حكم ترداد أذكار الصباح والمساء خلف أو مع برامج الأذكار في الكمبيوتر أو القنوات الفضائية ؟
أعلم بأنه من المفترض أن نقوم بقول أدعية الصباح والمساء (الأذكار) بين الفجر والشروق، وبعد العصر، فهل هناك بأس فى تشغيل إسطوانة كمبيوتر للأذكار (التي هي من السنَّة) بمنزلنا والاستماع إليها وأحيانا القول معها؟ لن يكون هذا بدعة أليس كذلك؟.
الجواب:
الحمد لله
" أذكار الصباح والمساء " - وتُسمَّى: " أذكار اليوم والليلة " و " أذكار طرفي النهار " -: هي من الأذكار والأدعية التي يقوم بها العبد المسلم منفرداً بينه وبين ربِّه تعالى، ولم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا هدي أصحابه الاجتماع عليها، وعليه: فإن ذكرها جماعيّاً من البدع المذمومة، وصور الاجتماع المبتدع عليها له:
1. أن تقال مع مجموعة بصوت واحد.
2. أن تقال بقيادة، فيقولها قائد المجموعة ويرددها وراءه الحضور، أو يؤمِّنون على أدعيته إذا دعا.
ولا يختلف الحكم فيما لو كان الذِّكر صادراً من شخص أو صادراً من " مسجل " أو " راديو " أو " فضائية " – وقد انتشرت برامج " أذكار الصباح والمساء " في كثير من القنوات الإسلامية ! ووجب عليهم تنبيه الناس لحكم الترديد معها أو خلفها -.
عن أبي البختري قال: أخبر رجلٌ ابنَ مسعود رضي الله عنه أن قوماً يجلسون في المسجد بعد المغرب فيهم رجل يقول: كبِّروا الله كذا، وسبحوا الله كذا وكذا، واحمدوه كذا وكذا، قال عبد الله: فإذا رأيتَهم فعلوا ذلك فأتني فأخبرني بمجلسهم، فلما جلسوا أتاه الرجل، فأخبره، فجاء عبد الله بن مسعود فقال: والذي لا إله إلا غيره، لقد جئتم ببدعة ظلماً، أو قد فضلتم أصحاب محمد علماً، فقال عمرو بن عتبة: نستغفر الله، فقال: عليكم الطريق فالزموه، ولئن أخذتم يميناً وشمالاً لتضلن ضلالاً بعيداً.
رواه الدارمي (1 / 68، 69) وابن وضاح في " البدع " (ص 8 - 10) من طرق عدَّة عن ابن مسعود، وأورده السيوطي في " الأمر بالاتباع " (ص 83، 84) وقال محققه: " والأثر صحيح بمجموع طرقه ".
قال الشيخ بكر أبو زيد – رحمه الله -:
وِرد الصباح والمساء من الأدعية والأذكار المرتبة في الزمان، فعلى العبد المسلم التقيد بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالصفة التي ثبتت: يُورد به منفرداً على وجه التضرع والإسرار ؛ لهذا فإن ما يُضاف إلى ذلك من قراءة الوِرد الشرعي جماعيّاً، أو يقرؤه واحد والبقية يتلقونه، أو يؤمنون، مع التمايل، أو وهم وقوف: كل هذه بدع إضافية، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).
" تصحيح الدعاء " (ص 349).
وانظر نقلاً آخر عن الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله في جوابي السؤالين (105644) و (132538).
ويُستثنى مِن المنع مَن يستمع أذكار الصباح والمساء سماعا مباشرا من أحد الأشخاص، أو مِن خلال " إسطوانة " أو من " فضائية " إذا كان بقصد ضبط اللفظ والتعلم، كأن يكون ضعيف القراءة، فيحتاج إلى من يصحح له قراءته للأذكار، أو عاميا ضعيف الحفظ، فيحتاج إلى أن يرددها خلف غيره لعدم قدرته على الحفظ، على أن يلتزم ذلك لفترة ثم يتركه إذا انتهى من بغيته ؛ فمتى تعلم قراءتها بنفسه: استغنى عن ذلك الترداد، وهكذا إذا أمكنه ضبطها وحفظها.
قال الإمام الشافعي – رحمه الله -:
وأختار للامام والمأموم أن يَذكرا الله بعد الانصراف من الصلاة ويخفيان الذكر، إلا أن يكون إماماً يجب أن يُتعلم منه فيَجهر حتى يَرى أنه قد تُعلِّم منه ثم يسِرُّ ؛ فإن الله عز وجل يقول (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا) الإسراء/ 110، يعنى - والله تعالى أعلم -: الدعاء، (ولا تجهر) ترفع، (ولا تخافت) حتى لا تسمع نفسك.
" الأم " (1 / 127).
ولينظر جواب السؤال رقم (145574).
مختارات