" الحكـم "
" الحكـم "
الحاكم الذي سُلِّم له الحكم ورُدَّ إليه فيه الأمر؛ فهو أحكم الحاكمين الذي لا يجور ولا يظلم أحدًا، يحكم بين عباده في الدنيا والآخرة بعدله وقسطه؛ فلا يظلم مثقالَ ذرَّة، ولا يُحَمِّل أحدًا وزرَ أحد، ولا يجازي العبدَ بأكثر من ذنبه، ويؤدِّي الحقوق إلى أهلها؛ فلا يدع صاحبَ حقٍّ إلا وصل إليه حقه.
وأصل الحكم منع الفساد، وشرائع الله تعالى كلها استصلاح للعباد، وقد تضمن اسم (الحكم) جميع الصفات العلى والأسماء الحسنى؛ إذ لا يكون حكمًا إلا سميعًا وبصيرًا عالمًا وخبيرًا.
لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم لرجل يُكْنَى بأبي الحكم: «إنَّ اللهَ هُو الحكَمُ وإليه الحكم، فَلمَ تُكَنَّى أَبَا الحكَم» فغيَّر الرسول صلى الله عليه وسلم كنيته لولده «فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْح»(أبو داود).
أثر الإيمان بالاسم:
- الحكم لله وحدَه، ومصدرُ التَّشريع هو ما أنزله تعالى على خَلْقه من الشَّريعة الإسلامية: " إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ " [يوسف: 40].
- ليس لأحد أن يراجع اللهَ في حكمه أو يبطله؛ " وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ " [الرعد: 41].
- ليس لنا أن نتعدَّى حكمَ الله ونتجاوزه؛ لأنه لا حكم أعدل منه؛ متمثِّلين بموقف الرسول صلى الله عليه وسلم حين طلب منه المشركون أن يجعل بينه وبينهم حكمًا فنزل قوله تعالى: " أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ " [الأنعام: 114].
- من صفات المؤمنين الرِّضا بحكم الله وإن كان ضدَّ مصالحهم؛ " إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا " [النور: 51].
- ومن أعمق صور هذا الرِّضا بحكم الله موقف النَّبيِّ نوح - عليه السلام - الذي دعا ربَّه أن ينجي ابنه من الغرق حين بلغ الماء رؤوس الجبال مبديًا رضاه المسْبَق بحكم الله وهو يختم دعاءه بهذا الاسم: " وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ " [هود: 45].
مختارات