ألطاف المعاناة
في 2008م نشر كاريل هايدت عملاً يحاول فيه بحث الانعكاسات الإيجابية للمعاناة الشديدة على الإنسان (مرض خطير، فقر مفاجئ، فقدان عزيز،…الخ).
ذكر هايدت ثلاث انعكاسات إيجابية:.
اكتساب المرونة والتكيف مع المشاق، بل أحياناً -أو كثيراً ما- يتفاجأ المصابون ببعض الأمراض الخطيرة، كالسرطان، بقدرتهم على مواجهة الحياة بحيوية ومرونة، أكثر مما كانوا يتوقعون.
تؤدي المعاناة الشديدة لتحسن في علاقة الفرد بمن حوله، في بعض الأحيان، مما يساعد على المصارحة، وتجنب المجاملات والنفاق الاجتماعي، كما تفيد المعاناة الشخص بالتخلص من العلاقات الزائفة.
تساعد المعاناة في إعادة تنظيم الفرد لأولوياته.
كما أضاف آخرون، أفكاراً مشابهة، كالشعور بالشجاعة، والتمسك بالأمل، والقدرة على التحكم، وظهور القدرات. وفوق ذلك ترقب فضل الصبر والابتلاء، وكسر التبجح والتغطرس في النفس.
وبالعموم فالمعاناة، والأزمة، والغموم الحادة، تدفع صاحبها لإعادة اكتشاف المعنى في حياته.
كما تساعده على تفادي الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة المرهقة. كتب علي عزت بيچوڤيتش في سجنه عبارة مكثفة:”هذه المصيبة الكبيرة وفرت عليّ الكثير من المصائب الصغيرة، والتي كانت تستنزفني كل يوم شيئاً فشيئاً وبانتظام”.
فلو كنت -لا قدر الله- مصاباً بسرطان الدم، أو بفشل كلوي حاد، أو ما هو أقل خطورة من ذلك، لن تهتم بمن جرحك في مجلس، ولن تهتم برسالة نصية سخيفة وعابرة، ولن تقلق من المستقبل كما كنت تفعل، ولن تبالغ في الاعتناء بمظهرك، أو تلقي بالاً لكلام الناس، أو لرأيهم فيك، وستركز في شأنك، وبما يجب عليك فعله، مع الاقتصاد في الحياة عموماً، والتسامح، وما إلى ذلك. ماذا لو حاولت أن تتمثّل ذلك في حياتك الآن، وأنت صحيح البدن، ترى كم ستجني من وراء ذلك، من راحة النفس، وطمأنينة القلب.
مختارات