قطوف من مواعظ الإمام الشافعي
التوحيد
مواعظ الأمام الشافعي - صالح الشامي
قال الشافعي رحمه الله:
سئل مالك عن الكلام والتوحيد فقال:
محال أن نظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه علم أمّته الاستنجاء، ولم يعلمهم التوحيد، والتوحيد ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله "، فما عصم به الدم والمل حقيقة التوحيد.
وصية لمؤدب
مواعظ الأمام الشافعي - صالح الشامي
أدخل الشافعي رحمه الله يوما الى بعض حجر هارون الرشيد، ليستأذن له، ومعه سراج الخادم، فأقعده عند أبي عبد الصمد، مؤدب أولاد الرشيد.
فقال سراج للشافعي: يا أبا عبد الله هؤلاء أولاد أمير المؤمنين، وهو مؤدبهم، فلو أصيته بهم.
فأقبل الشافعي على أبي عبد الصمد فقال:
ليكن أول ما تبدأ به من اصلاح أولاد أمير المؤمنين، اصلاح نفسك، فان أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما تستحسنه، والقبيح عندهم ما تكرهه.
علمهم كتاب الله ولا تكرههم عليه فيملوه، ولا تتركهم منه فيهجروه.
ثم روّهم من الشعر أعفّه، ومن الحديث أشرفه.
ولا تخرجهم من علم الى علم غيره حتى يحكموه، فان ازدحام الكلام في السمع مضلّة للفهم.
الفقه سيّد العلم
مواعظ الأمام الشافعي - صالح الشامي
سأل طالب علم الشافعي رحمه الله تعالى فقال: أي العلم أطلب؟
فقال: يا بني: أما الشعر، فيضع الرفيع ويرفع الخسيس.
وأما النحو، فاذا بلغ الغاية صار مؤدبا.
وأما الفرائض، فاذا بلغ صاحبها فيها الغاية، صار معلم حساب.
وأما الحديث فتأتي بركته وخيره عند فناء العمر.
وأما الفقه، فللشاب وللشيخ وهو سيّد العلم.
تنزيه الأسماع
مواعظ الأمام الشافعي - صالح الشامي
قال أحمد بن يحيى الوزير:
خرج الشافعي يوما من سوق القناديل، متوجها الى حجرته، فاذا رجل يسفه على رجل من أهل العلم. فالتفت الينا الشافعي فقال:
نزهوا أسماعكم عن استماع الخنا، كما تنزهون ألسنتكم عن النطق به، فان المستمع شريك القائل.
وان السفيه ينظر الى أخبث شيء في وعائه، فيحرص أن يفرغه في أوعيتكم، ولو ردّت كلمة السفيه، لسعد رادها، كما شقي بها قائلها.
المحافظة على الصديق
مواعظ الأمام الشافعي - صالح الشامي
قال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي ذات يوم رحمه الله:
يا يونس، اذا بلغك عن صديق لك ما تكرهه، فاياك أن تبادره بالعداوة، وقطع الولاية، فتكون ممن أزال يقينه بشك.
ولكن القه وقل له: بلغني عنك كذا وكذا، واحذر أن تسمي له المبلّغ، فان أنكر ذلك فقال له: أنت أصدق وأبر. ولاتزيدن على ذلك شيئا.
وان اعترف بذلك، فرأيت له في ذلك وجها لعذر، فاقبل منه، وان لم تر ذلك فقل له: ماذا أردت بما بلغني عنك؟
فان ذكر لك ما له وجه من العذر فاقبل منه، وان لم تر لذلك وجها لعذر، وضاق عليك المسلك، فحينئذ أثبتها عليه سيئة أتاها، ثم أنت في ذلك الخيار، ان شئت كافأته بمثله من غير زيادة، وان شئت عفوت عنه، والعفو أقرب للتقوى، وأبلغ في الكرم لقول الله تعالى:
{ وجزاء سيئة سيئة مثلها، فمن عفا وأصلح فأجره على الله}. الشورى 40.
فان نازعتك نفسك بالمكافأة، فاذكر فيما سبق له لديك من الاحسان، ولا تبخس باقي احسانه السالف بهذه السيئة، فان ذلك الظلم بعينه.
وقد كان الرجل الصالح يقول: رحم الله من كافأني على اساءتي من غير أن يزيد، ولا يبخس حقا لي.
يا يونس، اذا كان لك صديق فشدّ بيديك به، فان اتخاذ الصديق صعب، ومفارقته سهل.
وقد كان الرجل الصالح يشبّه سهولة مفارقته الصديق، بصبي يطرح في البئر حجرا عظيما، فيسهل طرحه عليه، ويصعب اخراجه على الرجال.
فهذه وصيتي واليك السلام.
أدب العلماء
مواعظ الأمام الشافعي - صالح الشامي
قال الشافعي رحمه الله:
المحدثات من الأمور ضربان:
ما أحدث يخالف كتابا أو سنة، أو أثرا، أو اجماعا، فهذه البدعة الضلالة.
وما أحدث من الخير، لا خلاف فيه لواحد من هذا، فهذه محدثة غير مذمومة، قد قال عمر في قيام رمضان: نعمت هذه البدعة.
يعني أنها محدثة لم تكن، واذا كانت فليس فيها رد لما مضى.
وصف الدنيا
مواعظ الأمام الشافعي - صالح الشامي
قال الشافعي رحمه الله:
ان الدنيا دحض مزلة،ودار مذلة، عمرانه الى خرائب صائر، وساكنها الى القبور زائر، شملها على الفرق موقوف، وغناها الى الفقر مصروف، الاكثار فيها اعسار، والاعسار فيها يسار،
فافزع الى الله، وارض برزق الله، لا تتسلف من دار فنائك الى دار بقائك. فان عيشك فيء زائل، وجدار مائل، أكثر من عملك، وأقصر من أملك.