أهل السنة والتفويض في الصفات
أهل السنة عندهم تفويض في الكيفية وليس في المعنى، أي أنهم يقولون إننا لانعلم كيفية صفات لأن الله ليس كمثله شيء، ولكن لانقول إننا لانعلم معاني الصفات.
فهم يثبتون الصفة ويقولون إن لها معنى معلوم في اللغة، مثلا " السميع " اسمٌ لله، ومنه صفة السمع الذي هو إدراك الأصوات.
وأما أهل البدع فيقولون بالتفويض في المعاني، ويقولون: لانعرف معنى للصفة ونفوض معناها إلى الله، فالسمع لاندري ماهو، والعلم لانعلم ماهو، والاستواء لانعرف معناه، وهكذا.
والرد عليهم: أن الله أمرنا بتدبر القران، ومعرفة المعاني من التدبر، فكيف تكون صفات الله لا معنى له وكيف نستطيع أن نتعبد لله بآثار تلك الصفات ؟
فصفة السمع تجعلنا نحذر من كلماتنا لأن الله يسمعنا.
وصفة البصر وهي الإدراك للأعمال والأشياء تجعلنا نحذر من تصرفاتنا لأن الله يبصرنا.
والدليل العقلي على أن التفويض إنما يكون في التكييف:
هو أن كيفية الشيء لا تدرك إلا بواحدة من ثلاث: إما مشاهدة الشيء نفسه حتى يتسنى لنا أن نكيفه، وإما مشاهدة نظيره ومثيله، وإما الخبر الصادق به.
الأول: أن ترى الشيء نفسه، والله تعالى لم يره أحد من البشر، فكيف نصف صفات النزول والمجيء والغضب والرضا وغير ذلك ونحن لم نره ؟
والأمر الثاني: أن الله تعالى ليس له شريك ولا ند ولا مثيل حتى نقول: هذا المثيل والشريك مرئي لنا، حتى نقول عن صفة الغضب مثلًا: إن الله تعالى يغضب كغضب فلان.
وهذا لما كان ممتنعًا ومستحيلًا دل ذلك على أن هذا الطريق أيضًا طريق مغلق، وأنه لا بد من تفويض الكيف ؛ لأننا لا نرى الله مشاهدة بالعين في الدنيا، كما أنه ليس له مثيل حتى نقيس الله عليه ؛ لأن الله تعالى لا يقاس بشيء من خلقه.
والأمر الثالث: أنه لم يأتنا خبر صادق عن الله ولا عن رسوله ﷺ بكيفية النزول ولا المجيء ولا الاستواء وغير ذلك.
فلما امتنع هؤلاء الثلاثة دلّ ذلك على وجوب تفويض الكيف إلى الله.
مختارات