اسم الله الغني 2
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( الغني ) :
أيها الأخوة الكرام ، لازلنا في اسم " الغني " ومن تطبيقات هذا الاسم المتعلقة بالمؤمن قول الله عز وجل في حديث قدسي صحيح : " أنا أغْنى الشُّركاء عن الشِّركِ ، مَنْ عَمِل عَمَلا أشرك فيه مَعي غيري تركتهُ وشِرْكَهُ " [مسلم] .لذلك : هناك ذنب لا يغفر وهو الشرك ، وهناك ذنب لا يترك ما كان بينك وبين العباد ، وهناك ذنب يغفر ما كان بينك وبين الله .
على الإنسان أن يستعيذ من فتنة الغنى وفتنة الفقر :
أيها الأخوة ، الله عز وجل غني عن الشرك ، إن أشركت بعملك غير الله ، الله عز وجل ترك لك هذا العمل ولم يقبله ، العمل المشترك لا يقبله ، والذي أشرك بعمله غير الله عز وجل ، الله عز وجل لا يقبل عليه ، العمل المشترك لا يقبله ، والمُشرك لا يقبل عليه .
أيها الأخوة ، معنىً آخر ، من أدعية النبي عليه الصلاة والسلام المتعلقة بالغنى والفقر ، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يستعيذ بالله من فتنة الغنى ، الغنى فتنة ، وكان يستعيذ بالله من فتنة الفقر ، كاد الفقر أن يكون كفراً ، وكاد الغنى أن يكون طغياناً .
" كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ " [العلق:6-7] أي أنه رأى نفسه غنياً ، أحياناً الغنى المادي يبعد عن الله عز وجل ، الغنى المادي يحاط صاحبه بالكبر ، والغطرسة ، والعجب ، وينسى الله عز وجل.
على الإنسان أن يُسرع بالأعمال الصالحة قبل أن يُصاب بـ :
على كلٍ من الأحاديث الشريفة التي تقصم الظهر ، والأحاديث التي تتسم بالواقعية قول النبي صلى الله عليه وسلم : " بادروا بالأعمال الصالحة ، فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ؟ " [الحاكم] بادروا ، سارعوا .
" فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ؟ " .
هل يمكن أن يستيقظ الإنسان كل يوم كاليوم السابق إلى ما شاء الله ؟ مستحيل ." بادروا بالأعمال الصالحة ، فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ؟ " .
1 ـ الفقر المنسي :
الآن : " هل تنتظرون إلا فقراً منسياً " .
الفقر قد ينسي كل شيء ، من هنا قال الله عز وجل : " وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ " [النحل:112] .النعمتان اللتان يسبغهما الله عز وجل على عباده المؤمنين نعمة الأمن ، ونعمة الكفاية ، والعقابان المؤلمان الذي يخص الله بهما من كفر نعم الله عز وجل مصيبة الخوف ومصيبة الجوع ، لذلك : " بادروا بالأعمال الصالحة ، فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً " [الحاكم] كاد الفقر أن يكون كفراً .
2 ـ أو الغنى المطغي :
دقق : " أو غنىً مطغياً " مال ، قوة ، هناك تعابير يقولها العوام هي الشرك بعينه ، يقول لك : الدراهم مراهم تحل بها كل المشكلات .
أعرف رجلاً ، أنا أظنه صالحاً لكنه أخطأ ، فقال مرة في مجلس : الدراهم مراهم تحل بها كل المشكلات ، فبقي في المنفردة أربعة وستين يوماً ، وفي كل يوم تأتيه مئات الخواطر الدراهم مراهم ؟ .3 ـ أو المرض المفسد : أيها الأخوة : " فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً ، أو غنىً مطغياً أو مرضاً مفسداً " [الحاكم] .
هناك أمراض تدع الحليم حيران ، هناك أمراض تجعل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق ، هناك أمراض وبيلة ، هناك أمراض عضالة ، لذلك كان عليه الصلاة والسلام من أكثر أدعيته : " اللهم ارزقنا العفو والعافية ، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة " .من دعاء القنوت المشهور : " اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت " [الترمذي] .
النعم الكبرى التي ينعم بها الإنسان هي نعمة الهدى والصحة والكفاية :
النعم الكبرى كما رتبها الإمام علي كرم الله وجهه نعمة الهدى ، وقال العلماء : تمام النعمة الهدى ، ونعمة الصحة ، ونعمة الكفاية .
" مَنْ أصبَحَ منكم آمِنا في سِرْبه ، مُعافى في جَسَدِهِ ، عندهُ قوتُ يومِه ، فكأنَّما حِيزَتْ له الدنيا بحذافيرها " [الترمذي] .
" بادروا بالأعمال الصالحة ، فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً " [الحاكم] .
أحياناً ترتفع الأسعار فجأة ، أحياناً أنت وكيل شركة تُسحب منك الوكالة فجأة ، أحياناً تقع تحت عجز مالي كبير ، أحياناً تنخفض الأسعار فجأة فتخسر كل ما تملك ." هل تنتظرون إلا فقراً منسياً ، أو غنىً مطغياً " .
4 ـ أو الهرم المفند : عدا النبي صلى الله عليه وسلم الغنى المادي أحد أكبر المصائب .
" أو غنىً مطغياً ، أو مرضاً مفسداً ، أو هرماً مفنداً " يعني تقدمت به السن ، ردّ إلى أرذل العمر ، يعيد القصة مئات المرات ، يحشر أنفه في أتفه القضايا ، ظله ثقيل ، يهرب منه من في البيت ، يتركونه وحده في الغرفة ، لا يحتملون وجوده ، يأتي ضيف يتشكى له ، الهرم ! .
من أهمل أوامر الله عز وجل واستعلى واستكبر خسر صلته بالله تعالى :
لذلك أيها الأخوة ، من عاش تقياً ، عاش قوياً ، إنسان عالم كبير ، عاش حياة امتدت إلى السادسة والتسعين ، بكامل قوته ، ونشاطه ، وحواسه الخمس ، سُئل يا سيدي ما هذه الصحة التي حباك الله بها ؟ قال : يا بني حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر ، من عاش تقياً ، عاش قوياً .
أنا مرة زرت صديقاً لي ، فالتقيت بوالده ، قال لي : أنا عمري 96 سنة ، أجريت البارحة فحوصاً تامة ، كاملة كلها طبيعية ، قال : والله ما عرفت الحرام في حياتي لا حرام النساء ، ولا حرام الأموال ، من عاش تقياً ، عاش قوياً .
" بادروا بالأعمال الصالحة فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا هل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غنىً مطغياً " [الحاكم] .
يظن الغني حينما ينحرف ، ويهمل أوامر الله عز وجل ، ويستعلي ، ويتغطرس ، يظن أنه في بحبوحة ، هو في شقاء كبير ، لأنه خسر دينه ، خسر صلته بالله عز وجل ." أو هرماً مفنداً " البطولة من طال عمره ، وحسن عمله، البطولة من ابتعد عن الخرف .
" وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً " [الحج:5] .
من عاش تقياً عاش قوياً ومتعه الله بحياته وحواسه وسمعه وبصره :
بالمناسبة هناك حقيقة في الطب : العضو الذي لا يعمل يضمر ، والإنسان حينما لا يستخدم فكره ، لا يصلي ، المصلي يتنشط فكره ، أول ركعة فاتحة وسورة ، ثاني ركعة فاتحة وسورة ، ركوع ، وقوف ، سجود أول ، سجود ثانٍ ، قعود ، وقوف ، ركعة ثالثة الفاتحة بلا سورة ، الظهر أربع ركعات ، العصر أربع ، الفجر ركعتان ، العشاء أربع ، المغرب ثلاث ، في نشاط دائم ، يقرأ القرآن كل يوم ، يؤدي الصلوات ، يتحدث عن الله عز وجل ، العضو الذي لا يعمل يضمر ، والإنسان إن لم يطلب العلم ، إن لم يصلِ ، إن لم يقرأ القرآن ، هذا الدماغ يضمر ، يصاب بالخرف " لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً " من عاش تقياً عاش قوياً ، متعه الله بحياته ، وبحواسه ، وبسمعه ، وببصره .
لذلك : " هل تنتظرون إلا فقراً منسياً ، أو غناً مطغياً ، أو مرضاً مفسداً ، أو هرماً مفنداً " تضعف مكانته ، تضعف ذاكرته ، يعيد القصة ، يحشر أنفه في كل شيء يتضجر من حوله منه .5 ـ أو الموت المجهز : " أو موتاً مجهزاً " الموت مصيبة ، الموت إن لم يكن على إيمان ، واستقامة ، وتوحيد مصيبة كبيرة نقلة مفاجئة إلى قبر ، من بيت فخم إلى قبر صغير ، من زوجة وأولاد إلى وحشة القبر .
6 ـ أو الدجال : " أو الدجال ، فشر غائب ينتظر " هناك دجال ، وهناك أعور دجال ، الدجال يتكلم كلاماً ، ويفعل عكسه ، يقول لك حرية ، ديمقراطية ، يعني قتل ، وسفك دماء ، ونهب ثروات ، هذا الدجال ، والأعور يرى مصلحته ، ولا يرى مصلحة الآخرين ، يرى كرامته ، ولا يرى كرامة الآخرين ، يرى ثقافته ولا يرى ثقافة الآخرين ، يرى حظوظه ، ولا يرى حظوظ الآخرين ، هذا موقف من المواقف التي تؤلم ، الإنسان يكيل بمكيالين ، يكيل بمليون مكيال ، هذا الحديث : " بادروا بالأعمال الصالحة ، فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً ، أو غناً مطغياً ، أو مرضاً مفسداً ، أو هرماً مفنداً ، أو موتاً مجهزاً ، أو الدجال فشر غائب ينتظر ، أو الساعة والساعة أدهى وأمر " [الترمذي وقال: حديث حسن] .
مختارات
-
شرح دعاء" اللهم طهرني من الذنوب والخطايا، اللهم نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد"
-
تابع " مظاهر اتباع الهوى "
-
الآفة الثانية والعشرون - المراء أو الجدال
-
شرح دعاء" اللهم قني شر نفسي، واعزم لي على أرشد أمري، اللهم اغفر لي ما أسررت، وما أعلنت، وما أخطأت، وما عمدت، وما علمت، وما جهلت "
-
" بطولات هزت الجبال "
-
" كلمات سريعة "
-
ترك شهادة الزور والإعراض عن اللغو
-
" المداومة على الأعمال الصالحة "
-
لماذا خص إبراهيم عليه السلام بالذكر في التشهد ؟
-
أين أثر الحج في سلوكياتنا؟