اسم الله العزيز 1
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى أصحابه الطيبين الطاهرين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: (العزيز):
أيها الأخوة الأكارم: مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم: " العزيز ".
ورود اسم العزيز في:
1 ـ كثير من آيات القرآن الكريم:
أيها الأخوة هذا الاسم ورد في كثير من آيات القرآن الكريم لعله ورد قريباً من مئة آية من أبرز هذه الآيات: " هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ " [الحشر:23].
2 ـ ورود اسم العزيز مقترناً بأسماء أخرى:
ورد مقترناً بأسماء أخرى:
" الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " [الحشر].
" الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ " [الأنعام].
" الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ " [إبراهيم].
" الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ " [الدخان].
" الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ " [ص].
" الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ " [ص].
" الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ " [هود].
" الْعَزِيزُ الْغَفُورُ " [الملك].
" عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ " [آل عمران].
" عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ " [القمر].
3 ـ ورود اسم العزيز في السنة الشريفة:
وفي صحيح الجامع الصغير من حديث عائشة رضي الله عنها أن من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: " لا إله إلا الله الواحد القهار رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار " [أخرجه النسائي في الكبرى].
من معاني اسم العزيز:
1 ـ العزيز هو الغالب:
معاني هذا الاسم " العزيز " هو الغالب.
" وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ " [الصافات:173].
لمجرد أن تتحقق جنديتك لله عز وجل فأنت الغالب ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تكون جندياً لله ولا تنتصر.
" إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ " [محمد:7].
" وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ "
بطولة الإنسان أن يكون مع الغالب دائماً:
لذلك أيها الأخوة، إن لم ننتصر فالخطأ منا، الكرة في ملعبنا، هناك خلل في جنديتنا لله عز وجل " وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ".
الله عز وجل يقول في آيات كثيرة من هذه الآيات:
" فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ " [ص:23].
أي غلبني " العزيز " هو الغالب، فالبطولة أن تكون مع الغالب دائماً، والخطأ المدمر أن تنحاز إلى المغلوب، إذا كنت مع الغالب فأنت الغالب، إذا كنت مع الله فأنت المنتصر، إذا كان الله معك فمن عليك، وإذا كان عليك فمن معك.
قوة المؤمن تنبع من تطبيقه لمنهج الله عز وجل:
أيها الأخوة الكرام، كلمة أقولها لكم: لا تقلقوا على هذا الدين إنه دين الله، هو ينصره، ولكن لنقلق على أنفسنا.
أول معنى من معاني هذا الاسم أنه الغالب، فالبطولة أن تكون مع القوي، قوة المؤمن من توكله على الله، قوة المؤمن من اعتماده على الله، قوة المؤمن من تطبيقه لمنهج الله كثمن لنصر الله، نصر الله له ثمن، الأمور ليست بالتمنيات، التمنيات بضائع الحمقى.
" لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ " [النساء:123].
دقق: " مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ " [النساء:123].
مهما دعوت الله، الله عز وجل لا يستجيب دعاء المعتدي.
" ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " [الأعراف:55].
إذا في عدوان، إذا في ظلم، مهما رفعت صوتك بالدعاء، لن يستجاب لك.
تروي بعض القصص أن ملكاً قوياً التقى بعالم جليل قال له: ادعُ الله لي، فقال له هذا العالم: لا تظلم ولست بحاجة إلى دعائي.
" وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ "
" العزيز " هو الغالب
" وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ " غلبني
" وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ "
سبحانك إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت.
2 ـ العزيز هو الشريف:
المعنى الآخر: " العزيز " هو الشريف، بكل مجتمع في فئة من الناس تسمى في اللغة علية القوم، عزيز، صادق، كريم، أصيل، جواد، صبور، حليم، هؤلاء النخبة من الناس هم أعزة القوم.
لذلك ماذا قالت بلقيس؟: " قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً " [النمل:83] كلام من؟ كلام بلقيس، ماذا قال الله عز وجل: " وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ " [النمل:83].
إذا إنسان لم يعرف ربه لكن تكلم كلمة صحيحة، يجب أن تكون خطأ؟ لا، بلقيس قبل أن تعرف الله قالت: " إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ".
خالق السماوات والأرض قال: " وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ " يعني الانفتاح يقتضي أن تصغي إلى كل قوم، الإمام الشافعي يقول: أنا على حق، وخصمي على باطل، وقد أكون مخطئاً، وخصمي على حق، وقد يكون مصيباً، تواضع حينما تحاور.
" العزيز " هو الجليل والشريف.
3 ـ العزيز هو القوي:
شيء آخر: " العزيز " هو القوي.
" إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ " [يس:14].
أي قويناهم بثالث، إذا قلت فلان عزيز يعني قوي، والناس يحبون الأقوياء وطبع في الإنسان أن يحب القوي، لكن من هو أقوى الأقوياء؟ خالق السماوات والأرض، من هو القوي إلى أبد الآبدين؟ خالق السماوات والأرض، إن أردت أن تكون قوياً كن مع القوي لا تكن مع الضعيف، إن أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله، وإن أردت أن تكون أكرم الناس فاتقِ الله، وإن أردت أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك.
الله " العزيز " واحد أحد، فرد صمد:
الآن لو دخلنا في التفاصيل، الشيء العزيز نادر الوجود، هناك معادن عزيزة مثلاً اليورانيوم، معدن نادر، غالٍ جداً، كل شيء نادر وجوده قليل يسمى عزيزاً، العوام أحياناً يقول لك: مادة عزيزة، قليلة، لكن إذا قلنا الله عزيز لا مثيل له، لا ندّ له، لا نظير له، واحد أحد فرد صمد: " لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ " [الإخلاص:3].
إذا قلت شيء عزيز أي قليل، وجوده نادر، أما إذا قلت الله عزيز يعني واحد أحد، فرد صمد " لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ " [الإخلاص:3-4].
" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " [الشورى:11].
وكل ما خطر في بالك فالله بخلاف ذلك.
4 ـ العزيز من يحتاجه كل شيء في كل شيء:
الآن الشيء العزيز تشتد الحاجة إليه إذا قلنا الله عزيز أي يحتاجه كل شيء في كل شيء، الناس بحاجة إلى ملك يوفر لهم الأمن، والحاجات، والنظام،... إلخ، لكن أحياناً يكون هناك راعٍ بأطراف المملكة، يأكل ويشرب من هذا الذي أمامه، من حليب الغنم، ومن لحمها، وليس بحاجة إلى الملك، أي أحياناً يكون أقوى إنسان لسنا بحاجة إليه، لكن إذا قلنا الله عزيز تحتاجه النملة السمراء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، يحتاجه كل مخلوق لأنه إمدادك من الله، لو مات الإنسان ووزناه لا ينقص ولا غرام واحد، ما الذي فقده؟ الإمداد، كان يتكلم، ويبتسم، ويضحك، ويمشي، ويجلس، ويأمر، وينهى فإذا انقطع الإمداد عنه أصبح جثة هامدة.
معنى " العزيز " أنه يحتاجه كل شيء في كل شيء، إنك تبصر بالله، بإمداد الله لعينك، تسمع بالله، الكبد في الكائن الحي له خمسة آلاف وظيفة، فإذا مات الإنسان، أو ذُبح الحيوان صار الكبد طعاماً نأكله، يقول لك: سودة، كان جهازاً خطيراً جداً يقوم بخمسة آلاف وظيفة، فصار قطعة لحم تؤكل.
كل إنسان بحاجة إلى الله عز وجل:
لذلك أيها الأخوة، إذا قلنا الشيء عزيز أي نادر الوجود، إذا قلنا الله " العزيز " واحد أحد، فرد صمد، إذا قلنا الشيء العزيز الذي تشتد الحاجة إليه، الماء عزيز يحتاجه كل إنسان، الهواء عزيز، لكن بعض الفواكه النادرة لا نحتاج إليها، إذا شخص لم يأكل كرزاً لا يموت، يبقى، يعيش، في آلاف الأطعمة لسنا بحاجة إليها حاجة أساسية.
إذاً الشيء العزيز تشتد الحاجة إليه لكن الله " العزيز " يحتاجه كل شيء في كل شيء، أنت بحاجة إلى الله، بهذا الهواء الذي تتنفسه، القلب ينبض لو توقف انتهت الحياة، كل الأموال المنقولة والغير المنقولة تخسرها بثانية واحدة، يعني الإنسان قوته، وهيمنته، وعظمته، ومكانته، وسيطرته، وحجمه المالي الكبير، وحجمه الإداري الكبير، منوط بضربات قلبه، فإذا توقف قلبه انتهى كل شيء، صار خبراً على الجدران.
يذهب إنسان أحياناً إلى بلاد الغرب راكب طائرة بالدرجة الأولى، يرجع نعشاً، يرجع بضاعة، إذا شخص أراد أن يُرجع فقيداً له في بلاد بعيدة تصبح له معاملة خاصة يحتاج أوراق، ويحتاج تخليص بضاعة، ويحتاج إلى ضرائب، نعش.
فالإنسان يتوقف قلبه صار خبراً، صار بضاعة، يتجمد الدم بعروقه تنتهي حياته، أي أنت حياتك منوطة بسيولة دمك فقط، ولو تجمدت قطرة دم، نقطة دم كرأس الدبوس في أحد شرايين الدماغ بمكان شلل، بمكان عمى، بمكان فقد ذاكرة، كل عظمة الإنسان المتوهمة منوطة بسيولة دمه، وبدقات قلبه، وبقطر شريانه التاجي، قطره ميلي وربع، فإذا ضاق هذا الشريان دخل هذا الإنسان في متاعب لا تنتهي، كل عظمة الإنسان، وهيمنته، وقوته، وحجمه المالي، والإداري، ومكانته، وثقافته، وشهادته، ومنصبه الرفيع منوط بنمو خلاياه، فإذا نمت نمواً عشوائياً انتهى، ورم خبيث.
من قال الله تولاه الله برحمته ومن قال أنا تخلى الله عنه:
الذي يقول أنا أحمق، قل الله، إن قلت الله تولاك الله، وإن قلت أنا تخلى الله عنك، حينما توهم الصحابة الكرام وهم نخبة البشر، وفيهم سيد البشر، أنهم لم يغلبوا من قلة في حنين غلبوا.
" وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ " [التوبة:25] إذاً " العزيز " الواحد الأحد، الفرد الصمد " العزيز " يحتاجه كل شيء في كل شيء " العزيز " الشيء العزيز يصعب الوصول إليه، يعني أنت ممكن تزور أي مكان، أما قصر الملك يحتاج موافقات مسبقة، ليس من السهل أن تدخل هذا القصر، فالقصر شيء عزيز لأنه يصعب الوصول إليه أما إذا قلنا الله " العزيز " يستحيل أن تحيط به.
" وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً " [الإسراء:85].
معرفة الله عز وجل ليست مطلقة لأنه لا يعرف الله إلا الله:
" وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ " [البقرة:255].
لكن كاستثناء دقيق يمكن أن تصل إليه عبادة، يمكن أن تعرفه معرفة محدودة يمكن أن تعبده، يمكن أن تطيعه، يمكن أن تتصل به أما أن تحيط به مستحيل، لا يعرف الله إلا الله، حتى سيد الأنبياء والمرسلين معرفته ليست مطلقة، لا يعرف الله إلا الله، فإذا قلنا الله " العزيز " واحد أحد، فرد صمد، وإذا قلنا الله " العزيز " يحتاجه كل شيء في كل شيء، وإذا قلنا الله " العزيز " يستحيل أن تحيط به.
بطولة المؤمن أنه يختار هدفاً لا نهائياً لا هدفاً محدوداً:
لذلك الإنسان يكون شاباً حتى في المئة، إذا اختار أن يعرف الله، الله لا نهائي أما إذا اختار شيئاً دنيوياً، ووصل إليه، وأحاط به، انتهت حياته، حياته صارت مملة، بطولة المؤمن أنه اختار هدفاً لا نهائياً، في شباب دائم، أقسم لكم بالله المؤمن شاب في التسعين، طبعاً في ضعف بجسمه، في ضعف في بصره، لكن همته همة شباب، لأن هدفه كبير، وأنت لا تسعد إلا إذا اخترت هدفاً يتناسب مع بنيتك، أنت مصمم لتعرف الله، أنت مولف، مصمم مبرمج، مفطور، من أجل أن تعرف الله.
" ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء " [من مختصر تفسير ابن كثير] فإن اخترت هدفاً آخر غير الله محدود، انظر إلى إنسان وصل إلى طموحاته الكبرى مالياً، تجده في ملل، يقول لك شيء مألوف، ولحكمة بالغة بالغةٍ بالغة لن يشاء ربنا جلّ جلاله أن يجعل الدنيا تمدك بمتعة مستمرة، متعة متناقصة، أي شيء كنت بحاجة إليه أو تطمح إليه بعد أن تصل إليه يصبح شيئاً عادياً، أوضح شيء الزواج، الذي لم يتزوج يظن الزواج شيئاً غير معقول، بعد الزواج شيء عادي جداً، الله عز وجل أبى أن يجعل الدنيا تمد الإنسان بمتعة مستمرة بل متعة متناقصة، وإذا فيها معصية متعة متناقصة مع كآبة.
التفكر في الكون أحد طرق معرفة " العزيز ":
أيها الأخوة، الآن الشيء العزيز يقل وجوده، وتشتد الحاجة إليه، ويصعب الوصول إليه، كلما كثر وجوده قلّت عزته، وكلما قلّت الحاجة إليه قلّت عزته، وكلما سهل الوصول إليه قلّت عزته.
الآن: كلما قلّ وجود الشيء حتى صار واحداً، وكلما اشتدت الحاجة إليه حتى احتاجه كل شيء في كل شيء، وكلما صعب الوصول إليه حتى أصبح مستحيلاً إنه الله " الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ".
أيها الأخوة، التفكر في الكون أحد طرق معرفة " العزيز " نحن لنصل إلى نجم ملتهب عدا الشمس، نحتاج لأربع سنوات ضوئية، كي أترجم لكم هذه المسافة بلغة الواقع: لو في مركبة أرضية (سيارة) لو في طريق إلى هذا النجم، نحتاج إلى خمسين مليون عام قيادة، كل تاريخ البشر عشرة آلاف سنة، تاريخ البشرية كلهم، خمسين مليون عام نقود مركبة كي نصل إلى أقرب نجم ملتهب إلى الأرض، نجم القطب أربعة آلاف سنة، المرأة المسلسلة مليونا سنة ضوئية، نجم اكتشف حديثاً 24 مليار سنة ضوئية، هذا جزء من الكون وحتى هذه الساعة لا يزال الكون لا نهائياً، أحدث نجم اكتشف بعده عنا 24 مليار سنة، يعني 24 ألف مليون سنة ضوئية، الأربع سنوات ضوئية تحتاج إلى خمسين مليون عام قيادة مركبة متى نصل إلى 24 مليار؟ إذا كان هذا خلق الله فكيف عظمة الله عز وجل؟
إذاً معنى الله " العزيز " يعني هنيئاً لمن عرفه، والويل ثم الويل لمن غفل عنه.
أصل الدين معرفة الله:
إخوانا الكرام، الذي يحدث أن في الإنسان شهوات، لو أردنا أن نوضح هذه الفكرة لو أن شهواته أعطيناها وحدات وزن، عشرة كيلو، حضر درساً شَكَّل عشرة غرامات قناعة أن الله حق، درس ثانٍ عشرة، درس ثالث عشرة، تبقى هذه العشرات لا توازي العشرة كيلو إلى أن يطلب العلم طلباً حثيثاً، إلى أن يتفكر في خلق السماوات والأرض، إلى أن يعرف الله تماماً تصبح قناعاته عشرة كيلو، صار في صراع، فإذا تابع طلب العلم صار مستحيل وألف ألف مستحيل أن يعصي الله، الإنسان يعصي ربه من ضعف معرفته به، لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر على من اجترأت، بقدر معرفتك بالله تطيعه، بقدر خشيتك له تطيعه، فأي إنسان يرتكب مخالفة لضعف معرفته بالله، وأصل الدين معرفة الله، لذلك: " وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " [الزمر:67].
ففُهم من هذه الآية أن طريق معرفة قدر الله عز وجل، أي طريق تقدير الله حق قدره التفكر في خلق السماوات والأرض.
من دعا مع الله إلهاً آخر عُذب عذاباً شديداً في الدنيا و الآخرة:
أختم هذا اللقاء الطيب بهذه الآية: " فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ " [الشعراء:213].
الإله الآخر شهوتك أحياناً، الإله الآخر إنسان قوي تتوهم أن بيده الأمر، الإله الآخر إنسان قوي تتوهم أن سلامتك بالانبطاح أمامه، كما يجري، تتوهم أحياناً أن سلامتك أن تواليه، الله قال: " فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ " [الشعراء:213].
أحد أكبر العذاب النفسي أن تدعو مع الله إلهاً آخر.
" وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ " [الشعراء:214-217].
معرفة اسم " العزيز " تجعل الإنسان عزيزاً غنياً وقوياً:
القوي، الذي إذا كنت معه كنت الغالب، الذي إذا كنت معه كنت المنتصر، الذي إذا كنت معه كنت عزيزاً.
اجعل لربك كل عزك يستقر ويثبت فإذا اعتززت بمن يموت فإن عزك ميت
***
" وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " [الشعراء:217-220].
أيها الأخوة، معرفة اسم " العزيز " تجعلك عزيزاً، معرفة اسم " العزيز " تجعلك غنياً، تجعلك قوياً، تجعلك حراً أبياً، إن أردت أن تكون عزيزاً فكن مع " العزيز " سبحانك إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت.
والحمد لله رب العالمين
مختارات