هل هناك أدعية وأذكار خاصة بصلاة المغرب ؟
السؤال: هل هذه الأدعية صحيحة: 1- يستحب أن يقول المسلم قبل المغرب بقليل: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) عشر مرات. فيرسل الله لنا حرسا يحموننا من الشيطان حتى نصبح، ويكتب لنا عشر حسنات موجبات، ويمحى عنا عشر سيئات موبقات، ويكتب لنا أجر عتق عشر رقاب مؤمنات. 2- وعند سماع أذان المغرب: (اللهم هذا إقبال ليلك، وإدبار نهارك، وأصوات دعاتك، فاغفر لي) 3- وبعد المغرب يستحب أن يصلي المسلم ركعتين ثم يقول: (يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك). 4- وبعد صلاة المغرب وقبل أن يكلم الناس: (اللهم إني أسألك الجنة، اللهم أجرني من النار) سبع مرات. وجزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله
لم نقف على حديث صحيح يدل على استحباب ذكر أو دعاء معين يقال عند صلاة المغرب خاصة، سواء قبلها أم بعدها، ولكن هناك أذكار الصباح والمساء الكثيرة المشهورة، التي يمكن أن يأتي بها العبد المسلم قبيل صلاة المغرب أو بعدها، ولكنها لا تتعلق بفريضة المغرب نفسها.
ونحن هنا نبين حكم الأحاديث الواردة في السؤال، ونبين ما يغني عنها من الأحاديث الصحيحة:
الحديث الأول:
عَنْ عُمَارَةَ بْنِ شَبِيبٍ السَّبَأِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ عَلَى إِثْرِ الْمَغْرِبِ، بَعَثَ اللَّهُ مَسْلَحَةً – أي: حرسا - يَحْفَظُونَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ مُوجِبَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ مُوبِقَاتٍ، وَكَانَتْ لَهُ بِعَدْلِ عَشْرِ رِقَابٍ مُؤْمِنَاتٍ)
رواه الترمذي (رقم/3534) وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث ليث بن سعد، ولا نعرف لعمارة بن شبيب سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم.
فهو إذن حديث ضعيف، والثابت هو أن التهليل عشر مرات مستحب في أذكار الصباح والمساء، فمن جاء بهذا الذكر عقب صلاة المغرب على اعتبار أن ما بعد المغرب هو من المساء، فلا حرج عليه، وإن وإن كان المختار له أن يقتصر على الأذكار المعروفة أدبار الصلوات المكتوبات، والمخرج أن يأتي بها بعد انتهاء أذكار ما بعد الصلاة.
عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)
رواه البخاري (رقم/3293) ومسلم (2691)
وعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:
(مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ: كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ قَالَهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَحَطَّ اللهُ عَنْهُ بِهَا عَشْرَ سَيِّئَاتٍ، وَرَفَعَهُ اللهُ بِهَا عَشْرَ دَرَجَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ كَعَشْرِ رِقَابٍ، وَكُنَّ لَهُ مَسْلَحَةً مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى آخِرِهِ، وَلَمْ يَعْمَلْ يَوْمَئِذٍ عَمَلاً يَقْهَرُهُنَّ، فَإِنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي، فَمِثْلُ ذَلِكَ)
رواه أحمد (38/545) وصححه محققو طبعة مؤسسة الرسالة، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/114)
الحديث الثاني:
عَنْ أبي كثير مولى أم سلمة، عن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُولَ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ:
(اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا إِقْبَالُ لَيْلِكَ، وَإِدْبَارُ نَهَارِكَ، وَأَصْوَاتُ دُعَاتِكَ: فَاغْفِرْ لِي)
رواه عن أبي كثير ثلاثة من الرواة، وهم:
1- عبد الرحمن بن إسحاق: أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (6/31)، وعبد بن حميد (رقم/1543)، والطبراني في " المعجم الكبير " (23/303)
2- القاسم بن معن المسعودي: رواه أبو داود (530)، والبيهقي في " السنن الكبرى " (1/410)
3- حفصة بنت أبي كثير: رواه الترمذي (3589).
وأبو كثير مولى أم سلمة ليس فيه تعديل ولا تجريح، بل قال الترمذي: إنه لا يعرفه.
ولذلك حكم بعض أهل العلم على الحديث بالضعف ؛ قال الترمذي رحمه الله:
" حديث غريب "، وقال الشيخ الألباني رحمه الله: " هذا الحديث لا يجوز نشره بين الأمة إلا مع بيان حاله من الضعف " انتهى.
" تمام المنة " (ص/149)، وانظر " ضعيف أبي داود " (1/191)
وأما تصحيح الحاكم له في " المستدرك " (1/314)، فقول مرجوح.
وعلى كل حال لا حرج في الدعاء بما ورد في هذا الحديث، ولكن من غير اعتياد هذا التوقيت، ولا اعتقاد فضل خاص به، أو أنه من الأوراد الثابتة في المساء.
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله:
" وهو دعاء لا محذور فيه، لكن توقيته تعبداً لا يصح فيه حديث " انتهى.
" معجم المناهي اللفظية " (ص/608)
الحديث الثالث:
عن أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها قالت:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاة المغرب يدخل فيصلي ركعتين، ثم يقول فيما يدعو: يا مقلب القلوب، ثبت قلوبنا على دينك. فقلت: يا رسول الله ! أتخشى على قلوبنا من شيء؟ قال: ما من إنسان إلا قلبه بين أصبعين من أصابع الله عز وجل، فإن استقام أقامه، وإن أزاغ أزاغه)
رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم/657) قال: حدثنا ابن أبي داود، ثنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي، ثنا سعيد بن الصلت، ثنا عطاء بن عجلان، عن أبي نضرة، عن أبي هريرة، عن أم سلمة به.
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب عطاء بن عجلان، فقد ذهب أكثر المحدثين إلى تركه واتهامه بالكذب. انظر: " تهذيب التهذيب " (7/209)
ويغني عنه حديث أَنَس بن مالك رضي الله عنه قَالَ:
(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: نَعَمْ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ)
رواه الترمذي (رقم/2140) وأحمد في " المسند " (19/160)، وقال الترمذي: " وفي الباب عن النواس بن سمعان، وأم سلمة، وعبيد الله بن عمرو، وعائشة، وروى بعضه عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث أبي سفيان عن أنس أصح " انتهى.
وقد حسنه الترمذي، وصححه ابن تيمية في " درء التعارض " (9/34)،. وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح الترمذي "، وصححه محققو مسند أحمد، طبعة مؤسسة الرسالة، وقالوا: إسناده قوي على شرط مسلم.
الحديث الرابع:
عن مسلم بن الحارث التميمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(إِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقُلْ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ النَّارِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ ثُمَّ مِتَّ فِي لَيْلَتِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا، وَإِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ كَذَلِكَ، فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ فِي يَوْمِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا)
رواه أبو داود (5079)، وأحمد في " المسند " (29/593)، وحسنه الحافظ ابن حجر في " نتائج الأفكار " (2/326)، لكن ضعفه الألباني في " السلسلة الضعيفة " (رقم/1624)، وضعفه كذلك محققو مسند أحمد طبعة مؤسسة الرسالة.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن هذا الحديث فقال:
" الحديث في سنده ضعف، وإذا فعله الإنسان فهو حسن إن شاء الله ؛ لأن سنده مقارب للحسن، وفيه لين، فإذا فعله الإنسان فلا حرج إن شاء الله " انتهى.
نقلا عن محاضرة مفرغة لسماحة الشيخ على الرابط الآتي:
http://audio.islamweb.net/audio/index.php؟page=FullContent&audioid=113684
وعلى كل حال يغني عنه أيضا حديث أنس رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار: اللهم أجره من النار)
رواه الترمذي (2572) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح الترمذي ".
والله أعلم.
مختارات