رذاذ السماء
أن تحس بقدرة خفية تنقذك من وسط أزمة اكتئاب، فتستعيد بهجة الحياة بلا سبب واضح. أن تنحرف لاشعورياً عن السيارة التي تقف فجأة أمامك في اللحظة الأخيرة، فتتفادى حادثة مكلفة. أن تأتيك رسالة ما، من صديق، أو متابع لا تعرفه، فتقع منك موقعا يهز كيانك، تدرك حينها أنها رسالة من السماء. أن تندفع بعلةغامضة فتتصل بوالدتك فتسمع منها ما يمنحك الطاقة اللازمة لبقية الأسبوع. أن تسامحك زوجتك على إساءة ما، مع كونك لا تستحق. وأن تظل تحبك برغم كل شيء. أن لا يطمئن قلبك لفتاة تراءت لك، من غير سبب مطلقاً، فتنصرف عن خطبتها، ثم تعلم لاحقاً كم كان قرارك حكيماً. أن يظهر لك فجأة صديق عظيم، لمتبحث عنه، تقابله لأول مرة، فتشكّ أنك تعرفه منذ الأزمنة السحيقة. أن تلهم إجابات حاسمة على شكوك أو أسئلة عارضة، تمر بك، أو بآخرين، إجابات لم تقرأها يوماً في كتاب ولا سمعتها من أحد. أن تظل عيوبك ماثلة أمام عينيك، فتنشغل بها، وتخجل من التحديق في عيوب الآخرين. أن يثني عليك إنسان بثناء صادق،ينتشلك من لحظة احتقار حادة لذاتك، فتستعيد توازنك. أن يحتقرك شخص أو ينتقصك بحدة فيتضعضع كبرياؤك، وتنكمش، وتعلم مقدار ضعفك. أن تغمض عينيك كل مساء فيأتيك النوم، ويأخذ بيدك بلطف، بدون مهدئات ولا عقاقير. أن يمنحك الله الحيوية اللازمة لتتفادى التبلّد البارد أمام مباهج الحياة، وحتى آلامها. أنتظل تنبض بإرادة صلبة برغم كآبة الظروف، وبقلب هادئ في سياق عاصف، وبحب جميل في بيئة عاتية، وبإحساس متفرد في معيشة متشابهة. أن يرزقك الله البصيرة الموفقة لترى ألطافه الخفية في نفسك، وفي ما حولك من ماجريات الدنيا.
هذه رذاذات من أمطار اللطف الرباني، والعناية الإلهية، الهاطلة على قلوبنا كل يوم.
مختارات