رؤية الله في الجنة
إن نعيم الجنة الحقيقي ليس في طعامها، ولا في ثمرها، ولا في حريرها، ولا في عسلها، ولا في بنائها، ولا في قصورها، ولا في حورها، ولكن نعيم الجنة الحقيقي في رؤية وجه الله الكريم:
{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } (القيامة:22-23)
و { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } (يونس:26)
والحسنى: هي الجنة،
والزيادة: هي التمتع بالنظر إلى وجه رب الجنة جل وعلا، هذه هي غاية المنى، وهذا هو غاية المراد، أن نتمتع بالنظر إلى وجه الكريم عز وجل،
والحديث رواه أكثر من عشرين صحابياً في الصحيحين وغيرهما.
عن صهيب الرومي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي عليهم رب العزة جل وعلا ويقول: يا أهل الجنة! هل أزيدكم شيئاً؟ فيقول أهل الجنة: يا رب! وأي شيء تزيدنا؟ ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة؟ ألم تنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أعظم من النظر إلى وجه الله الكريم )
وفي حديث آخر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( إذا ما دخل أهل الجنة الجنة نادى عليهم رب العزة جل وعلا وقال: يا أهل الجنة! يا أهل الجنة! فيقول أهل الجنة: لبيك ربنا وسعديك، والخير كله في يديك.
فيقول لهم ربنا: يا أهل الجنة! إني قد رضيت عنكم فهل رضيتم عني؟ فيقولون: سبحانك ربنا وما لنا لا نرضى وقد أدخلتنا الجنة، وبيضت وجوهنا، ونجيتنا من النار؟
فيقول الله جل وعلا: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟
فيقول أهل الجنة: وأي شيء أفضل من ذلك يا ربنا؟
فيقول الله جل وعلا: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً ) أخرجه البخاري ومسلم.
فأعظم نعيم الجنة هو أن نتمتع بالنظر إلى وجه الله عز وجل؛ لأن الله سبحانه سيكلمنا ليس بيننا وبينه ترجمان.
عن عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر العبد أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر العبد أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة ) صحيح البخاري.
هذه هي الجنة، والحديث عن الجنة يطول وهذا كله ما هو إلا تقريب للمعاني.
ويعجبني الكلام الذي قاله الشيخ الشعراوي، حينما استقبل في قصر من قصور الضيافة في أمريكا، وانبهر الناس من حوله بهذا البناء والإعداد، فقال لهم: هذا العالم، هذا إعداد البشر للبشر، فما بالكم بإعداد رب البشر، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وصدق علي بن أبي طالب رضي الله عنه حينما قال:
وَاعْمَلْ لِدَارِ غَدٍ رِضْوَانَ خَازِنِهَا *** وَالْجَارُ أَحْمَدَ وَالرَّحْمَنُ بَانِيهَا
قُصُورُهَا ذَهَبٌ وَالمِسْكُ طِينَتُهَا *** وَالزَّعْفَرَانُ حَشِيشٌ نَابِتٌ فِيهَا
أَنْهَارُهَا عَسَلٌ مُصَفَّى وَمِنْ لَبَنٍ *** وَالْخَمْرُ يَجْرِي رَحِيقًا فِي مَجَارِيهَا
وَالطَّيْرُ تَجْرِي عَلَى الأَغْصَانِ عَاكِفَةٌ *** تُسَبِّحُ اللهَ جَهْرًا فِي مَغَانِيهَا
فَمَنْ يَشْتَرِي الدَّارَ فِي الفِرْدَوْسِ يَعْمُرُهَـا *** بِرَكْعَةٍ فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ يُخْفِيهَا
اللَّهُمَّ ارزقنا الخُلْدَ في جنانِك، وأحِلَّ علينا فيها رضوانَك، وارزقْنا لَذَّة النظرِ إلى وجهك والشوقَ إلى لقائك من غيرِ ضرَّاءَ مُضِرَّة ولا فتنةٍ مُضلةٍ
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل
مختارات