(حين يقبل رمضان وتتفتح أبواب السماء لنتعلم من زكريا عليه السلام...أدب الدعاء)
لا أعلم قصة دعاء في القرآن العظيم أوسع بسطا ولا أطول سياقا من دعوة زكريا عليه السلام بالولد...
وقد افتتح الله بها سورة مريم
وفيها جمع الله لنبيه من أدب الدعاء ما تقصر عنه الألسن والعقول
وفي مطلع السورة يقول سبحانه
(ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادى ربه)
أي هذا خبر رحمة الله لعبده حين ناداه
أي أن زكريا استرحم به ربه تعالى حتى رحمه سبحانه..
فمعقد الدعاء المستجاب القيام بثياب الاسترحام والضعف والمسكنة والانكسار والانقطاع واستجماع القلب لأحزانه وهمومه وضعفه وفاقته حتى يغشاه الأسى على نفسه والحزن لها من كل مكان. فيرحمه ربه
تفكر في فقرك واضطرارك وهمومك وبلاياك ومرضك وخوفك وشجون حياتك ووالديك وأولادك ودنياك وآخرتك.
ثم صغ كل هذا الأسى في الدعاء كما فعل زكريا عليه السلام
(قال رب إني وهن العظم مني)
وهن والوهن شدة الضعف
فلم يقل (ضعف العظم مني)
وذلك ليبلغ أقصى الشكوى وغاية الانطراح
استوف شكواك
واذهب عميقا حتى تصل إلى عروق ألمك وأقاصي وجعك.
لا تقدم شكوى باردة
وقال
(العظم )
وال هنا الاستغراقية التي استجمع الداعي كل عظامه فيها.
شكى الوهن الساري في كل عظم التي هي بناء البدن وأقوى ما فيه
فكأنه يقول:
يارب وهنت أنا وبلغت غاية الضعف ولم يعد لي قوة أتقوى بها... حتى العظام التي هي آخر ما يستند عليه البدن.. يارب....غشيها الضعف كلها.
مختارات