التأثر بالقرآن
حدوث التذكرة والتأثر بالقرآن يستلزم وجود قلب حي يتأثر بالموعظة القرآنية وتهز أركانه تلك المعاني المبهرة المبثوثة من خلال الوحي الكريم؛ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْب} [ق:37].
لكن هذا القلب السليم ليس متوفرا بشكل دائم..
بل هو في الحقيقة من الندرة بمكان!!
فما العمل إذاً إن لم يتوفر هذا النوع من القلوب؟!
وهل على صاحب القلب القاسي - وما أبريء نفسي- أن يفقد الأمل في حدوث التغيير المنشود من خلال القرآن؟
الجواب: لا
الله جل وعلى بيَّن طريقة بديلة؛ على من يفتقر للقلب السليم الحيّ وينشده أن يسلكها.. إنها طريقة الاستماع والمشاهدة {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:37]
تأمل قوله ألقى..
أن تلقي بجارحة سمعك على باب التدبر وأن تقطع كل العلائق السمعية الأخرى حين الاستماع للقرآن..
وأن تشحذ تلك الجارحة بكامل قوتها متشوقا لكل حرف قرآني تتلوه أو يُتلى عليك..
وأن تفعل ذلك جنبا مع انتباه كامل وإيقاظ للذهن الذي يقع على عاتقه الركن الثاني لتلك الطريقة..
المشاهدة!
أن تنصت بأذنك الآيات بينما تغلق عين بصرك وتفتح عين بصيرتك لتشهد الأحداث والوقائع القرآنية كأنها رأي عين. ترى بعين الشهود مصارع الأمم ومهلك الظالمين الصادين عن سبيل الله؛ وتشهد أحداث القيامة وأهوال النشور ومحطات الآخرة التي تتوالى على سمعك كأنك جزء منها فأنت تدرك أنك ستكون يوما بالفعل جزءا منها!
تتأمل مواقف النبيين وبطولات المرسلين ومنازل الصالحين وكأنك كنت هنالك.. معهم.
تحزن لحزنهم وتتهلل أساريرك لفرحهم وتصدع معهم بكلمات الحق التى قذفوها فى وجه الباطل؛ تبحر مع نوح وتتوكل مع هود وتحطم الأصنام مع إبراهيم وتصبر مع أيوب وتُسبِّح مع داوود وتصدع مع موسى وتثبت مع يوسف وتعبد ربك مع محمد حتى يأتيك اليقين.
تنتقل من مشهد إلى آخر ومن قصة إلى أخرى وتدور مع المعانى و الأمثال والمشاهد القرآنية حيث دارت تلك هي المشاهدة وذلك هو الاستماع وبهما أو بالقلب السليم؛ يحدث الانتفاع بآيات الذكر الحكيم.
مختارات