هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
كيف يحفظ اللسان
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
3 - أن تسأل الله جل وعلا أن يحفظ لسانك عن اللغو وأن يرزقك قولا سديدا، فإن بذلك صلاح العمل وغفران الذنوب كما قال تعالى يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعما لكم ويغفر لكم ذنوبكم " وفي الدعاء المأثور (اللهم اهدني وسددني) وتسأل الله بقولك: اللهم إني أسألك لسانا يرضيك عني، وأعوذ بك من لسان يغضبك علي.
كيف يحفظ اللسان
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
1 - استغلال اللسان في طاعة الله، واستشعار ما عند الله من الفضل إذا سخر الإنسان لسانه في طاعة الله، فإن الكلمة الطيبة تقربك إلى الجنة وتبعدك من النار، فقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد يتقي النار بشق تمرة وبكلمة طيبة.
الأمور التي يحفظ منها اللسان
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
يحفظ اللسان من اللعن والبذاءة والفحش، ومن الإسراف في المزاح الذي لا يرضي الله عز وجل، ومن كثرة اللغو بغير ما يرضي الله عز وجل، ومن الغيبة، والنميمة، والاستهتار والاستهزاء، خاصة بآيات الله ورسله وكتبه وكذلك الأخيار، والعلماء، وطلبة العلم، والدعاة، والمجاهدين فإن هذا من النفاق.
حفظ اللسان من صفات المتقين
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال أحد التابعين: جلسنا مع عطاء بن أبي رباح ثلاثين سنة في الحرم ما كان يتكلم إلا بذكر الله أو بآيات الله، أو بأمر بمعروف أو نهي عن منكر، أو بحاجة لا بد منها، فقلنا له في ذلك، فقال: مالكم ! أتنسون أن عليكم من يحفظ أنفاسكم ومن يسجل كلماتكم ويحاسبكم به أمام الله؟.
ضرورة انشغال اللسان بما ينفعنا
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
إياك يا أخي والغفلة عن اللسان فإنه سبع ضار وأنت أول فرائسه وإياك يا أخي والغفلة عن لسانك فإنه أعظم جوارحك جناية عليك وأكثر ما تجد في صحيفة أعمالك يوم القيامة من الشر ما أملاه عليك لسانك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: [وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم] رواه الترمذي.
لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: [من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت] متفق عليه.
ضرورة انشغال اللسان بما ينفعنا
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
كم ضيعت من الأجور والحسنات يا عبد الله وأنت تجلس تتحدث في المجالس ولا تدري ما الذي تتفوه به، فلو عدلت إلى الذكر والاستغفار يا أخي لكان خيرا لك فلن يأخذ من وقتك إلا ثانيتين أو ثلاث ثوان، فلو أردت أن تزرع نخلة في هذه الدنيا كم ستأخذ منك من جهد ووقت وسقي وحفظ ورعاية؟ ستظل سنة على أقل تقدير حتى تثمر، وربما لا تثمر، لكن في خلال ثلاث ثوان تحصل على نخلة في الجنة ساقها من ذهب هل جربت في المجلس أن تقول: سبحان الله وبحمده مائة مرة، ولن تأخذ من وقتك خمس دقائق.
ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال الإمام ابن كثير: (ما يلفظ) أي: ابن آدم (من قول) أي: ما يتكلم بكلمة (إلا لديه رقيب عتيد) أي: إلا ولها من يراقبها معتد لذلك يكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة، كما قال تعالى: (وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون).
العظمة من صفات الله
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال الإمام الأصبهاني: العظمة صفة من صفات الله تعالى، لا يقوم لها خلق.
والله تعالى خلق بين الخلق عظمة يعظم بها بعضهم بعضا.
- فمن الناس من يعظم المال.
- ومنهم من يعظم الفضل.
- ومنهم من يعظم العلم.
- ومنهم من يعظم السلطان.
- ومنهم من يعظم الجاه.
- وكل واحد من الخلق إنما يعظم بمعنى دون معنى.
والله عز وجل يعظم في الأحوال كلها ؛ فينبغي لمن عرف حق عظمة الله تعالى أن لا يتكلم بكلمة يكرهها الله عز وجل، ولا يرتكب معصية لا يرضاها الله عز وجل، إذ هو القائم على كل نفس بما كسبت.
إنه الله جل جلاله
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال ابن القيم: من أعجب الأشياء:
- أن تعرف الله ثم لا تحبه.
- وأن تسمع داعي الله ثم تتأخر عن الإجابة.
- وأن تعرف قدر الربح في معاملة الله ثم تعمل لغيره.
- وان تعرف قدر غضب الله ثم تتعرض له.
- وأن تذوق ألم الوحشة في معصية الله ثم لا تطلب الأنس بطاعته.
- وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته.
- وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره ولا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه والإنابة إليه.
- وأعجب من هذا علمك انك لابد لك منه وانك أحوج شيء إليه وأنت عنه معرض وفيما يبعدك عنه راغب.
ثمرة ذكر الله تعالى
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
إن ذكر الله عز وجل، يحيي في نفوسهم استشعار عظمة الله، وأنه على كل شيء قدير، وأنه الحي القيوم الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا ولايؤوده حفظهما فحينها يشعر الذاكر بالسعادة وبالطمأنينة يغمران قلبه وجوارحه (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
مرن نفسك على عظمة الله
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
إن العبد إذا مرن نفسه وقلبه على التفهم والتدبر والخشوع والخضوع في الصلاة انغرست في قلبه خشية الله ومحبته والرغبة فيما لديه، لم تفارقه هيبة خالقه في جميع أحواله وأعماله.
فإذا سولت له نفسه أمرا أو زين الشيطان له سوءا تبرأ منهما قائلا إني أخاف الله رب العالمين.
الذكر نوعان
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال القاضي عياض: وذكر الله تعالى ضربان: ذكر بالقلب وذكر باللسان وذكر القلب نوعان:
- أحدهما: وهو أرفع الأذكار وأجلها: الفكر في عظمة الله تعالى وجلاله وجبروته وملكوته وآياته في سمواته وأرضه.
- والثاني: ذكره بالقلب عند الأمر والنهي فيتمثل ما أمر به ويترك ما نهى عنه ويقف عما أشكل عليه.
- وأما ذكر اللسان مجردا فهو أضعف الأذكار ولكن فيه فضل عظيم كما جاءت به الأحاديث.
من عقوبات المعاصي
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
إن العبد إذا مرن نفسه وقلبه على التفهم والتدبر والخشوع والخضوع في الصلاة انغرست في قلبه خشية الله ومحبته والرغبة فيما لديه، لم تفارقه هيبة خالقه في جميع أحواله وأعماله.
فإذا سولت له نفسه أمرا أو زين الشيطان له سوءا تبرأ منهما قائلا إني أخاف الله رب العالمين.
تأمل عظمة الله في أسمائه وصفاته
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
النصوص من الكتاب والسنة في عظمة الله كثيرة إذا تأملها المسلم ارتجف قلبه وارتعدت فرائصه وتواضعت نفسه وعنى وجهه للعلي العظيم وخضعت أركانه للسميع العليم وازداد خشوعا لرب الأولين والآخرين وخر للأذقان ساجدا في محراب العبودية.
- فمن ذلك ما جاء من أسمائه الحسنى وصفاته العلى فهو العظيم المهيمن الجبار المتكبر القوي القهار الكبير المتعال سبحانه وتعالى.
- وهو الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون.
- وهو القاهر فوق عباده ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته.
- عزيز ذو انتقام، قيوم لا ينام، وسع كل شيء علما، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
أنواع توقير الله في القلب
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
5 - ولا يكون الله ورسوله في حد وناحية والناس في ناحية وحد فيكون في الحد والشق الذي فيه الناس دون الحد والشق الذي فيه الله ورسوله.
6 - ولا يعطي المخلوق في مخاطبته قلبه ولبه ويعطي الله في خدمته بدنه ولسانه دون قلبه وروحه.
7 - ولا يجعل مراد نفسه مقدما على مراد ربه.
8 - ومن وقار الله أن يستحي من إطلاعه على سره وضميره فيرى فيه ما يكره.
9 - ومن وقاره أن يستحي منه في الخلوة أعظم مما يستحي من أكابر الناس
- فهذا كله من عدم وقار الله في القلب ومن كان كذلك فإن الله لا يلقي له في قلوب الناس وقارا ولا هيبة بل يسقط وقاره وهيبته في قلوبهم وإن وقروه مخافة شره فذاك وقار بغض لا وقار حب وتعظيم.
أنواع توقير الله في القلب
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
1 - ومن وقاره أن لا تعدل به شيئا من خلقه لا في اللفظ بحيث تقول والله وحياتك مالي إلا الله وأنت وما شاء الله وشئت.
2 - ولا في الحب والتعظيم والإجلال.
3 - ولا في الطاعة فتطيع المخلوق في أمره ونهيه كما تطيع الله بل أعظم كما عليه أكثر الظلمة والفجرة.
4 - ولا في الخوف والرجاء ويجعله أهون الناظرين إليه ولا يستهين بحقه ويقول هو مبني على المسامحة ولا يجعله على الفضلة ويقدم حق المخلوق عليه.
تفكر في هذا الكون العظيم
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
ما أحوجنا إلى أن نتعرف على عظمة الله وعلى جلال الله، وعلى قوة الله، وقدرته وعظيم جبروته، وأنه يجب علينا أن نعرف عظمة الله عز وجل، وننزهه عن كل نقص، وإذا علمنا ذلك، ازدادت محبتنا واجلالنا وتعظيمنا له ولأمره.
- قال تعالى: (ما لكم لا ترجون لله وقارا).
- أي: لا تعاملونه معاملة من توقرونه والتوقير العظمة.
- قال الحسن البصري: ما لكم لا تعرفون لله حقا ولا تشكرونه.
- وقال مجاهد: لا تبالون عظمة ربكم.
- وقال ابن عباس: لا تعرفون حق عظمته.
قال ابن القيم: وهذه الأقوال ترجع إلى معنى واحد وهو أنهم لو عظموا الله وعرفوا حق عظمته وحدوه وأطاعوه وشكروه فطاعته سبحانه اجتناب معاصيه والحياء منه بحسب وقاره.
تفكر في هذا الكون العظيم
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
هذا الكون بسمائه وأرضه وجباله وشجره ومائه وثراه وجميع المخلوقات يجعلها الله سبحانه وتعالى يوم القيامة على أصابعه ويجمعها في كفيه سبحانه وتعالى، كما صحت بذلك الأدلة.
- فهذا يدل على عظمة الله سبحانه وتعالى، وصغر هذه المخلوقات الهائلة بالنسبة إليه سبحانه وتعالى ويدل على عظمته وكبريائه وجبروته سبحانه، ولهذا قال جل وعلا: (وما قدروا الله حق قدره) أي: ما عظموه حق تعظيمه.
كيف نعظم الله في قلوبنا
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
من عظمته ما أخبر به عن نفسه المقدسة بقوله: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض) رواه البخاري.
ما أحلى هذه الكلمات في مناجاة الله
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال ابن القيم: " فلله ما أحلى قوله هذه الحال- أي حال الانكسار بين يدي الله والخضوع له سبحانه:
- أسألك بعزك وذلي إلا رحمتني، أسألك بقوتك وضعفي، وبغناك عني وفقري إليك، هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك، عبيدك سواي كثير، وليس لي سيد سواك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضريع، سؤال من خضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه، وفاضت لك عيناه، وذل لك قلبه.
استشعار لذة الانكسار بين يدي الله
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
من الأمور التي تجدد الإيمان استشعار لذة المناجاة والانكسار بين يدي الله عز وجل، فلماذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:[أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؟ لأن حال السجود فيه ذلة ليست في بقية الأحوال، وفيه انكسار وخضوع ليست في بقية الأحوال، ولذلك أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، لما ألصق جبهته بالأرض، وهي أعلى شيء فيه لمن وضعها؟ لله، صار أقرب شيء لله.
كيف يتحقق الافتقار إلى الله
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
الافتقار حاد يحدو العبد إلى ملازمة التقوى ومداومة الطاعة. ويتحقق ذلك بأمرين متلازمين ؛ هما:
1 - إدراك عظمة الخالق وجبروته: فكلما كان العبد أعلم بالله تعالى وصفاته وأسمائه كان أعظم افتقارا إليه وتذللا بين يديه.
2 - إدراك ضعف المخلوق وعجزه: فمن عرف قدر نفسه، وأنه مهما بلغ في الجاه والسلطان والمال ؛ فهو عاجز ضعيف لا يملك لنفسه صرفا ولا عدلا ؛ تصاغرت نفسه، وذهب كبرياؤه، وذلت جوارحه، وعظم افتقاره لمولاه، والتجاؤه إليه، وتضرعه بين يديه.
وجوب الجزم في الدعاء وعدم تعليقه بالمشيئة
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
ذلك يشعر بعدم اهتمامه بالمطلوب وضعف الافتقار إلى الله. مثاله: فلا تقل اللهم وفقني إن شئت أوتقول لغيرك جزاك الله خيرا إن شاء الله، أو الله يهدينا إن شاء الله....، بل تعزم في الدعاء ولا تأتي بكلمة " إن شاء الله " في الدعاء. قال النبي صلى الله عليه وسلم: [لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لى إن شئت اللهم ارحمنى إن شئت اللهم ارزقنى إن شئت وليعزم المسألة فإنه يفعل ما يشاء لا مكره له] رواه البخاري، ومسلم.
الاستعاذة متضمنة للافتقار
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
الاستعاذة بالله تعالى وهي المتضمنة لكمال الافتقار إليه والاعتصام به واعتقاد كفايته وتمام حمايته من كل شيء حاضر أو مستقبل، صغير أو كبير، بشر أو غير بشر ودليلها قوله تعالى: (قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق) إلى آخر السورة وقوله تعالى: (قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس) إلى آخر السورة.
كيف تظفر بحاجتك
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
مثال واقعي: قال ابن القيم: وشهدت شيخ الإسلام إذا أعيته المسائل واستصعبت عليه فر منها إلى التوبة والاستغفار والاستغاثة بالله واللجوء إليه واستنزال الصواب من عنده والاستفتاح من خزائن رحمته فقلما يلبث المدد الإلهي أن يتتابع عليه مدا وتزدلف الفتوحات الإلهية إليه بأيتهن يبدأ.
حال أكثر الناس
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
جميع الخلق مفتقرون إلى الله في كل شئونهم وأحوالهم، وفي كل كبيرة وصغيرة، وفي هذا العصر تعلق الناس بالناس، وشكا الناس إلى الناس، ولا بأس أن يستعان بالناس فيما يقدرون عليه، لكن أن يكون المعتمد عليهم والسؤال إليهم والتعلق بهم فهذا هو الهلاك بعينه، فإن من تعلق بشيء وكل إليه.
صفات من يحمل هم الآخرة
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
2 - المحاسبة الدائمة للنفس: فترى صاحب الهم الأخروي دائما محاسبا لنفسه على كل قول أو فعل.
قال الحسن البصري في تفسير قوله تعالى: (ولا أقسم بالنفس اللوامة) هي والله نفس المؤمن، ما يرى المؤمن إلا يلوم نفسه ما أردت بكلامي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ والفاجر لا يحاسب نفسه. وهذا الحزن وتلك المراقبة، لم تكن قيدا يكبلهم في زوايا المساجد أو البيوت يبكون على أنفسهم ويتركون أهل الباطل والضلال دون إصلاح وإنكار لأنفسهم ولمن حولهم كلا بل الحزن الذي في قلوبهم هو المحرك لهذا العمل فيصلحون أنفسهم ويصلحون غيرهم ويصبرون على البلاء والأذى الذي يلاقونه.
صفات من يحمل هم الآخرة
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
1 - إصلاح النفس: هذه مهمتهم في الدنيا العبادة لله وحده لا شريك له هم يعلمون أن الله يرحم ويغفر ويعفوا إلا أنهم لم يتكلوا على ذلك بل يندموا على كل تفريط وتقصير وذنب يقترفونه في جنب الله مهما صغر لأنهم علموا أن الذي يعصى هو الله العظيم الجليل جل في علاه وتراهم يحزنون لمصاب المسلمين وما يقع عليهم من ظلم وجور وما يصيبهم من بلاء. إنها نفوس ملئت رحمة ورأفة بسبب حملهم هم الآخرة الذي غلب على قلوبهم.
هم لقاء الله تعالى
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
اجعل الهم هما واحدا هم الآخرة، وهو هم لقاء الله عز وجل، وهم الوقوف بين يديه.
أن يتذكر العبد أنه إلى الله صائر، أن يتذكر أن لكل بداية نهاية، وأنه ما بعد الموت من مستعتب، وما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار، فإذا تذكر الإنسان أن الحياة زائلة، وأن المتاع فان وأنها غرور حائل، دعاه والله ذلك إلى أن يحتقر الدنيا ويقبل على ربها إقبال المنيب الصادق وعندها يرق قلبه، ومن نظر إلى القبور، ونظر إلى أحوال أهلها انكسر قلبه، وكان قلبه أبرأ ما يكون من القسوة ومن الغرور والعياذ بالله.
يغتنم كل دقيقة في حياته
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال بعض الزهاد: ما علمت أن أحدا سمع بالجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان. فقال له رجل إني أكثر البكاء فقال: إنك إن تضحك وأنت مقر بخطيئتك خير من أن تبكي وأنت مدل بعملك، وأن المدل لا يصعد عمله فوق رأسه.
فقال: أوصني فقال: دع الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها، وكن في الدنيا كالنحلة، إن أكلت أكلت طيبا، وإن أطعمت أطعمت طيبا، وإن سقطت على شيء لم تكسره ولم تخدشه.
حال السلف مع الدنيا
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
كان السلف رضي الله عنهم يملكون أشياء من الدنيا ويبيعون ويشترون ولكن الدنيا بين أيدهم والآخرة في قلوبهم، وهذا على خلاف كثير منا اليوم الذين ملئوا قلوبهم بأعراض هذه الحياة ومشاكلها وشهواتها وأطماعها فأصبح هم الآخرة في قلوبهم ضعيفا وأثر العبادات على سلوكهم ضعيفا وأصبحت محبة الله في القلوب ضعيفة وجعلوا لله فضول الأوقات والاهتمامات والأموال.
ثمرة هم الآخرة
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
فعن هم الآخرة يتولد ويتفرع من هم الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلاح الناس، إذ من شغلته آخرته بالرغبة في الجنة والرهبة من النار، وتعلم من دينه محبة الخير.
- قال صلى الله عليه وسلم: (ما رأيت مثل الجنة نام طالبها، وما رأيت مثل النار نام هاربها) رواه الترمذي.
هل تحمل هم الآخرة
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال تعالى: (وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون)
- قال البغوي: اللهو هو: الاستمتاع بلذات الدنيا، واللعب: العبث، سميت بهما لأنها فانية. (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان) أي: الحياة الدائمة الباقية، و " الحيوان ": بمعنى الحياة، أي: فيها الحياة الدائمة، (لو كانوا يعلمون) فناء الدنيا وبقاء الآخرة.
مقتضيات ولاية الله
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
6 - عدم اتخاذ أعداء الله أولياء: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم)،وهناك كثير من المسلمين اليوم يسارعون في موالاة الكفار ومصادقتهم وعقد الأحلاف للنصرة فكيف يجتمعان في قلب عبد؟
- احذر كل الحذر: قال بعض السلف: لا تكن وليا لله في العلانية وعدوه في السر.
أقسام الولاية
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال الشيخ بن عثيمين: والولاية تنقسم إلى:
1 - ولاية من الله للعبد.
2 - وولاية من العبد لله.
فمن الأولى قوله تعالى (الله ولي الذين آمنوا)، ومن الثانية قوله تعالى: (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا...)
والولاية التي من الله للعبد تنقسم إلى:
- عامة وخاصة،
فالولاية العامة هي: الولاية على العباد بالتدبير والتصريف، وهذه تشمل المؤمن والكافر وجميع الخلق، فالله هو الذي يتولى عباده بالتدبير والتصريف والسلطان وغير ذلك، ومنه قوله تعالى. (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق آلا له الحكم وهو أسرع الحاسبين)
والولاية الخاصة: أن يتولى الله العبد بعنايته وتوفيقه وهدايته، وهذه خاصة بالمؤمنين، قال تعالى: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات)، وقال: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون).
طبقات أولياء الله
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال شيخ الإسلام: وأولياء الله على طبقتين: سابقون مقربون، وأبرار أصحاب يمين مقتصدون. ذكرهم الله سبحانه في عدة مواضع من كتابه، في أول الواقعة، وآخرها.
قال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين).
صفات أولياء الله
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال شيخ الإسلام: ومن كان حبه لله وبغضه لله لا يحب إلا لله ولا يبغض إلا لله ولا يعطي إلا لله ولا يمنع إلا لله فهذه حال السابقين من أولياء الله.
والولي لا يكون وليا لله حتى يبغض أعداء الله ويعاديهم، وينكر عليهم، فمعاداتهم والإنكار عليهم هو من تمام ولايته، ومما تترتب صحتها عليه.
أولياء الله
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال الله تعالى: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون. لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم).
- قال الطبري: يقول تعالى ذكره: ألا إن أنصار الله لا خوف عليهم في الآخرة من عقاب الله، لأن الله رضي عنهم فآمنهم من عقابه ولا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا.
الأمور التي تعين على التوبة
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
2 - قصر الأمل وتذكر الآخرة: فإذا تذكر المرء قصر الدنيا، وسرعة زوالها، وأدرك أنها مزرعة للآخرة، وفرصة لكسب الأعمال الصالحة، وتذكر ما في الجنة من النعيم المقيم، وما في النار من النكال والعذاب الأليم_أقصر عن الاسترسال في الشهوات، وانبعث إلى التوبة النصوح وتدارك ما فات بالأعمال الصالحات.
شروط التوبة
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
كلمة التوبة كلمة عظيمة، لها مدلولات عميقة، لا كما يظنها الكثيرون، ألفاظ باللسان ثم الاستمرار على الذنب، ولأن الأمر العظيم لابد له من شروط، فقد ذكر العلماء شروطا للتوبة مأخوذة من الآيات والأحاديث، وهذا ذكر بعضها:
الأول: الإقلاع عن الذنب فورا.
الثاني: الندم على ما فات.
الثالث: العزم على عدم العودة.
الرابع: إرجاع حقوق من ظلمهم، أو طلب البراءة منهم.
وزاد بعضهم: الإخلاص فيها لله تعالى.
الاستغفار حل لكثير من المشكلات
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال جعفر بن محمد: يا سفيان إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها، فإن الله قال في كتابه: (لئن شكرتم لأزيدنكم).
وإذا استبطأت الرزق، فأكثر من الاستغفار، فإن الله قال في كتابه: (استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا).
الاستغفار حل لكثير من المشكلات
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال شيخ الإسلام: من ابتلي ببلاء قلب أزعجه فأعظم دواء له قوة الالتجاء إلى الله ودوام التضرع والدعاء بأن يتعلم الأدعية المأثورة ويتوخى الدعاء في مظان الإجابة مثل آخر الليل، وأوقات الآذان والإقامة وفي السجود وأدبار الصلوات، ويضم إلى ذلك الاستغفار.
الاستغفار حل لكثير من المشكلات
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال تعالى: (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير).
- وقال تعالى على لسان نوح عليه السلام: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا)
- قال بن بشر: سمعت ابن عيينة يقول: غضب الله داء لا دواء له. قلت: دواؤه كثرة الاستغفار بالأسحار، والتوبة النصوح.
هل يكفي في التوبة من الغيبة الاستغفار للمغتاب أم لا بد من إعلامه
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال ابن القيم: وهذه المسألة فيها قولان للعلماء، وهما روايتان عن الإمام أحمد، وهما هل يكفي في التوبة من الغيبة الاستغفار للمغتاب أم لا بد من إعلامه وتحلله. قال والصحيح أنه لا يحتاج إلى إعلامه بل يكفيه الاستغفار وذكره بمحاسن ما فيه في المواطن التي اغتابه فيها.
الإكثار من الاستغفار
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
مما يتأكد عليك من الأذكار الإكثار من الاستغفار فإن فضائله كثيرة، وبركاته غزيرة، وقد أمر الله به في كتابه في قوله تعالى: (واستغفروا الله إن الله غفور رحيم) وأثنى على قوم استغفروه من فعلهم المنكر بقوله: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم).
حاجتنا إلى التوبة
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
إن التوبة وظيفة العمر، وبداية العبد ونهايته، وأول منازل العبودية، وأوسطها، وآخرها. وحاجتنا إلى التوبة ماسة، بل إن ضرورتنا إليها ملحة؛ فنحن نذنب كثيرا، ونفرط في جنب الله ليلا ونهارا ؛ فنحتاج إلى ما يصقل القلوب، وينقيها من رين الذنوب.
ثم إن كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون؛ فالعبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات.
أهمية التوبة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
عن الأغر المزني رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة] رواه مسلم.
قوله: " ليغان "، الغين: الغيم، والمراد ما يغشاه من السهو الذي لا يسلم منه البشر.
التوبة وظيفة العمر
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون). قال السعدي: لأن المؤمن يدعوه إيمانه إلى التوبة ثم علق على ذلك الفلاح، فقال: (لعلكم تفلحون) فلا سبيل إلى الفلاح إلا بالتوبة، وهي الرجوع مما يكرهه الله، ظاهرا وباطنا، إلى: ما يحبه ظاهرا وباطنا، ودل هذا، أن كل مؤمن محتاج إلى التوبة، لأن الله خاطب المؤمنين جميعا، وفيه الحث على الإخلاص بالتوبة في قوله: (وتوبوا إلى الله) أي: لا لمقصد غير وجهه، من سلامة من آفات الدنيا، أو رياء وسمعة، أو نحو ذلك من المقاصد الفاسدة.
الجهاد لا يعدله شيء من العبادات
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
[قيل: يا رسول الله، ما يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال: لا تستطيعونه فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول: لا تستطيعونه، ثم قال: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام، ولا صلاة، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله] متفق عليه.
الحياة الحقيقية في الجهاد
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال ابن القيم: الجهاد من أعظم ما يحييهم به في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة.
- أما في الدنيا: فإن قوتهم وقهرهم لعدوهم بالجهاد.
- وأما في البرزخ: فقد قال تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون).
- وأما في الآخرة: فإن حظ المجاهدين والشهداء من حياتها ونعيمها أعظم من حظ غيرهم.
خصال عظيمة للشهيد
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال النبي صلى الله عليه وسلم: [للشهيد عند الله ست خصال يغفر له في أول دفعة ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين ويشفع في سبعين من أقاربه] رواه الترمذي.
الجهاد فيه خير الدنيا والآخرة
هكذا كان الصالحون - خالد عبد الرحمن الحسينان
قال شيخ الإسلام: واعلموا أن الجهاد فيه خير الدنيا والآخرة وفي تركه خسارة الدنيا والآخرة قال الله تعالى في كتابه: (قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين) يعني إما النصر والظفر وإما الشهادة والجنة فمن عاش من المجاهدين كان كريما له ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة ومن مات منهم أو قتل فإلي الجنة.