عاشوراء بين الأمس واليوم !
بسم الله الرحمن الرحيم
تستذكر الأمم أيامها العظيمة التي تحمل في طياتها ذكريات النصر والكرامة، وتتناقل أخبار تلك الأيام جيلاً بعد جيل.
ولقد كان للأمم السابقة من تلك الأيام العظيمة نصيب، فقد مرّت ببني إسرائيل محن وفتن عظيمة، وذاقوا مرارة الظلم والقهر على يد فرعون ؛الذي كان يذبح الأبناء ويستحيي النساء.
واستمر هذاالحال إلى أن بعث الله نبيه موسى عليه السلام فدعا فرعون بقول لين لكنه طغى واستكبر وقال:أنا ربكم الأعلى،فكانت نهايته وجنوده الغرق فيالبحر.
هلك فرعون ولكن البحر لفظ جسده على الشاطئ ليكونعبرة لكل من حارب شرع الله وطغى وتجبر في الأرض.
وفي هذا يقول الله سبحانه:{ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً }سورة يونس:92
لقد كان يوم نجاة موسى وبني إسرائيل في عاشوراء (العاشر من شهرمحرم)،وقد كان هذا اليوم من أيام الله العظيمة التي امتن بها على بني إسرائيل وأمر موسى أن يذكّرهم بها.
قال الله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ ۚ}
قال السعدي: " ذكرهم بنعمه عليهم وإحسانه إليهم، وبأيامه في الأمم المكذبين، ووقائعه بالكافرين، ليشكروا نعمه، وليحذروا عقابه ".
لذلك كان موسى عليه السلام يصوم عاشوراء وكانت اليهود والنصارى يعظمون ذلك اليوم و يصومونه.
وعندما قدم النبي صلى الله عليه وسلمالمدينة رأى اليهود تصوم عاشوراء فقال: " ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجَى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى. قال: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه ". [رواه البخاري]
لقد صام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء شكراً لله الذي نجى موسى عليه السلام، والأنبياء أولاد عَلّات، فهم إخوة في النبوة أرسلهم الله لهداية البشر.
ولعل من الحِكم في استذكارنا ليوم عاشوراء أن نعلم سنة الله في إهلاك الظالمين وأن الله يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته.
فإن موسى عليه السلام دعا على فرعون بالهلاك واستجاب الله دعاءه بعد أربعين سنة، ليكون في ذلك ابتلاء لأهل الإيمان واستدراج لأهل النفاق.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم مزية عظيمة لصوم عاشوراء وهي أن صومه يكفر ذنوب سنة مضت، فقال صلى الله عليه وسلم: " صيام يوم عاشوراء،إني احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ".[رواه مسلم]
ويستحب صوم يوم قبله أو بعده لمخالفة اليهود.
قال صلى الله عليه وسلم: " لئن بقيت إلى قابل ﻷصومن التاسع " رواه مسلم.
ولا حرج لو اقتصر المسلم على صوم يوم عاشوراء فقط.
لقد حرّف اليهود رسالة موسى عليه السلام واتبعوا أهواءهم وتناسوا يوم عاشوراء وغيره من أيام الله التي نجى الله فيها بني إسرائيل.
وأما المسلمون فإنهم يستذكرون يوم عاشوراء ويصومونه اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم الذي صامه وأمر بصيامه.
وليس لهذا اليوم من عبادة مخصوصة سوى الصوم، فلا يجوز للمسلم أن يبتدع في شرع الله أو يخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال صلى الله عليه وسلم " والَّذي نفسي بيدِه لَتدخُلُنَّ الجنَّةَ كلُّكم إلَّا مَنأبى وشرَد على اللهِ كشِرادِ البعيرِ قالوا: يا رسولَ اللهِ ومَن يأبى أنْ يدخُلَالجنَّةَ؟ قال: مَن أطاعني دخَل الجنَّةَ ومَن عصاني فقد أبى " صححه الألباني.
فعلى المسلم اتباع الكتاب والسنة فهما سبيل النجاة،وليحذر من منكرات البدع فإنها سبيل الغواية والضلال.
أسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
مختارات