1. من وصايا الآباء للأبناء
يا بني! لا تُرسلْ رسولك جاهلاً، فان لم تجد حكيمًا فكن رسولَ نفسك.
يا بني! إياك والكذبَ؛ فإنه شهي كلحم العصفور عما قليل يقلي صاحبه.
يا بني! احضر الجنائز ولا تحضر العرس؛ فإنَّ الجنائزَ تذكرك الآخرة والعرسَ تشهيك الدنيا.
يا بني! لا تأكل شبعًا على شبع، فإنك إن تلقه للكلب خير من أن تأكله.
يا بني! لا تكن حلوًا فتبلع، ولا مرًّا فتلفظ .
يا بني ! إني حملت الحجارة، والحديد، وكل شيء ثقيل، فلم أحمل شيئا هو أثقل من جار السوء.
يا بني! إني ذقت المر، فلم أذق شيئًا هو أمر من الفقر.
يا بني! إن الدنيا بحر عميق، قد غرق فيها ناس كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وحشوها إيمان بالله، وشراعها التوكل على الله؛ لعلك تنجو، ولا أراك ناجيًا .
يُروى عن لقمان الحكيم (رضي الله عنه) أنه قال لابنه : يا بني ! اتخذ طاعة الله تجارة ؛ تأتك الأرباح من غير بضاعة .
قال ربنا (جل ثناؤه) في سورة لقمان: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) .
قال سليمان لابنه:
يا بني ! لا تعجب ممن هلك كيف هلك، ولكن اعجب ممن نجا كيف نجا ؟! .
يا بني! لا غنى أفضل من صحة جسم، ولا نعيم أفضل من قرة عين .
قال سليمان لابنه:
يا بني ! عليك بخشية الله (عز وجل) ؛ فإنها غلبت كل شيء .
قال سليمان لابنه:
لا تكثر الغيرة على أهلك ولم تَرَ منها سوءًا ؛ فترمى بالشر من أجلك وإن كانت منه بريئة .
قال سليمان بن داود لابنه:
يا بني ! إن أردت أن تغيظ عدوك ؛ فلا تبعد عصاك عن ابنك وأهلك .
قال سليمان لابنه:
يا بني! لا تقطعن أمرًا حتى تؤامر مرشدًا ؛ فإنك إذا فعلت ذلك لم تحزن عليه .
قال سليمان لابنه:
يا بني ! عليك بالحبيب الأول؛ فإن الآخر لا يعدله .
عن الإمام المبارك عبد الله بن المبارك (رحمه الله) قال: قال داود لابنه سليمان (عليهما السلام) : يا بني ! إنما يُستدل على تقوى الرجل بثلاثة أشياء:
- بحسن توكله على الله فيما أنابه.
- وبحسن رضاه فيما آتاه.
- وبحسن صبره فيما ابتلاه .
وعن عبد الرحمن بن أبزى (رحمه الله) قال:
قال داود النبى (صلى الله عليه وسلم):
كن لليتيم كالأب الرحيم. واعلم أنك كما تزرع تحصد.
ومَثَل المرأة الصالحة لبعلها كالملك المتوج بالتاج المخوص بالذهب ، كلما رآها قرت بها عيناه.
ومثل المرأة السوء لبعلها، كالحمل الثقيل على الشيخ الكبير.
واعلم أن خطبة الأحمق فى نادي قومه، كمثل المغني عند رأس الميت.
ولا تعدن أخاك شيئًا ثم لا تنجزه ؛ فتورث بينك وبينه عداوة .
وتعوذ بالله من صاحب إن ذكرتَ الله لم يعنك، وإن نسيته لم يذكرك ، وهو : الشيطان .
واذكر ما تكره أن يُذكر منك فى نادي قومك، فلا تفعله إذا خلوت .
عن يحيى بن أبي كثير (رحمه الله) أن نبي الله داودَ قال لابنه سليمانَ (صلى الله عليهما وسلم): يا بُنيَّ ! لا تستقل عدوًا واحدًا، ولا تستكثر ألف صديق، ولا تستبدل بأخ قديم أخًا مستحدثًا ما استقام لك .
عن عبد الله بن عمرو بن العاص(رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن نبيَّ الله نوحًا (صلى الله عليه وسلم) لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاصٌ عليك الوصية : آمرك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين: آمرك بـ" لا إله إلا الله "؛ فإن السماوات السبع، والأرَضين السبع، لو وُضعَتْ في كفة، ووُضِعَتْ " لا إله إلا الله" في كفة، رجحت بهن " لا إله إلا الله ".
ولو أن السماوات السبع، والأرَضين السبع، كُنَّ حَلْقة مبهمة، فَصَمَتْهُنَّ " لا إله إلا الله ".
و" سبحان الله وبحمده " ؛فإنها صلاة كل شيء وبها يُرزق الخلقُ. وأنهاك عن الشرك، والكبر .
قال ابن قيم الجوزية : أدب المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره. فما استُجْلِب خيرُ الدنيا والآخرة بمثل الأدب، ولا استجلب حرمانهما بمثل قلة الأدب .
عن حَبِيْب الْجَلاَّب قال: قيلَ لابن الْمبارك (رحمه الله): ما خَيْرُ ما أُعْطِيَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: (غَرِيْزَةُ عَقْلٍ فِيْهِ). قيل: فإن لم يكن؟ قال: (أَدَبٌ حَسَنٌ). قيل: فإن لم يكن؟ قال: (أَخٌ صَالِحٌ يَسْتَشِيْرُهُ). قيل: فإن لم يكن؟ قال: (صَمْتٌ طَوِيْلٌ). قيل: فإن لم يكن ؟ قال: (مَوْتٌ عَاجِلٌ) .
قال ابن الْمُقَفَِّع: ( أَحَقُّ النَّاسِ بِالْعِلْمِ أَحْسَنُهُمْ تَأْدِيبًا ).
-وقال أيضًا: أَفْضَلُ مَا يُورِثُ الآبَاءُ الْأَبْنَاءَ: الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، وَالْأَدَبُ النَّافِعُ، وَالْإِخْوَانُ الصَّالِحُونَ .
الوصية الخامسة
عن العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) صَلَاةَ الْفَجْرِ ثُمَّ وَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا، فَقَالَ:
(أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسَنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ).
الوصية الرابعة
عن أبي ذَرٍّ جُنْدَُِبِ بنِ جُنَادَةَ (رضي الله عنه) قال:
أوصاني خليلي (صلى الله عليه وسلم) بخصال من الخير:
( أوصاني بأن لا أنظر إلى من هو فوقي، وأن أنظر إلى من هو دوني .
وأوصاني بحب المساكين، والدُنُوِّ منهم.
وأوصاني أن أَصِلَ رحمي وإن أَدْبَرَتْ.
وأوصاني أن لا أخاف في الله لومة لائم.
وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مُرًّا.
وأوصاني أن أكثر من قول:" لا حول ولا قوة إلا بالله "؛ فإنها كنز من كنوز الجنة ).
الوصية الثالثة
عن أبي سعيد الخدري (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أن رجلاً جاءه فقال: أوصني. فقال: سألت عما سألت عنه رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) من قبلك، فقال:
(أوصيك بتقوى الله؛ فإنه رأس كل شيء. وعليك بالجهاد؛ فإنه رهبانية الإسلام. وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن؛ فإنه رَوْحك في السماء، وذكرك في الأرض).
الوصية الثانية
عن أبي العباسِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ (رضي الله عنهما) قَالَ: كُنْت خَلْفَ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يَوْمًا، فَقَالَ:
(يا غلام! إنِّي أُُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَك، إذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لو اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوك بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَك، وَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْك، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ).
النبي (صلى الله عليه وسلم) أب لجميع المؤمنين؛ قال ربنا تبارك وتعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب:6].
الوصية الأولى
عن أَبي ذَرٍّ جُنْدَُبِ بنِ جُنَادَةَ (رضي الله عنه) قال: قلت: يارسولَ اللهِ! أوصني، فقال: (اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ) .
عن ضمرة بن ربيعة قال: سمعت سفيان الثوري (رحمه الله) يقول: كان يقال: حُسْنُ الأدبِ يطفئ غضبَ الربِّ عز وجل .
عن عثمان الحاطبي قال: سمعت ابن عمر (رضي الله عنهما) يقول لرجل: أدب ابنك ؛ فإنك مسئول عن ولدك ماذا أدبته وماذا علمته ؟، وإنه مسئول عن برك وطواعيته لك . أخرجه الإمام البيهقي في "السنن الكبير"
- قال ربنا (جل ثناؤه): {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:12]. قال غير واحد: معنى قوله (تعالى ذكره): {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} أي: علموهم وأدبوهم.
- رُوِيَ عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: ( مَا نَحَلَ والِدٌ وَلَدًا مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ) . أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"، والترمذي في "السنن"
أيُّهذا الأبُ الكريم!
ابنك فلذة كبدك، إن يك صالحًا كريم الجِرِشَّى؛ فمثل ثواب عمله يكون لك؛ فإنه من كسبك.
وهو أمانة لديك، فينبغي أن تقوم عليه في أدبه، وتنظر في أََوَده، وتلهمه حلمك، وتمنحه علمك، حتى يكمل عقله، ويستحكم فتله، ويقوى نظره وفكره؛ فكلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته .