النصر لسوريا من الله لا من عبد الله
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعد
فيجب على المسلم أن يعلم أن النصر الذي هو من عند الله وحده لا يستنزل إلا بتمام تعلق القلب بالله وتوكله عليه.. بل إن هذا النصر يتأخر بقدر نقصان هذا التعلق والتوكل.. قال تعالى " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ".. ومن نصرة الله التي ينزل بها نصره وتثبيته أن تنتصر معاني توحيد ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته في قلوب المؤمنين.. وألا ينصرف شيء من هذا التوحيد إلى عبد مربوب مألوه.. مهما ظن العبد به من قوة ومنعة..
وقد آلمني كثيرا اشتداد وطأة أهل الكفر في سوريا على إخوتنا هناك، خاصة بعد خطاب العاهل السعودي، فقد تم تبديل وزير الدفاع بآخر تحسبا لأي نية انقلابية، ثم إمطار إخواننا في دير الزور بوابل من القذائف والرصاص..
فعلمت أن الله يريد أن يعطي عباده درسا قاسيا حتى لا تتعلق قلوبهم بغيره.. تماما كما قضى سبحانه بهزيمة نبيه الكريم يوم حنين بادئ الأمر لعدم تمام التوكل عليه سبحانه من قبل بعض الصحابة الذين أعجبتهم كثرتهم. فظنوا أنها كافيتهم من دون الله، قال تعالى: " ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم من الله شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين "..
فيجب علينا الاعتدال في فرحنا بما قام به خادم الحرمين - وغيره- من التنديد بالإجرام النصيري، أو من سحب السفير.. فلن يأتي نصر الله إلا من عند الله.. وما قام به عبد الله إنما هو بتوفيق الله فلتتعلق القلوب بالموفِق لا بالموفَق.. وإذا فرحنا فلنفرح له أن وفقه الله لشيء من نصرة إخوانه الذين تجب عليه نصرتهم.. لا أن نفرح به ونعتقد أن النصر سينزل بمجرد خطابه " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "
وعلى هذا فلنجدد جميعنا معنى التوكل على الله هذا المعنى الذي لم يفصّل في كتاب الله معنى مثله بعد معنى العبادة، وقد جمع الله بينهما في أعظم سورة، بل وفي أجل آية وهي قول الحق: " إياك نعبد وإياك نستعين ".
إذن فلنفرح بخطاب خادم الحرمين الفرح اللائق، ثم لتجزم قلوبنا أن النصر لا يكون إلا من عند الواحد الأحد.. فلو هبت دول الأرض بعتادها لنصرتهم ولم يأذن الله بذلك فلن يفيدوهم شيئا.. ولو التأم عليهم أهل السماوات والأرض يريدون إبادتهم وقد أراد الله نصرهم لجعل الله لهم من ذلك مخرجا.. وقد قال الحق في شأن نبيه ومن معه: " ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ".
فتتأملوا: مع القلة والذلة في بدر جاء النصر لتمام التوكل..
ومع الكثرة والمنعة في حنين جاءت الهزيمة بادئ الأمر لنقص التوكل..
فالأمر معقود بالتوكل عليه سبحانه وصدق اللجأ والانطراح بين يديه..
أخيرا:أدعوا إخواننا في سوريا إلى الصبر والتوكل وتحقيق كمال التوحيد بعبادته وحده والتوكل عليه وحده.. فإن كان ذلك فأبشروا بالنصر من يومكم أو ليلتكم..
وتذكروا قول الحق: " وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين "
ونحن وأنتم نرى كل يوم زيادة وتيرة التمحيص لكم والمحق لعدونا وعدوكم.. فاصبروا وصابروا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا..
مختارات