النسمة الثالثة: عندما يفرح الرب (5)
اختبر توبتك: الاستغفار شيء والتوبة شيء آخر.
الاستغفار كلام، والتوبة فعال، الاستغفار يتقنه المؤمن والمنافق، أما التوبة فلا يجيدها إلا المؤمن، الاستغفار إعلان الرجوع إلى الله، أما التوبة فإصلاح ما بينك وبينه، لذلك قال سبحانه وتعالى {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [هود:52].
ومعصية بطاعة، فتوبة مجروحة مشكوك فيها، ولذلك لا تجد واحد من الصالحين إلا وقد سلك هذا الطريق.
عمر بن الخطاب شغله بستانه عن الصلاة فتصدق به.
وكان ابنه عبد الله بن عمر على نفس الطريق.. كان إذا فاتته صلاة جماعة صلى إلى الصلاة التي تليها تطوعا وتنفلا.
وهذه أخت عمر بن عبد العزيز (أم البنين) تدخل عليها عزة فتسألها عن قول كثير فيها:
قضى كل دين قد علمت غريم *** وعزة ممطول معنى غريمها
" ما كان هذا الدين يا عزة؟! قالت: كنت وعدته قبله "، فتحرجت منها، فقالت أم البنين: " أنجزيها له وأثمها علي، فأعتقت لكلمتها هذه أربعين رقبة " ! فأهم علامات التوبة المقبولة: أن يكون حالك بعد التوبة أفضل منك قبلها، وذلك يفرض عليك أن تقتدي بـ(عمر، وبن عمر وأم البنين)، فتنشغل بإزالة آثار العدوان، وبناء ما انهدم من الإيمان، مستبشرا بقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود:114]. مستأنسا ببشارة النبيصلى الله عليه وسلم: «وأتبع السيئة الحسنة تمحها» (حسن كما في ص ج ص رقم:97).
تبدو نواجذك من شدة فرحك بقول واعظ الشام أحمد بن عاصم الأنطاكي: " أصلح فيما بقى، يغفر لك ما مضى ".
التوبة النصوح، ما هي؟!
قال عنها عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " أن يتوب من الذنب ثم لا يعود إليه، كما لا يعود اللبن إلى الضرع ".
وقال الحسن البصري: " هي أن يكون العبد نادما على ما مضى، مجمعا على أن لا يعود فيه ".
وقال الكلبي: " يستغفر باللسان ويندم بالقلب ويمسك بالبدن ".
وقال سعيد بن المسيب: " يجمعها أربعة اشياء: الاستغفار باللسان، والإقلاع بالأبدان، وإضمار ترك العود بالجدان، ومهاجرة سيء الإخوان ".
احذر بعد توبتك أن.. قال يحي بن معاذ: " زلة واحدة بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها ".
مختارات