باب: التخلي عند قضاء الحاجة
باب: السواك
كتاب الإيجاز في شرح سنن أبي داود - النووي [النووي]
هو مشتق من السوك، وهو الدلك، وقيل: من التساؤك، وهو التمايل (١).
حدثنا قتيبة بن سعيد، عن سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة يرفعه، قال: " لولا أن أشق على المؤمنين لأمرتهم بتأخير العشاء، وبالسواك عند كل صلاة "
قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ".
فيه أن السواك مستحب، وأنه ليس بواجب (٢)، وأن الأمر للوجوب (٣)، وأن تأخير العشاء أفضل، وأنه يستحب السواك لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر، وهو من لم يجد ماء ولا ترابا، وأنه إذا صلى في المجلس صلوات استحب لكل صلاة، ولكل ركعتين يسلم منهما.
باب: الرجل يتبوأ لبوله
كتاب الإيجاز في شرح سنن أبي داود - النووي [النووي]
كتب عبد الله إلى أبي موسى يسأله عن أشياء، فكتب إليه أبو موسى: إني كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فأراد أن يبول فأتى دمثا في أصل جدار، فبال، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: " إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله موضعا "
وقوله: " بال في أصل الجدار "، أي: قريبا منه بحيث لا يفسده، أو أنه كان غير مملوك، أو يعلم أن مالكه لا يكره ذلك (٢).
قوله: " إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله "، أي: يطلب (٣) موضعا سهلا صالحا لذلك. ففيه استحباب ذلك (٤).
وفيه: الكتابة بالعلم والعمل بها، وسؤال الفضلاء العلم، وإن كان السائل فاضلا.
باب: ما يقول إذا دخل الخلاء
كتاب الإيجاز في شرح سنن أبي داود - النووي [النووي]
عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء -قال عن حماد- قال: " اللهم إني أعوذ بك -وقال: عن عبد الوارث قال: " أعوذ بالله " - من الخبث والخبائث "
" الخبث جمع خبيث، والخبائث جمع خبيثة، فاستعاذ من ذكرر الشياطين وإناثهم "، وقيل: الخبث -بالإسكان-: الشر، والخبائث: الشياطين (٢). قال ابن الأعرابي (٣): أصل الخبث (٤) في كلام العرب المكروه، فإن كان من الكلام فهو الشتم، وإن كان من الملل فهو الكفر، وإن كان من الطعام فهو الحرام، وإن كان من الشراب فهو الضار.
باب: كراهية استقبال القبلة عند الحاجة
كتاب الإيجاز في شرح سنن أبي داود - النووي [النووي]
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستطيب بيمينه، وكان يأمر بثلاثة أحجار، وينهى عن الروث والرمة "
قوله - صلى الله عليه وسلم -: " إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم "، قيل فيه ثلاثة أقوال (١):
- أحدهما: قول الخطابي (٢): " إنه كلام بسط وتأنيس لهم (٣)؛ لئلا يحتشموه في السؤال عما يحتاجون إليه في أمر دينهم (٤).
ومعناه: لا تستحيوا من سؤالي عما تحتاجون إليه كما لا تستحيون من الوالدين، وأنا لا أستحييكم في ذلك كما لا يستحيي الوالد من ذكر ذلك لولده.
- والثاني: بمنزلة الوالد في الشفقة عليكم، والاعتناء بمصالحكم في الدين والدنيا، وبذل الوسع في ذلك كما يفعل الوالد.
- والثالث: إنه بمنزلة الوالد في المعنيين جميعا.
- والرابع: إن ذلك من باب التمهيد بكلام بين يدي المقصود لا سيما في ما يستحيى منه في العادة.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: " فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها ".
قال الخطابي (٥): " وأصل الغائط: المكان المطمئن (٦)، كانوايقصدونه لقضاء الحاجة (١)، فكنوا به عن نفس الخارج (٢) من الإنسان كراهة لذكره باسمه الصريح (٣)، وعادة العرب التعفف في ألفاظها (٤)، وصيانة الألسنة عما تصان عنه الأسماع والأبصار ".
وأما حكم استقبال القبلة واستدبارها بالبول أو الغائط، فجاء في هذا الحديث وفي حديث أبي أيوب بعده (٥) وغيرهما (٦) النهي عنه، وفي حديثي ابن عمر (٧) وجابر (٨) المذكورين في الباب إباحته، واختلف العلماء لذلك فيه على أربعة مذاهب (٩):
- أحدها: إن ذلك جائز في البنيان، حرام في الصحراء، وحملوا أحاديث النهي على الصحراء، والإباحة على البنيان، وممن قال بهذا: أبو العباس بن عبد المطلب
باب: كراهية استقبال القبلة عند الحاجة 2
كتاب الإيجاز في شرح سنن أبي داود - النووي [النووي]
قوله - صلى الله عليه وسلم -: " ولا يستطيب بيمينه "، هكذا هو في عامة النسخ (ولا يستطيب) بالياء، وهو صحيح. وهو نهي بلفظ الخبر، كقوله تعالى: {لا تضآر والدة بولدها} [البقرة: ٢٣٣]، وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يبيع أحدكم على بيع أخيه " (١)، ونظائره، وهذا أبلغ في النهي؛ لأن خبر الشارع لا يتصور خلافه، وأمره قد يخالف، فكأنه قيل: عاملوا هذا النهي معاملة الخبر الذي لا يقع خلافه (٢).
والاستطابة والإطابة والاستنجاء يكونان بالماء، ويكونان بالأحجار، وأما الاستجمار فمختص بالأحجار (٣)، وهو مأخوذ من الجمار وهي لحصى الصغار، وسمي استطابة لأنه يطيب النفس بإزالة الخبث قوله: " وكان يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الروث والرمة ": هي بكسر الراء، وهي العظم البالي (٩)، سمي بذلك؛ لأن الإبل ترمه أي تأكله، ويقال لها الرميم أيضا، ففيه النهي عن الاستنجاء بالروث وكل ما فيه معناه، وهو المطعوم والمحترم (١).
وفيه أن العظم لا يجوز الاستنجاء به وإن أحرق وخرج عن هيئة العظم، وهذا هو الأصح عندنا، وحكى الماوردي وجها أنه يجوز حينئذ (٢).
وفيه أن الأحجار لا تتعين؛ لأنه لما أمر بالأحجار واستثنى الروث والرمة، دل على أن لفظ الأحجار ليس المراد منه عينها، إذ لو أراد عينها لم يحتج إلى استثناء الروث والرمة، وإنما ذكرت الأحجار لتيسرها (٣)، والله أعلم.
باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء
كتاب الإيجاز في شرح سنن أبي داود - النووي [النووي]
حدثنا عمرو بن محمد الناقد، ثنا هاشم بن أبو القاسم، ثنا إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، قال: حدثتني عائشة [رضي الله عنها]: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج من الغائط قال: " غفرانك "
قولها: " كان إذا خرج من الغائط قال: غفرانك "، أي: أسألك غفرانك، أو اغفر غفرانك. والغفران مصدر بمعنى المغفرة، وأصله الستر. والمراد بغفران الذنب: إزالته وإسقاطه (١)، قال الخطابي (٢) وغيره: في سبب قوله - صلى الله عليه وسلم - هذا الذكر في هذا الموطن قولان:
أحدهما: إنه استغفر من ترك ذكر الله تعالى حال لبثه على الخلاء، وكان لا يهجر ذكر الله تعالى إلا عند الحاجة ونحوها.
والثاني: إنه استغفر خوفا من تقصيره في شكر نعمة الله التي أنعمها عليه، فأطعمه ثم هضمه ثم سهل خروجه، فرأى شكره قاصرا عن بلوغ حق هذه النعم، فاستغفر
باب: كراهة مس الذكر باليمين في الاستبراء
كتاب الإيجاز في شرح سنن أبي داود - النووي [النووي]
حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل، قالا: ثنا أبان، ثنا يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه، وإذا أتى الخلاء فلا يتمسح بيمينه، وإذا شرب فلا يشرب نفسا واحدا "
وفي حديث أبي قتادة كراهة مس الذكر باليمين من غير حاجة، ولا فرق بين حال الاستنجاء وغيره، وإنما ذكرت حالة الاستنجاء في الحديث تنبيها على ما سواها؛ لأنه إذا كان المس باليمين مكروها في حال الاستنجاء -مع أنه مظنة الحاجة إليها- فغيره من الأحوال التي لا حاجة فيها إلى المس أولى، ويلتحق بالذكر الدبر، والمرأة كالرجل في كراهة مس القبل والدبر باليمين، وسبب الكراهة: إكرام اليمين.
وفي هذا الحديث مع حديثي عائشة وحفصة المذكورين بعده دليل لقاعدة مهمة في الأدب، وهي أن ما كان بخلافه فلليسار، فإن أراد الاستنجاء من البول أمسك الذكر بيساره ومسحه على حجر بين يديه، فإن كان صغيرا جعله بين عقبيه، فإن عجز أخذ الحجر بيمينه ومسح عليها، وحرك اليسار دون اليمين
قوله - صلى الله عليه وسلم -: " وإذا شرب فلا يشرب نفسا واحدا " ؛ هذا نهي تنزيه وأدب (١)، والحكمة فيه أنه إذا قطع شربه بثلاثة أنفاس كان أهنأ وأبلغ في ريه، وأخف لمعدته، وأحسن في الأدب، وأبعد من فعل أهل الشره (٢).
قولها: " كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه، ويجعل شماله لما سوى ذلك " ؛ ليس هذا على ظاهره، بل المراد: لطعامه وشرابه وثيابه وما كان في معناه مما هو نظافة أو زينة أو نحو ذلك: كالسواك (٣)، والاكتحال، والأخذ، والعطاء، ونحو ذلك (٤)، واليسرى لما سوى ذلك (١)، وقد فسرته رواية عائشة - رضي الله عنه -
باب: الاستنجاء بالأحجار
كتاب الإيجاز في شرح سنن أبي داود - النووي [النووي]
حدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد، قالا: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن مسلم بن قرط، عن عروة، عن عائشة قالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن، فإنها تجزيء عنه "
في الحديثين: دليل لجواز الاقتصار على الأحجار مع وجود الماء ومع عدمه، وأنه يشترط ثلاث مسحات، وأنه لا يجزيء النجس، وأن ثلاثة أحجار أفضل من حجر له ثلاثة أحرف.
باب استحباب الاستنجاء بالماء
حدثنا وهب بن بقية، عن خالد -يعني: الواسطي- عن خالد -يعني: الحذاء-، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أنس بن مالك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل حائطا، ومعه غلام معه ميضأة، وهو أصغرنا، فوضعها عند السدرة، فقضى حاجته فخرج علينا، وقد استنجى بالماء
قوله: " عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل حائطا ومعه غلام معه ميضأة، وهو أصغرنا... " إلى آخره.
الحائط هنا: هو البستان للنخل إذا كان له جدار، وجمعه حوائط (١).
وأما الميضأة: فبكسر الميم وبهمزة بعد الضاد، وهو إناء يسع ماء الوضوء، يشبه المطهرة (٢)، مشتقة من الوضاءة وهي النظافة، ومنها الوضوء (٣).
فيه استحباب الاستنجاء بالماء، وجواز حمل الخادم الماء إلى المغتسل ولا كراهة فيه، وأن الأدب أن يتولى ذلك الصغار.
وفيه رد على طائفة من السلف كرهوا الاستنجاء بالماء (٤) قال لخطابي (١): " وزعم بعض المتأخرين أن الماء مطعوم فكره لذلك "، قال: " والسنة تبطل قوله ".
باب: التخلي عند قضاء الحاجة
كتاب الإيجاز في شرح سنن أبي داود - النووي [النووي]
عن أبي سلمة عن المغيرة بن شعبة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ذهب المذهب أبعد
وله: " إذا ذهب المذهب أبعد "، أي: إذا ذهب لقضاء حاجة الإنسان.
والمذهب: اسم موضع التغوط، يقال له: المذهب والخلاء والمرفق والمرحاض، قاله أبو عبيد (١) وغيره.
فيه: استحباب الإبعاد في ذلك إذا أمكن