اسم الله المجيب 1
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( المجيب ) :
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم " المجيب " .
تسمية الله جلّ جلاله ذاته العلية باسم " المجيب " على سبيل الإطلاق والتعظيم :
سمّى الله جلّ جلاله ذاته العلية باسم " المجيب " على سبيل الإطلاق ، الإطلاق حُكم غير مقيد ، مطلق ، لو فرضنا قرأنا الآية الكريمة : " وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً " [النمل:19] أي عمل صالح على الإطلاق ينضوي تحت هذه الكلمة " وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً " لكن الله سبحانه وتعالى قيده ، فقال : " وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ " [النمل:19] العمل الصالح لا يقبل عند الله إلا إذا كان خالصاً صواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله وصواباً ما وافق السنة .
أحياناً هناك عمل صالح يبتدعه الإنسان ، يقول لك : حفل غنائي ساهر يرصد ريعه للأيتام ، المبالغ التي سوف نجنيها من هذا الحفل الفني الساهر من أجل أيتام ، أو نقول يانصيب خيري ، الآية الكريمة : " وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ " والله عز وجل يرضى عن العمل الصالح إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة ، أقول "وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ" مقيد، إذا قرأنا الآية الكريمة: " وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً " نقول مطلق ، صالحاً وحدها مطلق ، أما " صَالِحاً تَرْضَاهُ " مقيد ، وقالوا : الصفة قيد .
قل : إنسان ، تشمل ستة آلاف مليون ، قل : إنسان مسلم مليار وخمسمئة مليون ، ضاقت الدائرة قل : إنسان مسلم عربي ، أربعمئة مليون ، كلما أضفت صفة ضاقت الدائرة .
لذلك سمّى الله جل جلاله ذاته العلية باسم " المجيب " على سبيل الإطلاق ، والتعظيم .
ورود اسم المجيب في القرآن الكريم معرفاً ومنوناً :
ورد هذا الاسم معرفاً في القرآن الكريم في قوله تعالى : " وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ " [الصافات:75] معرف " المجيب " وقد ورد أيضاً منوناً، في قوله تعالى : " فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ " [هود:61] يعني مجيب ، الفرق بين المعرف والمنون ، الكلمات أيها الأخوة ، في اللغة نكرة أو معرفة ، المعرفة ما دلت على معين ، دمشق معرفة ، أما عاصمة نكرة ، المدينة نكرة القاهرة معرفة ، ما دلّ على معين فهو معرفة ، وما لم يدل على غير معين فهو نكرة ، وفي بيت جمعت به المعارف ، قال :
إن المعارف سبعة فيها كمُل أنا صالح ذا ما الفتى ابني يا رجل
* * *
يعني المعارف سبعة ، أنا : الضمير معرفة ، صالح : اسم العلم معرفة ، أنا صالح ذا : اسم الإشارة معرفة ، ما : اسم الموصول معرفة ، ما الفتى : المعرف بأل معرفة ، ابني : المضاف معرفة ، يا رجل : المنادى معرفة ،
إن المعارف سبعة فيها كمُل أنا صالح من ذا الفتى ابني يا رجل
* * *
إذاً ورد هذا الاسم مطلقاً ومقيداً ، وورد نكرة ومعرفة ، ولم يرد هذا الاسم في السنة إطلاقاً ، إلا في حديث سرد الأسماء الحسنى عند الترمذي وعند ابن ماجة ، هذا في شأن ورود الاسم في القرآن والسنة .
معاني المجيب في اللغة :
أما في اللغة : " المجيب " اسم فاعل ، أجاب ، يجيب ، فهو مجيب ، اسم فاعل من الرباعي على صيغة المضارع ، بعد إبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة ، وكسر ما قبل الآخر .
" المجيب " اسم فاعل ، والفعل أجاب ، يجيب ، جواباً ، وإجابة ، واستجابة ، والإجابة صدى الكلام ، أو ترديده ، هذا معنى ، أو المحاورة في الكلام ، يقول لك : حوار الآن ، وهناك حوار ، و هناك جدال ، والفرق بينهما واضح ، الحوار شيء جيد جداً ، أما الجدال شيء غير جيد ، سيء .
والإجابة رد السؤال ، كم الساعة ؟ تقول لي : الساعة السابعة ، الإجابة رد السؤال .
وعند البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت في حديث الإفك :
" فوجدتُ عِقْدِي بعد ما اسْتَمَرَّ الجيشُ ، فجئتُ منزلَهم وليس فيه أحد - ومنهم من قال : فجئتُ منازلهم وليس بها منهم دَاعٍ ولا مجيبٌ " [البخاري ومسلم] .
فالله عز وجل من أسمائه " المجيب " سألتك فأجبتني ، الآن سألتك حاجة فأعطيتني هناك فرق ، سألتك عن قضية فأجبتني ، أما سألتك حاجة فأعطيتني ، والإجابة إجابة المحتاج بالعطية ، إعطاء الفقير عند السؤال .
إذاً أصبح للمجيب معنيان كبيران ، إجابة السائل بالعلم ، وإجابة النائل بالمال ، تسألني إجابة عن سؤال فأجيبك ، تسألني عطاءً فأعطيك .
للمجيب معنيان كبيران إجابة السائل بالعلم وإجابة النائل بالمال :
الآن إذا قلنا أن الله هو " المجيب " دخلنا في اسم الله " المجيب " ، " المجيب " بالمعنى الأول الإجابة ، بالمعنى الثاني أن يعطي الله السائل سؤله ، يا رب ارزقني زوجة صالحة مثلاً شاب في مقتبل حياته ، يقول : يا رب ارزقني زوجة صالحة ، هذا اسمه نائل ، والجواب : أن يزوجه زوجة صالحة ، يا رب اهدنِ إلى معرفتك ، سؤال من نوع آخر ، فإذا سألت إنساناً يجيبك ، وإن سألته حاجة يعطيك ، سؤال علمي ، أو سؤال عطاء ، إما أن تكون الإجابة بيانية ، حدثني عن الساعة ، حدثني عن القضاء والقدر ، حدثني عن عدل الله ، حدثني عن الدار الآخرة ، حدثني عن عذاب القبر ، حدثني عن حال الإنسان في الجنة ، مثلاً هذا سؤال ، فالله عز وجل مجيب ، أو الإنسان أحياناً يسأل دون أن يحرك شفتيه ، يا رب دلني عليك ، يا رب هناك قضية بالدين ليست واضحة عندي ، يا رب وضحها لي ، نور قلبي هذا سؤال ، قد يكون باللسان ، وقد يكون بالقلب ، ودليل القلب سيدنا زكريا : " إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً " [مريم:3] ما تكلم بلسانه ، والإنسان من دقة هذا الشرع ، وعظمــة هــذا الدين أنـك في بعض الظـروف يمكـن أن تسـأل اللـه بصــدق وإخــلاص دون أن تحـرك شفتيك " إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً " .
أخ كريم ، كنت في سفر إلى اللاذقية ، رأيت مسجداً في مكان جميل على الساحل مسجد رائع ، صليت فيه ركعتين فإذا رجل يدعوني إلى غرفة في المسجد ليضيفني قهوة قال لي : أنا أنشأت هذا المسجد ، قال لي : قبل عشرين عاماً ، كنت متجهاً إلى الخليج ، ولا أملك من حطام الدنيا شيئاً ، أقسم لي بالله أنه في نفسه قال : يا رب إن أكرمتني لأبني لك بيتاً في هذا المكان ، والله أكرمه ، الشاهد لم ينطق بلسانه ، يمكن أن تسأل ربك أكبر سؤال وأعظم سؤال ، وأنت ساكت " إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً " الله أكرمه ، ويسر له بناء هذا المسجد ، وحدثني عن قصته الممتعة حينما طلب من الله عز وجل التوفيق ، والله عز وجل سمعه ولم يحرك شفتيه " إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً " .
المجيب هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويغيث الملهوف إذا ناداه :
الإنسان أحيانا يقول : يا رب دلني عليك ، سبحان الله ! هي ظروف عجيبة جداً يجتمع مع إنسان ، والإنسان يدله على أهل الحق ، ويلتقي بهم ، وينتفع بهم ، في عنده طلب .
فأنت أي طلب تطلبه بلسانك أم بقلبك يسمعه الله ويجيبك ، لأنه مجيب ، بل هو ينتظرك ، بل هو ينتظر هذا السؤال .
أيها الأخوة " المجيب " هو الذي يقابل السؤال بالإجابة ، والدعاء بالقبول " المجيب " هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ، ويغيث الملهوف إذا ناداه .
" المجيب " هو الذي يكشف السوء عن أوليائه ، ويرفع البلاء عن أحبابه ، أحياناً بلاء كبير ينزاح ، مشكلة كبيرة تُحل ، عدو متربص يصرفه الله عنك ، الله مجيب ينتظر سؤالك ، ودعاءك ، كل الخلائق مفتقرة إليه ، ولا قوام لحياتها إلا عليه ، ولا ملجأ لها منه إلا إليه ، في جهة واحدة في الكون هي الله جلّ جلاله ، تلجأ منه إليه ، تهرب منهم إليه .
يغني لو فرضنا ابن أخطأ خطأ كبيراً في حق أمه ، أمه توعدته أن تؤدبه فاتجه إليها ، وأقبل عليها ، وقبّل يدها ، وقال : سامحيني ، ماذا فعل ؟ هرب من عقابها إليها .
هكذا شأن الإنسان مع الله عز وجل يفر منه إليه ، يلجأ منه إليه ، لا ملجأ ولا منجا لي منك إلا إليك .
من أراد أن يعرف مقامه عند الله عز وجل فلينظر فيما استعمله الله تعالى :
أيها الأخوة ، الآية الكريمة : " يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ " [الرحمن:29] .
آية دقيقة جداً : " يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ " كيف ؟ للتوضيح : طبيب مرّ على مريض أخذ لائحة الفحوصات ، وجد الضغط مرتفعاً ، أعطى أمراً بإيقاف الملح في الطعام ، الطعام من دون ملح لا يستساغ ، هذا قرار الطبيب ، لأن شأن هذا المريض ارتفاع الضغط ، فالموقف المناسب أن تمنعه من الملح " كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ " وجد الضغط معتدلاً جداً ، وجسم المريض بحاجة إلى غذاء دسم فأمر أن يُطعم أطيب الطعام .
فأنت إن كان شأنك مع الله الطاعة فقرار الله الإكرام ، وإن كان شأنك مع الله لا سمح الله ولا قدر المعصية فشأن الله معك التأديب " كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ " .
اليوم طور ، الآن أنت مقبل ، القرار الإلهي التكريم ، الآن في جزء من المال حرام ، القرار الإلهي تطهير مالك من هذا المال الحرام ، يتلف المال ، أنت متواضع شأن الله عز وجل أن يكرمك ، أن يرفع شأنك ، في تكبر ، شأن الله عز وجل أن يحجمك ، أنت منفق شأن الله أن يرزقك ، أنت مقتر شأن الله أن يضيق عليك " كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ " إن أردت أن يكون الله لك كما تريد فكن له كما يريد .
" أنت تريد وأنا أريد فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد " [ورد في الأثر] .
آية دقيقة جداً : " كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ " ما شأنك ؟ الطاعة ؟ شأن الله الإكرام ما شأنك ؟ لا سمح الله ولا قدر المعصية ؟ شأن الله التأديب ، ما شأنك ؟ الإسراف في الإنفاق على ملذاتك ؟ شأن الله التقتير ، ما شأنك ؟ الإنفاق في الأعمال الصالحة ؟ شأن الله التوسعة ما شأنك ؟ الخضوع لله ؟ شأن الله الإعزاز ، يعزك ، ما شأنك الكبر على العباد ؟ شأن الله الإذلال " كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ " إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما استعملك ، جميع الخلائق تستند إليه وتعتمد عليه .
صدق الإيمان والولاء شرط إجابة الدعاء :
الآن شرط إجابة الدعاء : جميع الخلائق تدعوه إما بلسانها أو بحالها ، عندنا لسان المقال ، ولسان الحال ، لذلك شرط إجابة الدعاء : صدق الإيمان والولاء ، فالله حكيم في إجابته ، قد يعجل أو يؤجل ، على حسب السائل والسؤال ، أو يلطف بعبد فيختار له ما يناسب الحال ، أو يدخر ما ينفعه عند المصير والمآل ، لكن الله تعالى يجيب عبده حتماً ، ولا يخيب ظنه أبداً ، كما وعد وقال وهو أصدق القائلين : " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " [البقرة:186] .
" فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي " يطيعوني " وَلْيُؤْمِنُوا بِي " يؤمنون بوحدانيتي ، وأنني فعال لما أريد .
" وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ " [الزخرف:84] .
لذلك شروط الإجابة أن تؤمن بالله الإيمان الذي يمنعك أن تؤذي عباده ، والذي يحملك على طاعته ، وأن تستقيم على أمره " فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " إلى الدعاء المستجاب .
الله عز وجل حكيم في إجابته :
الآية الثانية : " وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ " [غافر:60] لذلك قالوا : ما أمرك أن تدعوه إلا ليجيبك ، وما أمرك أن تسأله إلا ليعطيك ، وما أمرك أن تتوب إليه إلا ليتوب عليك ، الآية الواضحة أن الله حكيم في إجابته ، وقال تعالى : " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ " [الإسراء:18] .
بالقدر الذي نشاء ، وللسائل الذي نريد ، هناك حكمة إلهية :
" ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا " [الإسراء:18-19] .
ما من رجل يَدْعُو اللهَ بِدُعَاءٍ إِلا استُجِيبَ لَه :
الآن دقق : " كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً " [الإسراء:20] إن أردت الدنيا فلك الدنيا ، إن أردت الآخرة فلك الآخرة ، إن أردتهما معاً فلك الدنيا والآخرة ، كل شيء له ثمن ، والله عز وجل خلقك وأعطاك حرية الاختيار ، وكأن الله سبحانه وتعالى تعهد لك أن يلبيك في اختيارك ، وأنت اختار أي شيء وكل شيء له ثمن ، لذلك : " ما من رجل يَدْعُو اللهَ بِدُعَاءٍ إِلا استُجِيبَ لَه " [متفق عليه] كيف ؟ " ما من رجل يَدْعُو اللهَ بِدُعَاءٍ إِلا استُجِيبَ لَه " لأن الله " المجيب " لأن اسم الله " المجيب " فإما أن يعجل له في الدنيا ، يا رب أتمنى أن أكون غنياً ، يجعله غنياً ، إنسان يطلب أن يكون عالماً كبيراً ، يجعله عالماً كبيراً ، إنسان يطلب أن يكون أقوى الأقوياء يجعله أقوى الأقوياء .
" فإمَّا أنْ يُعَجَّلَ له في الدنيا ـ سؤله ـ وإمَّا أنْ يُدَّخَرَ له في الآخرة ـ أجابه بمقام رفيع في الآخرة ، أجابه بعطاء في الدنيا ـ وإمَّا أنْ يُكَفَّرَ عنه من ذُنُوبِهِ ، بِقَدْرِ مَا دَعَا ـ إجابة الله للمذنب أنه يكفر عنه من ذنوبه ، هذه إجابة أيضاً ـ ما لَمْ يَدْعُ بِإِثمٍ ، أو قَطيعةِ رَحِّمٍ ، أو يَسْتَعْجِلْ ـ متى لا يجاب السؤال ؟ إذا كان الدعاء بإثم ، أو قطيعة رحم ، أو يستعجل ـ قالوا : يا رسولَ الله وكيف يَسْتَعجِلُ؟ قال: يقول : دَعَوتُ رَبي فما استَجَابَ لي " [متفق عليه] .
إياك أن تقول هذه الكلمة ، دعوت ربي فما استجاب لي ، هذا الإنسان لا يستجاب له ، استعجلت .
" فإمَّا أنْ يُعَجَّلَ له في الدنيا ، وإمَّا أنْ يُدَّخَرَ له في الآخرة ، وإمَّا أنْ يُكَفَّرَ عنه من ذُنُوبِهِ ، بِقَدْرِ مَا دَعَا ، ما لَمْ يَدْعُ بِإِثمٍ ، أو قَطيعةِ رَحِّمٍ ، أو يَسْتَعْجِلْ ، قالوا : يا رسولَ الله ، وكيف يَسْتَعجِلُ ؟ قال : يقول : دَعَوتُ رَبي فما استَجَابَ لي " [متفق عليه] .
بطولة الإنسان أن يسأل الله عزّ وجل ويقبل عليه دائماً من دون حاجة :
أيها الأخوة ، بقي معنىً رائعاً من معاني " المجيب " ينعم قبل النداء ، يعطي قبل السؤال ، ما سألته ، ولا دعوته ، ينعم قبل النداء ، يعطي قبل السؤال ، الأب لا ينتظر من ابنه أن يسأله ، الأب رأى وجه ابنه مصفراً ، أخذه إلى الطبيب دون أن يسأل ، الابن سأل في حالات كثيرة الابن لا يسأل ، لكن الأب الرحيم ، المتمكن يبادر إلى العطاء قبل السؤال .
إذاً من معاني " المجيب " أنه ينعم قبل النداء ، ويتفضل قبل الدعاء ، لكن الحكمة من تأخر العطاء إلى ما بعد السؤال ، ما الحكمة ؟ هناك حكمة بالغة جداً ، يعني الله عز وجل يحب أن يسمع صوتنا ، يحب أن نقبل عليه ، يحب أن نسأله ، يحب أن نتضعضع أمامه ، يحب أن نمرغ جبهتنا في أعتابه ، لأن هذا الاتصال يسعدنا ، نحن غافلين عن سرّ سعادتنا ، سعادتنا بالإقبال على ربنا ، سعادتنا بمناجاته ، سعادتنا في التوجه إليه ، سعادتنا في التذلل أمامه ، هذا شيء يسعدنا ، فلذلك يحيجنا إلى شيء ، وينتظر أن نسأله ، أن ندعوه ، أن نتصل به ، أن نناجيه ، أن نمرغ جبهتنا في أعتابه ، يحب أن يسعدنا بالاتصال به ، فيجعل الحاجة وسيلة لهذا الهدف ، الأصل أن تتصل به ، أنت غافل لا سمح الله ، يخلق لك حاجة ، أو شبح مصيبة ، أو إنسان يتوعدك ، يا رب ما في غيرك ، سمعنا صوتك ، البطولة أن تسأله دائماً من دون حاجة ، البطولة أن تقبل عليه دائماً ، لكن نحن جميعاً مقصرون ، نحتاج إلى من يسوقنا إلى بابه ، أحياناً الحاجات التي تنشأ ، أشباح المصائب التي تظهر تسوقنا إلى باب الله ، وهذا المعنى أكده النبي عليه الصلاة والسلام فقال : " عجب ربنا عز وجل من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل " [البخاري] .
أيها الأخوة ، اسم " المجيب " من أقرب الأسماء إلينا ، والله ينتظرنا ، ويحب أن يجيبنا .
والحمد لله رب العالمين