اسم الله السميع 2
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: (السميع):
أيها الأخوة الكرام، لا زلنا مع اسم " السميع " و " السميع " لا يعزبُ عن إدراكه مسموع وإن خفي، وقد يكون صوتاً في الرأس، وقد يكون حديثاً في النفس، وقد يكون خاطرةً ترد على الخاطر، وقد يكون تساؤلاً يرد على الفكر، أي شيء يخفى على الناس لا يخفى على الله، لا تخفى عليه خافية، هو السميع بغير جارحة، وسع سمعه كل شيء، يسمع نداء المضطرين، يجيب دعاء المظلومين، يسمع حمد الحامدين، يسمع خطرات القلب، يسمع هواجس النفوس، يسمع مناجاة الضمائر، هو " السميع ".
الله عز وجل لا يعزبُ عن إدراكه مسموع وإن خفي:
إنسان في بطن حوت، في ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل سيدنا يونس:
" فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ " [الأنبياء:87-88].
أيها الأخوة، لكن نحن كبشر، أو كمؤمنين، ماذا يعنينا من اسم " السميع " ؟ الله عز وجل يقول على لسان سيدنا زكريا: " هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ " [آل عمران:38].
يعنيك من اسم " السميع " أنك إذا دعوته يسمعك.
إذاً الله عز وجل يقول يصف نفسه على لسان سيدنا زكريا: " إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ".
النبي عليه الصلاة والسلام يبين لك متى يستجيب لك:
" سَمِيعُ الدُّعَاءِ " أي مجيب الدعاء.
الآن أنت لو سألت إنساناً: قال لك سمعت، العبرة أن يسمع؟ لا، أن يجيب،لذلك فسر المفسرون قوله تعالى: " إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ " أي مجيب الدعاء.
التعامل مع الله عز وجل تعامل مقنن بقوانين:
لكن الله له قوانين، والتعامل مع الله تعامل مقنن بقوانين، متى يستجيب دعاؤك؟ دقق، قال: " أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة " [الطبراني].
يعني كُلْ طعاماً طيباً، والطعام الطيب الذي اشتري بمال حلال، والمال الحلال الذي تكسبه وفق منهج الله " إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ " أي مجيب الدعاء.
جاء النبي الكريم، وهو الذي بيّن ما في القرآن الكريم قال: " يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة " والله أخ له والد زرته في العيد، والده عمره 96 سنة، قال لي بالحرف الواحد: أجرينا البارحة تحاليل كاملة فكانت النسب جميعها طبيعية، ست وتسعون سنة، قال لي: والله ما أكلت درهماً حراماً في حياتي كلها، ولا أعرف الحرام، حرام النساء.
عالم آخر عاش للسادسة و التسعين سأله إخوانه يا سيدي: ما هذه الصحة التي حباك الله بها؟ كان منتصب القامة، حاد البصر، مرهف السمع، أسنانه في فمه، قال: يا بني حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر، من عاش تقياً عاش قوياً.
أما عامة المسلمين ولا أعمم إلا من رحم ربي، مأكله حرام، ومشربه حرام وغذي بالحرام،فأنى يستجاب له.
كل إنسان يدعو الله عز وجل ولكن للدعاء شروط منها:
الآن: " قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " [الأنعام:40].
والله حدثني أخ: مجموعة خبراء من بلاد ترفع شعار لا إله، ملحدة، مجموعة خبراء تركب في طائرة، دخلت في سحابة مكهربة، فاضطربت، وكادت أن تسقط، فإذا بهؤلاء الملحدين يرفعون أيديهم إلى الله، ويسألونه النجاة.
أي إنسان، بأي ظرف، مؤمن، غير مؤمن، عند الحاجة، وعند الضرورة، وعند البلاء يسأل الله عز وجل " أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ".
1 ـ الإيمان بالله واحداً وموجوداً:
لكن الدعاء له شروط، قال تعالى: " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ " [البقرة:186].
طبعاً يوجد بالقرآن عشرات الآيات: " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ " [البقرة:222].
" وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ " [البقرة:219].
" وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ " [البقرة:220].
أكثر من عشر آيات تبدأ بيسألونك، ويأتي الجواب بقل، إلا في هذه الآية اليتيمة: " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ " لا يوجد قل، بما يزيد عن عشر آيات يسألونك، قل الجواب، يعني النبي وسيط بين السائل وبين الإجابة، إلا في هذه الآية الوحيدة: " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ " ليس بين العبد وربه واسطة.
لكن: " أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " [البقرة:186].
أن شروط الإجابة أن تؤمن بالله أولاً، أن تؤمن به موجوداً، وواحداً، وكاملاً.
2 ـ الإيمان بأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى:
أن تؤمن بأسمائه الحسنى، وصفاته الفضلى.
3 ـ أن تؤمن أن الله يعلم وسيحاسب:
أن تؤمن أنه معك، أن تؤمن أنه يعلم، وسيحاسب، وسيعاقب.
4 ـ أن تدعو الله مخلصاً:
وأن تدعوه مخلصاً، وأن تراه قريباً، هذا شروط الدعاء " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ " يعني أقرب إليك من حبل الوريد، أقرب إليك من أي شيء، يحول بينك وبين قلبك، يعني خاطرة جاءت إلى القلب يعلمها " أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي " ليستقيموا على أمري " وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " إلى الدعاء المجاب.
استثناء المضطر والمظلوم من شروط الدعاء لرحمة الله وعدله:
إلا أن العلماء استثنوا إنسانين، استثنوا المضطر من شروط الدعاء، فالمضطر يستجيب الله له، ولو لم تتحقق فيه شروط الدعاء، يستجيب الله له لا بأهليته، ولكن برحمته، والمظلوم يستجيب الله له ولو لم تتحقق به شروط الدعاء، يستجيب له لا بأهليته، لكن بعدله.
دققوا: إنسانان مستثنيان من شروط الدعاء، المضطر يستجيب الله له برحمته، والمظلوم يستجيب الله له بعدله ِ، لذلك ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " الرجل الأول بعد هارون الرشيد خالد البرمكي، هذا فجأة رأى نفسه في السجن زاره أحد أقربائه، قال له: لعل دعوة مظلوم أصابتنا.
عد للمليار قبل أن تظلم.
" اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " [البخاري].
وفي رواية: " اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافراً " [رواه أحمد في مسنده وأبو يعلى في مسنده والضياء عن أنس].
طبعاً الآية الكريمة: " أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ " [النمل:62].
" فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ " [القمر:10].
الدعاء مخ العبادة:
الآن هل تصدقون أن العبادة كلها هي الدعاء؟ الدليل: " وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ ".
بالسياق: عن دعائي، جاءت الآية: " عَنْ عِبَادَتِي " [غافر:60].
فاستنبط النبي عليه الصلاة والسلام أن الدعاء هو العبادة، وفي رواية:
" الدُّعاءُ مُخُّ العبادةِ " [الترمذي].
يعني الصلاة دعاء، والحج دعاء، والصيام دعاء، يعني اتصال العبد بالله عز وجل، بل إن الدعاء سلاح المؤمن، الآن أضعف دولة بالعالم حينما تستقوي بأقوى دولة تغدو هذه الدولة الضعيفة دولة قوية، كما ترون، أضعف دولة حينما تستقوي بأقوى دولة تغدو هذه الدولة الضعيفة قوية.
وأنت أيها المؤمن ولله المثل الأعلى حينما تدعو الله عز وجل أنت أقوى الناس قال: إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله، وإذا أردت أن تكون أكرم الناس فاتقِ الله، وإذا أدرت أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك.
من دعا الله معه أربع شهادات شهادة إيمانه بالله موجوداً وسميعاً ورحيماً وقديراً:
لكن الذي يلفت النظر أن الله سبحانه وتعالى لا يعبأ بنا إطلاقاً إذا لم ندعُه والدليل: " قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ " [الفرقان:77].
لكن بالتحليل الدقيق: ماذا يعني أن تدعو الله بالضبط، يعني أنك مؤمن بوجوده، هل تصدق أن إنساناً يدخل لمكان فارغ يخاطب إنساناً؟ إلا أن يتهم في عقله، أنت حينما تدعو الله أنت موقن بوجوده، وفضلاً عن ذلك أنت مؤمن أن الله على كل شيء قدير.
الآن عندنا حالة، أو بحث في الطب اسمه الشفاء الذاتي، يستعصي على أي تفسير، ورم خبيث من الدرجة الخامسة يتراجع لوحده، أنت حينما تؤمن أن الله على كل شيء قدير، وأن قدرته تعلقت بكل ممكن، ولو أن الأطباء أجمعوا أن هذا المرض وبيل، عضال، لا شفاء منه، قال الطبيب لأهل مريضة: انتهت اكتبوا النعوة، عاشت بعد هذا الكلام 46 عاماً، اكتبوا النعوة، يقسم لي بالله أحد أقربائها سمع كلام الطبيب بأذنه وعاشت بعد كلام الطبيب 46 عاماً.
إذاً أنت حينما تدعو الله أنت مؤمن بوجوده، ومؤمن أيضاً أنه على كل شيء قدير، ومؤمن أنه يسمعك، ومؤمن أنه يحب أن يرحمك، أنت لن تدعو عدواً، تدعو جهة، تؤمن بوجودها، وبأنها تسمعك، وبقدرتها، وبمحبتها، فالذي يدعو الله معه أربع شهادات معه شهادة إيمانه بالله موجوداً وشهادة إيمانه بالله سميعاً (درسنا هو " السميع " ) وشهادة إيمانه بالله رحيماً، وشهادة إيمانه بالله قديراً، معه أربع شهادات.
المعصية حجاب بين العبد وربه:
لذلك: " قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً " [الفرقان:77].
لكن بالتحليل العلمي لن تستطيع أن تدعوه إذا كنت في معصية، المعصية حجاب أما إذا كنت على طاعة تدعوه كل دقيقة، اسأله ملح طعامك، اسأله شسع نعلك إذا انقطع، اسأله حاجتك إذا أضعتها، اسأله عن كل شيء.
" إن الله يحب الملحين في الدعاء " [رواه الحكيم ابن عدي في الكامل والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة] من لا يدعني أغضب عليه.
دعاء الإنسان بينه وبين ربه من أقوى أنواع الأدعية فمن تذلل لله رفعه:
لكن أحياناً تكون في ظرف صعب، ولا تحتاج إلى أن تحرك شفتيك.
" إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً " [مريم:3] وأنت ساكت، شفتاك منطبقتان تماماً، بإمكانك أن تدعو الله يا رب انصرني، يا رب وفقني، يا رب خذ بيدي، يا رب ألهمني الصواب، يا رب أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، يا رب كن لي ولا تكن عليّ، اهدني واهدِ بي، ارزقني طيباً، واستعملني صالحاً، وفق أولادي لما تحب وترضى، هيئ لبناتي أزواجاً صالحين، بإمكانك أن تدعو الله وأنت مطبق شفتيك، وأنت ساكت، هذا معنى قوله تعالى: " إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً " بل إن الله سبحانه وتعالى يحبك أن تدعوه سراً.
إذا شخص له مشكلة بالجمرك غرامتها عشرة ملايين، والثاني عنده امتحان شهادة ثانوية، ومعلق آماله بعلامات تدخله كلية الطب، وامرأة عاقر عملت طفل أنبوب تنظر النتيجة الإيجابية، هل الثلاث في دعاء يجمع بينهم؟ لا يوجد، فلابد من دعاء شخصي بينك وبين الله وهو من أقوى أنواع الأدعية.
" ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً " [الأعراف:55] يعني تذللاً، المؤمن عنده عزة، لو وزعت على أهل بلد لكفتهم، عزيز، لكن بين يدي الله ذليل، وكلما تذلل لله أعزه الله، كلما مرغ جبهته في أعتاب الله أعزه الله " ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً " يعني تذللاً.
" وَخُفْيَةً " [الأعراف:55].
الدعاء لا يحتاج إلى صوت عريض، دعاء منمق، ودعاء موزون، وعلى القوافي، لا.
" إنكم ليس تدعون أصمَّ ولا غائباً إنكم تدْعُونَ سميعاً قريبا " [البخاري].
لابدّ من أن يكون في قلب كل مؤمن محبة لله وخوف منه وتعظيم له:
لكن الله عز وجل قال: " إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " [الأعراف:55].
قال علماء التفسير: الذين اعتدوا بعدم تحقق شروط الدعاء، بصوت مرتفع، بفصاحة ما بعدها فصاحة، بقلب ساهٍ ولاهٍ، بكبر وإعجاب " ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " لكن لو وسعنا كلمة معتدين أي إنسان اعتدى على حق أخيه، الإنسان الله عز وجل لا يستجيب دعاءه، المؤمنون، والمتقون، والأنبياء، والمرسلون إنهم: " يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ " [الأنبياء:90].
" رَغَباً وَرَهَباً ".
" قال: يا رب أي عبادك أحبّ إليك حتى أحبه بحبك؟ قال: أحبّ عبادي إلي تقي القلب، نقي اليدين، لا يمشي إلى أحد بسوء، أحبني، وأحب من أحبني، وحببني إلى خلقي، قال: يا ربي إنك تعلم أني أحبك، وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقك؟ قال: ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي " [ورد في الأثر].
يعني ذكرهم بآلائي كي يعظموني، وذكرهم ببلائي كي يخافوني، وذكرهم بنعمائي كي يحبوني، في هذا النص في الأثر يتضح أنه لابدّ من أن يكون في قلب المؤمن محبة لله من خلال نعمه، وخوف من الله من خلال بلائه، وتعظيم له من خلال آلائه.
المحسن إنسان مستجاب الدعوة:
" وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ " [الأعراف:56].
المحسن مستجاب الدعوة، دروسنا المديدة والعديدة إن شاء الله.
" وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا " [الأعراف:180] تعرفوا إلى أسمائه الحسنى، وتقربوا إليه بكمال مشتق من كمالاته.
الله عز وجل يدعو كل إنسان إلى السعادة الحقيقية والحياة الأبدية:
الآن عندنا شيء معاكس، دعانا أن ندعوه، الآن هو يدعونا إلى ماذا؟ قال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ " [الأنفال:24].
دعاكم إلى حياة حقيقية، دعاك إلى حياة أبدية، دعاك إلى حياة القلب، دعاك إلى الأمن، دعاك إلى السعادة، دعاك إلى التوازن، دعاك إلى العزة " إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ "
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
* * *
يا بني مات خزان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة.
حقوق العباد مبنية على المشاححة وحقوق الله مبنية على المسامحة:
الآن: " يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ " [إبراهيم:10] من للتبعيض " يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ " لكم بعض ذنوبكم التي بينكم وبينه، أما التي بينكم وبين العباد هذه لا تغفر لا بحج، ولا بصيام، ولا بتوبة، ما لم تؤدَ الحقوق، ما كان بينك وبين العباد لا يغفر إلا بالأداء أو المسامحة فقط، أما الشرك ذنب لا يغفر، وأما ما كان بينك وبين العباد ذنب لا يترك، وأما ما كان بينك وبين الله فهو الذنب الذي يغفر بكل بساطة حينما تقول له يا رب لقد تبت، يقول: يا عبدي وأنا قد قبلت.
دعوة الله عز وجل كل إنسان إلى جنة عرضها السماوات والأرض:
إذاً " يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ " أي بعض ذنوبكم.
" وَاللَّهُ يَدْعُو " [يونس:25] إلى ماذا يدعونا؟ قال: " إِلَى دَارِ السَّلَامِ " [يونس:25].
إلى جنة عرضها السماوات والأرض إلى جنة لا تعب فيها ولا نصب إلى جنة لك فيها ما تشاء، إلى جنة فيها: " ما لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ " [البخاري ومسلم].
الخاسر يوم القيامة إنسان غافل لم يستجب لما دعاه الله إليه: " قَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " [الشورى:45].
أما الشركاء: " إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ " [فاطر:14] ما في إمكانات، ما في شواغر، الأمر ما بيدي، هذا من فوق " إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ".
الإشراك بالله ذنب لا يغفر و عذابه من أشد أنواع العذاب:
" فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ " [الشعراء:213].
أحد أكبر العذاب أن تشرك بالله شركاً خفياً، أن تتوهم أن إنساناً بيده ضرك ونفعك، قل لا أملك لكم نفعاً ولا ضراً.
" لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلَا نَفْعاً " [يونس:49].
" وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ " [يونس:106].
سخرية الشيطان من الإنسان الخاسر يوم القيامة:
آخر شيء: " وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ " [إبراهيم:22] أي ضحكت عليكم.
" وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ " لا أملك سلطة إطلاقاً عليكم.
" إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " [إبراهيم:22].
إخوتنا الكرام، إذا ذكرت اسم " السميع " لا تنسى أنه سميع الدعاء، ومعنى سميع الدعاء أي مستجيب للدعاء بشرط أن تحقق شروطه.
والحمد لله رب العالمين
مختارات