نظام الصف ونظام القطيع
أحيانا كثيرة أنظر إلى حالة الفوضى المنتشرة بيننا وأعجب كيف يكون هذا حالنا وبين أيدينا القرآن..كتاب مرتب السور والآيات ويضبط سير الحياة وفق حزمة من القواعد وجملة من التشريعات ولا يبقي مكانا للفوضى والعبث وأقول:لو أننا كنا على علاقة وثيقة حقا بهذا الكتاب لما كان هذا شأننا وحالنا..أين النظام في حياتنا إن الفوضى تعم كل شيء بل إن التمسك بالنظام والحفاظ عليه أضحى شيئا لافتا للنظر ومستغربا فسبحان الله صارت الفوضى هي الأساس..صار الشاذ قانونا والاستثناء قاعدة!
هناك نظامان في الحياة نظام الصف ونظام نسميه مجازا بنظام القطيع لأنه ليس بنظام ففي الأول يحترم كل إنسان دوره ومكان الآخر أمامه وخلفه أما نظام القطيع فهو الفوضى بعينها..جمع عشوائي لا نظام فيه يثب القوي فيه على الضعيف ويدوس القادر على غيره ويسقط الكثير في الزحام والإسلام يرغب في الشكل الأول في نظام الصف بل إن هناك سورة في القرآن تحمل اسم سورة (الصف) وفيها يقول تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}[الصف:4] بل أكثر من ذلك فالقرآن يخبرنا بأن نظام الصف هو الأمر القائم في الآخرة،قال تعالى:{وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا}[الكهف:48] {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ}[النبأ:38]..صف لا مجال للفوضى فيه.
بل إن الإنسان يتمرن على نظام الصف في يومه الواحد خمس مرات في الصلوات ويسمع تلك الكلمات التي تقرع أذنيه (تسوية الصف من إقامة الصلاة) [رواه البخاري]
لقد كان المصطفى صلوات الله وسلامه عليه يحرص على رص الصفوف وتسويتها بنفسه وهذا يدل على مدى أهمية النظام ومن الغريب حقا أن يقيم الإنسان نظام الصف في صلاته ونظام القطيع في بقية حياته وتأمل معي هذا النص العجيب.قال رسول الله: (أما يخشى أحدكم أو ألا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار) [رواه البخاري]ولا تستغرب من هذا فالإنسان الذي يأبى إلا الشذوذ والخروج عن نظام الصف يكون أقرب لسلوك الحيوان ونظام القطيع.
مختارات