أنماط: (34) نمط الشكَّاك
عودة للأنماط.. ومع نمط الأخ الشكَّاك المتشكِّك..
وهو نمط يتبنى نظرية الشك ويعتقد أنه ما دام يشك إذن فهو موجود..!
ولستُ أتحدَّث هنا عن الشك العقدي فلهذا مجالٌ آخر؛ لكنني هنا أناقش فكرة التشكُّك في الواقع المحيط والتشكيك في معطياته ووقائعه وشواهده الظاهرة..
هذا النمط لا يثق بأي معلومة مهما كانت درجة توثيقها وأمانة ناقلها..!
تخبره عن انتهاكات.. يقول لك: إيش عرفك إنها حصلت؟!
تُحدِّثه عن وقائع يرد: وما أدراك أنها حقيقية؟!
تُكلِّمه عن مواقف جلية ظاهرة ومعلنة يُجيبك بأنك: لا تعلم بواطن الأمور وملابسات تلك المواقف؟
حتى لو كان شيئًا عاينته بنفسك وسمعته أذناك فسيريد ذلك النمط منك تكذيب سمعك وبصرك لأنهما أكيد اختلطا عليك..!
المهم في النهاية لازم تشك وخلاص..!
لا مانع أبدًا من تمحيص كل معلومة والتثبُّت من كل خبر أو موقف لكن ثمَّة فارق بين الثبُّت والتشكُّك..
والإيهام بوجود اختلاط أو التشكيك في الحقائق وبث فكرة أن الأمر دائمًا محتمل ويقبل الأخذ والرد - أحد أهم الحيل النفسية للهروب من ضغط الواقع ولتبرير عدم اتخاذ مواقف واضحة تجاهه، ولتوهين تلك المواقف في نفوس الناس مما يؤدي إلى إضعاف إحكام الحق والتفريق بينه وبين الباطل في أنظار ويحدث تمويهًا أو طمسًا للحد الفاصل بين الصواب والخطأ!
وهنا يختفي التمايز وتذوب الفوارق بين الخطأ والصواب ويندثر النكير وتهون المواقف ويصير الحق باهتًا في نظر ذلك النمط المتشكك..
وبالتالي يرتاح..
نعم يرتاح من حمل اتخاذ موقف أو مسؤولية الصدع بحق فقد نجح في إقناع نفسه أنه لا حق ولا باطل..!
فقط.. الشك والتشكُّك..!
ولهذا النمط أقول:
ليس عيبًا أن تتثبَّت وتتبيَّن أو تبحث عن الموثق من الكلام وألا تقبل كل ما تسمع لكن العيب أن تركن إلى الحل السهل وأن تقنع نفسك أن الحق قد اختفى..
الحق يا عزيزي! راسخ ماكث في الأرض وليس كالزبد الذي مهما ربا وانتفش فهو إلى جفاء، ومهمتك يا صديقي المتشكِّك أن تحاول إزاحة طبقات الزبد لتصل إلى الحق واعلم أن الصادق في البحث سيصل {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُون} [التوبة من الآية:1155]..
تأمَّل..
{حَتَّىٰ يُبَيِّنَ}..
اصدق الله في البحث وبإذنه ستُهدى إليه ولا تركن لذلك الحل المريح.. حل الشك!
مختارات