له : يا عمر ! إنما هي نبوة وليست ملكاً ، أنا لست ملك إنما هي نبوة ، وليست ملكاً .
هناك رواية ثانية : قال يا عمر ! أفي شك أنت من نبوتي ؟ هكذا النبي قدوة .
وهناك رواية ثالثة : يا عمر ! أما ترضى أن تكون الدنيا لهم والآخرة لنا ؟ .
اسم " الوارث " أن كل شيء بيدك ليس لك ، سيؤول إلى غيرك ، وكل شيء على سطح الأرض سيؤول إلى الله وهو : " خَيْرُ الْوَارِثِينَ " [الأنبياء:89] .
علاقة المؤمن باسم الوارث :
أيها الأخوة ، الآن علاقة المؤمن بهذا الاسم ، أولاً أن يتقي الله في حقوق الإرث والله أيها الأخوة ، هناك حديث يقصم الظهر .
" إن الرجل ليعمل ، وإن المرأة لتعمل بطاعة الله ستين عاماً ، ثم يحضرهما الموت ، فيضران في الوصية ، فتجب لهما النار " [أبو داود] .
صائم ، مطبق لكل العبادات ، لكن حرم البنات ، كتب هذا المحل العملاق الضخم لابنه ، وعنده أربع بنات ، توهم أنه إذا أعطى البنات انتقل المال إلى أسر أصهاره ، لا، هل أنت مشرع ؟ قضية توزيع الإرث ما سمح الله للنبي أن يوزعها ، تولى الله بذاته توزيع الإرث ، والله معظم الأسر المسلمة يحرمون البنات ، الأخ الأكبر يأخذ وكالة عامة من أخواته البنات ، ويتولى الثروة بأكملها ، وتحت سمع الأب وبصره .
" إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة ، ثم يحضرهما الموت فَيُضَاران في الوصية ، فتجب لهما النار " [أبو داود] .
فلذلك علاقتك بهذا الاسم " الوارث " أن تتقي الله في الإرث ، أن تعطي كلاً حقه ، الابن البار يأخذ كالابن العاق ، والعاق كالبار ، شأنهما مع الله ، لو حرمت العاق لزدته عقوقاً .
لذلك : " الوارث " أن يتقي الله في حقوق الإرث ، ولا يظلم أحداً مما فرضه الله بحسب الآيات الكريمة ، ولا سيما إذا كانوا إناثاً ، المرأة مظلومة فيما يفعله المسلمون من سلوك لا يرضي الله عز وجل .
تطبيقات اسم الوارث :
أيها الأخوة ، هذا أهم تطبيق لهذا الاسم ، أن تتقي الله فيما تدع من مال ، بين بناتك وبين أولادك .
عندنا تطبيق آخر : علاقة المؤمن بهذا الاسم " الوارث " أن تشعر أن الذي بين يديك ليس لك ، بل هو صائر إلى غيرك ، يدك عليه يد الأمانة ، وأنت مستخلف فيه ، وعليك أن تحاسب نفسك حساباً عسيراً ، لأن الله ملكك ، ما ملكك لينظر ماذا ستفعل .
أيها الأخوة ، كنت في الكويت مكتوب على قصر الأمير عبارة رائعة : لو دامت لغيرك ما وصلت إليك ، اجعل هذا شعاراً ، لو دامت لغيرك ما وصلت إليك .
يدك على ما تملك يد الأمانة ، الملكية مؤقتة ، أنت ممتحن في هذا المال ، ممتحن في هذا المنصب ، ممتحن في هذا البيت ، ممتحن في هذه المركبة ، فالخيل مثلاً إما أن يكون نعمة ، أو نقمة ، أو ستراً .
ستراً : أي أركبت أهلك بها ، والنعمة إذا سخرتها للأعمال الصالحة ، والنقمة إذا سخرتها لمعصية الله .
الإرث الحقيقي الذي ينبغي أن تتركه لأولادك هو العلم والأدب :
ينبغي أن يوقن المؤمن من أجل أن تتوضح علاقته بهذا الاسم " الوارث " أن الله هو الذي يقسم الأرزاق ، وأن الميراث الحقيقي هو ميراث العلم والأخلاق،أكبر شيء تقدمه لأولادك أنك عرفتهم بالله وحملتهم على طاعته .
والله في هذه البلدة إنسان ترك أموالاً فلكية ، صديق المتوفى رأى ابنه بعد أيام سلم عليه ، قال : إلى أين أنت ذاهب ؟ هكذا قال والله ! أنا ذاهب لأشرب الخمر على روح أبي ، ترك له أموالاً طائلة ، لكن ما ترك له علماً ، ولا خُلقاً ، ولا ديناً ، ولا ورعاً .
لذلك هذا المال الذي بين يديك هل تعلم ما مصيره بعد وفاتك ؟ ماذا سيفعل أولادك به ؟ هل عرفتهم بربهم ؟ هل حملتهم على طاعة الله ؟ هل بثثت فيهم الإيمان والورع .
إذاً ينبغي أن تعلم علم اليقين أن الإرث الحقيقي هو العلم والأدب .
لذلك يكتبون على بعض الأبنية في بلدنا : الملك لله ، كلمة طيبة ، الملك لله .
عطاء الله عز وجل ابتلاء و حرمانه دواء :
حينما تشعر أن يدك على ممتلكاتك يد الأمانة ، وأن يدك على مالك يد الأمانة ، هذا الشعور يجعلك بنفسية رائعة ، نفسية من سيحاسب ، هذا المال وضع بين يدك مؤقتاً لينظر الله كيف تفعل ، ماذا تفعل بهذا المال ؟ .
" فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ " [الفجر:15-16] .
جاء الجواب ردعاً ونفياً : " كَلَّا " [الفجر:17] أي ليس عطائي إكراماً ، ولا منعي حرماناً ، عطائي ابتلاء وحرماني دواء .
المال موقوف على طريقة كسبه وإنفاقه :
قلت لكم أيها الأخوة ، أنت حينما تعلم أنه ليس نعمة ، وليس نقمة ، المال موقوف على طريقة كسبه وإنفاقه ، فإذا كان كسبه حلالاً وإنفاقه حلالاً كان المال نعمة ، وإذا كان كسبه حراماً وإنفاقه حراماً كان المال نقمة ، أية نعمة تتمتع بها ، أي حظ من حظوظ الدنيا مكنك الله منه ، ليس نعمة ، وليس نقمة ، ولكنه موقوف على طريقة كسبه وإنفاقه ، الله عز وجل قال : " آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ " [الحديد:7] أنت مستخلف ، أنت خليفة الله في هذا المال ، أنت أمين على هذا المال .
" فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ " [الحديد:7] .
مرة حدثني أخ : رجل عنده مكتبة ضخمة ، وفيها كتاب ثمين ، صديق حميم رجاه أن يعيره هذا الكتاب لليلة واحد ، اعتذر ، أقسم بالله صديق هذا الرجل الذي عنده المكتبة رأى الكتاب بعد موته في الحاوية ، عندك مكتبة ضخمة لكن ما علمت أولادك ، ما ثقفتهم ، فهانت عليهم فألقوها في الحاوية ، شيء دقيق .
مرة شخص على فراش الموت عنده مكتبة ضخمة جداً ، فقال : يا أولادي إياكم أن تعيروا كتاباً منها ، قالوا : لِمَ ؟ قال : لأن كل هذه الكتب استعرتها بزماني ، ولم أردها لأصحابها ، في إنسان يستعير كتاباً لا يرده أبداً .
أحد أكبر أغنياء بريطانيا ، كان يقرض الدولة البريطانية ، فخزانة المال عبارة عن غرفة ، غرفة كبيرة ، هو كثير الأسفار ، يتناول طعام الإفطار في باريس ، العشاء في لندن ، رجل ملياردير ، فدخل إلى غرفة أمواله ، فأغلق الباب خطأ عليه ، وبدأ يصيح ، إلى أن وافته المنية ، فجرح يده وكتب على الحائط أغنى رجل في العالم يموت جوعاً .
هذا المال الذي بين يديك ليس لك ، أنت مستخلف عليه والله ناظر كيف تنفقه .
المؤمن في الدنيا والآخرة يرى أن الأمر بيد الله دائماً :
أيها الأخوة ، الآية الدقيقة : " أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ " [الشورى:53] .
هناك سؤال دقيق : بيد من كانت حتى آلت إلى الله ؟ العلماء قالوا : هي في يد الله دائماً ، لكن العوام عوام الناس يرون هذا المال بيد هذا الطاغية ، الذي يقبع في بلاد بعيدة ، ويتحكم في مصائر الشعوب ، هذه نظرة ساذجة ، الأمر بيد الله أولاً وآخراً ، ولكن جميع الخلق يوم القيامة يرون أن الأمر بيد الله ، في الدنيا يرونه بيد الطغاة لا بيد الله ، لذلك يعبدون الطغاة من دون الله ، من ضعف الإيمان ، من ضعف التوحيد ، يتوهم المتوهم أن بيده الأمر ، بيده العطاء والأمر ، بيده الحرب والسلم ، بيده كل شيء ، هذا من ضعف الإيمان ، لذلك عامة الناس يرون الأمر في الدنيا بيد الطغاة ، لكن يوم القيامة يرون أن الأمر بيد الله ، أما المؤمن في الدنيا وفي الآخرة يرى الأمر بيد الله ، الآية الكريمة : " وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " [الحديد:10] المال بيدك ، أنا أقسم لكم أن عندي في مكتبتي عشرات الوصايا من أناس أوصوا بأموالهم بالأعمال الصالحة ، والله لم تنفذ ولا وصية ، لا تكن تحت رحمة الورثة أنفق المال في حياتك ، ولا وصية نفذت ، والله ترك لهم أربعة أبنية ضنوا عليه بخمسة وعشرين ألفاً صدقة ، وعد بدفعها قبل أن يموت فلم ينفذوها ، لا تكن تحت رحمة الورثة ، أنفق في حياتك ، درهم تنفقه في حياتك خير من ألف درهم ينفق بعد مماتك ، وقد لا ينفق .
الإرث الحقيقي إرث العلم والحكمة : الآن المعنى الدقيق أن الإرث الحقيقي إرث العلم ، الله عز وجل أعطى الملك لمن لا يحب ، ولمن يحب ، أعطاه لفرعون وهو لا يحبه ، أعطاه لسيدنا سليمان وهو يحبه ، إذاً الملك ليس مقياساً ، أعطى المال لمن لا يحب أعطاه لقارون ، أعطاه لمن يحب لسيدنا عثمان ، إذاً المال ليس مقياساً ، لكن الذي أحبه ماذا أعطاه ؟ قال : " وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً " [القصص:14] .
أنا دائماً أذكر هذا المثل : لو أن طفلاً صغيراً ، قال لك عقب العيد ( أنت صديق والده ) قال لك : معي مبلغ عظيم ، أبوه مدرس ، يعني معه مبلغ 200 ليرة ، عند الطفل مبلغ عظيم ، لو قال مسؤول كبير بالبنتاغون : أعددنا لهذه الحرب مبلغاً عظيماً ، نقدره بمئتي مليار دولار ، نفس الكلمة قالها طفل فقدرناها بمئتي ليرة ، وقالها مسؤول كبير بالبنتاغون فقدرناها بمئتي مليار دولار .
من تعرف إلى الله استقام على أمره وانصاع له :
إذا قال ملك الملوك : " وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً " [النساء:113] أنت حينما تجلس بمجلس علم وتتعرف إلى الله عز وجل هذا أكبر عطاء على الإطلاق، لأن هذا العلم ينعكس استقامة ، ينعكس عطاءً ، ينعكس تواضعاً ، ينعكس حباً لله ينعكس انصياعاً لأمره ، ينعكس إحساناً لخلقه .
لذلك يقولون عن العلماء هذا وارث محمدي ، وارث أي ورث عن النبي صلى الله عليه وسلم العلم والحكمة والعمل .
لذلك ينبغي لكل واحد منا أن يكون وارث محمدي ، يرث عن رسول الله العلم والعمل والأدب والأخلاق لذلك ورد في أحد الأحاديث : " وَإِنَّ الأنبياءَ لم يُوَرِّثُوا دِينارا ولا دِرْهما ، وَرَّثُوا العلم فَمَن أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظّ وَافِر " [أبو داود] أكبر عطاء أن تتعرف إلى الله عز وجل : أكاد أقول لكم أيها الأخوة ، إن أكبر عطاء على الإطلاق أن تعرف الله .
" ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء " [تفسير ابن كثير] .
مرة كنت في مدينة في الشمال أروني قصراً ، أنا أتصور الآن ثمنه قريب من خمسمئة مليون ، على النمط الصيني ، جيء بمهندسين كبار ، فيه بذخ ، وفيه مواد بناء بأعلى مستوى ، الوصف طويل ، وصف لي هذا البناء رأيته من الخارج ، صاحبه كان طويل القامة ، مات في الثانية والأربعين ، ولحكمة أرادها الله القبر كان أقصر من قامته ، فلما وضع في القبر دفعه الحفار بصدره فصار رأسه هكذا ، يعني زاوية قائمة ، قلت : سبحان الله ! القصر الذي كان يسكنه الآن قيمته خمسمئة مليون ، ماذا أصبح ؟ أصبح بهذا القبر .
فالله عز وجل هو " الوارث " لا تقول هذا البيت لي ، إنسان جاهد حتى اشترى بيتاً فخماً جداً ، وأعاده على الهيكل ، كساه كسوة على ذوقة ، بقي سنتين يشرف على كسوته من الداخل ، ولم يسكن فيه ما سمح الله له أن يسكن به ، والله " خَيْرُ الْوَارِثِينَ " .
بطولة المرء إذا حقق نجاحاً في الدنيا أن يكون هذا النجاح مستمراً بعد وفاته :
الآن هناك معنى دقيق جداً : سيدنا زكريا .
" رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ " [الأنبياء:89] .
يعني أنت لو تفكر أن عملك الصالح يستمر بعد وفاتك ، تهيئ من ينوب عنك ، هذا يسمونه " عمل مؤسساتي " هناك أعمال عملاقة إذا مات صاحبها انتهت ، هذا عمل شخصي صار ، إن كنت في دعوة إلى الله ، أسست مشروعاً ، أسست ميتماً ، أسست عملاً خيرياً ، إذا نجحت بعملك بطولتك هذا العمل أن يستمر ، عن طريق أن تهيئ من ينوب عنك ، أن يحل محلك ، أن تربي بعض أولادك على متابعة هذا العمل ، فاجعل في ذهنك أن بطولة المرء إذا حقق نجاحاً في الدنيا أن يكون هذا النجاح مستمراً .
أعرف أناساً لهم أعمال كبيرة صالحة جداً ، هيؤوا أموالاً جمدوها في حياتهم لتكون سبب الإنفاق على مشاريعهم بعد موتهم ، البطولة أنك إذا عملت عملاً ينبغي أن يستمر بعد مماتك .
أيها الأخوة ، الدعاء النبوي الشهير : " اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلغها به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا " [حسنه الألباني] يعني إنسان يعيش عمراً يتمتع بسمعه ، وبصره ، ونطقه ، ولسانه ، وقوته .
" واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا " [حسنه الألباني] .
اسم " الوارث " يجعل يدك على ما تملك يد أمانة :
إخواننا الكرام ، اسم " الوارث " يجعل يدك على ما تملك يد أمانة ، و قد قيل " أندم الناس من دخل ورثته بماله الجنة ـ له أولاد صالحون ، كسبوا هذا المال من أبيهم حلالاً ـ ودخل هو بماله النار " .
هو كسبه حرام ، أولاده دخلوا الجنة بهذا المال ، وهو دخل النار بهذا المال ، قضية الأموال ، وتوزيع الأموال بين الأولاد ، والإرث قضايا دقيقة جداً ، أذكركم في نهاية هذا اللقاء : " إن الرجل والمرأة ليعملان بطاعة الله ستين عاماً ، ثم يضران في الوصية ثم تجب لهما النار " [أبو داود] .
هل عندك استعداد أن تلغي كل عملك ، صلاتك ، صيامك ، حجك ، زكاتك استقامتك ، من أجل أن تحابي ابنك الذكر .
والله كنت مرة في بلد عربي ، اتصلت بي امرأة قالت : نحن تسع بنات ، حرمنا أبونا كل شيء ، وأعطى ابنه الوحيد ، ترك له كل الثروة ، عادات جاهلية ، ضيق أفق ، جهل فاضح ، وزع الإرث كما أمر الله عز وجل .
والحمد لله رب العالمين
مختارات
-
عفوًا .. هناك رقيب عتيد .
-
" من أساليب الشيطان فى غواية الإنسان : الاستحواذ على اللسان والأذن "
-
" عتبة بن غزوان - غدا ترون الأمراء من بعدي "
-
" أبو عبيدة بن الجرّاح - أمين هذه الأمة "
-
الموعظـة الأولـى
-
أنماط: (60) نمط بيكلم نفسه!
-
ليل الفتن وسيلها الجارف (الجزء الأول)
-
صوت العقل في تنظيم الهيئة الجديد
-
شرح الأسماء الحُسنى (17) ثمرات الإيمان باسم (الفتّـاح) عزّ وجلّ
-
شرح دعاء الصائم إذا حضر الطعام ولـم يفطر