اسم الله السميع 2
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : (السميع) :
أيها الأخوة الكرام ، لا زلنا مع اسم " السميع " و " السميع " لا يعزبُ عن إدراكه مسموع وإن خفي ، وقد يكون صوتاً في الرأس ، وقد يكون حديثاً في النفس ، وقد يكون خاطرةً ترد على الخاطر ، وقد يكون تساؤلاً يرد على الفكر ، أي شيء يخفى على الناس لا يخفى على الله ، لا تخفى عليه خافية ، هو السميع بغير جارحة ، وسع سمعه كل شيء ، يسمع نداء المضطرين ، يجيب دعاء المظلومين ، يسمع حمد الحامدين ، يسمع خطرات القلب ، يسمع هواجس النفوس ، يسمع مناجاة الضمائر ، هو " السميع " .
الله عز وجل لا يعزبُ عن إدراكه مسموع وإن خفي :
إنسان في بطن حوت ، في ظلمة بطن الحوت ، وظلمة البحر ، وظلمة الليل سيدنا يونس :
يعنيك من اسم " السميع " أنك إذا دعوته يسمعك .
إذاً الله عز وجل يقول يصف نفسه على لسان سيدنا زكريا : " إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ " .
النبي عليه الصلاة والسلام يبين لك متى يستجيب لك :
" سَمِيعُ الدُّعَاءِ " أي مجيب الدعاء .
الآن أنت لو سألت إنساناً : قال لك سمعت ، العبرة أن يسمع ؟ لا ، أن يجيب ،لذلك فسر المفسرون قوله تعالى: " إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ " أي مجيب الدعاء .
التعامل مع الله عز وجل تعامل مقنن بقوانين :
يعني كُلْ طعاماً طيباً ، والطعام الطيب الذي اشتري بمال حلال ، والمال الحلال الذي تكسبه وفق منهج الله " إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ " أي مجيب الدعاء .
جاء النبي الكريم ، وهو الذي بيّن ما في القرآن الكريم قال : " يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة " والله أخ له والد زرته في العيد ، والده عمره 96 سنة ، قال لي بالحرف الواحد : أجرينا البارحة تحاليل كاملة فكانت النسب جميعها طبيعية ، ست وتسعون سنة ، قال لي : والله ما أكلت درهماً حراماً في حياتي كلها ، ولا أعرف الحرام ، حرام النساء .
عالم آخر عاش للسادسة و التسعين سأله إخوانه يا سيدي : ما هذه الصحة التي حباك الله بها ؟ كان منتصب القامة ، حاد البصر ، مرهف السمع ، أسنانه في فمه ، قال : يا بني حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر ، من عاش تقياً عاش قوياً .
أما عامة المسلمين ولا أعمم إلا من رحم ربي، مأكله حرام، ومشربه حرام وغذي بالحرام ،فأنى يستجاب له .
كل إنسان يدعو الله عز وجل ولكن للدعاء شروط منها :
والله حدثني أخ : مجموعة خبراء من بلاد ترفع شعار لا إله ، ملحدة ، مجموعة خبراء تركب في طائرة ، دخلت في سحابة مكهربة ، فاضطربت ، وكادت أن تسقط ، فإذا بهؤلاء الملحدين يرفعون أيديهم إلى الله ، ويسألونه النجاة .
أي إنسان ، بأي ظرف ، مؤمن ، غير مؤمن ، عند الحاجة ، وعند الضرورة ، وعند البلاء يسأل الله عز وجل " أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " .
1 ـ الإيمان بالله واحداً وموجوداً :
أن شروط الإجابة أن تؤمن بالله أولاً ، أن تؤمن به موجوداً ، وواحداً ، وكاملاً .
2 ـ الإيمان بأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى :
أن تؤمن بأسمائه الحسنى ، وصفاته الفضلى .
3 ـ أن تؤمن أن الله يعلم وسيحاسب :
أن تؤمن أنه معك ، أن تؤمن أنه يعلم ، وسيحاسب، وسيعاقب .
4 ـ أن تدعو الله مخلصاً :
وأن تدعوه مخلصاً ، وأن تراه قريباً ، هذا شروط الدعاء " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ " يعني أقرب إليك من حبل الوريد ، أقرب إليك من أي شيء ، يحول بينك وبين قلبك ، يعني خاطرة جاءت إلى القلب يعلمها " أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي " ليستقيموا على أمري " وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " إلى الدعاء المجاب .
استثناء المضطر والمظلوم من شروط الدعاء لرحمة الله وعدله :
إلا أن العلماء استثنوا إنسانين ، استثنوا المضطر من شروط الدعاء ، فالمضطر يستجيب الله له ، ولو لم تتحقق فيه شروط الدعاء ، يستجيب الله له لا بأهليته ، ولكن برحمته ، والمظلوم يستجيب الله له ولو لم تتحقق به شروط الدعاء ، يستجيب له لا بأهليته ، لكن بعدله .
دققوا : إنسانان مستثنيان من شروط الدعاء ، المضطر يستجيب الله له برحمته ، والمظلوم يستجيب الله له بعدله ِ، لذلك ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " الرجل الأول بعد هارون الرشيد خالد البرمكي ، هذا فجأة رأى نفسه في السجن زاره أحد أقربائه ، قال له : لعل دعوة مظلوم أصابتنا .
عد للمليار قبل أن تظلم .
الدعاء مخ العبادة :
الآن هل تصدقون أن العبادة كلها هي الدعاء ؟ الدليل:"وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ" .
فاستنبط النبي عليه الصلاة والسلام أن الدعاء هو العبادة ، وفي رواية :
يعني الصلاة دعاء ، والحج دعاء ، والصيام دعاء ، يعني اتصال العبد بالله عز وجل ، بل إن الدعاء سلاح المؤمن ، الآن أضعف دولة بالعالم حينما تستقوي بأقوى دولة تغدو هذه الدولة الضعيفة دولة قوية ، كما ترون ، أضعف دولة حينما تستقوي بأقوى دولة تغدو هذه الدولة الضعيفة قوية .
وأنت أيها المؤمن ولله المثل الأعلى حينما تدعو الله عز وجل أنت أقوى الناس قال : إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله ، وإذا أردت أن تكون أكرم الناس فاتقِ الله ، وإذا أدرت أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك .
من دعا الله معه أربع شهادات شهادة إيمانه بالله موجوداً وسميعاً ورحيماً وقديراً :
لكن بالتحليل الدقيق : ماذا يعني أن تدعو الله بالضبط ، يعني أنك مؤمن بوجوده ، هل تصدق أن إنساناً يدخل لمكان فارغ يخاطب إنساناً ؟ إلا أن يتهم في عقله ، أنت حينما تدعو الله أنت موقن بوجوده ، وفضلاً عن ذلك أنت مؤمن أن الله على كل شيء قدير .
الآن عندنا حالة ، أو بحث في الطب اسمه الشفاء الذاتي ، يستعصي على أي تفسير ، ورم خبيث من الدرجة الخامسة يتراجع لوحده ، أنت حينما تؤمن أن الله على كل شيء قدير ، وأن قدرته تعلقت بكل ممكن ، ولو أن الأطباء أجمعوا أن هذا المرض وبيل ، عضال ، لا شفاء منه ، قال الطبيب لأهل مريضة : انتهت اكتبوا النعوة ، عاشت بعد هذا الكلام 46 عاماً ، اكتبوا النعوة ، يقسم لي بالله أحد أقربائها سمع كلام الطبيب بأذنه وعاشت بعد كلام الطبيب 46 عاماً .
إذاً أنت حينما تدعو الله أنت مؤمن بوجوده ، ومؤمن أيضاً أنه على كل شيء قدير ، ومؤمن أنه يسمعك ، ومؤمن أنه يحب أن يرحمك ، أنت لن تدعو عدواً ، تدعو جهة ، تؤمن بوجودها ، وبأنها تسمعك ، وبقدرتها ، وبمحبتها ، فالذي يدعو الله معه أربع شهادات معه شهادة إيمانه بالله موجوداً وشهادة إيمانه بالله سميعاً ( درسنا هو " السميع " ) وشهادة إيمانه بالله رحيماً ، وشهادة إيمانه بالله قديراً ، معه أربع شهادات .
المعصية حجاب بين العبد وربه :
لكن بالتحليل العلمي لن تستطيع أن تدعوه إذا كنت في معصية ، المعصية حجاب أما إذا كنت على طاعة تدعوه كل دقيقة ، اسأله ملح طعامك ، اسأله شسع نعلك إذا انقطع ، اسأله حاجتك إذا أضعتها ، اسأله عن كل شيء .
" إن الله يحب الملحين في الدعاء " [رواه الحكيم ابن عدي في الكامل والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة] من لا يدعني أغضب عليه .
دعاء الإنسان بينه وبين ربه من أقوى أنواع الأدعية فمن تذلل لله رفعه :
لكن أحياناً تكون في ظرف صعب ، ولا تحتاج إلى أن تحرك شفتيك .
" إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً " [مريم:3] وأنت ساكت ، شفتاك منطبقتان تماماً ، بإمكانك أن تدعو الله يا رب انصرني ، يا رب وفقني ، يا رب خذ بيدي ، يا رب ألهمني الصواب ، يا رب أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، يا رب كن لي ولا تكن عليّ ، اهدني واهدِ بي ، ارزقني طيباً ، واستعملني صالحاً ، وفق أولادي لما تحب وترضى ، هيئ لبناتي أزواجاً صالحين ، بإمكانك أن تدعو الله وأنت مطبق شفتيك ، وأنت ساكت ، هذا معنى قوله تعالى : " إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً " بل إن الله سبحانه وتعالى يحبك أن تدعوه سراً .
إذا شخص له مشكلة بالجمرك غرامتها عشرة ملايين ، والثاني عنده امتحان شهادة ثانوية ، ومعلق آماله بعلامات تدخله كلية الطب ، وامرأة عاقر عملت طفل أنبوب تنظر النتيجة الإيجابية ، هل الثلاث في دعاء يجمع بينهم ؟ لا يوجد ، فلابد من دعاء شخصي بينك وبين الله وهو من أقوى أنواع الأدعية .
" ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً " [الأعراف:55] يعني تذللاً ، المؤمن عنده عزة ، لو وزعت على أهل بلد لكفتهم ، عزيز ، لكن بين يدي الله ذليل ، وكلما تذلل لله أعزه الله ، كلما مرغ جبهته في أعتاب الله أعزه الله " ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً " يعني تذللاً .
الدعاء لا يحتاج إلى صوت عريض ، دعاء منمق ، ودعاء موزون ، وعلى القوافي ، لا .
لابدّ من أن يكون في قلب كل مؤمن محبة لله وخوف منه وتعظيم له :
" رَغَباً وَرَهَباً " .
يعني ذكرهم بآلائي كي يعظموني ، وذكرهم ببلائي كي يخافوني ، وذكرهم بنعمائي كي يحبوني ، في هذا النص في الأثر يتضح أنه لابدّ من أن يكون في قلب المؤمن محبة لله من خلال نعمه ، وخوف من الله من خلال بلائه ، وتعظيم له من خلال آلائه .
المحسن إنسان مستجاب الدعوة :
المحسن مستجاب الدعوة ، دروسنا المديدة والعديدة إن شاء الله .
" وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا " [الأعراف:180] تعرفوا إلى أسمائه الحسنى ، وتقربوا إليه بكمال مشتق من كمالاته .
الله عز وجل يدعو كل إنسان إلى السعادة الحقيقية والحياة الأبدية :
دعاكم إلى حياة حقيقية ، دعاك إلى حياة أبدية ، دعاك إلى حياة القلب ، دعاك إلى الأمن ، دعاك إلى السعادة ، دعاك إلى التوازن ، دعاك إلى العزة " إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ "
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
* * *
يا بني مات خزان المال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة .
حقوق العباد مبنية على المشاححة وحقوق الله مبنية على المسامحة :
الآن : " يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ " [إبراهيم:10] من للتبعيض " يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ " لكم بعض ذنوبكم التي بينكم وبينه ، أما التي بينكم وبين العباد هذه لا تغفر لا بحج ، ولا بصيام ، ولا بتوبة ، ما لم تؤدَ الحقوق ، ما كان بينك وبين العباد لا يغفر إلا بالأداء أو المسامحة فقط ، أما الشرك ذنب لا يغفر ، وأما ما كان بينك وبين العباد ذنب لا يترك ، وأما ما كان بينك وبين الله فهو الذنب الذي يغفر بكل بساطة حينما تقول له يا رب لقد تبت ، يقول : يا عبدي وأنا قد قبلت .
دعوة الله عز وجل كل إنسان إلى جنة عرضها السماوات والأرض :
إذاً " يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ " أي بعض ذنوبكم .
أما الشركاء : " إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ " [فاطر:14] ما في إمكانات ، ما في شواغر ، الأمر ما بيدي ، هذا من فوق " إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ " .
الإشراك بالله ذنب لا يغفر و عذابه من أشد أنواع العذاب :
أحد أكبر العذاب أن تشرك بالله شركاً خفياً ، أن تتوهم أن إنساناً بيده ضرك ونفعك ، قل لا أملك لكم نفعاً ولا ضراً .
سخرية الشيطان من الإنسان الخاسر يوم القيامة :
آخر شيء : " وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ " [إبراهيم:22] أي ضحكت عليكم .
" وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ " لا أملك سلطة إطلاقاً عليكم .
إخوتنا الكرام ، إذا ذكرت اسم " السميع " لا تنسى أنه سميع الدعاء ، ومعنى سميع الدعاء أي مستجيب للدعاء بشرط أن تحقق شروطه .