اسم الله العزيز 1
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى أصحابه الطيبين الطاهرين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( العزيز) :
أيها الأخوة الأكارم : مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم : " العزيز " .
ورود اسم العزيز في :
1 ـ كثير من آيات القرآن الكريم :
2 ـ ورود اسم العزيز مقترناً بأسماء أخرى :
ورد مقترناً بأسماء أخرى :
3 ـ ورود اسم العزيز في السنة الشريفة :
من معاني اسم العزيز :
1 ـ العزيز هو الغالب :
معاني هذا الاسم " العزيز " هو الغالب .
لمجرد أن تتحقق جنديتك لله عز وجل فأنت الغالب ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تكون جندياً لله ولا تنتصر .
" وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ "
بطولة الإنسان أن يكون مع الغالب دائماً :
لذلك أيها الأخوة ، إن لم ننتصر فالخطأ منا ، الكرة في ملعبنا ، هناك خلل في جنديتنا لله عز وجل " وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ " .
الله عز وجل يقول في آيات كثيرة من هذه الآيات :
أي غلبني " العزيز " هو الغالب ، فالبطولة أن تكون مع الغالب دائماً ، والخطأ المدمر أن تنحاز إلى المغلوب ، إذا كنت مع الغالب فأنت الغالب ، إذا كنت مع الله فأنت المنتصر ، إذا كان الله معك فمن عليك ، وإذا كان عليك فمن معك .
قوة المؤمن تنبع من تطبيقه لمنهج الله عز وجل :
أيها الأخوة الكرام ، كلمة أقولها لكم : لا تقلقوا على هذا الدين إنه دين الله ، هو ينصره ، ولكن لنقلق على أنفسنا .
أول معنى من معاني هذا الاسم أنه الغالب ، فالبطولة أن تكون مع القوي ، قوة المؤمن من توكله على الله ، قوة المؤمن من اعتماده على الله ، قوة المؤمن من تطبيقه لمنهج الله كثمن لنصر الله ، نصر الله له ثمن ، الأمور ليست بالتمنيات ، التمنيات بضائع الحمقى .
مهما دعوت الله ، الله عز وجل لا يستجيب دعاء المعتدي .
إذا في عدوان ، إذا في ظلم ، مهما رفعت صوتك بالدعاء ، لن يستجاب لك .
تروي بعض القصص أن ملكاً قوياً التقى بعالم جليل قال له : ادعُ الله لي ، فقال له هذا العالم : لا تظلم ولست بحاجة إلى دعائي .
" وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ "
" العزيز " هو الغالب
" وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ " غلبني
" وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ "
سبحانك إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت .
2 ـ العزيز هو الشريف :
إذا إنسان لم يعرف ربه لكن تكلم كلمة صحيحة ، يجب أن تكون خطأ ؟ لا ، بلقيس قبل أن تعرف الله قالت : " إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً " .
خالق السماوات والأرض قال : " وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ " يعني الانفتاح يقتضي أن تصغي إلى كل قوم ، الإمام الشافعي يقول : أنا على حق ، وخصمي على باطل ، وقد أكون مخطئاً ، وخصمي على حق ، وقد يكون مصيباً ، تواضع حينما تحاور .
" العزيز " هو الجليل والشريف .
3 ـ العزيز هو القوي :
شيء آخر : " العزيز " هو القوي .
أي قويناهم بثالث ، إذا قلت فلان عزيز يعني قوي ، والناس يحبون الأقوياء وطبع في الإنسان أن يحب القوي ، لكن من هو أقوى الأقوياء ؟ خالق السماوات والأرض ، من هو القوي إلى أبد الآبدين ؟ خالق السماوات والأرض ، إن أردت أن تكون قوياً كن مع القوي لا تكن مع الضعيف ، إن أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله ، وإن أردت أن تكون أكرم الناس فاتقِ الله ، وإن أردت أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك .
الله " العزيز " واحد أحد ، فرد صمد :
وكل ما خطر في بالك فالله بخلاف ذلك .
4 ـ العزيز من يحتاجه كل شيء في كل شيء :
الآن الشيء العزيز تشتد الحاجة إليه إذا قلنا الله عزيز أي يحتاجه كل شيء في كل شيء ، الناس بحاجة إلى ملك يوفر لهم الأمن ، والحاجات ، والنظام ،... إلخ ، لكن أحياناً يكون هناك راعٍ بأطراف المملكة ، يأكل ويشرب من هذا الذي أمامه ، من حليب الغنم ، ومن لحمها ، وليس بحاجة إلى الملك ، أي أحياناً يكون أقوى إنسان لسنا بحاجة إليه ، لكن إذا قلنا الله عزيز تحتاجه النملة السمراء ، على الصخرة الصماء ، في الليلة الظلماء ، يحتاجه كل مخلوق لأنه إمدادك من الله ، لو مات الإنسان ووزناه لا ينقص ولا غرام واحد ، ما الذي فقده ؟ الإمداد ، كان يتكلم ، ويبتسم ، ويضحك ، ويمشي ، ويجلس ، ويأمر ، وينهى فإذا انقطع الإمداد عنه أصبح جثة هامدة .
معنى " العزيز " أنه يحتاجه كل شيء في كل شيء ، إنك تبصر بالله ، بإمداد الله لعينك ، تسمع بالله ، الكبد في الكائن الحي له خمسة آلاف وظيفة ، فإذا مات الإنسان ، أو ذُبح الحيوان صار الكبد طعاماً نأكله ، يقول لك : سودة ، كان جهازاً خطيراً جداً يقوم بخمسة آلاف وظيفة ، فصار قطعة لحم تؤكل .
كل إنسان بحاجة إلى الله عز وجل :
لذلك أيها الأخوة ، إذا قلنا الشيء عزيز أي نادر الوجود ، إذا قلنا الله " العزيز " واحد أحد ، فرد صمد ، إذا قلنا الشيء العزيز الذي تشتد الحاجة إليه ، الماء عزيز يحتاجه كل إنسان ، الهواء عزيز ، لكن بعض الفواكه النادرة لا نحتاج إليها ، إذا شخص لم يأكل كرزاً لا يموت ، يبقى ، يعيش ، في آلاف الأطعمة لسنا بحاجة إليها حاجة أساسية .
إذاً الشيء العزيز تشتد الحاجة إليه لكن الله " العزيز " يحتاجه كل شيء في كل شيء ، أنت بحاجة إلى الله ، بهذا الهواء الذي تتنفسه ، القلب ينبض لو توقف انتهت الحياة ، كل الأموال المنقولة والغير المنقولة تخسرها بثانية واحدة ، يعني الإنسان قوته ، وهيمنته ، وعظمته ، ومكانته ، وسيطرته ، وحجمه المالي الكبير ، وحجمه الإداري الكبير ، منوط بضربات قلبه ، فإذا توقف قلبه انتهى كل شيء ، صار خبراً على الجدران .
يذهب إنسان أحياناً إلى بلاد الغرب راكب طائرة بالدرجة الأولى ، يرجع نعشاً ، يرجع بضاعة ، إذا شخص أراد أن يُرجع فقيداً له في بلاد بعيدة تصبح له معاملة خاصة يحتاج أوراق ، ويحتاج تخليص بضاعة ، ويحتاج إلى ضرائب ، نعش .
فالإنسان يتوقف قلبه صار خبراً ، صار بضاعة ، يتجمد الدم بعروقه تنتهي حياته ، أي أنت حياتك منوطة بسيولة دمك فقط، ولو تجمدت قطرة دم ، نقطة دم كرأس الدبوس في أحد شرايين الدماغ بمكان شلل ، بمكان عمى ، بمكان فقد ذاكرة ، كل عظمة الإنسان المتوهمة منوطة بسيولة دمه ، وبدقات قلبه ، وبقطر شريانه التاجي ، قطره ميلي وربع ، فإذا ضاق هذا الشريان دخل هذا الإنسان في متاعب لا تنتهي ، كل عظمة الإنسان ، وهيمنته ، وقوته ، وحجمه المالي ، والإداري ، ومكانته ، وثقافته ، وشهادته ، ومنصبه الرفيع منوط بنمو خلاياه ، فإذا نمت نمواً عشوائياً انتهى ، ورم خبيث .
من قال الله تولاه الله برحمته ومن قال أنا تخلى الله عنه :
الذي يقول أنا أحمق ، قل الله ، إن قلت الله تولاك الله ، وإن قلت أنا تخلى الله عنك ، حينما توهم الصحابة الكرام وهم نخبة البشر ، وفيهم سيد البشر ، أنهم لم يغلبوا من قلة في حنين غلبوا .
" وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ " [التوبة:25] إذاً " العزيز" الواحد الأحد ، الفرد الصمد " العزيز " يحتاجه كل شيء في كل شيء " العزيز " الشيء العزيز يصعب الوصول إليه ، يعني أنت ممكن تزور أي مكان ، أما قصر الملك يحتاج موافقات مسبقة ، ليس من السهل أن تدخل هذا القصر ، فالقصر شيء عزيز لأنه يصعب الوصول إليه أما إذا قلنا الله " العزيز " يستحيل أن تحيط به .
معرفة الله عز وجل ليست مطلقة لأنه لا يعرف الله إلا الله :
لكن كاستثناء دقيق يمكن أن تصل إليه عبادة ، يمكن أن تعرفه معرفة محدودة يمكن أن تعبده ، يمكن أن تطيعه ، يمكن أن تتصل به أما أن تحيط به مستحيل ، لا يعرف الله إلا الله ، حتى سيد الأنبياء والمرسلين معرفته ليست مطلقة ، لا يعرف الله إلا الله ، فإذا قلنا الله " العزيز " واحد أحد ، فرد صمد ، وإذا قلنا الله " العزيز " يحتاجه كل شيء في كل شيء ، وإذا قلنا الله " العزيز " يستحيل أن تحيط به .
بطولة المؤمن أنه يختار هدفاً لا نهائياً لا هدفاً محدوداً :
لذلك الإنسان يكون شاباً حتى في المئة ، إذا اختار أن يعرف الله ، الله لا نهائي أما إذا اختار شيئاً دنيوياً ، ووصل إليه ، وأحاط به ، انتهت حياته ، حياته صارت مملة ، بطولة المؤمن أنه اختار هدفاً لا نهائياً ، في شباب دائم ، أقسم لكم بالله المؤمن شاب في التسعين ، طبعاً في ضعف بجسمه ، في ضعف في بصره ، لكن همته همة شباب ، لأن هدفه كبير ، وأنت لا تسعد إلا إذا اخترت هدفاً يتناسب مع بنيتك ، أنت مصمم لتعرف الله ، أنت مولف ، مصمم مبرمج ، مفطور ، من أجل أن تعرف الله .
" ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء " [من مختصر تفسير ابن كثير] فإن اخترت هدفاً آخر غير الله محدود ، انظر إلى إنسان وصل إلى طموحاته الكبرى مالياً ، تجده في ملل ، يقول لك شيء مألوف ، ولحكمة بالغة بالغةٍ بالغة لن يشاء ربنا جلّ جلاله أن يجعل الدنيا تمدك بمتعة مستمرة ، متعة متناقصة ، أي شيء كنت بحاجة إليه أو تطمح إليه بعد أن تصل إليه يصبح شيئاً عادياً ، أوضح شيء الزواج ، الذي لم يتزوج يظن الزواج شيئاً غير معقول ، بعد الزواج شيء عادي جداً ، الله عز وجل أبى أن يجعل الدنيا تمد الإنسان بمتعة مستمرة بل متعة متناقصة ، وإذا فيها معصية متعة متناقصة مع كآبة .
التفكر في الكون أحد طرق معرفة " العزيز " :
أيها الأخوة ، الآن الشيء العزيز يقل وجوده ، وتشتد الحاجة إليه ، ويصعب الوصول إليه ، كلما كثر وجوده قلّت عزته ، وكلما قلّت الحاجة إليه قلّت عزته ، وكلما سهل الوصول إليه قلّت عزته .
الآن : كلما قلّ وجود الشيء حتى صار واحداً ، وكلما اشتدت الحاجة إليه حتى احتاجه كل شيء في كل شيء ، وكلما صعب الوصول إليه حتى أصبح مستحيلاً إنه الله " الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " .
أيها الأخوة ، التفكر في الكون أحد طرق معرفة " العزيز " نحن لنصل إلى نجم ملتهب عدا الشمس ، نحتاج لأربع سنوات ضوئية ، كي أترجم لكم هذه المسافة بلغة الواقع : لو في مركبة أرضية (سيارة) لو في طريق إلى هذا النجم ، نحتاج إلى خمسين مليون عام قيادة ، كل تاريخ البشر عشرة آلاف سنة ، تاريخ البشرية كلهم ، خمسين مليون عام نقود مركبة كي نصل إلى أقرب نجم ملتهب إلى الأرض ، نجم القطب أربعة آلاف سنة ، المرأة المسلسلة مليونا سنة ضوئية ، نجم اكتشف حديثاً 24 مليار سنة ضوئية ، هذا جزء من الكون وحتى هذه الساعة لا يزال الكون لا نهائياً ، أحدث نجم اكتشف بعده عنا 24 مليار سنة ، يعني 24 ألف مليون سنة ضوئية ، الأربع سنوات ضوئية تحتاج إلى خمسين مليون عام قيادة مركبة متى نصل إلى 24 مليار ؟ إذا كان هذا خلق الله فكيف عظمة الله عز وجل ؟
إذاً معنى الله " العزيز " يعني هنيئاً لمن عرفه ، والويل ثم الويل لمن غفل عنه .
أصل الدين معرفة الله :
ففُهم من هذه الآية أن طريق معرفة قدر الله عز وجل ، أي طريق تقدير الله حق قدره التفكر في خلق السماوات والأرض .
من دعا مع الله إلهاً آخر عُذب عذاباً شديداً في الدنيا و الآخرة :
أحد أكبر العذاب النفسي أن تدعو مع الله إلهاً آخر .
معرفة اسم " العزيز " تجعل الإنسان عزيزاً غنياً وقوياً :
القوي ، الذي إذا كنت معه كنت الغالب ، الذي إذا كنت معه كنت المنتصر ، الذي إذا كنت معه كنت عزيزاً .
اجعل لربك كل عزك يستقر ويثبت فإذا اعتززت بمن يموت فإن عزك ميت
***
أيها الأخوة ، معرفة اسم " العزيز " تجعلك عزيزاً ، معرفة اسم " العزيز " تجعلك غنياً ، تجعلك قوياً ، تجعلك حراً أبياً ، إن أردت أن تكون عزيزاً فكن مع " العزيز " سبحانك إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت .
مختارات
-
" من أشراط السَّاعة الكبرى : يأجوج ومأجوج "
-
“أنت تساوي جدول يومك”
-
" البُغْض والكَرَاهِية "
-
" معالم على طريق التوفيق : الحادي والعشرون : نعم الله لا تحصى "
-
الموعظة الرابعة " ذكر الله الحصن الحصين "
-
" لقاء مع السمك "
-
النسمة السابعة - واشوقاه رسول الله - (1)
-
" خـاتمـة "
-
شرح الأسماء الحُسنَى (19) مفاتيـح الرّزق الحـلال 1
-
" المراء والجدل والمخاصمة "