النسمة التاسعة - الزائر الأخير - (7)
3. الجوارح: ذكر الموت بالجوارح يكون بأن يقدم كل واحد منا ما يستطيع بذله من عمل صالح يتقرب به إلى الله، ويؤنس به وحشة قبره وينير ظلامه، ويحضر معه شهود الإثبات حين ينزل أول منازل الآخرة: القبر.
أداء الشهادة: انظر إلى هذه النماذج التي اصطحبت معها في قبرها ما تتقرب إلى ربها لتنال بها الشفاعة:
سعد بن أبي وقاص: آخر العشرة المبشرين بالجنة موتا، وقد أوصى أن يكون شاهد إثباته جبة صوف كان لقي المشركين فيها يوم بدر، فقال: أخبئها لهذا. فكفن فيها.
علي بن عبد الله بن حمدان (سيف الدولة): جمع من نفض الغبار الذي اجتمع عليه من غزواته شيئا، وعمله لبنة بمقدار الكف، وأوصى أن يوضع خده عليها في لحده، فنفذت وصيته.
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق: أحد الفقهاء السبعة الذي أوصى وقال: كفنوني في ثيابي التي كنت أتهجد فيها.
ترى.. ما حالك أنت؟! أي عمل من الصالحات سيؤنس وحشتك بعد موتك؟! جبة قتال، أم لبنة جهاد، أم ثياب تهجد؟!.
قال رجل للإمام أحمد: أوصني، فقال له أحمد: انظر إلى أحب ما تريد أن يجاورك في قبرك فاعمل به.
أخي.. بادر من الآن.. الآن..الآن.. قبل أن تمرض فتضنى، وتهرم فتبلى، ثم تموت وتنسى، ثم تدفن فتطوى، ثم تيعث فتحيا، ثم تدعى، ثم توقف، ثم تجزى.
أخي.. غدا تسافر فأين زادك؟! أنقله إلى غير مسكن؟! أسفر من غير تزود؟! أقدم إلى بلاد بغير بضاعة؟!.
وتاه المسافرون: مر بن الصبهاء صلة بن أشيم بأناس يلعبون وقت صلاة، فقال لهم: يا قوم.. ما رأيكم في قوم أرادوا سفرا حادوا عن طريقه نهارا ناموا فيه ليلا.. أصابوا أم أخطأوا؟!
قالوا: أخطأوا.
ومر عليهم في اليوم التالي فوجدهم على نفس الحال، فأعاد عليهم مقالته وأعادوا نفس الرد، وفي اليوم الثالث كذلك، وعندها قال أحدهم: ما أراد صلة بكلامه أحدا سوانا، فنحن أردنا سفرا إلى الجنة وحدنا عن طريقه نهارا، ونمنا فيه ليلا فكيف نصل؟! فتابوا وصحت توبتهم.
من فوائد العصا!!! قيل لأحد الصالحين: مالك تدمن إمساك العصا، ولست بكبير ولا مريض؟َ فقال:
لا الضعف أوجب حملها *** على ولا أني تحنيت من كبر
ولكنني ألزمت نفسي حملها *** لأعلمها أن المقيم على سفر
مختارات