" الأعمال المخففة للميزان : ثالثًا : محبطات الأعمال "
" الأعمال المخففة للميزان: ثالثًا: محبطات الأعمال "
وهناك بعض كبائر الذنوب جاء الوعيد فيها شديدًا منذرًا بحبوط عمل من اقترفها تعرف بمحبطات الأعمال، والعلماء رحمهم الله تعالى متفقون على أنه لا يحبط كل الأعمال إلا الشرك والردة.
ولذلك تأول العلماء الأحاديث الواردة بحبوط عمل صاحبها بتأويلات عديدة، أرشدها قولاً؛ هو أنها خرجت مخرج الزجر، وأن صاحبها تحت المشيئة.
لذلك فإن كبائر الذنوب عامة ومحبطات الأعمال خاصة؛ هي أشد ما ينبغي على المسلم الحذر منه إن كان راغباً في تثقيل موازينه وتخفيف كربه يوم القيامة.
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى: ومحبطات الأعمال ومفسداتها أكثر من أن تُحصر، وليس الشأن في العمل، إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه. اهـ (الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب لابن قيم الجوزية).
وأهم محبطات الذنوب ما يلي:
(1) الشرك والردة:
الشرك أعظم ذنب عصى ابن آدم ربه به، فهو أبغض ذنب عند الله عز وجل، وهو الذنب الوحيد الذي لا يغفره الله عز وجل البتة يوم القيامة لمن مات عليه ولم يتب منه، لقوله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا " [النساء:48] ولقوله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيدًا " [النساء:116] ولقد توعد الله عز وجل كل مخلوق مهما ارتفعت منزلته بحبوط عمله إذا وقع منه شرك حتى لو كان نبيًا، وحاشا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن يفعلوا ذلك، فقال تعالى: " وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ " [الزمر:65].
لذلك ينبغي للمسلم الحذر كل الحذر من الشرك وأن يحفظ جناب توحيده من أي مثلب من مثالب الشرك، وأن لا يقبل أي عمل فيه شبهة إلى شرك أو قد يفضي إليه، خاصة في بعض المسائل التي اختلفت فيها وجهات نظر العلماء بين الشرك وعدمه، فالمسألة أكبر من أن يخاطر المسلم بحسناته، ومستقبل أمره تقليدًا وتأويلاً.
ومن أنواع الكفر والردة:
(أ) السخرية بالدين وأهله:
قال الله تعالى: " وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ " [التوبة:65-66].
(ب) كراهية شيء من الدين:
قال الله عز وجل: " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ " [محمد:9].
فليتنبه من قد لا يعجبه شيء من شرع الله، أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن لا يوافق هواه فيكرهه.
(ج) اتباع ما يسخط الله تعالى من المعاصي وكراهية العمل بما يرضيه عز وجل من الطاعات.
قال الله تعالى: " ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ " [محمد:28].
(2) الرياء (الشرك الأصغر):
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري؛ تركته وشركه» (مسلم).
وعن شُفَيّا الأصبحي رحمه الله تعالى أنه دخل المدينة، فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس فقال: من هذا؟ فقالوا: أبو هريرة، فدنوت منه حتى قعدت بين يديه وهو يحدث الناس، فلما سكت وخلا قلت له: أنشدك بحق وبحق لما حدثتني حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته، فقال أبو هريرة: أفعل، لأحدثنك حديثًا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته، ثم نشغ أبو هريرة نشغة، فمكث قليلاً ثم أفاق فقال: لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البيت، ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى، ثم أفاق فمسح وجهه فقال: لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى ثم أفاق ومسح وجهه فقال: أفعل، لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه في هذا البيت ما معه أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة ثم مال خارًا على وجهه، فأسندته عليَّ طويلاً ثم أفاق فقال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم «أن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة، ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية، فأول من يدعو به رجل جمع القرآن، ورجل يقتتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا علمت في ما علمت؟ قال: كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله: له كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله: بل أردت أن يقال: إن فلانا قارئ، فقد قيل ذاك، ويؤتي بصاحب المال، فيقول الله له: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا عملت في ما آتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول الله له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله تعالى: بل أردت أن يقال: فلان جواد، فقد قيل ذاك، ويؤتي بالذي قتل في سبيل الله، فيقول الله له: في ماذا قتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك، فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله تعالى له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله: بل أردت أن يقال فلان جريء، فقد قيل ذاك» ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتيَّ فقال: «يا أبا هريرة، أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة» وقال الوليد أبو عثمان: فأخبرني عقبة بن مسلم أن شُفَيًّا هو الذي دخل على معاوية فأخبره بهذا، قال أبو عثمان: وحدثني العلاء بن أبي حكيم أنه كان سيافًا لمعاوية، فدخل عليه رجل فأخبره بهذا عن أبي هريرة، فقال معاوية: قد فعل بهؤلاء هذا، فكيف بمن بقي من الناس؟ ثم بكى معاوية بكاء شديدًا، حتى ظننا أنه هالك وقلنا: قد جاءنا هذا الرجل بشر، ثم أفاق معاوية ومسح عن وجهه وقال: صدق الله ورسوله: " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [هود:15-16] (مسلم والترمذي واللفظ له).
قال المباركفوري رحمه الله تعالى: قال مجاهد في هذه الآية: هم أهل الرياء، وهذا القول مشكل لأن قوله سبحانه وتعالى " أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ " لا يليق بحال المؤمن، إلا إذا قلنا: إن تلك الأعمال الفاسدة والأفعال الباطلة لما كانت لغير الله استحق فاعلها الوعيد الشديد، وهو عذاب النار، كذا في تفسير الخازن اهـ (تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي للمباركفوري).
(3) رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم:
عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنه قال: لما نزلت هذه الآية " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ...إلى آخر الآية " جلس ثابت بن قيس في بيته وقال: أنا من أهل النار، واحتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل النبي سعد بن معاذ فقال: «يا أبا عمرو ما شأن ثابت اشتكى»؟ قال سعد: إنه لجاري وما علمت له بشكوى، قال: فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ثابت: أنزلت هذه الآية، ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنا من أهل النار، فذكر ذلك سعد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل هو من أهل الجنة» قال: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة (البخاري ومسلم واللفظ له).
وفي رواية البخاري عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس فقال رجل: يا رسول الله أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده جالسًا في بيته منكسًا رأسه، فقال له: ما شأنك؟ فقال: شر كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم فقد حبط عمله وهو من أهل النار، فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه قال: كذا وكذا، فقال موسى فرجع إليه المرة الآخرة ببشارة عظيمة فقال: «اذهب إليه فقل له: إنك لست من أهل النار ولكنك من أهل الجنة».
وقد سبق ذكر قول القرطبي رحمه الله تعالى في العمل الخامس عشر بوجوب غض الصوت عند سماع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
(4) التقدم على قول الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم:
قال الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " [الحجرات:1].
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وأكثر الناس ما عندهم خبر من السيئات التي تحبط الحسنات، وقد قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ " [الحجرات:2] فحذر سبحانه المؤمنين من حبوط أعمالهم بالجهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجهر بعضهم لبعض، وليس هذا بردة، بل معصية يحبط بها العمل، وصاحبها لا يشعر بها، فما الظن بمن قدم على قول الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه وطريقه قول غيره وهديه وطريقه؟ أليس قد حبط عمله وهو لا يشعر؟ اهـ. (الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب لابن القيم الجوزية).
فهل ينتبه إخواننا الذين يقدمون رأيًا وطرقًا على هدي نبينا صلى الله عليه وسلم؟
(5) التألي على الله عز وجل:
عن جندب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث «أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى عليَّ – أي يحلف- أن لا أغفر لفلان؟ فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك» (مسلم) فسبحان الله؛ كلمة أحبطت عمله ونفعت صاحبه.
(6) ترك صلاة العصر:
لقد أمر الله عز وجل بالمحافظة على الصلوات الخمس عمومًا وأكد على صلاة العصر خصوصًا لأهميتها فقال عز وجل: " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ " [البقرة:238].
وعن أبي المليح رحمه الله تعالى قال: كنا مع بريدة في غزوة في يوم ذي غيم فقال: بكروا بصلاة العصر فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله» (البخاري).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله» (البخاري واللفظ له ومسلم).
قال ابن حجر رحمه الله تعالى: وقد استدل بهذا الحديث من يقول: بتكفير أهل المعاصي من الخوارج وغيرهم، وقالوا: هو نظير قوله تعالى: " وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ " وقال ابن عبد البر: مفهوم الآية أن من لم يكفر بالإيمان لم يحبط عمله، فيتعارض مفهومها ومنطوق الحديث، فيتعين تأويل الحديث؛ لأن الجمع إذا أمكن كان أَوْلَى من الترجيح، وتمسك بظاهر الحديث أيضًا الحنابلة ومن قال بقولهم من أن تارك الصلاة يكفر، وجوابهم ما تقدم، وأيضا فلو كان على ما ذهبوا إليه لما اختصت العصر بذلك، وأما الجمهور فتأولوا الحديث فافترقوا في تأويله فرقًا فمنهم من أَوَّل سبب الترك، ومنهم من أَوَّل الحبط، ومنهم من أَوَّل العمل، فقيل: المراد من تركها جاحدًا لوجوبها أو معترفًا لكن مستخفا مستهزئا بمن أقامها، وتعقب بأن الذي فهمه الصحابي إنما هو التفريط، ولهذا أمر بالمبادرة إليها وفهمه أولى من فهم غيره كما تقدم، وقيل: المراد من تركها متكاسلاً لكن خرج الوعيد مخرج الزجر الشديد وظاهره غير مراد، كقوله «لا يزني الزاني وهو مؤمن» وقيل هو من مجاز التشبيه كأن المعنى فقد أشبه من حبط عمله، وقيل: معناه كاد أن يحبط، وقيل: المراد بالحبط نقصان العمل في ذلك الوقت الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله، فكأن المراد بالعمل الصلاة خاصة، أي لا يحصل على أجر من صلى العصر ولا يرتفع له عملها حينئذ، وقيل: المراد بالحبط البطال، أي يبطل انتفاعه بعمله في وقت ما، ثم ينتفع به، كمن رجحت سيئاته على حسناته، فإنه موقوف في المشيئة، فإن غفر له فمجرد الوقوف إبطال لنفع الحسنة إذ ذاك، وإن عذب ثم غفر له فكذلك، قال معنى ذلك القاضي أبو بكر بن العربي، وقد تقدم مبسوطًا في كتاب الإيمان في باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله، ومحصل ما قال: أن المراد الحبط على قسمين، حبط إسقاط، وهو إحباط الكفر للإيمان وجميع الحسنات، وحبط موازنة، وهو إحباط المعاصي للانتفاع بالحسنات عند رجحانها عليها إلى أن تحصل النجاة فيرجع إليه جزاء حسناته، وقيل: المراد بالعمل في الحديث عمل الدنيا الذي يسبب الاشتغال به ترك الصلاة، بمعنى أنه لا ينتفع به ولا يتمتع، وأقرب هذه التأويلات قول من قال: إن ذلك خرج مخرج الزجر الشديد وظاهرة غير مراد والله أعلم.اهـ (فتح الباري).
(7) انتهاك محارم الله - عز وجل - في السر:
روى الصحابي الجليل ثوبان رضى الله عنه حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقض مضاجع الصالحين، وجعلهم يخشون النفاق في قلوبهم، ويخافون كساد أعمالهم، فذكر رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات كجبال تهامة بيضاء، فيجعلها هباءً منثورًا» فقال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا، جلهم لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: (أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها) (صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب).
فلنحرص أن يكون سرنا خيرًا من جهرنا، وألا نجعل الله تعالى أقل الناظرين ولا أهون المطلعين إذا خلونا بمحارمه، ولنتذكر ما سبق ذكره في ثواب من خشي الله تعالى بالغيب.
(8) اقتناء كلب غير كلب صيد أو حرث أو ماشية:
روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من اتخذ كلبا إلا كلب زرع أو غنم أو صيد، ينقص من أجره كل يوم قيراط» (البخاري ومسلم واللفظ له).
ومن ذا الذي يستطيع أن يجمع كل يوم قيراط حسنات وكيف بمن سيخسر كل يوم مثل ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله؟!.
مختارات