" مع الأصفياء والخُلَّص "
" مع الأصفياء والخُلَّص "
مما يجب على طالب السمو نحو أصفيائه وأهل بيته وقلبه: السكوت عن ذكر المعايب والمماراة والجدل المذموم وعدم السؤال فيما يحرج وكتمان السر وعدم القدح والسكوت عن كل ما يكرهه إخوانه، والتودد باللسان وتفقد الأحوال وإظهار انشغال القلب بهم وإبداء السرور بما يفرحهم، والثناء عليهم عند غيرهم وذب الغيبة عنهم والدعاء الخالص لهم والوفاء والإخلاص والثبات على الحب إلى الموت والإحسان لأهلهم وأصدقائهم بعد الموت، وأن لا يتغير على إخوانه عند حصول نعمة كبيرة له وترك التكلف والتكليف... يجب أن يكون لهم أبًا برًا عطوفًا وأخًا محبًا نصوحًا مكاشفًا.
إلى ما لا ينتهي من أخلاق وذوقيات يجب أن تتوفر في نفس طالب السمو؛ فاليوم خلق وغدًا مثله حتى يجتمع سيل خلقي مهذب.
وعلامة هذه الأخلاق والذوقيات الأنس بها من قبل النفس والعقل والقلب ويعضدها عرف الناس.
ومما يجدر التنبيه عليه في هذا الموضع:
الجد الجدّ في مسألة اكتساب الأخلاق أو معالجة العيوب حتى وإن بدا صغيرًا في العين ومن فرَّط فقد حكم على نفسه بالعجز عن الكمال؛ يقول أبو الطيب:
ولم أر في عيوب الناس شيئًا كنقص القادرين على التمام
«حق إن أكبر العيوب عيوب الناس جميعًا أن يرضى الإنسان النقص في قول أو فعل أو فكر وهو قادر على أن يبلغ التمام، ذلكم أعظم العيب لأنه عيب كلي يرضي الإنسان بما دون الغاية في كل أموره ويرضي الجماعة بما دون الغاية في كل شؤونها، وما الجماعة إلا وحدانها، والإنسان مدعو في هذه الحياة إلى العمل ليزيد في نفسه وفي جماعته حتى يبلغ التمام أو يقاربه جهده، والكمال لا ينال إلا بمحاولته والسعي إليه والكد له والصبر في طلبه، تعترض الإنسان عقبات لا حيلة له فيها وهو إن ثار وصبر اقتحمها اليوم أو غدًا؛ أما إن وقف محتارًا وكف عن المسير قادرًا لا سبيل إلى بلوغ الغاية ولن تتم الأعمال التي تيم الإنسان بتمامها في هذه الحياة» (الشوارد).
مختارات