" البعد عن الفتن "
" البعد عن الفتن "
جاء الإسلام بالأمر بصفاء المعتقد ونقاء القلب وتطهيره من أدران القوادح، ونهى عن تلويث القلب بالشبهات أو تدنيسه بالشهوات، وفي زمن البعد عن مشكاة النبوة تزداد الحاجة إلى التمسك بينابيع الدين، يقول عليه الصلاة والسلام: «لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه» (رواه البخاري) ومن نتن الفتن أن من اشرأب بعنقه إليها أصابته من لوثتها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الفتن «ومن استشرف ـ تطلع ـ إليها أخذته» (رواه البخاري) والإسلام الحنيف جاء بلزوم النورين الكتاب والسنة، ونهى عن ضدهما مما يورث القلب الفساد، والشبهة إذا وردت على القلب ثقل استئصالها.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله (الفتاوى): " وإذا تعرض العبد بنفسه إلى البلاء وكله الله إلى نفسه ".اهـ.
والتقصير في أداء الواجبات، واللهث وراء المنكرات، والاعتماد في السلوك على الفضائيات، يورث المهالك.
والقلب إذا أظلم بكثرة المعاصي ثقل عليه أداء المعروف، وسهل عليه قبول المنكر، وفي زمن تنزل الوحي وملازمة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم، كان صلى الله عليه وسلم يخشى عليهم من الفتن، فلما رأى عمر بن الخطاب قطعة من التوراة تلون وجهه صلى الله عليه وسلم وقال: «أو متهوكون فيها يا ابن الخطاب لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي» (رواه أحمد).
ومن تعرض للشبهات والشهوات ثم طلب إصلاح القلب رام ممتنعاً، ورب عثرة أهلكت، ورب فارط لا يُستدرك، والنفس طامعة إذا أطمعتها، فالجمها بلجام الأوامر والنواهي، ومن صابر الهوى أينعت له الثمرات، فابتعد عن أسباب الفتن ومواردها، فإن المقاربة منها محنة لا يكاد صاحبها يسلم، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، وحصن نفسك بزاد العلم، وانتق صحبة الأخيار، واسلك مسلك الحق، وانهج منهج الرشد، واجتهد في المحافظة على عقيدتك، وقد كان العلماء يوصي بعضهم بعضاً بالبعد عن مواطن الفتن، يقول ابن القيم (مفتاح دار السعادة): " جيش شهوات الغي وجيش شبهات الباطل أيما قلب صفا إليها وركن إليها تشربها، وامتلأ بها، فينضح لسانه وجوارحه بموجبها، فإن أشرب شبهات الباطل تفجرت على لسانه الشكوك والشبهات والإيرادات ".
مختارات