النسمة الثالثة: عندما يفرح الرب (1)
ما أغلى توبتك عند ربك! فهي مفتاح رضاه عنك وعنوان محبته لك وسر قربك منه وأقصر طرقك إليه.. أشرف وسام وأغلى مقام وغاية مرام.
لماذا تتوب؟!
لأن الله أمرك وأمر كل مؤمن معك: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31]، فإذا كان المؤمن التائب يرجو الفلاح ولا يستيقنه، فماذا يصنع العاصي المصر على الذنوب؟!
لأن ميزانك سينصب أمام عينك يوم القيامة، فتوضع حسناتك في كفة وسيئاتك في كفة، ولا سبيل إلى ترجيح كفة الحسنات إلا بالتوبة النصوح التي تمحو السيئات، فترجح الكفة الأخرى ويكون الفوز المبين.
لأن التائب حبيب الرحمن، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والعاصي إذا ذكر ذنبه فوجل منه قلبه محي عنه فى أم الكتاب، وأنساه الله الحفظة.
لأن حقوق الله على عباده أعظم من أن يقوم بها أحد، ونعمه أكثر من أن تحصى فتشكر، لذا فإن عباد الله الفطناء جبروا الكسر وسدوا الخلل: إذا أصبحوا تابوا وإذا أمسوا تابوا.
لأن الله يحب التوابين ويحب الأوابين ويحب المستغفرين ويحب المتطهرين ويحب المخبتين.
لأن إبليس نعلم باستمرار إغوائه لك ما دمت حيا، وبحتمه إضلالك ما دمت أنفاسك تصعد وتهبط، فرد الله عليه بأن فتح لك باب التوبة مادمت مستغفرًا، وإلى رحابه راجعًا، وعلى ذنبك باكيًا.
تتوب حتى يفرح الرب، وتسعد الملائكة، وتغيظ الشيطان، وتفرح الإخوان، وتخزي الأعداء، وتبيض صحيفتك، وترفع درجتك، وتوسع قبرك، وتعلي قدرك.
تتوب حتى تجلب الخير، وتزيل الهم، وتوسع الرزق، وتيسر الصعب، وتحل البركات، وتذل العقبات، وتهب النفس الطمأنينة، والروح السكينة، والقلب الحياة.
لأن ربك يقول: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات:11]، فصار الناس أحد فريقين لا ثالث لهما، تائب أو ظالم فمن أي الفريقين أنت؟!
مختارات