أنماط: (28) نمط الحقير
ثم هناك نمط الأخ الحقير..!
وأعتذر عن اضطراري لاستعمال هذا اللفظ.. فصدقًا لم أجد لفظًا أخفّ منه يصف هذا النمط الإجرامي! الذي لا يأتي إلا الضعيف العاجز ولا ينهش إلا المظلوم المُبتلى ويستغل كل فرصة للشماتة وإظهار التشفِّي في مخالفيه أو من يراهم مخطئين لمجرَّدِ أن يُثبِت أنه كان على حق..
وحتى إن كان يُوقِن أن خطأهم لا يوازي -أبدًا- ذلك البغي الذي يُصيبهم ولا يُبرِّر ذلك الظلم الفاحش والبطش المُبين الذي يُسلِّط عليهم - فإن كل ذلك لا يُمثِّل له شيئًا إلى جوار ما يراه تقصيرًا أو خللًا يومًا ما كان قد اعتراهم..
ولستُ أعني بهذا النمط أولئك الحريصين على النصح الصادق والنقد البنَّاء الذي هو حتى وإن كانت له ضوابط ومحددات وأساليب؛ إلا أن صِدقه يظهر ورغبته الإصلاحية تُستبان.. وما أبعد ذلك عن تلك الطباع الخسيسة التي تتساقط بحقارةٍ من أفواه وأقلام أصحاب ذلك النمط الذي أقصده، والذي لا يعنيه إلا التشفِّي والرغبة في الانتقام الأيديولوجي.. ولا يُخفي تلك الشهوة المقزِّزة التي يهمّه قضاء وطرها بأي وسيلةٍ وتحت أي ظروفٍ وملابسات وبأي يدٍ أو سوطٍ حتى لو كان سوط البغي ويد الطغيان..
ما أشبه هؤلاء بتلك الضباع التي لا تقرب إلا الكسير لتنقض عليه وتفترسه! ولا تأتي إلا الميتة فتنهشها! بينما تراها أجبن الخلق في مواجهة صاحب البأس الذي ما إن يُحمِّر لها العينين ويزمجر لها بالوعيد حتى تخنس وتنزوي مرمقة إِيَّاه من بعيد..
ليس عن الخوف أتحدَّث ولكن عن الخِسَّة عافانا الله منها ومن أهلها..
ومثل هذا النمط مشكلته أعمق بكثيرٍ من أن تحلَّها مقالة.. فهي في حقيقتها مشكلة تربيةٍ ونشأةٍ وبيئةٍ فاسدة.. ترعرع فيها وجعلت أخلاقه بهذا التدني المذهل! وهو بحاجةٍ إلى إعادة تربية من جديد ومن الجذور وذلك بعد الدعاء أن يرفع الله عن قلبه وأخلاقه ذالكم السواد المعتِم إن شاء، أو أن يكف شرَّه وتدني سعيه عن عباده والله المستعان..
مختارات