اسم الله الحق 2
من أسماء الله الحسنى : (الحق) :
أيها الأخوة الكرام ، لا زلنا في اسم " الحق " ولهذا الاسم العظيم تطبيقات كثيرة في حياة المؤمن .
العلم لا يمكن أن يكون شكاً أو ظناً بل يقيناً و قطعياً :
بادئ ذي بدء : الله عز وجل أودع في الإنسان قدرة إدراكية ، والمدركات إما أن تكون علماً ، أو أن تكون وهماً ، وفي البداية قلت : أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، فما العلم ؟ بتعريف مختصر موجز : العلم هو الوصف المطابق للواقع مع الدليل .
بتعريف أوسع : العلم يتجه إلى القانون ، والقانون علاقة ثابتة ، مقطوع بها ، بين متغيرين ، تطابق الواقع ، عليها دليل .
لو وقفنا وقفة متأنية عند هذا التعريف ، علاقة ثابتة يعني قانون ، بين متغيرين أولاً مقطوع بها ، معنى مقطوع ؛ أي مئة بالمئة ، الصحة مئة بالمئة ، يقينية ، لو لم يكن مقطوعاً بها ، لو لم تكن يقينية ، لكانت وهماً 30% ، شكاً 50% ، ظناً 90% ، فالعلم لا يمكن أن يكون وهماً ، ولا شكاً ، ولا ظناً ، قطعاً ، يقيناً .
على الإنسان أن يرتقي بعقيدته إلى اليقين :
أقول لكم هذه الكلمة : إن لم تكن عقيدتك بمستوى القطع ففيها خلل ، إن : " الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا " [الحجرات:15] .
أما مقولة الشاعر :زعم المنجم والطبيب كلاهما لا تبعث الأموات قلت إليكمــا
إن صحّ قولكما فلست بخاسر أو صح قولي فالخسار عليكما
* * *
" كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ " [التكاثر:5] يجب أن ترتقي بعقيدتك إلى اليقينيات ، يا أخي لا نعرف ، الله يسترنا ، هذا موقف ليس علمياً ، هذا القرآن كلام الله ، طبعاً إن شاء الله في ، لا ، ما في إن شاء الله ، هذا القرآن كلام الله يقيناً ، فإن لم يكن يقيناً ففي الإيمان خلل كبير .
قضية العقيدة أخطر شيء في الدين :
لذلك أيها الأخوة ، العلم هو علاقة ثابتة بين متغيرين ، مقطوع بها ، تطابق الواقع عليها دليل ، وقضية العقيدة أخطر شيء في الدين ، العقيدة إن صحت صحّ العمل ، وإن فسدت فسد العمل ، والعقيدة كالميزان ، والخطأ في الميزان لا يصحح ، بينما الخطأ في الوزن لا يتكرر ، أفضل ألف مرة أن تخطئ في مفردات المنهج ، من أن تخطئ أصل المنهج ، في الميزان، في العقيدة .
من صحت عقيدته صحّ عمله ومن فسدت عقيدته فسد عمله :
أول فكرة ، وأخطر فكرة في هذا اللقاء الطيب : أن العقيدة أخطر ما في الدين ، إن صحت صحّ العمل ، وإن فسدت فسد العمل .
الآن أي سلوك في قبله تصور ، أي سلوك ، الستة آلاف مليون يتحركون ، ما من حركة يتحركها الإنسان إلا ويسبقها تصور ، للتقريب :
أنت متى تشتري شيئاً ؟ أنت لا تشتري شيئاً إلا إذا تصورت أنه أغلى عندك من ثمنه ، لو لم تتصور أن هذا الشيء أغلى من ثمنه ما اشتريته،مرة ثانية،أنت متى تبيع الشيء؟ إن لم تتصور أن ثمنه أغلى منه ما بعته .
لا يوجد حركة ، السارق متى يسرق ؟ يتصور أن هذا عمله ذكي جداً ، يكسب كسباً كبيراً بلا جهد ، يغيب عنه العقاب ، يتصور مبلغاً كبيراً ينعم به لأمد طويل بلا جهد ، حتى الزاني متى يزني ؟ يرى الزنا مغنماً ، أما سيدنا يوسف رؤيته صحيحة ، رآه مغرما ؟ قال : " مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ " [يوسف:23] .
العاقل من يملك تصورات صحيحة بناء على طلب العلم :
إذاً أي سلوك يسبقه تصور ، والتصور متعلق بالعلم ، بطلب العلم ، شخص ما طلب علماً ، مثلاً يقول أحد الشعراء في الجاهلية : فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي فدعني أبادرها بما ملكت يدي
* * *
بالتعبير العامي يقول لك : قدر ما تستطيع استمتع بالحياة ، هذا جهل ، هناك استمتاع وفق منهج الله سليم وينتهي إلى الجنة ، و هناك استمتاع بخلاف منهج الله ، هذا مدمر ومهلك .إذاً البطولة أن أملك تصورات صحيحة بناء على طلب العلم ، فطلب العلم ليس استملاكاً للوقت لكنه توظيف له ، أخطر شيء بحياتك أن تعرف الحقيقة ، تعرف من أنت ؟ لماذا أنت في الدنيا ؟ ما علة وجودك ؟ ما غاية وجودك ؟ ما حقيقة العمل الصالح ؟ ماذا بعد الموت ؟ من أين ؟ وإلى أين ؟ ولماذا ؟ .
التصور الصحيح هو " الحق " لأنه ينتج عنه سلوك صحيح :
الآن التصور الصحيح هو " الحق " تعريف اسم " الحق " لأنه ينتج عنه سلوك صحيح ، والتصور الخاطئ هو الباطل ، لأنه مخالف للواقع ، ينتج عنه سلوك خاطئ ، ولأن الإنسان يسلم ويسعد ، إذا صحّ عمله ، ويشقى ويهلك إذا فسد عمله ، والعمل مرتبط بالتصور والتصور مرتبط بطلب العمل .
هذا الذي يغش الناس ، ماذا تصور ؟ حينما يغشهم في بضاعتهم يتصور أنه سيحقق أرباحاً استثنائية ، هي أغلى عنده من الله ، ومن وعيد الله ، ومن ثواب الله ، هنا المشكلة ، لا يوجد إنسان يعصي الله ، لا يوجد إنسان يتجاوز حدّه ، إلا معه تصور خاطئ لأنه ما طلب العلم ، لو طلب العلم لأصبح تصوره صحيحاً ، ولصحّ عمله ، ولسلم وسعد في الدنيا والآخرة .
لذلك أنا أقول : ما من نشاط إنساني يعلو على طلب العلم ، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً ، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم ، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل .
أوضح مثل أنه : تركب مركبتك ، تألق ضوء أحمر في لوحة البيانات ، إذا تصورت أن هذا التألق تزييني لإمتاعك أثناء القيادة ، وتابعت السير احترق المحرك ، وتوقفت المركبة ، وتعطلت الرحلة ، وألغي الهدف ، أما إذا تصورته تألقاً تحذرياً ، أوقفت المركبة وأضفت الزيت ، وتابعت الرحلة ، وحققت الهدف .
كل مشكلاتنا تصور خاطئ ، تتصور الفتاة أنها إذا أبرزت كل مفاتنها سوف تتزوج ، يأتيها زوج يريها النجوم ظهراً ، المؤمنة تتصور أنها إذا أطاعت ربها ، واستقامت على أمره ، وحجبت مفاتنها عن الناس ، وأبقت هذه المفاتن لزوجها ولمحارمها عندئذٍ تتألق عند الله .
مشكلات الإنسان تتأتى من تصوره الخاطئ للأمور وجهله بها :
كل مشكلاتنا تتأتى بتصور خاطئ ، والتصور الخاطئ سببه الجهل ، الآن أعداؤنا الحقيقيون ليس الاستعمار ، ولا الصهيونية ، أعداؤنا الحقيقيون الجهل ، الجهل أعدى أعداء الإنسان ، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به ، الآن اسمعوا الآية : " قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا " [الكهف:103-104] تصوروا تصوراً خاطئاً ، فجاء فعلهم سيئاً .
" وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا " [الكهف:104-105] .
إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً : أريد أن أقول لكم أيها الأخوة : أنا متأكد أن الجاهل ليس إنساناً لا يملك معلومات ، يملك معلومات بكم كبير جداً ، لكن كلها خاطئة ، إياك أن تتوهم أن الجاهل ما عنده معلومات ؛ عنده معلومات كلها خاطئة ، يحدثك عشر ساعات ، فوائد الاختلاط ، أو يقول لك لا يوجد داعٍ للزواج إطلاقاً ، كل يوم تجلس مع واحدة ، الجاهل معه معلومات كثيرة جداً لكنها كلها غلط .
أيها الأخوة، قالوا : يمكن أن تخدع معظم الناس لبعض الوقت ، هذا باطل .
" إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً " [الإسراء:81] .
الله يكشف ، ويمكن أن تخدع بعض الناس لكل الوقت ، وهذا باطل " إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً " أما أن تخدع معظم الناس لكل الوقت هذا مستحيل وألف ألف ألف مستحيل لأن " الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً " .من لوازم الحق أن الله جلّ جلاله لابدّ من أن يظهره :
ما معنى كلمة حق ؟ الله اسمه " الحق " اسمه " الحق " وهذا أخطر معنى في هذا الاسم ، أنه لابدّ من أن يظهر " الحق " فإذا كنت على حق فاطمئن ، فالله سوف يبرئك ويرفع ذكرك وقدرك .
الله " الحق " من لوازم هذا الاسم العظيم أن الله جل جلاله لابدّ من أن يظهر " الحق " إن كنت على حق فالمستقبل لك ، وسوف يظهر الله " الحق " وسوف تعلو ، وإن كنت ذكياً جداً لكن على باطل ، ذكاؤك ، وطلاقة لسانك ، وقوة إقناعك لا تجديك نفعاً عند الله فلابدّ من أن يفضحك الله عزّ وجل .
إنسان ببلد عربي جاء بمواد غذائية مصنعة للكلاب ، ونزع اللصاقات بمستودع ضخم ، ووضع لصاقات أخرى ، أنها صالحة لبني البشر ، وحقق أرباحاً طائلة ، هناك علبة واحدة نسي المكلف بإبدال اللصاقات أن يبدل لصاقتها ، كُشف الأمر ودُمر ، لأنه ارتكب جريمة بحق الأمة ، طعام للكلاب تقدمه لبني البشر ؟ نسيان هذا العامل فعل الله عز وجل .
مستحيل أن تخدع معظم الناس لكل الوقت ، لكن الله يمتحنك ، ولابدّ من أن تكشف الحقيقة .
أحمق إنسان في الأرض هو الذي لا يدخل عقاب الله في حساباته :
الآن الله عز وجل له سياسة ، سياسته إرخاء الحبل ، الحبل مرخى ، يتوهم الإنسان أنه يفعل ما يريد ، ويأخذ من المال ما يريد ، ويعتدي على الأعراض كما يشاء ، هو قوي ، ومعه أتباع أقوياء ، يعني كالعالم القوي معه الإعلام ، معه الأقمار الصناعية ، معه الاتهام الجاهز لكل إنسان قال له لا ، معه كل شيء ، لكن حينما ينسى هذا القوي أن الله موجود ، وأنه في قبضة الله ، وأنه في أية لحظة يفضحه الله عز وجل ، يكون من أغبى الأغبياء .أنا أقول لكم أيها الأخوة ، أغبى إنسان في الأرض ، أحمق إنسان في الأرض ، هو الذي لا يدخل عقاب الله في حساباته ، قوي ، كل شيء بيده ، نسي أن الله موجود ، وأنه في قبضة الله ، وأنه في أية لحظة يدمره الله عز وجل .
الإنسان مخير لا مسير :
لذلك من سياسة ربنا أنه يرخي الحبل ، من هو الأحمق ؟ الذي يتوهم أنه ما في حبل إطلاقاً ، لكن الحبل مرخى ، قال تعالى : " إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ " [الأعراف:183] .
معنى متين : المتانة صفة مقاومة قوى الشد ، أي مربوط بحبل لا يمكن أن ينقطع لكن سياسة ربنا أنت مخير ، معنى مخير يمكن أن تأكل المال الحرام ، وأن تستمتع به إلى أمد طويل ، وأن تتألق في المجتمع ، والحبل مرخى ، وفي لحظة حاسمة بحسب حكمة الله عزّ وجل ، في لحظة واحدة يكشف الأمر ، وتسقط، ويمكن أن تطيع الله إلى أمد طويل ، ولا تجد من الله شيئاً ، ممكن ، إنك لست في دار جزاء ، إنك في دار ابتلاء ، في دار ابتلاء ولست في دار جزاء ، يعني ملخص أنك مخير أي أنت ممكن أن تطيع الله ، ولا يحدث شيئاً ، ضغطك 8 ـ 12 ، النبض 80 ، التحليلات كلها إيجابية جيدة ، وفق النسب الطبيعية وقوي ، وتأكل المال الحرام ، وتنتهك أعراض الناس ، وتستعلي على الناس ما في مشكلة هنا الابتلاء ، الحبل مرخى من أجل أن تأخذ أبعادك ، من أجل أن تعبر عن ذاتك تماماً ." مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ " [الأنفال:42] .
شيء خطير ، وكلام خطير جداً ، يمكن أن تعصي الله ، يمكن أن تنكر وجوده أصلاً ، وسبعين سنة الذي رفع لواء لا إله ، سبعين سنة ، قوة ، وقنابل نووية ، وتسابق تسليح ، ومع ذلك الحبل مرخى ، في لحظة واحدة جاء أمر الله عز وجل ، والطرف الآخر أمامه هذا الإجراء الإلهي ، الطرف الثاني إن شاء الله .قضاء الله عز وجل لن يخرج الإنسان من الاختيار إلى الاضطرار :
أيها الأخوة ، مرة رجل شارب خمر سيق إلى سيدنا عمر ، فقال : أقيموا عليه الحدّ ، قال : والله يا أمير المؤمنين إن الله قدر عليّ ذلك ، قال : أقيموا عليه الحدّ مرتين مرة لأنه شرب الخمر ، ومرة لأنه افترى على الله ، الآن دققوا بقول سيدنا عمر ، قال له : ويحك يا هذا ، إن قضاء الله لم يخرجك من الاختيار إلى الاضطرار .
الآن يأتيكم بديل ، لو أن الله عز وجل كلما شخص كذب كذبة يمرض ، ما عاد يكذب ، كلما ألقى نظرة إلى امرأة لا تحل له يفقد بصره ، ما ينظر ، إذاً ما عاد مخيراً ، صار مضطراً ، الآن الأقوياء يطاعون اضطراراً ، يا ترى طاعة الأتباع للأقوياء تعد طاعة ؟ لا أبداً ، قهر ، ما في طاعة أبداً ، الله أراد أن تكون العلاقة بينه وبيننا علاقة حب ، علاقة اختيار ، أن تأتيه طائعاً ، الأقوياء يطاعون قسراً ، ولا يمكن أن تكون هذه الطاعة ثمينة إطلاقاً ، من خوف الناس يطيعون الأقوياء .
فلذلك قال له : إن قضاء الله لم يخرجك من الاختيار إلى الاضطرار ، الآية : " وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ " [إبراهيم:42] .
أرقى أنواع الإيمان من وصل بإيمانه إلى حق اليقين :
اسم " الحق " إن رأيت دخاناً وراء جدار ، ماذا تقول بحسب الموقف ؟ لا دخان بلا نار ، هذا حكم منطقي مع أنك لا ترى النار ، هذا اسمه علم اليقين " كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ " لكن لو تحركت إلى وراء الجدار ، ورأيت النار بعينك ، هذا أرقى ، هذا اسمه عين اليقين ، أما إذا اقتربت من النار ، وجاءك وهجها ، هذا حق اليقين ، أرقى أنواع الإيمان أن تصل إلى حق اليقين ، هناك علم اليقين استدلال لا دخان بلا نار ، وهناك عين اليقين أن ترى عين الشيء الذي تبحث عنه ، وهناك حق اليقين أن تصلك آثاره ، فإذا وصلت بعقيدتك إلى حق اليقين فأنت في القمة ، الآية : " كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ " [التكاثر:5-8] .
أيها الأخوة ، هناك بهذا الكون حقيقة واحدة ، يوجد مليارات الطروحات بالأرض لكن هناك حقيقة واحدة أن الله موجود ، وواحد ، وكامل ، أي شيء يقربك منه فهو حق ، وأي شيء يبعدك عنه فهو باطل ، مقياس الحق ، الصدقة حق ، الزكاة حق ، الصلاة حق ، غضّ البصر حق ، الصدق حق ، الأمانة حق ، أي شيء يقربك منه فهو حق ، وأي شيء يبعدك عنه فهو باطل ، قال تعالى : " وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ " [الإسراء:81] .
يجب أن يترسخ في أعماق أعماقنا أن الحق هو الثابت ، والهادف ، والموجود واليقيني ، وأن الباطل هو الوهم ، والخطأ ، والضلال ، والدمار في الدنيا والآخرة ، لذلك " إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً " ." كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ " لا يوجد إنسان يتحرك بشكل خاطئ ، إلا وراءه تصور خاطئ ، كل معاصي البشر وراءها تصور خاطئ يظن نفسه ذكياً ، وعاقلاً ، أما هو يكون جاهلاً ، ومنحرفاً .
أيها الأخوة الكرام ، اسم " الحق " اسم دقيق جداً ، تطبيقاته للمؤمن كبيرة جداً ، فطوبى لمن كان مع " الحق " فالمستقبل له ، والجنة له ، والتوفيق في الدنيا ، والتأييد ، والنصر ، والحفظ ، والويل لمن كان على باطل ، فالفضيحة ، والدمار ، والهلاك في الدنيا والآخرة .