مصطفى السباعي - "هكذا علمتني الحياة"
احذر الشيطان
احذر الشيطان على عقيدتك من أن يفسدها بالآراء، واحذره على عبادتك من أن يفسدها بالرياء، واحذره على عملك من أن يفسده بالأهواء، واحذره على علمك من أن يفسده بالادِّعاء، واحذره على عبوديتك من أن يفسدها بالكبرياء، واحذره على خلقك من أن يفسده بالغرور، واحذره عن استقامتك من أن يفسدها بالحرص والطمع.
مكافأة المعروف
لا تقصِّر في حق إخوانك اعتماداً على محبتهم؛ فإن الحياة أخذ وعطاء، ولا تقصر في حق ربك اعتماداً على رحمته؛ فإن انتظار الإحسان مع الإساءة شيمة الرقعاء، ولا تنتظر من إخوانك إن يبادلوك معروفاً بمعروف؛ فإن التقصير من طبيعة الإنسان، وانتظر من ربّك أن يكافئك على الخير خيراً منه، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!.
بين.. وبين..
بين الخوف والجرأة: أن تخطو الخطوة الأولى.
• بين الاحتراس وسوء الظن: أن الأول احتمال السوء، والثاني ترجيحه.
• بين صفاء القلب والغفلة: أن الأول ترجيح حسن الظن مع احتمال سوئه، والثاني عدم احتمال السوء مطلقاً.
• بين المروءة والدناءة: حبّ المكرمات.
• بين الكرامة والكبر: أن الأول أن تنزل نفسك منزلتها، والثاني أن تنزل نفسك فوق منزلتها.
• بين التواضع والذلة: أن الأول أن تتنازل عن مكانة نفسك تخلقاً، والثاني أن ترضى باحتقار غيرك لك هواناً..
خداع الشيطان باسم الطاعة
إني لا أخشى على نفسي أن يغريني الشيطان بالمعصية مكاشفة، ولكني أخشى أن يأتيني بها ملفعة بثوب من الطاعة.
• يغريك الشيطان بالمرأة عن طريق الرحمة بها، ويغريك بالدنيا عن طريق الحيطة من تقلباتها، ويغريك بمصاحبة الأشرار عن طريق الأمل في هدايتهم، ويغريك بالنفاق للظالمين عن طريق الرغبة في توجيههم، ويغريك بالتشهير بخصومك عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويغريك بتصديع وحدة الجماعة عن طريق الجهر بالحق، ويغريك بترك إصلاح الناس عن طريق الاشتغال بإصلاح نفسك، ويغريك بترك العمل عن طريق القضاء والقدر، ويغريك بترك العلم عن طريق الانشغال بالعبادة، ويغريك بترك الجهاد عن طريق حاجة الناس إليك، ويغريك بترك السنَّة عن طريق اتباع الصالحين، ويغريك بالاستبداد عن طريق المسؤولية أمام الله والتاريخ، ويغريك بالظلم عن طريق الرحمة بالمظلومين.
مفاخرة بين الصحة والمرض
تفاخرت الصحة والمرض يوماً:
فقالت الصحة: بي ينشط الناس للعمل.
وقال المرض: وبي يقصر الناس طول الأمل.
قالت الصحة: بي يجتهد العابدون في العبادة.
قال المرض: وبي يخلصون في النية.
قالت الصحة: ومن أجلي تشاد معاهد الطب.
قال المرض: وبي تتقدم بحوث الطب.
قالت الصحة: كل الناس يحبونني.
قال المرض: لولاي لما أحبوك هذا الحب.
لا تشته
لا تشته الزهد كيلا تبتلى بالرياء، ولا تشته الجاه كيلا تبتلى بالكبرياء، ولا تشته المرض كيلا تبتلى بالتبرُّم بالقضاء، ولا تشته الصحة كيلا تبتلى بالعدوان على الضعفاء، ولا تشته الفقر كيلا تبتلى بحسد الأغنياء، ولا تشته الغنى كيلا تبتلى بظلم الفقراء، ولكن سل الله دائماً ما هو خير لك عنده وأبقى، فإذا أقامك على حالة فقل: آمنت بالله ثم استقم.
توسط في كل شيء
عش مع أهلك وسطاً بين الشدَّة واللين، وعش مع الناس وسطاً بين العزلة والانقباض، وعش مع إخوانك وسطاً بين الجد والهزل، وعش مع تلاميذك وسطاً بين الوقار والانبساط، وعش مع أولادك وسطاً بين القسوة والرحمة، وعش مع الحاكمين الصالحين وسطاً بين التردد والانقطاع، وعش مع بطنك وسطاً بين الشبع والجوع، وعش مع جسمك وسطاً بين التعب والراحة، وعش مع نفسك وسطاً بين المنع والعطاء، وعش مع ربك وسطاً بين الخوف والرجاء، تكن من السعداء.
زيارة
زر السجن مرة في العمر لتعرف فضل الله عليك في الحرية، وزر المحكمة مرة في العام لتعرف فضل الله عليك في حسن الأخلاق، وزر المستشفى مرة في الشهر لتعرف فضل الله عليك في الصحة والمرض، وزر الحديقة مرة في الأسبوع لتعرف فضل الله عليك في جمال الطبيعة، وزر المكتبة مرة في اليوم لتعرف فضل الله عليك في العقل، وزر ربَّك كل آن لتعرف فضله عليك في نعم الحياة.
عباد الله...
إن لله عباداً قطعوا عوائق الشهوات، وأسرجوا مراكب الجدِّ بصدق العزمات، وامتطوا جياد الأمل، واتَّجهوا إلى الله عز وجل، وتزودوا إليه بصالح العمل مع إخلاص النية، وتوسلوا إليه بصفاء القلب وصدق الطوية، فمروا بالخضرة الفاتنة مسبحين، وبالحطب اللاهب مستعيذين، ولم يعبأوا بالعقبات، ولم يلتفتوا إلى المغريات، قد صانوا وجوههم عن الابتذال، وطهروا أقدامهم من الأوحال، استعانوا بالله على مشقة الطريق فذلل لهم صعابه، وعلى بعد المدى فلملم لهم رحابه، فلما اجتازوا الصعاب سألوا الله ففتح لهم بابه، فلما دخلوه استضافوه فقربهم ورفع دونهم حجابه، فلما استطابوا المقام بعد طول السرى قالوا:؟ الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين؟ أولئك أحباء الله، صدقوه العهد فصدقهم الوعد، ومحضوه الحب فمنحهم القرب، أما ملائكة الله فتراهم:؟ حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين؟.
العلم والمال
من ضاق ماله كثر همه، ومن اتسع علمه قلّ همه، ولأن تقلل همومك بكثرة العلم خير من أن تقللها بسعة المال، فقلَّ أن يسلم غني من المهالك، وقلَّ أن يقع عالم فيها، وقلَّ أن رأيت إنساناً اجتمع له العلم الغزير والمال الكثير مع سلامة من المهالك وبسطة في عمل الخير، ولكن قرأت عن مثل هؤلاء في التاريخ.