موقف الشيخ الألباني من تغطية الوجه
فرح المخلفون بكتاب الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:
" الرد المفحم، على من خالف العلماء وتشدد وتعصب، وألزم المرأة أن تستر وجهها وكفيها وأوجب، ولم يقنع بقولهم: إنه سنة ومستحب "
وكرهوا أن يروا المرأة المسلمة مغطية وجهها وسائر زينتها..
وقالوا: الحجاب يجلب الضيق والكآبة والضجر والحر..
{قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون * فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون}.
ولست بصدد مناقشة موقف الشيخ الألباني رحمه الله تعالى من تغطية الوجه، حيث إنه من المعلوم لكل طالب علم منذ القديم أن الشيخ يرى جواز كشف الوجه، ذكر ذلك في كتابه:
" جلباب المرأة المسلمة "..... الذي ألفه سنة 1370هـ..
ثم أكده في المؤلف الجديد المذكور آنفا، والذي كتبه سنة 1411هـ أي من قبل عشرة أعوام..
وليس هو في هذا القول بدعة من الأمر، بل سبقه إلى ذلك طائفة من أهل العلم منذ القديم، فهو أحد القولين المشهورين بين علماء الأمة:
جواز التغطية، ووجوب التغطية.
إنما الغرض بيان كيف عبث المستغربون المحبون لكشف ستر المرأة بقول الشيخ، حتى وصل بهم الأمر إلى التقول والكذب عليه، فقد زعموا أن الشيخ يرى أن الكشف أفضل من التغطية، هكذا، لمجرد أنه كتب كتابا يقول فيه بجواز التغطية، يرد فيه على من أوجب...
ولعمري إن هذا لعين الافتراء على الشيخ رحمه الله، لم يقل به، ولا يعرف عن عالم مسلم تفضيله الكشف على التغطية، إذ الأمة مجمعة من غير خلاف، من قال منها بجواز الكشف، على أن التغطية أفضل، ودليل ذلك:
إجماع الأمة على وجوب تغطية الوجه على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى:
{وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب، ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}..
وهذه الآية نص في وجوب تغطية الوجه بغير خلاف بين أحد من العلماء، فمنهم من يقصره على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يعمه على جميع النساء، وهو الصواب، لأن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.
أما الشيخ فلا ريب أنه يقول بأفضلية التغطية، يعلم هذا كل من قرأ له، وعرف حاله، لكن المفترين لا يريدون هكذا، فكما أعجبهم أن الشيخ قال بجواز الكشف، ليكون وسيلة لهم لإفساد الأمة، بالتسلق على أقوال هذا العالم، كما يفعلون ذلك دائما، كلما كانت لهم حاجة، وكما فعل أسلافهم الذين قال الله تعالى فيهم:
{ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين * وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين * أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون}..
فكما أعجبهم قول من يقول بجواز كشف الوجه فأتوا إليه مذعنين، لا لحبهم للدليل واتباع ما أنزل الله، بل لهوى في نفوسهم، كذلك أعجبهم أن يفتروا على الشيخ فادعوا أنه يفضل الكشف على التغطية، ليكشفوا للجميع حقيقة أمرهم، وأنهم ما هم إلا متبعين للهوى، يريدون كيدا، وأنى لهم ذلك؟!..
ومع أن رأي الشيخ معلوم في قوله بأفضلية التغطية، إلا أننا سنذكر ما يدل على ذلك:
1- لننظر في عنوانه كتابه:
" الرد المفحم، على من خالف العلماء وتشدد وتعصب، وألزم المرأة أن تستر وجهها وكفيها وأوجب، ولم يقنع بقولهم: إنه سنة ومستحب "
قوله: " ولم يقنع بقولهم: إنه سنة ومستحب " دليل بين صريح على موقف الشيخ، فما هي السنة، وما المستحب؟.
السنة: ما يثاب فاعله، ولا يعاقب تاركه، والمستحب كذلك؛ إذن الشيخ يرى أن التغطية سنة مستحبة، لم يقل:
مباح، جائز، بل قال: سنة، مستحب؛ وهذا ألفاظ شرعية تدل على الأفضلية، لا يجادل في ذلك إلا جاهل أو مفتر، ولما كان هؤلاء يعلمون ذلك أخفوا هذه الجملة لما نشروا كتابه، فلم يذكروها…؟؟؟؟!!!!!!!!.
2- قال في كتابه هذا " الرد المفحم " ص1:
" كما أنهم يعلمون أني لا أنكر مشروعيته "، والمشروع هنا هو تغطية الوجه، وأما الكشف فهو جائز، ومعلوم المشروع وهو ما شرعه الله تعالى أفضل من الجائز، وهو ما أباحه الله تعالى.
3- وقال عند كلامه عن حديث أسماء:
قد قررنا مرارا أن تغطية المرأة وجهها هو الأفضل، خلافا لما افتراه الأفاكون علينا..
4- قال رحمه في كتابه جلباب المرأة المسلمة ص105: " مشروعية ستر الوجه:
هذا؛ ثم إن كثيرا من المشايخ اليوم يذهبون إلى أن وجه المرأة عورة، لا يجوز لها كشفه، بل يحرم، وفيما تقدم في هذا المبحث كفاية في الرد عليهم، ويقابل هؤلاء طائفة أخرى، يرون ستره بدعة وتنطع في الدين، كما قد بلغنا عن بعض من يتمسك بما ثبت في السنة في بعض البلاد اللبنانية، فإلى هؤلاء الإخوان وغيرهم نسوق الكلمة التالية:
ليعلم أن ستر الوجه والكفين له أصل في السنة، وقد كان ذلك معهودا في زمنه صلى الله عليه وسلم كما يشير إليه صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تفسير سورة النور ص56:[وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن].
والنصوص متضافرة على أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يحتجبن حتى في وجوههن "..
5- الشيخ يقول بوجوب التغطية إذا خشيت المرأة على نفسها الفتنة، يقول:
" ولو أنهم قالوا: يجب على المرأة المتسترة بالجلباب الواجب عليه إذا خشيت أن تصاب بأذى من الفساق لإسفارها عن وجهها: أنه يجب عليها في هذه الحالة أن تستره دفعا للأذى والفتنة، لكان له وجه في فقه الكتاب والسنة..
بل قد يقال: إنه يجب عليها أن لا تخرج من دارها إذا خشيت أن يخلع من الجلباب من رأسها من قبل بعض المتسلطين الأشرار المدعمين، من رئيس لا يحكم بما أنزل الله، كما وقع في بعض البلاد العربية منذ بضع سنين مع الأسف الشديد..
أما أن يجعل هذا الواجب شرعا لازما على النساء في كل زمان ومكان، وإن لم يكن هناك من يؤذي المتجلببات فكلا ثم كلا ". جلباب المرأة المسلمة ص17
فهو بالرغم من قوله بجواز كشف الوجه على وجه الإباحة ـ مع كونه يرى الأفضل هو التغطية ـ إلا أنه يرى، لا أقول وجوب التغطية فحسب، بل وجوب القرار في البيت، ألا تخرج أصلا، إذا خافت على نفسها أذى السفهاء.
وما كنت أظن أنا بحاجة إلى إيراد هذه الأدلة على موقف الشيخ من أفضلية التغطية، لأنه معروف لكل طلاب العلم ذلك، ولا يظن به غير ذلك، لكن تلاعب المتلاعبين بكلام الشيخ هو الذي أوجب هذا التفصيل لبيان الحقيقة.
إن معركة الحجاب ليست بين الموجبين للتغطية والمبيحين للكشف من العلماء، بل هي بين كافة علماء الأمة من أوجب ومن أجاز، وبين المستغربين رسل الشيطان لهتك ستر الأمة، وإبراز عورات نسائها، وهاكم الدليل:
- من أجاز الكشف من العلماء، أجازه مستندا إلى الدليل الشرعي، بغض النظر عن صوابه أو خطئه، أما دعاة السفور فلا يؤمنون بالدليل أصلا، بل يكرهون ما أنزل الله، ويتبعون أهواءهم وشهواتهم، فمصدر التلقي عند الفريقين مختلف اختلافا جذريا وكليا، هذا يتلقى من الكتاب والسنة، وذاك يتلقى عن الهوى والفكر الغربي.
- من أجاز الكشف يرى التغطية أفضل، ولا يجادل في هذا أحد، بينما دعاة السفور يرون الكشف أفضل بإطلاق، ليس كشف الوجه فحسب، بل كشف سائر البدن، حتى تغدو المرأة بلا ستر ولا حياء، وما افتراءهم وتقولهم على الشيخ أنه قال بأفضلية الكشف إلا دليل من الأدلة على ما قلنا.
- من أجاز الكشف يرى وجوب التغطية حال الفتنة، بينما دعاة السفور يرومون الفتنة ويبحثون عنها، ويشجعون على الكشف لأجل إثارة الفتنة والفساد، والدليل قولهم أن الكشف أفضل من التغطية، مخالفين بذلك إجماع المسلمين.
نقول هذا لأن المستغربين، دعاة السفور، يسعون جاهدين للالتصاق والانتساب إلى العلماء القائلين بكشف الوجه، ليوهموا الناس أنهم منهم، وما هم منهم، وغرضهم من ذلك حماية أنفسهم من اكتشاف حقيقة دعوتهم في نشر الرذيلة ونزع الحجاب وهتك ستر المرأة، وأيضا من أجل السلامة من سخط الناس ونبذهم. إن الأمة منذ القديم مجمعة على أن الفتنة داعية للتغطية..
والفتنة هنا هي:
أن تكون المرأة شابة، أو جميلة، أو أن يكثر الفساق والمتهاونون بالأعراض..
ذهب إلى ذلك الحنفية الحنابلة والمالكية والشافعية (أورد أقوالهم الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم في كتابه " عودة الحجاب " )..
بل ذهب بعض العلماء إلى إيجاب التغطية حتى على الأمة، إذا صارت فاتنة، وكل ذلك مفهوم في ظل حرص العلماء على عفاف وستر نساء المؤمنين، وتأمل في قول عائشة رضي الله عنها:
(لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء، لمنعهن المسجد، كما منعه نساء بني إسرائيل)0..
تدرك هذا، حيث رأت منع النساء من الخروج من البيت، إذا تغير الحال، والقرار في البيت أكبر من تغطية الوجه.
ونحن نقول:
ألا ترون قدر الفتنة التي تكون اليوم جراء خروج الفتاة من بيتها؟..
الخروج لوحده يستفز السفهاء ليحوموا حول الحمى، فما بالكم حينما تكشف عن وجهها، وكلكم سمع ورأى من مثل هذا، ما صار مشهورا..
بالإضافة إلى الكيد الكبير الذي يخطط له أعداء الحجاب، وهو معلوم لا يخفى..
إذن، نحن نعيش حالة حرب حقيقة مع أعداء الحجاب، وكل متبصر، أو لديه نصف تبصر يدرك هذا، وعلى هذا:
فكل العلماء يجمعون أنه في زمان كهذا يجب التغطية، حتى من أجاز؟…
والحكمة والعقل يأمران بالحجاب والتغطية، وأن ندعوا إلى هذه الفضيلة درءا لهذه الفتنة العمياء؟.
ثم إن التغطية دين وشريعة ماضية، ليست ترسبات اجتماعية قائمة على التقاليد، فكل ما دلت عليه النصوص فهو دين وليس تقليدا أو عادة، وإن ترسخه في المجتمع وعمل الناس به لا يخرجه عن كونه دينا، وهاكم أدلة الحجاب مختصرة مبينة: قال تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.
هذا نص صريح في وجوب تغطية الوجه، ولما كان كذلك ادعى المخالفون أنه خاص بأمهات المؤمنين!. وهو زعم لا دليل عليه، بل هو دليل من الأدلة على وجوب التغطية، فكيف يؤمر الطاهرات المطهرات أمهات المؤمنين بتغطية الوجه ثم يؤذن لسواهن؟!!..
بل القياس يقول: إذا كان أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن قد أمرن بالحجاب، مع براءتهن وانتفاء الريب عنهن، فسواهن من باب أولى، هذا وقد علل هذا الحكم بقوله: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.. ولايقدر أن يزعم زاعم أن سائر النساء لسن في حاجة إلى طهارة القلب.
وقال: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}.
وقد فسر ابن عباس رضي الله عنه الآية بقوله: " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة "، ومثله عن عبيدة السلماني.
وقال: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، قال ابن مسعود: " الثياب "، أي العباءة أو الجلباب، فلا يمكن ستره، فمعفو عنه، وكذا إذا ما حرك الريح العباءة فظهر منها شيء دون قصد.
وقال: { والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن}، قال الجصاص: " أباح لها كشف وجهها ويدها لأنها لا تشتهى "، أما غير القواعد فمحرم.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان) رواه الترمذي وهذا نص صريح في وجوب ستر سائر البدن من غير استثناء.
فهذا النصوص وغيرها تدل بوضوح على أن ستر الوجه والكفين من الدين لا من العادات أو التقاليد الاجتماعية.
أيهما أعظم فتنة:
آلوجه أم القدم؟..
فهل يعقل أن يأمر الشارع بحجب القدم ويأذن بكشف الوجه؟!!.
ثم إن الأصل في تاريخ الأمة الحجاب، كان النساء في عهد الصحابة يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن،
- قالت عائشة رضي الله عنها:
" يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: { وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، شققن مروطهن فاختمرن بها " البخاري في التفسير، قوله: { وليضربن بخمرهن على جيوبهن}..
قال ابن حجر: " قوله: [فاختمرن] أي غطين وجوههن " الفتح 8/490، ويقال: خمر الإناء إذا غطى وجهه.
- وقالت عائشة: " كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه " أبو داود في الحج، باب: في المحرمة تغطي وجهها
وهذا عام، فقد كانت عائشة تحج مع سائر النساء، وهي تحكي ما كانت تفعله هي وسائر النساء إذا مر الرجال.
- يؤكد هذا أثر قالت فاطمة بنت المنذر قالت: " كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي الصديق فلا تنكره علينا " الموطأ، في الحج، باب: تخمير المحرم وجهه.
- وعن المغيرة بن شعبة قال: " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها فقال:
(اذهب فانظر إليها، فإنه أجدر أن يؤدم بينكما).
قال: فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها، وأخبرتهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهما كرها ذلك، قال: فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها..
فقالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر، وإلا فأنشدك، كأنها عظمت ذلك، قال: فنظرت إليها فتزوجتها " رواه الترمذي في النكاح، باب: ما جاء في النظر إلى المخطوبة
فهذا الأثر صريح في تغطية الوجه، فالمغيرة جاء لينظر إلى وجهها، وأبواها كرها ذلك، وهي قبلت امتثالا للأمر النبوي مع التحريج على الخاطب أن يكون له غرضا آخر بقوله: " إلا فأنشدك "، أي أن تترك النظر إلى وجهي.
وعلى هذا مضى الناس قرنا بعد قرن..
- قال الغزالي وقد عاش في القرن الخامس:
" لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات "..
- وحكى الإمام النووي في روضة الطالبين (5/366) وقد عاش في القرن السابع اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات..
- وقال ابن حجر وقد عاش في القرن التاسع:
" العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال "..
وعلى ذلك كان النساء ثلاثة عشر قرنا، حتى بدايات القرن الرابع عشر الهجري، حيث بدأت دول الغرب تتكالب على دولة الخلافة حتى إذا سقطت تقاسمتها، وكان أول شيء قامت به تعطيل الشريعة ونزع الحجاب ابتداء بغطاء الوجه، فغطاء الوجه هو بداية نزع الحجاب..
فليتنبه لمثل هذا.
فلم تعد القضية فقهية تبحث في كتب الفقه فحسب، بل القضية أكبر من ذلك، إنها قضية مصير لأمة محافظة على حجابها، يراد هتك حجابها، وكشف الوجه هو البداية، قد اتخذ من اختلاف العلماء فيه وسيلة لتدنيس طهارة الأمة، والدليل على هذا:
أنه لا يعرف في تاريخ الأمة وقوع معارك حول قضية الكشف، فلم يحدث في تاريخ الأمة أن اجتمع العلماء المجيزون لكشف الوجه ليخرجوا على الأمة مجتمعين يدعون النساء إلى إزالة غطاء الوجه بدعوى أن المسألة خلافية، كانوا يذكرون ذلك في كتبهم من باب التفقيه فحسب..
أما أن يرتقوا المنابر ويتصدروا المجالس والمنتديات ليقرروا ما ترجح لديهم بإصرار وإلحاح لاينقطع ليحملوا نساء الأمة على كشف الوجه فذلك لم يفعلوه ولم يحصل في تاريخ الأمة، مع أنهم هم الأحق بذلك إن كان في ذلك خير، لأنهم مجتهدون ينطلقون من الشرع وقصدهم نصرته، وهم الذين توصلوا إلى هذا الحكم، لكن ما فعلوا..
لماذا؟..
لأنهم كانوا وهم المجيزون للكشف يعلمون أن التغطية أفضل، ولذا كانوا يدعون الأمة إلى الأفضل، فهذا هو حال العالم الصالح الذي يحب أمته ويريد لها الخير..
أما ما يفعله هؤلاء المستغربون من الدعوة بإلحاح وعلى كافة المستويات مع التلفيق والتلاعب بأقوال العلماء فليس له إلا تفسير واحد هو:
أنهم قد كرهوا هذا الحجاب!..
كرهوا ما أنزل الله!..
كرهوا استتار المرأة وعفتها!..
وضاقت صدورهم ببعدها عن الرجال، فلجؤوا إلى محاربته من خلال الدعوة إلى كشف الوجه بدعوى أن المسألة خلافية، فنرجوا من علمائنا وطلاب العلم القائلين بالكشف أن ينتبهوا لمثل هذا.
مختارات