" معالم على طريق التوفيق : الثالث عشر : القبول في الأرض "
" معالم على طريق التوفيق: الثالث عشر: القبول في الأرض "
ومن علامة التوفيق حب الناس لك ودعاؤهم لك، يحبك الجار والقريب والبعيد، فتجد هذا يسكن في بلد، والآخر في بلد آخر في دولة أخرى، فترتفع يداه ويدعو لك بالتوفيق والسداد من شغاف قلبه كلما تذكرك أو رآك.
إن من أعظم التوفيق في الدنيا أن يضع الله لك القبول في حياتك الدنيا.
أيها الموفق:
قف بقلبك قبل عينيك وأنت تقرأ هذا الحديث النبوي وما فيه من الجمال والكمال.
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى إذا أحب عبدًا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانًا فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله تعالى يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض» [صحيح الجامع].
القبول في الأرض: معناه التوفيق لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال، أن تعيش الحياة الطيبة، حياة السعداء، عابدًا حامدًا شاكرًا محسنًا داعيًا لله تعالى، إنه القبول والتوفيق لا يحد بحد ولا وصف! نعمة من نعم الله على عبده الموفق.
القبول في الأرض: أن تهتف قلوب المسلمين والمحبين داعية لك بالتوفيق والسداد والرشاد.
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا " [مريم: 96] قال قتادة (رحمه الله): ما أقبل عبد إلى الله، إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه، حتى يرزقه مودتهم، وقال مجاهد (رحمه الله): يحبهم ويحببهم إلى خلقه.
عن أبي الدرداء رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل» [رواه مسلم] هل تعرف معنى ولك بمثل، أي: أعطاك الله بمثل ما دعوت لأخيك بظهر الغيب من خيري الدنيا والآخرة.
ومن يفعل ذلك غير الموفقين، أصحاب القلوب الطاهرة من الغل والحسد، ينفعون أنفسهم وإخوانهم، وما ذاك إلا لسلامة وصفاء قلوبهم وصدورهم! " وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ " [الشعراء: 84].
قال الإمام ابن القيم (رحمه الله): ما أعظم الفرق بين من نام وأعين الناس ساهرة تدعو له، وبين من نام وأعين الناس ساهرة تدعو عليه !
ثم اعلم وفقني الله وإياك على طريق التوفيق أن من أعظم أسباب القبول في الأرض والسماء الإخلاص، فهل سمعت بالإخلاص؟
إنه سر القبول عند الله الكريم المنان ثم عند خلقه.
أيها السائر على طريق التوفيق:
ادع ربك ليلًا ونهارًا، وتحرَّى أوقات الإجابة والأماكن الفاضلة المباركة كالحرمين الشريفين، واسجد وتضرع، ومرَّغ جبينك، وانكسر بين يدي ربك، وقل: يا رب، أسألك الإخلاص في القول والعمل.
فالإخلاص عزيز المنال، لا ينال إلا بإيمان وتوفيق وعمل صالح وجهد وجهاد وصبر ومصابرة ومرابطة واتباع وبذل وتضحية وتقوى.
فهل عرفت الطريق إلى التوفيق؟
فهنيئًا للمخلصين المقبولين الموفقين.
" وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ " [البينة: 5].
إضاءة على الطريق:
يقول ابن حبان: أفضل ذوي العقول منزلة أدومهم لنفسه محاسبة.
مختارات