" كيف تنفق مالك ؟ "
" كيف تنفق مالك؟ "
أخرج الإمام أحمد في الزهد من حديث زياد بن جبير مرسلا وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3275) " خير الرزق الكفاف ".
و الكفاف هو ما كف عن النَّاس ـ أي أغنى عنهم ـ، وهو ما يكف الإنسان عن الجوع، وعن السؤال ؛ لأن ما قلَّ وكفى خير ممَّا كثر وألهى، والكفاف مداره على الرضا، فما يكفيك هو ما ترضى به دون سرف أو ترف.
وقد أرشدنا الله تبارك وتعالى لكيفية انفاق المال قال تعالى: " ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون " قال ابن عباس: ما يفضل عن أهلك.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفضل الصدقة ما ترك غني، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول تقول المرأة: إما أن تطعمني وإمَّا أن تطلقني، ويقول العبد: أطعمني واستعملني، ويقول الابن: أطعمني إلى من تدعني ".
وفي الصحيحين عن حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول وخير الصدقة ما كان على ظهر غنى، ومن يستعف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله ".
وأخرج أبو داود والنسائي وابن جرير وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة، فقال رجل: يا رسول الله عندي دينار، قال: تصدق به على نفسك، قال: عندي آخر؟ قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على زوجتك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على خادمك، قال: عندي آخر، قال: أنت أبصر ".
وأخرج ابن سعد وأبو داود والحاكم وصححه عن جابر بن عبد الله قال " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل، وفي لفظ: قدم أبو حصين السلمي بمثل بيضة من الحمامة من ذهب فقال: يا رسول الله أصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتاه من خلفه، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحذفه بها، فلو أصابته لأوجعته أو لعقرته، فقال: يأتي أحدكم بما يملك فيقول هذه صدقة ثم يقعد يستكف الناس، خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول ".
وفي صحيح مسلم عن جابر " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء، فهكذا وهكذا ".
وأخرج الإمام أحمد وأبو داود والحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع (2794) عن مالك بن نضلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الأيدي ثلاثة فيد الله العليا، و يد المعطي التي تليها، و يد السائل السفلى فأعط الفضل و لا تعجز عن نفسك ".
وأخرج مسلم عن خيثمة قال: كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو إذ جاءه قهرمان له، فدخل فقال: أعطيت الرقيق قوتهم؟ قال: لا، قال: فأنطلق فأعطهم، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته ".
وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ".
وفي صحيح مسلم عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أفضل دينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله، قال أبو قلابة: وبدأ بالعيال، ثم قال أبو قلابة: وأي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم أو ينفعهم الله به ويعينهم؟ ".
وأخرج مسلم والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك ".
ابذل الفضل من مالك ولا تمسكه فإنه شر عليك.
بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم الطريقة المثلى في استثمار المال على الوجه الذي يرضي الله تبارك وتعالى.
في صحيح مسلم من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا ابن آدم ! إنك أن تبذل الفضل خير لك، و أن تمسكه شر لك، و لا تلام على كفاف، و ابدأ بمن تعول، و اليد العليا خير من اليد السفلى ".
ولعمر الله طوبى لمن تواضع من غير منقصة، وذل في نفسه من غير مسكنة، وأنفق مالا جمعه في غير معصية، ورحم أهل الذلة والمسكنة، وخالط أهل العفة والحكمة، طوبى لمن ذل في نفسه، وطاب كسبه، وصلحت سريرته، وكرمت علانيته، وعزل عن الناس شره، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله ".
إخوتاه..
هذه هي القضية أن الترف مفسد، وكثرة المال تلهى، فاللهم أعطنا ما يكفينا، وعافنا مما يطغينا.
وللأسف الشديد الناس في هذا الزمان لا يطلبون ما يكفيهم، بل يطلبون ما يطغيهم، لا يكتفون بما يرضيهم بل يطلبون ما يعليهم، فاتقوا الله يا عباد الله، فقد ذكرتم فهل من مدكر.
مختارات