قفز الحواجز (3)
العقبة الثالثة: ضعف العلم
يا صاحبة الرسالة.. إن كنت تشتكين من ضعف الثقافة فالحل هو ألا يمُرَّ عليكِ يوم دون أن تقرئي، وليكن معكِ نوتة صغيرة تدوِّنين فيها ما تقرئين، وتحفظين ما تكتبين، وتنشرين ما حفظت في من حولك.
عند حضورك أي درس أو محاضرة..
قومي بتسجيل ما يعرض لها من فوائد: «كل علم ليس في قرطاس ضاع».
وعند العودة إلى المنزل تكونين داعية بين أهلك، فتبلغين الوالدة والأخوات بما من الله عليك من علم خلال الدرس الذي حضرتيه أنت وحُرِمنه، فلا تبخلي عليهن.
تذكَّري أن احتكاكك بأخواتك المدعُوَّات وتشخيصك لأمراضهن هو الذي يدفعك إلى القراءة، وبُعدك عنهن جسدا أو قلبا هو الذي يزهِّدك فيها، بمعنى أن العلم الذي تحصِّلينه سيدفعك حتما إلى العمل، والعمل سيُحوِج الجسد إلى وقود وزاد، فيطلب المزيد من العلم، وما زال كل منهما يؤدي إلى صاحبه حتى تخرجين فائزة وترتقين دائما.
وخلاصة الحل: إذا سألتِ نفسك كل أسبوع: ماذا قرأت خلال هذا الأسبوع، فقد انحلت العقدة وعرفتِ حل المشكلة.
يا صاحب الرسالة.. يا صاحبة الرسالة:
كونا كالنحلة:
حلِّقا بين الأزهار واحملا رحيق الكتب لتستمتعا وتنتفعا، ثم تُخرِجا عسل الدعوة فيه شفاء للناس، فتنتفع قلوب العباد أيما انتفاع بما جمعتما.
صاحب الرسالة ساقي ينقل الماء إلى العطاش، لذا ينقل كل علم استفاده إلى من حوله لا يستبقي منه شيئا.
وأخيرا.. أيها المعتذرة عنا بقلة علمك: فَضَحكِ حديث نبيك: «بلِّغوا عني ولو آية»، ومهما ضعفت ثقافتك فأنتِ أعلم بكثير من كثير ممن حولك.
وتذكَّري أنك لستِ كغيرك، فعلى قدرِ علمك تزداد مسئوليتك، ويزداد عملك بالتبعية، وإلا كان علمك قطعة من العذاب ولجاما من النار.
قال الراغب الأصفهاني:
) العبادة ضربان: علم وعمل، وحقهما أن يتلازما، لأن العلم كالأُسِّ والعمل كالبناء، وكما لا يُغني أُسٌّ ما لم يكن بناء، ولا يثبت بناء ما لم يكن أسٌّ، كذلك لا يغني علم بغير عمل، ولا عمل بغير علم.)
إشراقة:
قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى:
(حقُّ الفائدة أن لا تُساق إلا إلى مبتغيها، ولا تُعرَض إلا على الراغب فيها، فإذا رأى المُحدِّث بعض الفتور من المستمع، فليسكت، فإنَّ بعض الأدباء قال: نشاط القائل على قدر فهم المستمع»(). العقبة الرابعة: ضيق الوقت
يا من يشكو ضيق الأوقات وكثرة الأعباء، ويتخذ ذلك ذريعة للتخلف عن ركب العمل ونصرة الدعوة:
صدِّقني.. مشكلتك قلبية لا وقتية!!
ليست المشكلة في ضيق الوقت وكثرة المسئوليات، إنما أس البلاء: عدم وضوح الرؤية وغياب الأولويات وضعف الهمم وتشتت العزم، ولذا ليست مهمتي معك أن أبصِّرك بتفاصيل الخطة خطوة بخطوة، بل وظيفتي أن أفتح قلبك بإذن الله، وجسدك تابعٌ له لا محالة، لتنهمر الخيرات وتتوالى الفتوحات.
لو صدق همك لجمعت الدقائق على الدقائق جمع الحريص للمال بعضه على بعض، ولادخرت من أوقاتك وحرصت عليها حرصك على ثروتك أن تُسرَق أو تضيع، لتجده عند اللزوم حاضرا تنفقه لدعوتك وتسخِّره لغايتك.
والله.. لو أردت تعلم فنون الدعوة لصرت فيها أستاذا، ولو أردت هداية غيرك لاهتدى على يديك خلق كثير، لا مُحال في الحياة ما اجتمع الهمُّ وصحَّ العزم، المهم أن تدخلها في دائرة أولوياتك.
مختارات