هل هناك أديان سماوية؟
مما انتشر في هذا الزمن فكرة الأديان السماوية.
ولهذا قد يظن البعض أن هناك أديان غير الإسلام كاليهودية والنصرانية والبوذية، وكل ذلك باطل.
فكل الأنبياء من آدم عليه السلام حتى آخرهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كلهم جاؤوا بدين واحد فقط وهو عبادة الله وحده لاشريك له وهو الإسلام بالمعنى العام.
وإذا تأملت القرآن تجد كلمة الإسلام عند كل الأنبياء، ومنها:
هذا إبراهيم وإسماعيل يدعوان بهذا الدعاء لمّا كانا يبنيان الكعبة ﴿ ربنا واجعلنا مُسلِمَين لك ومن ذريتنا أمة مُسلَمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ﴾ [البقرة: ١٢٨].
وكان الأنبياء يوصون بالإسلام لأولادهم، ﴿ ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ﴾ [البقرة: ١٣٢].
وفي شأن عيسى عليه السلام ﴿ فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ﴾ [آل عمران: ٥٢].
وهذه الآية الفاصلة في شأن إبراهيم عليه السلام، ﴿ ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين ﴾ [آل عمران: ٦٧].
وهذا موسى عليه السلام ﴿ وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين ﴾ [يونس: ٨٤].
وهذا يوسف عليه السلام يقول ﴿ رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين ﴾ [يوسف: ١٠١].
وهذا سليمان عليه السلام لما أرسل بكتابه إلى ملكة سبأ يقول ﴿ ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين ﴾ [النمل: ٣١].
وهذه ملكة سبأ لما عزمت للدخول في دين سليمان عليه السلام ﴿ قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ﴾ [النمل: ٤٤].
وكل هذه الآيات تؤكد أن كل الأنبياء دينهم واحد وهو الإسلام، الذي بمعنى توحيد الله بالعبادة وعدم الإشراك به، وهذا عكس الدين اليهودي والنصراني والبوذي وغيرها من الأديان الباطلة.
فهل نقول إن هذه أديان، مع أنها تتضمن الشرك بالله ؟
إذن ليس هناك أديان أخرى، وإنما كل الأنبياء دينهم الإسلام، وأما تفاصيل الدين من أحكام وشرائع، فنعم هناك اختلاف بين شرائع الأنبياء، كما قال تعالى " لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجاً ".
تنبيه: إضافة الأديان للسماء فيها تضليل للمسلم وغير المسلم.
أما تضليلها للمسلم فمن أمور:
1- لأنها تشكك المسلم في عقيدته، فقد يأتي مسلم ويقول إذا كان هناك دين صحيح غير الإسلام فلماذا لا أعتنقه وأصبح يهودياً أو نصرانياً ؟
2- ولأن المسلم قد يقول مادام أن اليهود على حق ويمتلكون التقنيات العسكرية والاقتصادية الهائلة فلماذا لا أكون يهودي، لأن المسلمين لديهم تخلف اقتصادي كبير.
وأما التضليل لغير المسلم فلأنه إذا كان على دين سماوي صواب فلماذا يفكر في الإسلام، وبالتالي لن يبحث عن الدين الحق.
ومما يبطل قاعدة كثرة الأديان:
1 - قوله تعالى " ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه "، وقوله تعالى " إن الدين عند الله الإسلام " والإسلام هنا هو دين رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي نسخ وأبطل كل الأديان السابقة.
2 - أن الله قد كفّر اليهود والنصارى في عدة مواضع من كتابه، ومنها:" قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون ".فكل من لم يدخل الدين الإسلامي الذي جاء به رسولنا صلى الله عليه وسلم فهو كافر بإجماع العلماء، فلم يبق دين ولامذهب بعد الإسلام.
3 - أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده لايسمع بي يهودي ولانصراني ثم لايؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار. رواه مسلم.
تنبيهات:
1- هناك أصل كبير في دين الإسلام وهو الولاء والبراء، ومعناه الحب للمؤمنين ومناصرتهم، وبغض الكافرين وترك مناصرتهم.
2- وهذا المعتقد أصله في القلب، ولكن التعامل الظاهر له ضوابط، فمع أننا نبغض الكافر بقلوبنا إلا أننا نتعامل معه في الظاهر بالعدل والأخلاق الجميلة وخاصة من لم يحارب المسلمين، كما قال تعالى " لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ".
3- بعض الدعاة للتسامح الديني يفهمون التسامح خطأً، فيظن أننا حينما نبطل فكرة الأديان، أننا نسعى للإرهاب والإفساد في الأرض، وكل ذلك باطل لاصحة له، وإنما نحن ننكر الكفر والمفاهيم الباطلة التي تخالف أصل التوحيد.
4- التسامح والتعايش مع الكافر موجود في ديننا كما سبق بالضوابط الشرعية.
5- الدين اليهودي محرف، وكتابهم التوراة محرفة وفيها تناقض كبير وطعن في الرب والأنبياء.
6- الدين النصراني محرف وكتابهم الإنجيل محرف، وعندهم شركيات كثيرة ومن أعظمها القول بأن عيسى ابن الله أو أنه إله، قال تعالى " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم "، وقال تعالى " لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ".
ختاماً: يجب أن نحافظ على توحيدنا، وأن نفهم حقيقة التوحيد وهو إفراد الله بالعبادة وعدم الشرك به، ويتضمن ذلك أن نكفر بكل دين أو مذهب غير الإسلام، وأن لا نغتر بالدعاوى التي تزيل الفوارق العقدية بيننا بحجة أننا إخوة في الأديان السماوية.
مختارات