حصون العفيفات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين..وبعد:
فالمرأة بفطرتها السليمة التي خلقها الله عليها، مجبولة على الحياء، الذي يُعدُّ من الأخلاق الفاضلة في النساء، قال الله عز وجل: { فجاءته إحداهما تمشي على استحياء } [سورة القصص:25]
وفطرتها السليمة تجعلها تبتعد عن مزاحمة الرجال قال الله عزوجل: { ولما ورد ماء مدين وجد عليه أُمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذُودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يُصدر الرِعاء } [سورة القصص:23] فهما تنتظران ذهاب الرعاع ثم تسقيان لغنمهما
وفطرتها السليمة تدفعها لعدم الخروج للعمل إذا وجد من يكفيها ذلك قال عز وجل: { قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استئجرت القوي الأمين } [سورة القصص:26]
وفطرتها السليمة تجعلها ترتدي الملابس الساترة، قال الله عز وجل: { قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبتهُ لُجةً وكشفت عن ساقيها } [سورة النمل:44] قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ومن فوائد الآية الكريمة أن المرأة من قديم الزمان شيمتها التستُّر، لأن قوله: { وكشفت عن ساقيها } دليل على أن الأصل أنها مستورة، وهو كذلك.
وعن ابن عباس صلى الله عليه وسلم قال: جاء إبراهيم عليه السلام بأم إسماعيل وبابنها حتى وضعهما عند البيت ووضع عندهما جراباً فيه تمر وسقاء فيه ماء فجعلت ترضع ابنها وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفذ عطشت وعطش ابنها فانطلقت فوجدت الصفا أقرب جبل يليها فقامت عليه ثم هبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها. [أخرجه البخاري]
هذه هي بعض حال المرأة قبل أن تستولي عليها الشياطين وتُغيّر فطرتها، إلى أن جاء الإسلام بأحكامه وتعاليمه ليعيد للمرأة لفطرتها السليمة الصحيحة، فقد جاء بحصون حصينة منيعة، متى ما تحصنت بها المرأة عاشت بعيدة عن الامتهان، وفي ستر وعفاف.
والعفاف للمرأة هو عزها، فلا مكانة لها ولا قيمة لها بدون العفاف.
ولأهمية العفاف في حياة المرأة فإن العفيفة تتمنى الموت على أن تتهم في شرفها، قال الله عز وجل عن مريم: { فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مِتُّ قبل هذا وكنت نسياً منسياً } [سورة مريم/22،23]
كما أن المُسلمة العفيفة تمرض إذا رُميت في شرفها، فعن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وعن أبيها قالت في حادثة الإفك: قدمنا المدينة فاشتكيتُ حين قدمت شهراً والناسُ يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعر بشيءٍ من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أعرفُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنتُ أرى منه حين أشتكى...حتى خرجتُ..مع أم مسطح...فعثرت في مرطها فقالت: تعس مسطح فقلتُ لها: بئس ما قلت أتسبين رجلاً شهد بدراً؟ فقالت: أي هنتاه ولم تسمعي ما قال؟ قلتُ: وما قال؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضاً على مرضي....فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم أصبحتُ أبكي...فبكيتُ يومي ذلك كله..وقد بكيتُ ليلتين ويوماً لا يرقأ لي دمع ولا أكتحلُ بنوم حتى إني لأظُنُّ أن البكاء فالق كبدي.[متفق عليه]
إن للعفاف فضائل كثيرة:
فهو من أسباب المغفرة ونيل الأجور العظيمة في الآخرة، قال الله عز وجل: { والحافظين فُرُوجهم والحافظاتِ والذاكرين الله كثيراً والذاكراتِ أعدَّ اللهُ لهم مغفرةً وأجراً عظيماً } [سورة الأحزاب/35] وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا صلت المرأةُ خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أيِّ أبوابِ الجنةِ شئِت) [أخرجه ابن حبان]
ومن فضائله: أن الله عزوجل يدفعُ عن العفيفات كل مكروه، قال الله عز وجل عن مريم عليها السلام: { فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً * يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوءٍ وما كانت أمك بغياً * فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً * قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبي}[سورة مريم28-30]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دخل إبراهيم قرية فيها جبار من الجبابرة فقيل له: إن ها هنا رجلاً معه امرأة من أحسن الناس فأرسل إليه فسأله عنها فقال من هذه؟ قال: أختي فأتى سارة وقال: يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك وإن هذا سألني عنك فأخبرته أنك أختي فلا تكذبي فأرسل إليها فلما دخلت إليه قام إليها قال: فأقبلت تتوضأ وتصلي وتقول: اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط عليَّ هذا الكافر قال: فغط حتى ركض الأرض برجله فقال: ادعي الله ولا أضرك فدعت الله فأطلق ثم تناولها ثانية فأُخذ مثلها أو أشدَّ فقال: ادعي الله ولا أضرك فدعت فأطلق فدعا بعض حجبته وقال: إنكم لم تأتوني بإنسان إنما أتيتموني بشيطان فأخدمها هاجر فأتت إبراهيم فقال تردّ الله كيد الكافر[أخرجه البخاري]
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك قالت: أنا والله أعلمُ حينئذ أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظنُّ أن ينزل في شأني وحي يتلى ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله فيَّ بأمر يتلى ولكنت كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا يبرني الله بها قالت فو الله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج أحد من البيت حتى أنزل الله تعالى على نبيه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي قالت فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: (أبشري يا عائشة أما الله عز وجل فقد برأك) [متفق عليه]
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فقال رجل منهم: اللهم كانت لي بنت عم كانت أحبَّ الناس إلي فأردتها عن نفسها فامتنعت منِّي حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت لا أحلُّ لك أن تفُضَّ الخاتم إلا بحقه فانصرفت عنها وهي أحبُّ الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها) [متفق عليه]
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع عن ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين ديناراً على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت فقال: ما يبكيك أكرهتك؟ قالت: لا ولكنه عمل ما عملته قطُّ وما حملني عليه إلا الحاجة فقال: تفعلين أنت هذا وما فعلته اذهبي فهي لك وقال: لا والله لا أعصى الله بعدها أبداً فمات من ليلته فأصبح مكتوباً على بابه أن الله قد غفر للكفل) [أخرجه الترمذي]
وهذه جملة من الحصون التي تحمي المرأة من كل ما يخدش عفافها وشرفها، سميتها: حصون العفيفات، قصرتها على كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ففيهما الخير والبركة والنفع والفائدة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من أصغى إلى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بعقله، وتدبر بقلبه، وجد فيه من الفهم والحلاوة والبركة والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام لا منظومة ولا منثورة.
أسأل الكريم رب العرش العظيم أن ينفع بها كاتبها وقارئها وناشرها في الدنيا والآخرة.
حصن: الدعاء بستر العورات
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: (اللهم إني أسالك العافية في الدنيا والآخرة اللهم إني أسالك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي وآمن روعتي، اللهم أحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي) [أخرجه أبو داود]
حصن: القرار في البيت
قال الله عز وجل: { وقرن في بيوتكن} [سورة الأحزاب/33] وعن أم ورقة بنت نوفل رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قِرِّي في بيتك) [أخرجه أبو داود] وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته....والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها) [متفق عليه]
ويتعلق بهذا الحصون أمور:
*منها: أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في أحب البقاع إلى الله وهي المساجد.
فعن أم حميد الساعدية رضي الله عنها أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت:يا رسول الله إني أحبُّ الصلاة معك قال: (قد علمتُ أنك تحبين الصلاة معي وصلاتُك في بيتك خير من صلاتِكِ في حُجرتِك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي) [أخرجه ابن خزيمة] وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن) [أخرجه أبو داود] وعن أم سلمه رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيرُ صلاة النساء في قَعرِ بيوتهن) [أخرجه أحمد]
* ومنها: المرأة إذا خرجت من بيتها فالشيطان يتطلع إليها ويطمع في إغوائها.
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المرأة عورة فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان) [أخرجه الترمذي]
* ومنها: أن المرأة لا تخرج من بيتها إلا لحاجة.
فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قد أُذن لكن أن تخرجن لحاجتكن) [متفق عليه]
حصن: تغطية الوجه عن الرجال الأجانب
قال الله عز وجل: { ولا يُبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن } [سورة النور/31] وقال الله عز وجل: { وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكُم أطهر لقُلُوبكم وقُلُبهن}[سورة الأحزاب/53] وقال الله عز وجل: { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يُؤذين } [سورة الأحزاب: 59] وعن عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت في حادثة أصحاب الإفك: وكان صفوان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمّرتُ وجهي عنه بجلبابي [متفق عليه] وعنها رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله عز وجل: { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } شققن مروطهن فاختمرن بها[أخرجه البخاري] وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: كنا نغطي وجوهنا من الرجال.[أخرجه ابن خزيمة]
ويتعلق بهذا الحصون أمور:
* منها: أن المرأة التي تُغطي وجهها لا تؤذى من الفساق.
قال الله عز وجل: { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يُؤذين وكان الله غفوراً رحيماً } [سورة الأحزاب/59]
* ومنها: أن تغطية المرأة لوجهها طهارة لقلبها وقلوب المؤمنين من كلِّ خلق هابط.
قال الله عز وجل: { وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكُم أطهر لقُلُوبكم وقُلُبهن} [سورة الأحزاب/53]
* ومنها: أن العفيفة يعظُمُ عليها أن ينظر إليها أجنبي.
فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها فقال: (أذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما) فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها وأخبرتهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهما كرها ذلك فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها فقالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر وإلا فنشتدك كأنها أعظمت ذلك.[أخرجه الترمذي]
حصن: لبس اللباس الساتر للمفاتن
قال الله عز وجل: { يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم } [سورة الأعراف:26] وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) فقالت أم سلمه رضي الله عنه ا: كيف يصنع النساء بذيولهن؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (يرخين شبراً) فقالت إذاً تنكشف أقدامهن، فقال صلى الله عليه وسلم: (فيرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه) [أخرجه أصحاب السنن]
ويتعلق بهذا الحصون أمور:
* منها: أن كشف العورات بعدم ارتداء اللباس الساتر للمفاتن من تزين الشيطان.
قال الله عز وجل: { فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وُرِي عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما من الناصحين فدلهما بغرور فلما ذاق الشجرة بدت لهما سوءاتهما } [سورة الأعراف:20-21-22]
قال الله عز وجل: { فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلي فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما } [سورة طه/120-121] وقال الله عز وجل محذراً بني آدم أن يفعل بهم الشيطان كما فعل بأبيهم: { يا بني آدم لا يفتننكُمُ الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزعُ عنهما لباسهما ليرُيهما سوءتهما[سورة الأعراف:27]
وقد جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنه فقال: إني نذرت لأَ تعرينَّ يوماً حتى الليل على حراء فقال له رضي الله عنه: إنما أراد الشيطان أن يفضحك، ثم تلا: {يا بني آدم لا يفتننكُمُ الشيطان } توضأ ثم ألبس ثوبك وصلِّ على حراء يوماً حتى الليل.[أخرجه عبدالرزاق] وعن ابن عباس رضي الله عنه في قصة المرأة التي تصرع فتتكشف، قالت: إني أخاف الخبيث أن يجردني.[أخرجه البزار]
* ومنها: أن تعلم المسلمة أن كشف العورات من أفعال الكفار الفجار.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض) [متفق عليه] وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة.[أخرجه مسلم] وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه بعثه في الحجة التي أمره عليها رسول الله قبل حجة الوداع في رهط يُؤذن في الناس: ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان[متفق عليه]
* ومنها: أن على المرأة أن تحذر من خلع ثيابها خارج بيتها.
فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلاَّ هتكت ما بينها وبين الله تعالى) [أخرجه أبو داود]
* ومنها: أن علي المرأة أن تجنب لبس اللباس الكاسي العاري.
فعن أم سلمه رضي الله عنها قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً فزعاً يقول: (سُبحان الله ماذا أنزل الله من الخزائن، وماذا أزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب صواحب الحجرات-يريد أزواجه- لكي يصلين؟ رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٍ في الآخرة) [أخرجه البخاري]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا) [أخرجه مسلم]
* ومنها: أن الميتُ يُبعثُ في الثياب التي يموت فيها.
فعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الميت يُبعثُ في ثيابه التي يموت فيها) [أخرجه الحاكم]
* ومنها: أن تحرص المرأة على التستر في جميع الأحوال.
فعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال لبعض أصحابه ألا أُريك امرأة من أهل الجنة؟ قلتُ بلى قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إني أُصرعُ وإني أتكشف فادع الله لي قال: إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك فقالت: أصبر وإنِّي أتكشفُ فادع الله لي أن لا أتكشف فدعا لها.[متفق عليه]
حصن: البعد عن التبرج وإظهار الزينة
قال الله عز وجل: { و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى }[سورة الأحزاب/33]
وقال عزوجل: { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} [سورة النور/31]
وقال الله عز وجل: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جُناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينةٍ وأن يستعففن خير لهن } [سورة النور/60]
وقال الله عز وجل: { و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } [سورة النور/31] وعن أبي أذنيه الصدفي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير نسائكم الولود الودود المُواسية المُواتية إذا اتَّقين الله وشرُّ نسائكم المُتبرجات المُتخيلات وهُنَّ المنافقات لا يدخلُ الجنة منهُن إلا مثل الغُراب الأعصم) [أخرجه البيهقي]
ويتعلق بهذا الحصون أمور:
* منها: عدم تطيب المرأة عند الخروج من البيت.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهنَّ تفلات) [أخرجه أبو داود] وعن زينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً) [أخرجه مسلم] وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيُّما امرأة أصابت بُخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة) [أخرجه مسلم] وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيُّما امرأةٍ أصابت استعطرت ثم خرجت فمرت على قومٍ ليجدوا ريحها فهي زانية) [أخرجه أحمد] وعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (خيرُ طِيبِ النساء ما ظهر لونُهُ وخفيَ ريحُهُ) [أخرجه الترمذي] وعن حفصة رضي الله عنها قالت: إنما الطيب للفراش[أخرجه عبدالرزاق]
حصن: لا خلوة برجل أجنبي
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم) [متفق عليه] وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على النساء) فقال رجل: أفرأيت الحمو، فقال صلى الله عليه وسلم: (الحمو الموت) [متفق عليه] وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أو نهى أن ندخل على النساء بغير إذن أزواجهن) [أخرجه الترمذي] وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: (نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ندخُلَ على المُغيبات) [أخرجه أحمد] وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يخلُونَّ رجُل بامرأةٍ، إلا كان الشيطان ثالثهما) [أخرجه الترمذي] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رجل فقال: يا رسول الله اقض لي بكتاب الله فقام خصمه فقال: صدق يا رسول الله اقض له بكتاب الله وائذن لي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (قل) فقال: إن ابني كان عسيفاً على هذا والعسيف الأجير فزنى بامرأته.[أخرجه البخاري]
حصن: لا اختلاط بالرجال الأجانب
قال الله عز وجل: } ولما ورد ماء مدين وجد عليه أُمةً من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذُودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يُصدر الرعاء } [سورة القصص/23] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) [أخرجه مسلم] وعن أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد فوجد النساء قد اختلطن بالرجال فقال لهن: (استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق) [أخرجه أبو داود] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس للنساء وسط الطريق) [أخرجه البيهقي] وعن أم سلمه رضي الله عنها قالت: كانت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه وهو يمكث في مقامه يسيراً قبل أن يقوم قالت: نرى والله أعلم أن ذاك كي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال) [أخرجه البخاري]
وعن عطاء رضي الله عنه قال: كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجِزة من الرجال لا تخالطهم فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين قالت: انطلقي عنك وأبت فكن يخرُجن متنكرات بالليل فيطُفن مع الرجال.[أخرجه البخاري] وعن نافع رضي الله عنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو تركنا هذا الباب للنساء [أخرجه أبو داود] وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تُعلمنا مما مما علمك الله فقال: (اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا) فاجتمعن فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلَّمهُن مما علمه الله.[أخرجه البخاري] وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع[أخرجه أبو داود]
حصن: لا مصافحة لرجل أجنبي
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط ما كان يبايعهن إلا بالكلام) [أخرجه البخاري] وعن أميمه بنت رقيقة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لا أصافح النساء) [أخرجه الترمذي]
حصن: لا خضوع بالكلام مع الرجال
قال الله عز وجل: { فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً } [سورة الأحزاب/32]
حصن: عدم التشبه بالرجال
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين بالنساء من الرجال) [أخرجه الترمذي] وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء [أخرجه الترمذي] وعن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله الرَّجُلة من النساء) [أخرجه أبو داود] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله الرجل يلبس لِبسَهَ المرأة، والمرأة تلبس لِبسَهَ الرجل [أخرجه أبو داود] وعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: (ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاقُّ لوالدية، والدَّيوثُ، ورجُلةُ النساء) [أخرجه الحاكم] وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يدخلون الجنة أبداً الدَّيوثُ والرجلة من النساء ومدمن الخمر) [أخرجه الطبراني في الكبير]وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاقُّ لوالديه، والمرأةُ المترجِّلةُ المتشبِّةُ بالرِّجال، والدَّيوثُ) [أخرجه أحمد] وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منَّا من تشبه بالرجال من النساء و لا من تشبه بالنِّساء من الرِّجال) [أخرجه أحمد]
حصن: لا سفر إلا مع ذي محرم
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) [متفق عليه] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله أيرجع الناس بأجرين وأرجع بأجر؟ فأمرَ عبدالرحمن بن أبي بكر أن ينطلق بها إلى التنعيم.[متفق عليه]
حصن: الزواج المبكر من الأكفاء
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون خلقهُ ودينهُ فزوِّجوه، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) [أخرجه الترمذي]
حصن: التحلي بخلق الحياء
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدُّ حياءً من العذراء في خدرها[متفق عليه] وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه ا قالت: تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال.وكنت أنقل النوى من أرض الزبير وهي مني على ثلثي فرسخ فجئت يوماً والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال: إخ إخ ليحملني خلفه فاستحييتُ أن أسير مع الرجال فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنِّي قد استحييتُ فمضى [أخرجه البخاري]
حصن: غضُّ البصر
قال الله عز وجل: { قُل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } [سورة النور/30] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ينظرُ الرجلُ إلى عورة الرجل ولا تنظُرُ المرأَةُ إلى عورةِ المرأةِ) [أخرجه البخاري]
ولتعلم المسلمة أن التمسك بهذه الحصون من باب السمع والطاعة لله والرسول، الذي هو من مقتضيات الإيمان، قال الله عز وجل: { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخِيرةُ من أمرهم } [سورة الأحزاب/36] وقال الله عز وجل: { إِنَّما كان قولَ المؤمنين إِذا دُعُوا إِلى الله وَرَسُوله ليحكُم بينهم أن يقُولُوا سمِعنا وأَطعنا وأُولئك هُمُ المُفلحُون } [سورة النور/51] وعن معاذه بنت عبد الله قالت: سألتُ عائشة فقلتُ: ما بالُ الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت؟ فقلت: لست بحرورية ولكني أسالُ فقالت: كان يُصيبنا ذلك، فنؤمرُ بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة.[متفق عليه]
ولتبشر المسلمة التي سمعت وأطاعت لكلام لله عز وجل ولكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بكل خير، فعن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت: أن زوجها طلقها ثلاثاً فلم يجعل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا حللت فآذنيني) فآذنته فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما معاوية فرجل ترب وأما أبو جهم فرجل ضرَّاب للنساء ولكن أسامة بن زيد فقالت بيدها: أسامة أسامة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (طاعة الله وطاعة رسوله خير لك) قالت: فتزوجتُهُ فاغتبطت به.[أخرجه مسلم] وفي رواية قالت: سمعاً وطاعة لله ورسوله فزوجني أسامة فكرمني الله بابن زيد وشرفني الله بابن زيد ونفعني الله بابن زيد.[أخرجه الطبراني في الكبير]
وعن أم سلمه رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها) قالت: فلما توفي أبو سلمه قلتُ كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف الله لي خيراً منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.[أخرجه مسلم]
كتبه
فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
مختارات