ابو صهيب ثروت
فائدة
من كتاب لا تحزن
يــا الله ﴿ يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ﴾: إذا اضطرب البحر، وهاج الموج، وهبت الريح، نادى أصحاب السفينة: يا الله. إذا ضل الحادي في الصحراء ومال الركب عن الطريق، وحارت القافلة في السير، نادوا: يا الله. إذا وقعت المصيبة، وحلت النكبة وجثمت الكارثة، نادى المصاب المنكوب: يا الله. إذا أوصدت الأبواب أمام الطالبين، وأسدلت الستور في وجوه السائلين، صاحوا: يا الله.
فائدة
من كتاب لا تحزن
باسمه تشدو الألسن وتستغيث وتلهج وتنادي،وبذكره تطمئن القلوب وتسكن الأرواح، وتهدأ المشاعر وتبرد الأعصاب، ويثوب الرشد، ويستقر اليقين، ﴿ الله لطيف بعباده ﴾ الله: أحسن الأسماء وأجمل الحروف، وأصدق العبارات، وأثمن الكلمات، ﴿ هل تعلم له سميا ﴾؟!. الله: فإذا الغنى والبقاء، والقوة والنصرة، والعز والقدرة والحكمة، ﴿ لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ﴾. الله: فإذا اللطف والعناية، والغوث والمدد، والود والإحسان، ﴿ وما بكم من نعمة فمن الله ﴾.
فائدة
من كتاب لا تحزن
ما مضى فات تذكر الماضي والتفاعل معه واستحضاره، والحزن لمآسيه حمق وجنون، وقتل للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة. إن ملف الماضي عند العقلاء يطوى ولا يروى، يغلق عليه أبدا في زنزانة النسيان، يقيد بحبال قوية في سجن الإهمال فلا يخرج أبدا، ويوصد عليه فلا يرى النور ؛ لأنه مضى وانتهى، لا الحزن يعيده، ولا الهم يصلحه، ولا الغم يصححه، لا الكدر يحييه، لأنه عدم، لا تعش في كابوس الماضي وتحت مظلة الفائت، أنقذ نفسك من شبح الماضي، أتريد أن ترد النهر إلى مصبه، والشمس إلى مطلعها، والطفل إلى بطن أمه، واللبن إلى الثدي، والدمعة إلى العين، إن تفاعلك مع الماضي، وقلقك منه واحتراقك بناره، وانطراحك على أعتابه وضع مأساوي رهيب مخيف مفزع.
فائدة
من كتاب لا تحزن
اترك المستقبل حتى يأتي ﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه ﴾ لا تستبق الأحداث، أتريد إجهاض الحمل قبل تمامه؟! وقطف الثمرة قبل النضج؟! إن غدا مفقود لا حقيقة له، ليس له وجود، ولا طعم، ولا لون، فلماذا نشغل أنفسنا به، ونتوجس من مصائبه، ونهتم لحوادثه، نتوقع كوارثه، ولا ندري هل يحال بيننا وبينه، أو نلقاه، فإذا هو سرور وحبور؟! المهم أنه في عالم الغيب لم يصل إلى الأرض بعد، إن علينا أن لا نعبر جسرا حتى نأتيه، ومن يدري؟ لعلنا نقف قبل وصول الجسر، أو لعل الجسر ينهار قبل وصولنا، وربما وصلنا الجسر ومررنا عليه بسلام.
فائدة
من كتاب لا تحزن
شربة ماء من كف بغي لكلب عقور أثمرت دخول جنة عرضها السموات والأرض ؛ لأن صاحب الثواب غفور شكور جميل، يحب الجميل، غني حميد. يا من تهددهم كوابيس الشقاء والفزع والخوف هلموا إلى بستان المعروف وتشاغلوا بالآخرين، عطاء وضيافة ومواساة وإعانة وخدمة وستجدون السعادة طعما ولونا وذوقا ﴿وما لأحد عنده من نعمة تجزى{19} إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى{20} ولسوف يرضى ﴾.
فائدة
من كتاب لا تحزن
قضاء وقدر { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها }، جف القلم، رفعت الصحف، قضي الأمر، كتبت المقادير، { قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا }، ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. إن هذه العقيدة إذا رسخت في نفسك وقرت في ضميرك صارت البلية عطية، والمحنة منحة، وكل الوقائع جوائز وأوسمة (ومن يرد الله به خيرا يصب منه) فلا يصيبك قلق من مرض أو موت قريب، أو خسارة مالية، أو احتراق بيت، فإن الباري قد قدر والقضاء قد حل، والاختيار هكذا، والخيرة لله، والأجر حصل، والذنب كفر.هنيئا لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذ، المعطي، القابض، الباسط، ﴿ لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ﴾.
فوائد من الجواب الكافى
الدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه، وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلف عنه أثره، إما لضعفه في نفسه ؛ بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء فيكون بمنزلة القوس الرخو جداً، وإما لحصول المانع من الإجابة من أكل الحرام ورين الذنوب
فائدة
من كتاب لا تحزن
{ إن مع العسر يسرا } يا إنسان بعد الجوع شبع، وبعد الظمأ ري، وبعد السهر نوم، وبعد المرض عافية، سوف يصل الغائب، ويهتدي الضال، ويفك العاني، وينقشع الظلام ﴿ فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده ﴾. بشر الليل بصبح صادق يطارده على رؤوس الجبال، ومسارب الأودية، بشر المهموم بفرج مفاجئ يصل في سرعة الضوء، ولمح البصر، بشر المنكوب بلطف خفي، وكف حانية وادعة. إذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد، فاعلم أن وراءها رياضا خضراء وارفة الظلال. إذا رأيت الحبل يشتد ويشتد، فاعلم أنه سوف ينقطع. مع الدمعة بسمة، ومع الخوف أمن، ومع الفزع سكينة. النار لا تحرق إبراهيم الخليل، لأن الرعاية الربانية فتحت نافذة ﴿ بردا وسلاما على إبراهيم ﴾. البحر لا يغرق كليم الرحمن، لأن الصوت القوي الصادق نطق بـ ﴿ كلا إن معي ربي سيهدين ﴾. المعصوم في الغار بشر صاحبه بأنه وحده جل في علاه معنا ؛ فنزل الأمن والفتح والسكينة.
فائدة
من كتاب لا تحزن
اصنع من الليمون شرابا حلوا الذكي الأريب يحول الخسائر إلى أرباح، والجاهل الرعديد يجعل المصيبة مصيبتين. طرد الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة فأقام في المدينة دولة ملأت سمع التاريخ وبصره. سجن أحمد بن حنبل وجلد، فصار إمام السنة، وحبس ابن تيمية فأخرج من حبسه علما جما، ووضع السرخسي في قعر بئر معطلة فأخرج عشرين مجلدا في الفقه، وأقعد ابن الأثير فصنف جامع الأصول والنهاية من أشهر وأنفع كتب الحديث، ونفي ابن الجوزي من بغداد، فجود القراءات السبع، وأصابت حمى الموت مالك بن الريب فأرسل للعالمين قصيدته الرائعة الذائعة التي تعدل دواوين شعراء الدولة العباسية، ومات أبناء أبي ذؤيب الهذلي فرثاهم بإلياذة أنصت لها الدهر، وذهل منها الجمهور، وصفق لها التاريخ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
{ أمن يجيب المضطر إذا دعاه } من الذي يفزع إليه المكروب، ويستغيث به المنكوب، وتصمد إليه الكائنات، وتسأله المخلوقات، وتلهج بذكره الألسن وتؤلهه القلوب؟ إنه الله لا إله إلا هو. وحق علي وعليك أن ندعوه في الشدة والرخاء والسراء والضراء، ونفزع إليه في الملمات ونتوسل إليه في الكربات وننطرح على عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيبين، حينها يأتي مدده ويصل عونه، ويسرع فرجه ويحل فتحه ﴿ أمن يجيب المضطر إذا دعاه﴾ فينجي الغريق ويرد الغائب ويعافي المبتلي وينصر المظلوم ويهدي الضال ويشفي المريض ويفرج عن المكروب ﴿ فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ﴾.