شرح دعاء"اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا"
(اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلَا تَنْقُصْنَا، وَأَكْرِمْنَا وَلَا تُهِنَّا، وَأَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمْنَا، وَآثِرْنَا وَلَا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا، وَأرْضِنَا وَارْضَ عَنَّا)([1]).
قوله: (اللَّهم زدنا): يا اللَّه زدنا من خيرك وفضلك، وعطائك من خيري الدارين، ومن العلوم والمعارف، وفي هذا مشروعية طلب الزيادة من نعم اللَّه الواسعة، ولما كانت الزيادة ربما تكون في شيء من أمور الدنيا والآخرة، ويلحق النقص بشيء آخر، قال: (ولا تنقصنا): أي لا تُذهب منا شيئاً مما أعطيتنا إياه.
قوله: (وأكرمنا): من عطاياك [الدينية،و] الدنيوية المباركة، ومنها قضاء حاجاتنا في هذه الدار، ومن أعظم الإكرام تقوى اللَّه، قال تعالى: "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ"([2])، وأكرمنا بالآخرة برفع درجاتنا في الجنان، لأنك أنت أكرم الأكرمين.
قوله: (ولا تهنا) أي لا تذلنا بتسليط الكفار والأعداء علينا بسبب ذنوبنا وتقصيرنا [،ولا تهنّا بردّ دعائنا].
قوله: (وأعطنا ولا تحرمنا): قال الطيبي: عطف الأوامر، وهي (زدنا، وأكرمنا، وأعطنا) على النواهي (لا تنقصنا، ولا تُهنا، ولا تحرمنا) تأكيداً، ومبالغة، وتعميماً([3])، أي: وأعطنا ما سألناك، ومن خير ما لم نسألك، ولا تمنعنا من خيرك وفضلك، ولا تجعلنا من المحرومين، تضمّن هذا الدعاء سؤال اللَّه تعالى من كل خير في الدنيا والآخرة.
قوله: (وآثرنا، ولا تؤثر علينا): اخترنا بعنايتك، ورحمتك، ولا تؤثر علينا غيرنا، فتعزّه وتذلّنا، ففيه سؤال اللَّه تعالى أن يجعله من الغالبين على أعدائه، لا من المغلوبين.
قوله: (وارضنا، وارض علينا): أي اجعلنا راضين بما قضيت لنا، أو علينا بإعطائنا: الصبر، والقناعة، والرضا في كل ما هو آت منك حتى ندرك رضاك.
قوله: (وارض عنا): فهو أعظم مطلوب ومرغوب يأمله منك العبد في الدنيا والآخرة.
سأل الرضى: (لأن منزلة (الرضى): هي أشرف المنازل بعد النبوة، فمن رضي اللَّه عنه، فقد رضي اللَّه عنه؛ لقوله تعالى: "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه"([4])، فجعل أحد الرضاءين مقروناً بالآخر)([5]).
([1]) الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة المؤمنين، برقم 3173، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة، صفة الغسل من الجماعة، برقم 1443، والإمام أحمد،
1/ 351، برقم 223، وعبد الرزاق، 3/ 348، والحاكم، 1/ 535، وصححه، والبزار،
1/ 427، وعبد بن حميد، برقم 15، وحسّنه الشيخ عبد القادر الأرنؤوط في تحقيقه لجامع الأصول، 11/ 282، برقم 8847.
([2]) سورة الحجرات، آية: 13.
([3]) فيض القدير، 2 / 108.
([4]) سورة الحشر، الآية: 22.
([5]) فيض القدير، 2/ 108.
مختارات